المسؤولون الجزائريون: الإسلام والتقاليد يمنعان الخوض في موضوع صحة الرئيس بوتفليقة والاكتفاء بالدعاء له بالشفاء

الجزائرـ ‘القدس العربي’ من كمال زايت: تزايد الجدل بخصوص مرض الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة، خاصة وسط تضارب المعلومات والإشاعات بخصوص الوضع الصحي للرئيس، فعلى الرغم من أن السلطات اجتهدت في التأكيد على أن بوتفليقة في صحة جيدة، وأنه في فترة راحة، إلا أن المعلومات القادمة من وراء البحار، وعلى وجه التحديد من فرنسا تقول ان مرض الرئيس بوتفليقة اخذ أبعادا خطيرة،

خاصة وأن الرئيس غائب منذ 27 نيسان (أبريل) الماضي بعد إصابته بنوبة إقفارية عابرة ، على حد ما جاء في البيان الرسمي الأول. وكان البيان الرسمي صدر مباشرة بعد اصابته بتلك النوبة التي قيل عنها، انها أقل قليلا من الجلطة الدماغية، قبل نقله إلى مستشفى فال دوغراس العسكري الباريسي، وطوال هذه الفترة لم تصدر سوى بعض البيانات وبعض التصريحات عن الوزير الأول وعن رئاسة الجمهورية، وهو ما فتح الباب لـ’الإشاعات’ ولصدور معلومات مناقضة للخطاب الرسمي. الأمور عرفت تسارعا بداية من السبت الماضي عندما كانت صحيفة ‘جريدتي’ التي يديرها الصحافي هشام عبود تستعد لنشر ملف عن الوضع الصحي للرئيس بوتفليقة، وقد أكد عبود على أن وزارة الإعلام اتصلت به وطلبت منه سحب الملف من الجريدة كشرط لطبعها، مؤكدا على أن رفضه أدى إلى منع الصحيفة من الصدور، وهو ما نفته وزارة الإعلام التي أكدت على أنها لم تمنع الصحيفة، وأنها فقط أبدت ملاحظات على ما ورد في الجريدة بخصوص صحة الرئيس، استنادا لأحكام قانون الإعلام. لكن هذه القضية فتحت باب جهنم على من كانوا يريدون فرض الصمت على موضوع مرض الرئيس بوتفليقة، فقد تسربت كل المعلومات التي تضمنتها صحيفة ‘جريدتي’، وهشام عبود لم يصمت، بل تحدث في أكبر الفضائيات العربية والفرنسية، وهو ما جعل النائب العام لدى مجلس قضاء الجزائر العاصمة يفتح تحقيقا ضده بخصوص تصريحات عبود لقنوات أجنبية، وخاصة فرانس24، وذلك بتهمة ضرب استقرار مؤسسات الدولة وتهديد السلامة الترابية للجزائر، ونشر معلومات خاطئة للتأثير على الرأي العام الوطني والدولي. في اليوم التالي ذكرت قناة ‘بي اف ام’ الإخبارية الفرنسية نقلا عن مصادر في وزارة الخارجية الفرنسية أن الرئيس بوتفليقة لا يزال في فرنسا، دون تقديم أي معلومات إضافية عن وضعه الصحي، فيما أكد رئيس الوزراء عبد المالك سلال أمس الأول أن بوتفليقة في صحة جيدة، وأن مرضه سيتحول بعد فترة إلى ذكرى سيئة، أما رئيس مجلس الشورى عبد القادر بن صالح فقد هاجم من يتحدثون عن وضع الرئيس بوتفليقة الصحي، ووصفهم بالأصوات الناعقة، وأضاف أن بوتفليقة سيعود إلى وطنه خلال أيام. ولكن المعلومات الصادرة من وراء البحار زادت في إحراج المسؤولين الجزائريين الذين وبعد فترة صمت شرعوا في ترديد نفس الأسطوانة وبنفس الكلمات تقريبا، فبالإضافة إلى القول إن بوتفليقة في صحة جيدة، يؤكدون على أن الإسلام والتقاليد يفترضان منع كل جزائري من الخوض في موضوع صحة الرئيس، وأن يكتفوا بالدعاء له بالشفاء، وفي الأخير الحديث عن مؤامرة داخلية خارجية ضد الجزائر من خلال شخصه، لكن التصريح الذي صدر عن المغني الفرنسي اليهودي أنريكو ماسياس لجريدة ‘العرب’ القطرية جاء ليناقض الخطاب الرسمي، فقد أكد ماسياس أنه زار بوتفليقة في مستشفى فال دو غراس وأنه وجده في وضعية صحية سيئة، وأنه عاجز حتى عن الكلام، وأمس قال المؤرخ الفرنسي اليهودي بنجامين ستورا انه من الصعب القول إن كان بوتفليقة ما يزال على قيد الحياة.

وحتى الصحافة الجزائرية انقسمت بين تلك التي تتداول ما ينشر وما يتم التصريح به بخصوص موضوع مرض الرئيس، وتلك التي تكفر وتخون كل الذين يتحدثون عن صحة بوتفليقة، ويتساءلون عن مدى إمكانية تطبيق المادة 88 من الدستور، التي تنص على الإجراءات الواجب اتباعها عند حدوث مانع للرئيس يحول دون استمراره في منصبه، وراحت هذه الصحافة تتحدث عن المؤامرة الأجنبية التي تستهدف البلاد، وتختزل بذلك الجزائر في شخص رجل واحد. واعلن قسم الصحة في الجيوش الفرنسية في بيان ان الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة الذي دخل في 27 نيسان/ابريل مستشفى فال دو غراس بباريس، نقل الثلاثاء الى مستشفى عسكري باريسي آخر ‘ليواصل فترة نقاهته’.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى