إلى ناجي العلي

أحمد مطر:

شكراً على التأبين والإطراء
يــا مــعشـر الخطبـاء والشـعـراء

شـكراً عـلى مــاضـاع مـن أوقـــاتـــكم
في غـمـرة الـــتـدبـيج والإنـشـاء

وعــلى مـداد كـان يــكـفــي بـــعــضـه
أن يــغـرق الـظـلمـاء بالـظـلمـاء

وعــلى دمــوع لـــو جـــرت في الـبـيـد
لانـحلـت وسـار المــاء فوق الماء

وعـــواطـف يــغـــدوا على أعــــتــابها
مـجـنـون لــيـلى أعـقـل العقلاء

وشـجـاعـة بـــاسم الــقـــتـيـل مشـيرة
لـلــقـاتـلـيـن بـغـيـر ما أســـماء

شكراً لكم ؛ شـكراً ؛ وعــــفـواً إن أنا
أقلعت عن صـوتي وعن إصغائي

عـفواً ؛ فلا الــطـاووس في جـلدي ولا
تــعـلـو لـسـانـي لـهـجـة الببغاء

عــفـوا ً؛ فـلا تروي أسـاي قـصـيـدة
إن لم تـكـن مـكـتـوبـة بدمــائي

عفـواً ؛ فــإنـي إن رثـيـــت فـإنــــما
أرثــي بـفـاتــحة الكتـاب رثـائي

عــفـوا ً؛ فــإنـي مــيــت يـــا أيــهـا
المـوتـى ؛ ونـاجـي أخــــر الأحياء

ناجي العلي لقد نجوت بقدرة
مـــن عـارنـا ، وعـلـوت لـلعـلياء

إصـعد ؛ فــمـوطنـك السماء ؛ وخلنا
فــي الأرض إن الأرض لـلــجـبناء

لــلمـوثــقــيـن عـلى الربـاط ربـاطنـا
والــصـانـعـين الـــنـصر في صنــعاء

ممن يـرصـون الــــصـكوك بـزحـفهم
ويـــنـــاضـلـون بـرايـــة بـيــضـاء

ويـسـافحون قــضـيـة من صـلــبـهم
ويــصافـحــون عـــداوة الأعــــداء

ويــخـلفـون هـزيـمــة ؛ لم يـعـترف
أحــــد بــها، مـن كـثـرة الآبــــــاء

إصـعـد فـمـوطـنـك المـرجى مخـفـــر
مــتـعـدد الــلهـــجــات والأزيــــاء

للشــرطـة الخـصـيـان؛ أو للشــرطـة
الـــثـوار؛ أو للشــــرطــة الأدبـــاء

أهل الكروش القابضين على القروش
مـن الــعـروش لــقـتـل كــل فـدائـي

الهـاربـيـن مـن الـخنــادق والبـنـادق
لـلـفــنــادق في حـمـى العــمــــلاء

القـافـزيـن مـن اليـسار إلى الـيـمـيـن
إلى اليسـار إلى اليمين كقـفزة الحرباء

المـعـلـنـيــن من القـصور قــصورنــا
واللاقــطـيـــن عــطـيـــة اللـقــطـاء

إصـعد؛ فـهذي الأرض بـيت دعارة
فـيــها الـبــقــاء مــعــلــق بـــبـغاء

من لم يـمـت بـالسـيـف مات بطلقة
من عــاش فـيــنــا عـيـشـة الـشرفاء

ماذا يـضـيـرك أن تــفــارق أمــــــة
ليـسـت سـوى خـطأ مـن الأخــطاء

رمـل تــداخل بـعــضـه في بـعـضــه
حـتـى غــدا كالـصــخــرة الـصـماء

لا الريـح تـرفـعــها إلى الأعــلى ولا
الـنـيـــران تــمــنـعــها من الإغـفـاء

فـمـدامـع تبكيــك لـو هي أدركت
لـبـكت عـلى حــدقـاتـهـا الـعـميـاء

ومـطـابـع تـرثـيـك لو هي أنصفت
لـرثـت صــحـافــة أهــلــها الأجراء

تـلك الـتي فـتـحـت لنعيك صدرها
وتــفــنــنــت بــروائــع الإنـــشــاء

لكـنــها لم تــمـتــلـك شــرفاً لكي
تــرضــى بــنــشــر رسومك العذراء

ونعتك مـن قبـل الممات ؛ وأغلقت
بــاب الـرجـــاء بــأوجـــه الــقـــراء

وجــوامــع صــلت علـيـك لو أنها
صــدقـت لــقــربــت الــجهاد النائي
ولأعلنت بـاسم الـشـريـعة كفـرها
بــشــرائـــع الأمـــراء والــــرؤســاء

ولـــساءلــتــهم : أيــهم قـد جـاء
مــنــتــخـبــاً لــنـا بـإرادة الـبـسـطاء؟

ولــسائلتهم: كيف قد بـلغوا الغنى
وبـــلادنــــا تـــكتـــظ بــالـفــقــراء؟

ولمـن يرصــون الـسلاح؛ وحربهم
حـب ؛ وهــم في خــدمــة الأعــداء؟

وبــأي أرض يــحكمــون وأرضنا
لم يــتــركوا مــنــها ســوى الأسـماء؟

وبأي شــعـب يـحكمون، وشعبنا
مــتـــشـعــب بــالــقــتل والإقــصاء؟

يحــيــا غــريــب الدار في أوطـانه
ومــطـــارداً بــــمـــواطــن الــغــرباء

لــكنــمـا يــبـقى الـكـلام محــرراً
إن دار فـــوق الألـــسـن الخــرســــاء

ويـــظـل إطـــلاق الـعويــل محللاً
مـا لم يـــمـــس بـــحـــرمــة الـخلفاء

ويــظـل ذكرك بالصحيــفة جائزاً
مـــادام وســـط مـــسـاحـــة ســـوداء

ويــظـل رأســك عـاليـاً مادمــت
فـــوق الـــنـــعش مـحمولاً إلى الغبراء

وتــظل تحت “الزفت” كل طباعنا
مــادام هــذا الـنـفــط فــي الــصـحراء

الــقــاتــل الــمأجـور وجه أسود
يخــفــي مــئـــات الأوجـــه الـصـفراء

هي أوجـه أعجازها منها استحت
والخــزي غــطـــاهــا عــلـى استحيـاء

لمــثـــقــف أوراقه رزم الصـكوك
وحــبـــره فـــيــــها دم الـــشـــهـداء

ولـــكاتــب أقـــلامــه مـشدودة
بــحــبــال صــوت جــلالــة الأمــراء

ولــنــاقــد “بـالـنـقـد” يذبـح ربه
ويــبـايــع الــشــيــطان بـــالإفـــتــــاء

ولــشاعر يكتـظ من عسل النـعيم
عــلى حــســاب مــرارة الــبــؤســـاء

ويـــجـــر عـصـمته لأبواب الخنا
مــلــفــوفــة بـقـصـيــدة عـــصــمــاء

ولــثــائــر يــرنــو إلى الـحــريــة
الــحـــمـــراء عــبـــر الـلـيـلة الحمراء

ويعوم في “عرق” النضال ويحتسي
أنــخــابـــه فــي صــحــة الأشـــــلاء

ويــكــف عـن ضغط الزناد مخافة
مــن عـجــز إصـبـعـه لـدى “الإمـضاء”
ولحــاكــم إن دق نــور الــوعـي
ظــلـمــتـه ؛ شــكا من شدة الضوضاء

وســعـــت أســاطيل الغزاة بلاده
لـــكــنــهـــا ضـــاقــت عـــلى الآراء
ونــفــاك وهـو مخمن على الردى
بـــك مـــحــدق فـالـنـفـي كالإفـنــاء
الــكــل مــشــتـــرك بقتلك؛ إنما
نـابـت يـــد الـــجــانــي عــن الشركاء
ناجي، تحجرت الدموع بمحجري
وحــشــا نــزيــف الــنـــار لي أحـشائي
لمــا هــويــت مـتــحــد الـهــوى
وهــويــت فــيـــك مـــوزع الأهـــواء
لم ابـك ؛ لم أصمت ؛ ولم أنهض
ولم أرقـد ؛ وكــلــي تــاه في أجــزائــي
فــفـجـيـعـتي بك أنني تحت الثرى
روحي ؛ ومـن فـوق الـثـرى أعــضــائي
أنــا يــا أنــا بـك مــيــت حـــي
ومحــتـــرق أعـــد الــنــــار لــلإطــفاء
بــرأت مــن ذنـب الـرثـاء قريحتي
وعــصــمـت شـيــطـانـي عـن الإيــحاء
وحـلــفـت ألا أبـتــديــك مودعاً
حـتــى أهيــئ مــوعــــداً لـــلــــقــــاء
ســأبــدل الــقــلـم الرقيق بخنجر
والأغــنــيـــات بــــطــعــــنــة نــجـلاء
وأمـد رأس الـحاكـمـيـن صحيفة
لــقــصــائــد … ســأخـطـهـا بـحذائي
وأضـم صـوتــك بذرة في خافقي
وأضــمــهــم فـــي غـــابــــة الأصــداء
وألــقــن الأطـفـال أن عـروشهم
زبـــد أقــيـــم عــــلى أســــاس الــمـاء
وألـقــن الأطـفـال أن جـيـوشهم
قــطــع مــن الــديـــكــور والأضـــــواء
وألــقــن الأطـفــال أن قصورهم
مــبــنــيـــة بــجــمــاجـــم الــضــعـفاء
وكــنــوزهــم مــسـروقة بالعدل
واسـتـقــلالــهــم نــوع مــن الإخـصـاء
سأظل أكتب فـي الهواء هجاءهم
وأعــيــده بــعـــواصـــف هـــــوجــــاء
ولــيــشــتــم الـمتلوثون شتائمي
ولـــيـــســتــــروا عــوراتــهـــم بــردائي
ولــيــطـلـق المستكـبرون كلابهم
ولــيــقــطـعــوا عــنــقــي بـلا إبــطـــاء
لــو لـم تــعد في العـمر إلا ساعة
لـــقـــضــيــتــهــا بــشــتــيــمـة الخلفاء
أنا لست أهـجو الحاكمين؛ وإنما
أهــجــو بــذكــر الحــاكـمــيــن هجائي

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى