من يحكي لنا عن بعض المحطات الهامة؟

كتب عبدالفتاح ولد اعبيدن:

الزمان أنفو -/البارحة تواصلت مع شخصية مشهورة من أبناء عمومتى،و كنا نتحدث بصورة مبسطة عن أمطار دكار الأخيرة،الذى غمرته،لكن الحديث تحول إلى فيضانات أطار،ما بين 1969 و1984.
حكى الرجل عن سيول 1969 فى مدينتنا الغالية أطار،و كان ليلتها فى واد اتويزكت”من تحت”،و تطرق قريبي لأدق التفاصيل منذو المساء قبل هطول المطر،إلى أن تدفقت السيول،و يبدو أن السحب استهدفت “رؤوس لمسايل”،الجبال،و كان بسيطة على المساكن و الواحات فى بطحان الوديان،ثم تدفقت السيول فجأة،و صباح ذلك اليوم نزل الراوى للمدينة،أطار ،فوجد أهله قد غمرهم الماء،محطما منازلهم،بعد أن تمكنوا من النجاة بجلودهم ،فى الأغلب الأعم،لله الحمد و المنة.
ثم انتقلنا للحديث عن سيول أطار 1984،و التى خربت ربع المدينة تقريبا،و كانت أيضا سحبها متوسطة على المدينة،بينما كانت قوية على رؤوس الجبال المجاورة،و فى ذلك السياق جاءت المعونة السعودية لمدينة أطار المنكوبة،بأمر من الملك فهد ،رحمه الله،و سلكت وجهة أخرى، لصالح مستثمرين محليين فى مجال الصيد،مقربين من الرئيس هيداله أنذاك،و لكن بعد وصول ولد الطايع للحكم،تم عرقلة ذلك المسار التحايلي،و استفادت المدينة المنكوبة من سد يحميها،عند الاقتضاء،كما استفاد المتضررون من الأهالى ،الذين سقطت منازلهم.
لفت انتباهي تذكر الرجل لتفاصيل ما جرى فى تلك اللحظات و اطلاعه الواسع،و إن كان ذلك فى فترات متقدمة من مساره المهني،تساعد فيه طبيعة وظيفته الحساسة.
من أجل كتابة التاريخ لابد للاستماع لمثل هؤلاء،فهم يحملون ،ما شاء الله،فى ذاكرتهم،تفاصيل هامة و مفيدة،ليس فقط عن الحوادث و الوقائع الاستثنائية،و إنما عن بعض المسارات الهامة الجوهرية،من تاريخ هذا الوطن الغالى.
سبحان الله،كانت فى حكاية الرجل،القدرة على استذكار أدق التفاصيل،ما شاء الله، و معرفة المكان و المجتمع، و الخبرة فى التصوير الصادق،رغم غياب آلات التصوير الفوتوغرافي.
إننا فى موريتانيا لا نثمن غالبا العقول الكبيرة،و لا ندرك أهمية توظيف العبقريات و استثمار مستوياتها، المختلفة عن سطحية العامة و تضييعها لتقييد اللحظات المعبرة و المعلومات المفيدة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى