اليوم وكل يوم ..قتل الصحافي لن يقتل القصة

كتبت الصحافية اللبنانية هلا نهاد نصر الدين :”اليوم وكل يوم ..قتل الصحافي لن يقتل القصة "

الزمان انفو -كانت دافني كاروانا غاليزيا صحافية مالطية ومدوّنة وناشطة في مجال مكافحة الفساد… بعد المضايقات والتهديدات، قُتلت في انفجار سيارة مفخّخة في 16 تشرين الأوّل 2017.

فازت منظّمة “القصص المحظورة” Forbidden Stories في 14 تشرين الأوّل/ أكتوبر 2021 بجائزة “دافني كاروانا غاليزيا للصحافة” لعام 2021 وذلك عن مشروع “بيغاسوس”الذي كان موقع “درج” الشريك العربي الوحيد فيه في تمّوز/  يوليو 2021.

وتُعتبر هذه الجائزة تكريماً لجهود الكثير من الصحافيين الذين استثمروا وقتهم وجهدهم وبحثهم لكشف حقيقة استغلال الأنظمة الدكتاتوريّة، تقنيّة “بيغاسوس” التجسّسيّة لاستهداف صحافيين وحقوقيّين ونشطاء. ويعتبر “درج” هذه الجائزة استمراراً لمسيرة صحافيين سبقونا وقتلوا في مواجهة السلطات القمعيّة في مناطق عملهم.

وقدّم أنتوني بيلانغر، الأمين العام للاتحاد الدولي للصحافيين (International Federation of Journalists)، نيابة عن أعضاء لجنة التحكيم الـ29 جائزة قدرها 20 ألف يورو إلى ساندرين ريغو ولوران ريتشارد، اللتين تمثلان الشركاء الإعلاميين في مشروع “بيغاسوس”.

مشروع بيغاسوس العابر للحدود

مشروع “بيغاسوس” (The Pegasus Project) هو تحقيق عابر للحدود اعتمد على تسريبات حصلت عليها منظّمة Forbidden Stories، وشاركتها مع “درج” و16 مؤسسة صحافيّة أخرى من 10 دول في العالم  بمساعدة تقنيّة من Amnesty International’s Security Lab. علماً أنّ منظّمة Forbidden Stories، هي عبارة عن مجموعة من الصحافيين الذين اتّخذوا من المتابعة في مسيرة الصحافيين المقتولين أو المسجونين أو المهدّدين مهمّةً لهم.

كشف هذا المشروع التعاوني الاستقصائي، الأكبر في تاريخ الـ Forbidden Stories، الذي شارك فيه أكثر من 80 صحافياً، في تمّوز/ يوليو 2021، استخدام أنظمة وحكومات عدّة حول العالم لبرنامج “بيغاسوس” التجسّسي الذي تنتجه شركة NSO الإسرائيليّة، ضدّ ما لا يقل عن 50 ألف شخص حول العالم. وأظهرت البيانات المسربة أنّ حوالى 200 صحافيّ، إضافة إلى مدافعين عن حقوق الإنسان وزعماء دينيين وسياسيين وعسكريين، استُهدفوا في دول عدّة من بينها الهند والمكسيك والمجر والمغرب والمملكة العربية السعوديّة والإمارات العربيّة المتّحدة وغيرها.

إقرأوا أيضاً:

دافني كاروانا غاليزيا: الشرارة التي أطلقت Forbidden Stories!

تم إطلاق جائزة دافني كاروانا غاليزيا للصحافة في 16 تشرين الأوّل/ أكتوبر 2020، الذكرى الثالثة لوفاتها، لمكافأة الصحافة المتميزة.

كانت دافني كاروانا غاليزيا صحافية مالطية ومدوّنة وناشطة في مجال مكافحة الفساد ونشرت تحقيقات حول الفساد وغسيل الأموال والجريمة المنظّمة وبيع الجنسية وروابط الحكومة المالطية بأوراق بنما. بعد المضايقات والتهديدات، قُتلت في انفجار سيارة مفخّخة في 16 تشرين الأوّل 2017. وعقب الاحتجاجات على قتلها وتعامل السلطات مع التحقيق في جريمة اغتيالها، قدّم رئيس الوزراء جوزيف موسكات استقالته.

و”جاء خبر مقتلها صاعقاً على فريق “درج”، الذي كان يستعد يومها لإطلاق الموقع في الأول من تشرين الثاني/ نوفمبر والمشاركة في مشروع وثائق بارادايز الذي ينظمه الاتحاد الدولي للصحافة الاستقصائية (ICIJ) بعد ذلك بأقل من أسبوع”، وفقاً لمقال عليا ابراهيم، مؤسّسة مشاركة ورئيسة مجلس إدارة موقع “درج”، بعنوان “بعد قتل ريجينا: من يخنق صوتاً سيجد أصواتاً تلاحقه”.

وكان مقتل غاليزيا هو شرارة فوريّة لولادة منظّمة Forbidden Stories، منذ أربع سنوات وتنسيق أوّل مشروع لها وهو #مشروع_دافني. فرأت المنظّمة أنّ استكمال تحقيقات الصحافي المقتول أو المسجون هو أفضل ردّ في وجه الإفلات من العقاب وتأكيد أنّ “قتل الصحافي لن يقتل القصة”. نتيجة لذلك: قرأ 16.1 مليون شخص تحقيقات دافني والأسرار التي نتجت عنها، وهو أكثر بـ53 مرة عن عدد قرّاء مدونتها قبل وفاتها.

مشروع كارتل

أمّا العام الماضي فشارك “درج” مع منظّمة Forbidden Stories و60 صحافيّاً من 25 مؤسسة صحافيّة “في إطلاق مشروع ملاحقة الكارتيلات، متابعة لعمل الصحافية المكسيكية ريجينا مارتينيز التي قتلت عام 2012 بسبب تحقيقاتها التي أزعجت كارتيلات المخدرات بقدر ما أزعجت السلطات المحلية”، وقُتلت ريجينا في منزلها خنقاً حتى الموت بعدما ضُربت.

وكتبت ابراهيم عندها، “يشارك موقع “درج” في مشاريع “قصص محظورة”، انطلاقاً من إيمانه بأن حماية مهنة الصحافة تبدأ بحماية من يؤمنون بها مهنة تسعى لتأدية دورها عبر كشف المعلومات ومحاسبة من هم في السلطة… من يقتل صحافياً، سيدفع ثمناً باهظاً. من يخنق صوتاً، سيجد أصواتاً تلاحقه حتى المحاسبة”.

إنجازات صحفية متتالية!

وسجّل العامان الماضيان إنجازات صحافيّة متعدّدة تثبت أهميّة العمل الاستقصائي التعاوني العابر للحدود، أبرزها:

نشر وثائق فينسن (في أيلول/ سبتمبر 2020)، التي كشف من خلالها الاتحاد الدولي للصحافيين الاستقصائيين (ICIJ) وشركاؤه، من بينهم “درج”، عن دور البنوك العالمية في غسيل الأموال والتبعات التي تنتج عن ذلك.

تم ترشيح تحقيق ملفات FinCEN كأحد المرشحين النهائيين لجائزة بوليتزر لعام 2021 وحازت ملفات FinCEN عدداً من التكريمات الصحافية الأخرى، بما في ذلك جائزة Tom Renner “لتغطية الجريمة المنظمة أو الأعمال الإجرامية الأخرى”.

نشر تحقيقات “مشروع الكارتل” (في كانون الأوّل/ ديسمبر 2020) وفوز الصحافية المكسيكية الراحلة ريجينا مارتينيز وتحقيقات #CartelProject بجائزة #CabotPrize المرموقة.

نشر التحقيقات في سياق مشروع “تسريبات بيغاسوس”(في تمّوز 2021) الذي فاز بجائزة “دافني كاروانا غاليزيا للصحافة” التابعة لبرلمان الاتحاد الأوروبي. وقال رئيس البرلمان ديفيد ساسولي، في افتتاح حفل توزيع الجوائز في بروكسيل، “من خلال خلق الشفافية، تسمح الصحافة الاستقصائية للناخبين باتخاذ قرارات مستنيرة. تعتبر حماية الصحافيين ودعمهم جزءاً من المصلحة الحيوية للمجتمعات الديمقراطية”.

نشر التحقيقات في سياق مشروع “وثائق باندورا” وهو أكبر تحقيق في تاريخ الصحافة عن نظام الظل المالي الذي تستفيد منه الشخصيّات الأغنى والأقوى في العالم، يقوده “الاتحاد الدولي للصحافيين الاستقصائيين”، بمشاركة أكثر من 600 صحافي من 150 مؤسسة صحافيّة من 117 دولة، ويعتمد على نحو 12 مليون وثيقة مسرّبة.

فوز كلّ من الصحافيين ماريا ريسا وديمتري موراتوف بجائزة نوبل للسلام عن جهودهما بالدفاع عن حرية التعبير في تشرين الأوّل 2021، بحيث فازت ريسا عن عملها الاستقصائي في كشف الفساد في بلدها، وهو العمل الذي كانت ريسا سجنت بسببه أكثر من عشر مرات في أقل من عامين. وكان “درج” شارك مع 30 منظمة بينها 22 منصة إعلامية ضمن مشروع “القصص المحظورة” بنشر 5 قصص كتبتها الزميلة الفائزة بجائزة نوبل”، وفقاً لـ”درج“.

إلى دافني وريجينا وكل الصحافيات والصحافيين الذين قتلوا أو قد يقتلون بسبب جهودهم في مكافحة الفساد ودفاعهم عن حرية التعبير: تركتم إرثاً نعتزّ به ونتمسّك به ونحن مستمرّون… فمجدّداً نشدّد: قتل الصحافي لن يقتل القصّة! 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى