عن أي “شرعية” يدافع ولد الشدو ؟

كتب سيدعلي بلعمش:

الزمان أنفو _

المعنى الاستنتاجي لما ورد في مقال ولد الشدو “دفاعا عن الشرعية” هو أن القانون غبي و الشعب الموريتاني غبي و المحامين أغبياء و لا يستثني من الجميع سوى “الشرعية” (المبتورة من كل معانيها و أسبابها) التي يمثلها عنده ولد عبد العزيز و يدافع عنها ولد الشدو :
ـ عطل ولد عبد العزيز محكة الحسابات (و هو أمر عادي قانونيا و دستوريا عند ولد الشدو)
ـ أعد ولد عبد العزيز استفتاء لتغيير العلم و النشيد و حل مجلس الشيوخ على مواد من قانون “لتفتار” (و لا تَعارُضَ في هذا مع صلاحيات “الشرعية” عند ولد الشدو) و قام فوق هذا و ذاك بحل مجلس الشيوخ قبل التصويت في الاستفتاء ، حين أعلن في آخر مهرجان له قبل الاستفتاء، بكل غبائه المعهود و تهوره الإغبى” حلين مجل الشيوخ .. حلين مجلس الشيوخ .. حلين مجلس الشيوخ”
ـ عطَّل ولد عبد العزيز المفتشية العامة للدولة و حولها إلى آلية لتصفية الحسابات مع من لا يرضى عنهم و وسيلة تبرئة لمن يحميهم، يحدد رئيس الوزراء ولد حدمين وجهتها متى شاء و يلغي تقاريرها متى شاء و يزكيها متى شاء، حسب مزاج ولد عبد العزيز: المضحك المبكي هنا (مما لا علاقة له ب”الشرعية” المقدسة عند ولد الشدو)، هو أن المفتشية هنا لم تكن تابعة لرئيس الوزراء بل تابعة لشخص ولد حدمين ليحملها في شنطته بعد مغادرته رئاسة الوزراء؟
و حين عطَّلَ و حلَّ ولد عبد العزيز كل الهيئات الخارجة دستوريا و قانونيا و ديمقراطيا عن سيطرته (لضامن توازن الحكم كما في كل ديمقراطيات العالم) وجدنا أنفسنا أمام ثلاث حلول لا رابع لها ؛
ـ إما أن نتجاوز القانون في حقه ـ كما يستحق ـ ليُرمَى به في السجن و تصادر ممتلكاته بعد عبثه بالمؤسسات الدستورية و القوانين المنظمة للتحاكم و الاستقرار . و هذا ما يرفضه المحامون المنتدبون للدفاع عن مصالح الدولة ، تشبثا بالعدل و احترام القانون (ربما لم يلاحظ ولد الشدو أنهم يدافعون عن الدولة لا عن النظام مثله)
ـ إما أن نبحث في القوانين التي تم تعطيلها و تجميدها و تجاوزها و لي أعناقها، من أجل تمرير جرائمه ، بما يحوِّل محاكمته إلى عمل أكثر إنسانية و أقل شماتة و هذا ما يحاول دفاع الدولة فرضه رغم رفض الشعب الموريتاني له.
ـ و إما أن نقول مثل ولد الشدو ، إن “الشرعية” (التي ما زال يعتبرها قائمة ، لا أفهم كيف)، غير مسؤولة عن أفعالها (و هي حالة كانت مقتصرة في القانون قبل ولد الشدو، على المجانين دون غيرهم) وعليه، فقد كان من حق ولد عبد العزيز أن يعبث بالقوانين و ينهب ممتلكات الشعب و يحتقره لأنه كان رئيس الدولة المحمي من العقوبة و المعفي من المساءلة برعاية سامسونغ.
و قبل أن نذهب بعيدا عن “الشرعية” التي يتمسك بها ولد الشدو، لا بد أن نسأله :
ـ هل يستمد ولد عبد العزيز شرعيته من انقلاباته على الدستور؟
ـ هل يستمدها من نتائج انتخاباته المغتصبة ، حتى لا أقول المزورة : و الفرق بين اغتصاب الانتخابات و تزويرها يا ولد الشدو هو تماما الفرق بين فساد الإدارة الذي تعيشه موريتانيا منذ نشأتها (مع تفاوت المراحل) و بين نهب ولد عبد العزيز الأعمى ، الممنهج و المنظم الذي لم يتجاوز كبيرة و لا صغيرة.
ـ هل ينص دستور الدولة يا ولد الشدو ، على أن الترشح لرئاسة الجمهورية الموريتانية يشترط فيه أن يكون المترشح مولودا موريتانيا؟
ـ هل تجهل يا ولد الشدو أن ولد عبد العزيز ولد في دارومستي السنغالية (سنغاليا) و دخل المدرسة فيها على أوراقه السنغالية؟
ـ هل تعرف يا ولد الشدو أن ولد عبد العزيز المولود في دارومستي، زوَّرَ أوراقا موريتانية ، مدعيا أنه مولود سنة 1954 في أكجوجت؟
ـ هل يستطيع ولد الشدو أن يفسر لنا كيف دخل ولد عبد العزيز كلية عسكرية (مكنس) و هو لا يحمل أي شهادة مدرسية (معلومة لدينا) و لا يستطيع حل معادلة رياضية من الدرجة الأولى؟ ، أم أنها أمور لو استغربها ولد الشدو لذكره عزيز بممارسته هو للمحاماة؟
ـ هل تعرف يا ولد الشدو أن بيع السنوسي جريمة إنسانية ذات طابع دولي ، لا يمكن لعزيز الإفلات منها و لن يفلت من العقاب فيها ، إذا لم يجد من يدافع عنه غيرك بمثل ما تقدم من ترهات لا تفرق بين القانون و أحاديث الصالونات العامية؟
ـ هل تعرف يا ولد الشدو أن جريمة “أعمارة أطويله” مات فيها أشخاص عدة ، لم يكشف بعد عن حقيقتهم؟
– هل تعتقد يا ولد الشدو، أن من أطلقت النار على ولد عبد العزيز ، كانت وحيدة معه في طبق طائر، تبخر في الفضاء بعد لحظات؟
ـ هل تعلم يا ولد لشدو ، أن ضابط صف من بازيب ، تم تقديم التعازي لأهله في بادية المجرية من قبل بعثة عسكرية، بعد حادثة “أطويله” (المزعومة) بيوم واحد، من دون أن يعرفوا سبب وفاته حتى اليوم؟
ستكون عبقريا حقا يا ولد الشدو، إذا أقنعت ولد عبد العزيز بأن الطريقة الوحيدة لادعاء أنه غير مسؤول عن تصرفاته هي إثبات أنه مجنون . و الدليل الأهم على جنونه هو قطعا اختياره لك للدفاع عنه . و من يدري فربما تحتاج أنت لنفس الشهادة ، فقفزك في كل مرة على قضايا خاسرة و شاذة و مسيئة إلى الشعب الموريتاني، مثل ملف عزيز و ملف ولد امخيطير ، لا ينم (في هذه المرحلة من عمرك) عن وضع صحي مطمئن و لا نضج مهني ، يحتل منك زمن الخرف.
لقد عاث ولد عبد العزيز و عصابة حرابته ، فسادا في أرضنا من دون أن يحترموا قانونا و لا أخلاقا و لا إلا و لا ذمة و لا شرعية و لا منطقا و لا عادات و لا تقاليد و يعرف ولد الشدو (هنا فقط) أكثر من ولد أبتي و هيئة المحامين ، أن إجرام ولد عبد العزيز لم يكن بسبب حاجته إليه و إنما كان بسبب قدرته عليه : قد نفهم أن يدافع ولد الشدو عن ولد عبد العزيز (هذا حقه الكامل) ، إذا اتبع منهج التخفيف و الاسترحام و التبرير بسوء التقديرات و الجهل و عدم الخبرة و الميول إلى الانحراف منذ الطفولة ، لكن أن يدافع عنه بنكران الوقائع (بارزة المعالم حد مدرسة الشرطة) و تشويه النصوص القانونية (التي لم يجلس يوما على كرسي لدراستها) و التهجم على من يتجاوزنه في الدراسة و الخبرة و السمعة و نبل المواقف ، من المحامين الوطنيين الشرفاء (في نسخة الشرف الوطني المنقحة) ، فهذا احتقار معلن لشعبنا و تسيب فكري يستبيح دم التخصص المرجعي المعتمد و تطاول عبثي لا يملك قوته الاستعراضية و لا عمقه الفكري.
من السهل دائما يا ولد الشدو ، أن نفهم ذكاء القانون لكنه من المتعذر أحيانا، أن نفهم غباءه لأنه لا يطاوع الاستنتاج بقدر منطق و ألمعية الذكاء . و تلك منقصة كل تراث بشري، لا سيما حين يرتبط ذكاء القانون بعبقرية النصوص و يرتبط غباؤه بمنطق اللصوص.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى