ورطة بوعماتو: دروس وعبر

altلاشك أن العبرة الأولى التي ينبغي  استنتاجها ، بسهولة مما حدث ، من إغلاق البنك العام لموريتانيا ،هي تذكر قوله تعالى “يمحق الله الربا ويربي الصدقات ” من سورة البقرة ، فهو إيذان  بسقوط مروع ،لعروش الربا  العلنية ، في عاصمتنا  وغيرها من تراب الوطن .

 

الايتذكر هؤلاء خطورة الإيذان  بحرب من الله ؟.

إنها الفاجعة ،الغفلة والإصرار ، فقد لا تصلح هذه الأرض بعد اليوم ، للمزيد من الهتك والربا .

إنه جدير بأصحاب المصارف الربوية ، أن يتوقفوا فورا عن الربا  ،لمن شاء بقية عمره وماله ، قبل أن تحل به قارعة بوعماتو المدوية .

ولتكن لبوعماتو  العبرة ،فيقلع  فوريا  أيضا عن ظلم  خالقه  وخلقه ، الذين تحايل على مالهم العام  وأموالهم الخاصة ، عبر فوائد  مجحفة  واستغلال كبير  وماكر للسلطة  والعلاقات السياسية ، التي ينبغي  أن لا تكون  مصدر تأثير سلبي  على المال العام ،  المنتهك –  للأسف البالغ في موريتانيا –  على نطاق واسع  رهيب .

كما يجدر به الابتعاد عن الظلم  واستغلال القضاء ،مثل ما حصل في حالتي  وحالة غيري ، ممن ذاق مر و زعاق ظلمه المتنوع .

وعندها قد يتيسر حل ،يسمح بعدم تضييع  ما بقي  من ثروته المشبوهة ، لأن إغلاق بنكه  وتضييع  فرصة  عمل بالمئات ، قد لا يكون هو الحل  الأمثل، لما فيه من الإسراف  والمبالغة  في العقاب .

فإن فهم الدرس ،  فليبتعد  عن الربا  والظلم ، ويحرص على مصالحه ، كرجل أعمال  حذر  وحازم ،  لا يرغب في غير حقه ،  ولا يسمح لنفسه بظلم الخالق أو الدولة  او الأفراد ، فالدولة غير النظام ،مهما قيل عن التمازج المطلق .

إنني أنصح ولد عبد العزيز  بالتوقف  عن هذا الغضب  الأعمى ، فبوعماتو  عنيد كما قال عن نفسه  ، لكنه رجل أعمال  ذكي رغم ظلمه ورغم طموحه – أحيانا كثيرة – إلى ما لا يحق له ، وقد تلقى دروسا قوية من خالقه ، فلتترك له مصرفه وماله ولا تظلمنه ،إن أردت طريقا حكيما  جامعا ، ولتفرج عن الدباغ ، إنه مجرد مأمور ، ولا داعي للإيغال في الغضب  وتصفية الحسابات ، فالمجتمع  أضعف  من تحمل هذا كله ، وكذلك مشروع الدولة الموريتانية ، فلتعتقل ،  ولتفتتح عينيك قبل فوات الأوان .

لقد كان  بنك موريتانيا العام ، بحق بنك الأنظمة  المتعاقبة ، وبنك الأسرار  وتبييض الأموال ، سواء أموال الدولة  أو غيرها ، واليوم  لن يسمح  بالعودة  إلى ذلك العهد  المشؤوم ، ولكن دون ذلك ،بعد بعض الصفح   عن  الخصم اللدود ، اللهم لا شماتة.

فخير لنا جميعا  أن نبحث عن مخرج  من  الغضب والانتقام  والثأر المفتوح ، ففي ذلك تيه  في مذهب قصي ممزق مدمر ، لا يخدم أي طرف ، أي كان !!!.

الم يحن وقت الرجوع إلى طاولة الحوار  الجاد الحقيقي ، من أجل  إنقاذ الوطن أولا ، من قبضة القبائل والمافيا  والمجموعات الضيقة  الحسابات  إلى قبضة وحكم  القانون  الإسلامي الشامل  الجامع  العادل طبعا ،عسى أن نسلم  من مأزق بوعماتو واستبداد عزيز بالرأي  واستغلال المعارضة  ، على اختلاف شرائحها  لقضايا الأمة  داخليا وخارجيا .

إن الحل يكمن في الحوار والبحث عن مسلك جامع ، أو شبه جامع ، يعصم من هذه الفتن  العشواء  العمياء  المدلهمة .

فجماعة 3 أغسطس 2005، هم أكثر من سيدفع الثمن الباهظ   الحارق .

لقد بدأت عاصفة مظالمكم  في الانطلاق ، فلا تغتروا ببقية المغانم ، بعد كل صراعكم السيزفي  الممزق الأحمق ، فلترجعوا إلى لغة العقل  والمحبة  والتسامح ،  فموريتانيا  تسعنا جميعا ، ونحن كلنا مسلمون ، ومن لم يسلم  منا  بعد  حقيقة ويقينا ، فليدخل في السلم ،أي الإسلام  ، وليتب من الربا والظلم ، والاستئثار بالمال العام  والحكم العمومي ، والتحامل على الوطن  وساكنته البريئة ، المغدورة المخدوعة، باستمرار وعمق مؤلم .

لقد كان حدثا مؤثرا  إغلاق البنك العام لموريتانيا في رأي الكثيرين ، لأنهم استودعوا أموالهم في حسابات هذا المصرف المشبوه ،واليوم ينتظرون المجهول ،الذي ينبغي أن يكون معلوما ،على الأقل من الناحية القانونية .

فهو مصرف مضمون لدى البنك المركزي ، أعلى سلطة نقدية في الوطن  المهزوز بقوة .

وخلاصة  القول ، فلتؤمن الودائع لضمان حقوق أصحابها ، ولتفصح هذه السلطة النقدية المختطفة، عن طبيعة الإجراءات المرتقبة ، بعيدا عن التساهل أو الغلو في العقاب .

وإلا فإن  أي نشاط  مصرفي ،  شرعي أو غير شرعي،  بالمفهوم الإسلامي ، سيظل في خطر محدق ، مما يعني  زوال الأمان  المالي في هذا البلد  المسكين ، وهو ما سيعني مزيدا من هجرة  المال المحلي  أو الأجنبي !!!.

 وبغض النظر عن بوعماتو أو أصحاب الحسابات  المهددة –ولو مؤقتا – فإن موريتانيا  دخلت  في حيز الفوضى  المطلقة  ،فلا انتخابات نزيهة  ولا حتى غير نزيهة ،ولا استثمارات  مأمونة ، محلية ولا أجنبية ،مع تزايد حالات الاغتصاب  والاعتداء والقتل  العشوائي ، ولا حياد في شأن الجيران ، بل حساب سياسي  ربحي صرف ، واستعداد  صريح  لدخول  ما يسمى  بالقوة  الإفريقية أو الدولية  لحفظ  السلم ،  في مالي المسكين !.

وغير هذا كثير ، فماذا نفعل في وجه هذا  التخبط  الهائل  المتصاعد،وبالأمس  تهريب 400 مليون أوقية ، بحجة  أن شخصا مقربا مدللا بمال الجيش  المحروم  ،خصوصا ضعفاؤه،  اختطفها  بعد  خداع  وتظاهر  بالاستقامة.

وكل هذا في جو من التهريج ،  وإدعاء شعارات ( رئيس الفقراء ) ومكافحة الفساد ، وتحصيل الضرائب ،طبعا  على الخصوم ،وليس  المقربين من مافيا الرئيس.

فإلى متى نغرق، و نتغاضى  عن خطر التمزق النهائي ،الذي لامناص منه ،إن لم  نقبل  النصح ، ونقف في مسرح الحق  والحوار الجاد الصريح .

وستبقى ورطة  بوعماتو  هذه ، فرصة مفتوحة  للتأمل  والتدبر  المتنوع  الفسيح  الواعظ المذكر .

فهذا  الشخص  الذي  استغل  القضاء  والمال والسلطة ، وكل شيء في هذا الوطن الهش ،ها هو مهيض  الجناح ،بسبب الظلم والتحايل على المال  العام ، والتهرب  الضريبي  وتبييض الأموال ،فلا هو رجع إلى الوطن   بشجاعة ، ليواجه السجن إن لزم ، وليقضي العقوبة إن أدين ، وليخرج تائبا  ربما .

ولا هو سدد ما عليه ، مطيعا دون عناد ومكابرة وصلف .

 والأزمة والخلاف المريب مازال في ازدياد ، بينه وبين حليفه السابق محمد ولد عبد العزيز .

فإلى متى ندفع ثمن حماقة هذا الثلاثي  الانقلابي الجشع ، للمال والسلطة ، لا أقل و لا أكثر ؟.

وكيف تنجح المعارضة  الراديكالية ، في الخلاص السلمي  من هذا النظام  الفاسد  الفاشل ،  ولعل هذه المنسقية  بوجه خاص  ، تخوض معركة  ناقصة المقاصد والرؤية  ، مادامت تتحالف مع اعل وبوعماتو  للخلاص من ابن عمهم عزيز ،  فمن أدراكم أن الخلاف-  ولو كان حقيقيا نسبيا – قد يكون جزءا من الحل والمخطط الجهنمي ، للاستحواذ على طرفي اللعبة السياسية ، النظام القائم والمعارضة الساعية  للحكم ، لتكون كل الاحتمالات  محاطة  بالحساب  و التموقع  المدروس  الدقيق .

فهناك في مقعد الحكم  صاحب “بازب”  ، وفي واجهة المعارضة  الراديكالية ( مدير الأمن  السابق اعل وممول الانقلابات بوعماتو) ، فكيف  الخلاص إذن ، من الإخطبوط الثلاثي الأرجل ؟!.

بقلم  \\عبد الفتاح ولد اعبيدن  المدير الناشر ورئيس تحرير جريدة الأقصى \  انواذيبو

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى