صندوق النقد الدولي: يتهم الحكومة بالتحايل

altنشرت يومية السفير في عددها رقم 1140 الصادر اليوم الأحد 04-نوفمبر 2012 تقريرا تناول موضوع مطار انواكشوط وملاحظات البنك الدولي حول صفقة بنائه  التي أثارت في حينها جدلا واسعا في الأوساط السياسية والاقتصادية الموريتانية.

وجاء موضوع السفير ما نصه: في آخر تقرير له حول تطور الحياة الاقتصادية في موريتانيا تحت الرقم: 12/246، لاحظ صندوق النقد الدولي أنه على موريتانيا أن تستعد لمواجهة جملة تحديات على المديين القريب والمتوسط، خصوصا في المجال الاجتماعي حيث تتباطأ جهود محاربة الفقر وتبلغ البطالة

مستوى مرتفعا.

واعتبر التقرير أن الاستجابة لتلك التحديات تتطلب اتخاذ مجموعة إجراءات لتنويع النشاطات الاقتصادية حتى لا تبقى مقتصرة على تصدير المواد الأولية، لافتا الانتباه إلى ضرورة بذل جهود إضافية لمحاربة الفقر وخلق فرص العمل من خلال:بلورةسياسة للميزانية لا يقتصر اعتمادها على المعادن، إنشاء صندوق للمعادن، دعم أجهزة الحماية الاجتماعية والمحافظة على الإصلاحات البنيوية، وإلا فإن الاقتصاد الموريتاني سيظل هشا أمام الصدمات الخارجية.

وتوقع التقرير استئناف النشاط الاقتصادي خلال السنة الحالية وفي المدى المتوسط بفضل انطلاقة مشاريع جديدة يمكنها أن تعمق مؤقتا العجز الخارجي، معتبرا أن الإصلاحات البنيوية سارت بحسب المتوقع باستثناء عدد منها يخص المعايير المتعلقة بالتدقيق في تسيير المؤسسات العمومية وإستراتيجية الدين الخارجي.

ولاحظ التقرير استمرار إعاقة تطور القطاع الخاص بفعل هشاشة البنى التحتية وصعوبة الحصول على التمويلات، كما لاحظ تنامي التوتر السياسي تحت تأثير الربيع العربي، مشيرا إلى أن عدم تحسن ظروف حياة السكان والمشاكل المرتبطة بالحكامة قد فاقمت الغضب الاجتماعي.

وكشف التقرير عن ارتباطٍ وثيق للاقتصاد الموريتاني بالاقتصاديات الأوربية بدأ منذ أن أصبح قطاعا المعادن والصيد يلعبان دورا رئيسيا في الاقتصاد المحلي وهو ما يجعل هذا الأخير عرضة للتأثر بالأزمات التي تتعرض لها الاقتصاديات الأوربية لدرجة أن انخفاض نمو الناتج الداخلي الأوربي بنسبة 1% تعني بالضرورة انخفاض حجم الصادرات الموريتانية بنسبة 3.2%.

ومن خلال التقرير برز مشروع بناء مطار نواكشوط الدولي هو الأكثر إثارة للاهتمام حيث تعتبر مصالح صندوق النقد الدولي أنه كان على الحكومة الموريتانية أن تتبع في منح المشروع الإجراءات المحددة لمنح الصفقات العمومية وذلك عبر الإعلان عن مناقصة مفتوحة للمنافسة بدل منح الصفقة مباشرة لتجمع شركات تتولى بناء المطار مقابل حصولها على أراضي سكنية وأخرى من المطار الحالي.

واعتبر التقرير أنه في غياب دراسة جدوائية مستقلة لتكاليف المشروع وللقيمة الفعلية للأراضي التي قدمتها الحكومة، فإن صندوق النقد الدولي لا يمكنه معرفة ما إذا كانت الأراضي الممنوحة مقابل المطار تتناسب مع قيمة المطار الجديد أم تزيد عليها.

وفي ردها على اشتباه الصندوق، ذكرت الحكومة أن صفقة مشروع المطار مربحة لها، لأنها لم تكن لتجد من يشتري منها الأراضي بثمن أعلى مما حصلت عليه نظرا للحدود المفروضة من طرف القوانين المعمول بها ونظرا لأنها لم تقدم أية تسهيلات ضريبية لتجمع الشركات من شأنها أن تسبب خسارة جبائية للدولة.

وكشف التقرير عن أن التفكير في إنشاء مطار دولي بديل في نواكشوط قد بدأ منذ سنة 1975، نظرا لموقع المطار الحالي من العاصمة وسعيا لتشجيع السياحة وخلق مزيد من فرص العمل، وأنه تم وضعه ضمن الأولويات الاستثمارية الملحة في النسختين الأخيرتين من الإطار الاستراتيجي لمحاربة الفقر (2006/2010، 2011/2015)، وأن الحكومات المتعاقبة درست مجموعة خيارات للحصول على تمويله قبل أن تقرر الحكومة الحالية “مبادلة قطع أرضية ببناء المطار”.

وأضاف أن الاتفاق الموقع في شهر نوفمبر 2011 بين الحكومة وتجمع شركات النجاح، يقضي ببناء الأخيرة لمطارٍ وفقَ المواصفات الدولية خلال 24 شهرا، مقابل حصولها على أراضي مساحتها 451 هكتارا يوجد ثلثها في حي سكني بينما يوجد الثلثان الباقيان في المطار الحالي لنواكشوط.

وفي محاولة لتحديد التكلفة الفعلية للمشروع، أورد التقرير أن شركات صينية وفرنسية قدرت تكاليفه قبل فترة بحوالي 400 مليون دولار، فيما قدره تجمع النجاح بما بين 200 و 300 مليون دولار أمريكي، غير أن الحذر يدفع الصندوق الدولي –الذي يعترف بأنه لا يمتلك رأيا مستقلا حول الموضوع- إلى اعتبار أن تكلفة المشروع قد لا تتجاوز 300 مليون دولار تستخدم 60% منها في بناء المدرج خلال السنة الأولى و 40% في بناية المطار خلال السنة الثانية.

وبخصوص أثمان القطع الأرضية المقدمة في عملية المقايضة، أعلن التقرير بأن صندوق النقد الدولي لم يحصل من جهة مستقلة على تقديرات لها وخصوصا أراضي المطار الحالي، مما يجعل من الصعوبة بمكان تقدير الرابح الأكبر من المقايضة. وبحسب التقديرات التي قدمتها الحكومة الموريتانية، فإن ثمن القطع الأرضية السكنية لا يتجاوز 600 أوقية للمتر المربع مما يعني –وفق تقديرات الحكومة- أن ثمن القطع السكنية (156 هكتار) لن يتجاوز 2.7 مليار أوقية (أي حوالي 9 ملايين دولار)، غير أن مصادر الصندوق الدولي تعتبر أن أسعارها بعد إدخال إصلاحات طفيفة عليها ستقفز مباشرة إلى 18 مليار أوقية (أي حوالي 65 مليون دولار).

وأشار التقرير إلى أن بعض المصادر الحذرة تقدر ثمن المتر المربع ب 11 ألف أوقية وأن الدفعة الأولى من القطع المستصلحة من طرف مجموعة النجاح قد بيعت ب 15 ألف أوقية. وإذا ما أضيف لذلك أن أسعار القطع الأرضية في المطار الحالي (والتي تبلغ ضعف القطع السكنية) أغلى من القطع السكنية، فإن ذلك يكشف أن مجموعة النجاح ستحقق أرباحا معتبرة بعد انتهائها من بناء المطار.

وكشف التقرير أن مجموعة النجاح بعد إجراء إصلاحات طفيفة، باشرت بيع القطع الأرضية التي تم استصلاحها والتي ارتفع الطلب عليها من طرف الموريتانيين المقيمين في الخارج وأنها جنت من بيعها ما يصل 100 مليون دولار ستضيف إليها قروضا من طرف بنوك أجنبية (هندية) وبنوك محلية في موريتانيا لاستكمال تكلفة المشروع، على أن يتم تسديد القروض ببيع أراضي المطار الحالي بعد انتهاء المشروع.(المصدر:السفير)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى