الصحافة الفرنسية تتحدث من جديد عن مواجهة بين الرئيس”غزواني” و”عزيز”

الزمان انفو ـ الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني وسلفه محمد ولد عبد العزيز هما أكثر من صديقين فهما أخوان، لكن الرئيس الجديد يسعى للخروج من دائرة تأثير سلفه.

لم تكن ألعابا نارية تلك التي أضاءت احتفالات العيد الوطني الموريتاني، الخميس 28 نوفمبر. وزير الدفاع حنن ولد سيدي قال أمام لجنة برلمانية: “لم تكن هناك محاولة انقلاب”، وذلك على خلفية شائعات تم تداولها لعدة أيام عن ثورة في القصر بنواكشوط. وكان غياب ولد عبد العزيز عن احتفالات اكجوجت مثالا صارخا على ذلك، خاصة أنه جاء بعد الإطاحة بقائد كتيبة الأمن الرئاسي المخلص لولد عبد العزيز في احتياطات طارئة اتخذها الرئيس الجديد المنتخب في يونيو الماضي محمد ولد الشيخ الغزواني.

رياح الشائعات
قال مراقب محلي: “لقد مر الموريتانيون بالفعل بأربعة انقلابات وهو ما يجعل احتمال حدوث انقلاب جديد واردا”. “هناك كل أنواع الشائعات حول الاعتقالات العسكرية والاستجواب والإقامة الجبرية وهذا كله غير موجود فهي شائعات كاذبة”، كما يؤكد الرئيس غزواني نفسه في حديث إلى صحيفة Lemonde، قائلا عن إعادة تنظيم الحرس الرئاسي: “كان يجب أن أجري هذا التغيير من قبل”.

لقد فاجأت الأزمة التي اندلعت بين الرجلين الكثيرين. أصدقاء منذ أربعين سنة وكان محمد ولد الشيخ الغزواني رئيسًا لأركان الجيش الموريتاني عندما قام محمد ولد عبد العزيز بالانقلاب على الرئيس المدني سيدي ولد الشيخ عبد الله. وهو من أعاد تنظيم الجيش الموريتاني وأنشأ مجموعات التدخل الخاصة ووحدات متنقلة عبر الأراضي الصحراوية لمحاربة التسلل الجهادي.

لم تشهد هذه البلاد، التي تتجاوز مساحتها مساحة فرنسا مرتين، أي هجوم “إرهابي” منذ عام 2011 بينما تحولت منطقة الساحل بأكملها إلى بؤرة عنف. في أكتوبر 2018 قبل بضعة أشهر من انتهاء ولايته الثانية والأخيرة قرر عزيز تعيينه وزيرا للدفاع تحضيرا للانتقال الدستوري.

منذ فترة طويلة أعطى محمد ولد عبد العزيز رجل السلطة المتفائل والمندفع انطباعًا عن عدم رغبته في التخلي عن زمام الأمور حتى لو كان الدستور يمنعه من ترشيح نفسه. حتى النهاية سعى أنصاره لدفعه للترشح لولاية ثالثة والتي اعتبرها خصومه أمراً مسلماً به.

في يوم العيد الوطني لعام 2018 أكد عزيز: “إذا لم أتمكن من ترشيح نفسي لولاية ثالثة يمكنني أن أترشح بعد ذلك”، وكان يُعتقد أن ولد الشيخ الغزواني سيحكم لفترة مؤقتة على نموذج الثنائي الروسي ميدفيديف – بوتين. بعد عام من ذلك التصريح أوضح الغزواني أنه لن يكون بديلا، فقد حدثت القطيعة بين الجنرالين الشقيقين.

إنكار
لم تكن هناك محاولة انقلابية لكن كان هناك تسليم متوتر للسلطة الحقيقية التي كانت يبد الرئيس السابق ولم يكن يريد التخلي عنها. رئيس الوزراء إسماعيل ولد بده، وهو من مؤيدي الغزواني، قال: “من المسلم به أنه لم يحدث أي شيء غير عادي فقد تم كل شيء في الإطار الديمقراطي والدستوري”. لكن الرئيس المنتهية ولايته ما زال يحتفظ بنفوذ في الجيش والدولة وخاصة على مستوى الاتحاد من أجل الجمهورية وهو الحزب الذي أسسه عام 2009.

بعد عودته في 17 نوفمبر بعد ثلاثة أشهر في الخارج لم يكن محمد ولد عبد العزيز يعتزم البقاء متفرجًا على الحياة السياسية في بلاده. في 20 نوفمبر ترأس اجتماعًا للحزب الحاكم ونشر بيانًا يجعل من شخصه “مرجعًا” للحزب، وهو ما يؤهله لأن يكون له تأثير حاسم على الحزب الذي يتمتع بالأغلبية المطلقة في البرلمان. بعض أعضاء اللجنة المقربين من الرئيس الجديد غادروا الاجتماع.

علم غزواني بنتائج الاجتماع الذي تفاجأ بانعقاده. لكن هذا الرجل الذي يفضل الإجماع والحوار سعى أولاً إلى الاسترضاء. في 22 نوفمبر بعد صلاة الجمعة ذهب لإجراء مقابلة طويلة مع سلفه، وأخبره أن مرجع الحزب الحاكم لا يمكن إلا أن يكون الرئيس الموجود في السلطة حاليا، ورد عزيز أنه لن يتخلي عن دوره في الحزب. عزيز الذي يحتفظ بصلات مهمة في الجيش والدولة ولديه ما يجعله مطمئنا فجميعهم مدينون له بمناصبهم.

يقول مقرب من الرئيس الجديد “لكن الموريتانيين لا يعرفون سوى قائد واحد فقط هو الذي يملك السلطة الحقيقية”.

في 23 نوفمبر قام 88 من 102 هم مجموع نواب الاتحاد من أجل الجمهورية بالإعلان عن غزواني كمرجع وحيد للحزب. وقال حبيب اجاه رئيس الفريق “الرئيس محمد ولد عبد العزيز صنع مرحلة فارقة في تاريخ موريتانيا”. في الأيام التالية تجمع معظم أنصار عزيز خلف ولد الشيخ الغزواني، مثل يحيى ولد حدمين الوزير الأول السابق، وهو من أهم رجال عزيز. فشلت محاولة عزيز استعادة السلطة. لقد فقد الدعم السياسي وفقد أهم أوراقه الأمنية بإقالة قائد الأمن الرئاسي.

الحزم الشديد
لقد أمسك رجل الظل السابق بالسلطة دون منازع متخلصا من تأثير مرهق. يواجه عزيز، بهدوء وبحزم، فشله الثاني في غضون أيام قليلة. فقد فشل في الحصول على المنصب المرموق كوسيط مشترك للأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي في ليبيا وكانت آماله جيدة لدرجة أنه أخذ دروسا في اللغة الإنجليزية.

لكن قبل وقت قصير من عودته إلى نواكشوط تم رفض ترشيحه. أما ولد الشيخ الغزواني فقد أصدر أمرا بعدم مهاجمة عزيز. في يوم الجمعة الموافق 29 نوفمبر أي بعد أسبوع من ذهابه إلى منزل عزيز استقبل الرئيس الجديد أحد أقربائه المقربين جاء للتوسط قبل صلاة الجمعة.
ينحدر ولد الشيخ الغزواني من سلالة مرابطية مرموقة وهو يبشر بالحوار والانفتاح وهذا هو الطريق الذي يبدو أنه يتبعه مع صديقه السابق. وذلك في وقت يوطد فيه بعناية سلطته من خلال تغييرات محددة.

الرئيس السابق عزيز، الصامت، يحتفظ بصلات مهمة في قوات الدرك والشرطة والقوات الجوية لكن هل ستمكنه من تحقيق طموحه؟

تكشف هذه المرحلة من الصراع عن الفروق الدقيقة بين شخصيتي الجنرالين الذين قيل إنهما وجهان لعملة واحدة. المحارب عزيز والمرابط الغزواني الذي امتدح في العيد الوطني: “البندقية والسيف والإيمان والقلم”.

“لا أخفي حقيقة أن هناك فجوة بين رؤيتـــيْــنا لموقف معين لكنني أعتقد أن البيئة السياسية هي التي أعطته أهمية أكبر من الواقع”. إذا أثبت الرئيس الجديد اختلافه واستقلاله فسيطمح لفترة ولاية ثانية، يقول وزير الاقتصاد والصناعة: “مع الوقت والاستقرار سنتمكن من تنفيذ الرؤية الطموحة التي تتمثلها الحكومة.” فهل ستواجه الصديقان الشقيقان في حملة رئاسية سنة 2024؟.

ترجمة “الصحراء”

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى