في رثاء العلامة محفوظ ولد الجيد/الشيخ بلعمش

يا أيها النهر بين السمع و الخبر ***أراك تحسر يوم الوِرد عن كدر

أكلما قطف الإنسان من رُطبٍ ***هوتْ بلا موعد فأسٌ على الشجر

كأنما كل محبوبٍ نودِّعه ***يقول تعزية أنتُمْ على أثري

الراحلون قديما يكثُرون بنا ***و القادمون غدا منَّا ذوو ضجرِ

و الأرض تلبسُنا ثوبا و تخلعنا*** كأنها قينةٌ تسعى إلى سمرِ

في كل يوم يُقال الناسُ قد هلكوا ***و نحن نُبصرُها ملآى من البشرِ

متى إذاً قلَبَ الخطَّاطُ صفحته ***و لم نُلاحظ غياب الحبرِ و الصورِ

حتَّى أتانا من الأخبار أنَّ أبَا *** زَيْن المكارم أمسَى ذِكرَ مُعتبرِ

محفوظَ قلبِ من الآثامِ ممتشقاً *** سيفَ الشهامةِ و التقوَى من الصِّغَر

عذبَ العبارةِ مشهورَ السيادةِ معــــــــروفَ التلاوة و الإخباتِ في السَّحر

تأتي إليهِ من الدنيا نفَائسُها *** فيبْذلُ الكلَّ في لمحٍ من البَصرِ

إن يلبس الناسِ في ناديهِمُ حللا *** فثوبه من ثناء البدو و الحضر

كأنما كان يوصيهِ و يأطُره *** أبو كساءٍ على دِرعِ الهدى النَّضِر

إنْ رام في المقرإ الطلاب منزلة ***يُبيّن الضبط في يُسرٍ لمُدِّكرِ

و إن تُحيِّرْ رجال الفقه نازلةٌ *** فمن لها غير محفوظٍ و مُختَصر

و إن تنكَّر عام المُجدبين ترى *** وجهَ الكريم و مَا يُغني عن المطر

يأتونَ من كلِّ فجٍّ لائذين به *** فيأمن القوم بعد الخوف و الحذر

قد زاده بسطةً مولاهُ فانتظمَتْ *** للعلم و الجسم آيات على قَدَرِ

يا من تهابُ سيوف الظلم مجلسَهُ *** و يستقيمُ بهِ ما اعوجَّ من فِكرِ

يا أصدع الناسِ بالحق ارتحلتَ فما *** للماكثين هنا حظٌّ من النظر

ها نحنُ نرجع للذكرى و نوقظُها *** فنستظلُّ بما شيَّدتَ منْ سيَر

لولا عليُّ الذي أهلوكَ عِترتُه *** لقيلَ إنكَ منسوبٌ إلى عُمَرِ

سقتْ ثراكَ من الغفران غاديةٌ *** و جئتَ أكرمَ وهَّابٍ و مُقتدرِ

و قيل يوم التنادِ اقرأْ فمنزلةٌ *** عظمى بآخر ما تتلوهُ منْ سُوَرِ

و بارك الله في من كنتَ قدوتهمْ *** يُسرا و عسرًا فهمْ من معشَرٍ صُبُر

إناّ لنحزن لكنْ كلُّ موجعةٍ *** تهون إنْ ذُكر المختار من مضرِ

عليه أزكى صلاةٍ لا انتهاء لها *** تريحنا من عناء الهم و الضجر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى