مصدر :”تواصل” يسعى للإنقضاض على السلطة في موريتانيا

altتتسارع وتيرة الأحداث في موريتانيا لتتولد عنها أخبار جديدة كل يوم؛ بين معلَن يريد من خلاله صناعه إيصال الصورة التي يحبون أن تصل إلى الشعب، وبين “مخفي” يسعى أصحابه جادين إلى الوصول إلى حكم هذا الشعب.

كل يسعى للتحرك نحو الهدف نفسه، الذي هو الوصول إلى السلطة، انتهازاً للوضعية الخاصة التي تعيشها البلاد منذ الثالث عشر من شهر أكتوبر المنصرم؛ حينما أصيب الرئيس محمد ولد عبد العزيز في حادث إطلاق نار قاده للعلاج في فرنسا؛ إذ أدى طول غيابه إلى فتح المجال واسعاً أمام تكهنات وتحليلات وتأويلات لا تنتهي، تتناول المعقول والمنقول من حقيقة تلك الإصابة التي بدأت تشكل -فيما يبدو- نقطة تحول في تاريخ الصراع على السلطة في موريتانيا.

 

نهاية حكم عزيز..

تقول مصادر الوطن إن منسقية أحزاب المعارضة الموريتانية تأكد لديها -وفقاً لمعلومات خاصة حصلت عليها من “جهات فرنسية” وأخرى دبلوماسية- أن الرئيس محمد ولد عبد العزيز لم يعد قادراً على العودة إلى عمله رئيساً للجمهورية، وإن هذه “الحقيقة” جعلت منسقية المعارضة تنطلق من مبدأ “نهاية حكم عزيز” للمضي قدماً في مسارها الطويل للبحث عن حكم موريتانيا وتولي زمام الأمور في هذه المرحلة للتحكم في مآلها في الفترة المقبلة.

وتضيف المصادر ذاتها أن “مجلس الرؤساء” في المنسقية أخذ علماً بهذه “الحقيقة” المسربة، واتفق بالإجماع -انطلاقاً من اعتمادها- على التخلي عن رفع شعار “الرحيل” وتبني مكانه شعار الحديث عن “مرحلة انتقالية” تهيئ لانتخابات ديمراقطية تحدد من يحكم البلاد في مرحلة ما بعد حكم عزيز.

وعلم “الوطن” أن أحد رؤساء المنسقية اقترح على زملائه التوقيع على ميثاق شرف يقضي بامتناع كل منهم عن التنسيق منفرداً مع أي جهات رسمية سواء كانت ممثلة في الحكومة الموريتانية أو في القادة الكبار في القوات المسلحة الوطنية، لكن بعض القادة المعارضين رفض فكرة التوقيع على مثل هذا الميثاق، معللاً امتناعه عن التوقيع بكون نظام المنسقية الأساسي يشير بالضرورة إلى وجوب التنسيق بين جميع الأحزاب، وعدم ذهاب أي حزب منفرداً إلى حوار أو تشاور يخل بما يجمع أعضاء المنسقية كلها من أمور.

 

تنسيق إسلامي – عسكري يعصف بالوحدة..

رغم أن “مجلس الرؤساء” في المنسقية أظهر الكثير من التوحد وتنسيق الجهود المشتركة بين الأحزاب المعارضة، إلا أن تسريبات انتشرت بسرعة البرق بين أنصار كل حزب على حدة أدت إلى انفكاك هذه الوحدة سريعاً، وتلاشي كل ما بناه رؤساء المنسقية من ثقة متبادلة على مدى الفترة الماضية التي جمعهم فيها ظاهرياً “رفض حكم عزيز”، وفرقهم باطنياً رغبة كل منهم في خلافة “العزيز” دون غيره.

وهكذا “ثبت” لدى حزب “التكتل” -بحسب ما أكدته مصادر خاصة لموقع الوطن- أن حزب “تواصل” ذا الميول الإسلامية يسعى للانقضاض على السلطة، وحتى وإن كان مسعاه إليها يقتضي التفريط في “عقد الوفاق” الذي يجمعه برفاقه في منسقية المعارضة، وتضيف المصادر نفسها أن شخصيات قيادية في “التكتل” أجرت مشاورات خاصة مع شخصيات أخرى من حزب اتحاد قوى التقدم أطلعتها خلالها على ما حصلت عليه من “معلومات عن خرق حزب تواصل لإجماع المنسقية”، وذهابه وحيداً للسعي إلى الحصول على السلطة، وخرج الطرفان (التكتل والتقدم) بشبه اتفاق يقضي بالتصدي لمساعي “أعداء الأمس – أصدقاء اليوم”.

وبحسب ما تسرب للوطن من “مخاوف” لدى التكتل واتحاد قوى التقدم، فإن الحزبين حصلا على معلومات خاصة تفيد بأن قياديين إسلاميين بارزين (بعضهم رجال أعمال) تربطهم علاقات اجتماعية مع قائد الأركان في موريتانيا محمد ولد الغزواني، أجروا اتصالات سرية بقائد الأركان وعدد من الضباط الكبار، وعرضوا عليه الدخول في مفاوضات بينية تسفر عن اتفاق من نوع ما يوصل الطرفين معاً إلى تقاسم للسلطة بصفقة تحيل الحكم إلى الحزب الإسلامي مع مشاركة “قوية” من الجيش في إدارة شؤون البلاد.

 

تقاسم الكعكة..

يقضي السيناريو المسرب بأن يتولى الإسلاميون التهيئة إعلامياً وشعبياً لإعلان “شغور منصب رئيس الجمهورية”، بينما يتكفل العسكر بالإيعاز للجهات المخولة دستوريا بذلك أن تتحرك لإكمال هذه الخطوة، على أن يفتح المجال بعد مرحلة انتقالية (دستورية) لجميع الأحزاب السياسية بتقديم مرشحيها في انتخابات رئاسية “نزيهة وشفافة”، يكون للعسكر فيها موقف سري بدعم مرشح الإسلاميين لتقاسم السلطة معهم، وفقاً لمحاصصة يتم الاتفاق عليها شفهياً بين الطرفين.

وتؤكد مصادر الوطن أن القياديين الإسلاميين استطاعوا حتى الآن إقناع العسكر بالتجاوب معهم -على الأقل- في هذا الطرح؛ لكن بدون حسم الموضوع بجواب إيجابي نهائي، رغم أن الإسلاميين استخدموا عدة نقاط “مؤثرة” للضغط على العسكر وإقناعهم بضرورة أخذ عرضهم في الاعتبار.

ومن بين النقاط التي استخدمها الإسلاميون كون المناخ الإقليمي وحتى الدولي يصب في مصلحة توليهم للحكم؛ إذ فاز إخوانهم بالانتخابات في عدد من الدول العربية (مصر، ليبيا، تونس، والمغرب) كما أن المجتمع الدولي أبدى ارتياحه لاعتدال فكرهم، ولكونه كذلك “يرضي طموح الشعوب العربية في هذه المرحلة، مما يضمن التحكم في هيجانها حينما تخلد إلى تولية الحكم لمن تثق فيهم.

واستخدم الإسلاميون كذلك نقاط قوتهم على الأرض؛ مبرزين أن الحزب أنهى لتوه حملة انتساب واسعة جعلته أحد أقوى الأحزاب السياسية المعارضة في البلد وأكثرها تنظيماً وتماسكاً؛ خاصة وأن الإعلام المحسوب على حزب “تواصل” روّج كثيراً في الفترة الأخيرة لانضمامات معتبرة اجتماعية ونوعية للحزب.

كل هذه الأمور وظفها “التواصليون”، بحسب ما هو مسرب من معلومات، لإقناع العسكر بأن موافقتهم على الشراكة مع الإسلاميين ستعطي مصداقية كبيرة لنتيجة الانتخابات، وفوق ذلك ستجعل من قادة الجيش “رموزاً في نظر الشعب والعالم” لكونهم ساهموا في تنظيم “انتخابات نزيهة”، تجعل من مشاركتهم في “نقل السلطة للمدنيين” أمراً تاريخياً يميزهم عن غيرهم من القادة العسكريين في تاريخ البلد.

وحتى وإن أبدت الأحزاب السياسية التي تجمعها تكتلات وائتلاف أن توحيد المسار ما يزال قائماً بينها؛ إلا أن رغبة كل حزب في الفوز بالحكم منفرداً، قد حطم “على الأرض” كل تلك “الأهداف المشتركة” وحولها بين عشية وضحاها إلى صراع خفي على سلطة ما يزال صاحبها متمسكاً بها ويعض عليها بالنواجذ حتى الآن.(المصدر:موقع الوطن)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى