هل قصد الرئيس تشجيع المستثمرين الأجانب ؟

altرغم الضجة الكبيرة التي صاحبت حملة جمع التبرعات لصالح المنتخب الموريتاني لكرة القدم، المتأهل لنهائيات كأس إفريقيا للمحليين المنظم في جنوب إفريقيا، فإن الشيك المصرفي الذي منحه الرئيس للمنتخب في بنك أجنبي نال نصيب الأسد من تلك الضجة، خاصة في شبكات التواصل الاجتماعي.

بيد أن البعض؛ وإن كان أخذ على الرئيس محمد ولد عبد العزيز إيداع أمواله في حساب أجنبي رغم وفرة البنوك المحلية في العاصمة نواكشوط، إلا أنه لم يتم التطرق لما تضمنه ذلك من رسائل ضمنية تعمد سيد القصر الرمادي توجيهها إلى من يهمهم الأمر.

 

الرسالة الأولى (للمستثمرين الأجانب):

فإذا كان تشجيع رأس هرم السلطة الحاكمة للمستثمرين الأجانب في قطاع البنوك يصل حد فتح حساباته الشخصية في فروعها بالبلد، بل وانتهاز فرصة أكبر حملة لجمع التبرعات يقوم بها النظام الحالي لإطلاع الرأي العام على أن ثقة الرئيس ممنوحة لبنك أجنبي على حساب البنوك المحلية، فإن ذلك سيعطي الانطباع بأن إيداع الأموال لدى بنوك المستثمرين المحليين ينطوي على مجازفة، وما أزمة البنك العام لموريتانيا منا ببعيدة.

 

الرسالة الثانية (سرية الممتلكات):

ففي ظل الدعوات المتكررة التي تطلقها منسقية أحزاب المعارضة الديمقراطية لكشف ممتلكات الرئيس، أظهر الشيك المقدم في إطار حملة دعم الفريق الوطني، أن رصيد ولد عبد العزيز من العملات، سيظل في أيد أجنبية أمينة، لا يمكن بأي حال أن تتعاطى مع المعارضة ولو بتسريبات جزئية.

وعلى المعارضة؛ بحسب هذه الرسالة، أن تتأكد من عجزها عن ملاحقة المعلومات التي قد تفيدها في تحديد ثروة الرئيس؛ المنقولة على الأقل.

 

الرسالة الثالثة (عدم الثقة في المقربين):

فالرئيس محمد ولد عبد العزيز لم يشأ أن يرسل الخمسة ملايين أوقية التي تبرع بها للمنتخب الوطني نقدا كما فعل كثيرون، لا لأنه يخشى من أن تنال منها الأيادي التي ستحملها إلى قاعة جمع التبرعات، رغم أن الكاميرا المنصوبة لرصد التبرع لم تظهر خلية لعد المبالغ المستلمة، بل لأنه أراد توجيه رسالة مفادها أنه لا يثق في أحد مهما كان قريبا أو مقربا.

 

الرسالة الرابعة (حملة سابقة لأوانها):

فرغم أن المحللين الرياضيين أكدوا عدم حاجة المنتخب الوطني لكرة القدم (المرابطون) لكل هذه الأموال بحجة مشاركته في نهائيات قارية من الدرجة الثانية، مبررين ذلك بأن الدولة المضيفة للنهائيات، وبتمويل من الاتحاد الدولي لكرة القدم FIFA، تتكفل بإقامة ومصاريف الفرق المشاركة ما يتم إقصاؤها، وأن التكاليف المتروكة للفرق تنحصر في تذاكر السفر والإقامة بعد الخروج من حلبة الصراع، فإن المحللين السياسيين يرون بالمقابل أن إطلاق حملة التبرع، بما فيها الشيك المقدم من قبل الرئيس، يمكن اعتباره حملة رئاسية سابقة لأوانها، خاصة إذا حقق المنتخب بعض التقدم في التصفيات النهائية، وهو ما سيحسب للرئيس بدل اللاعبين وطاقمهم الفني.

 

بيد أن من يرون في تقديم الرئيس لشيك من حسابه في بنك أجنبي دعوة للمستثمرين الأجانب، وتشجيعا لهم على الاستثمار في موريتانيا، يبدون حيرتهم من لجوء جهات رسمية إلى مضايقة بعض المستثمرين، خاصة في مجال الاتصال، لتعريتهم أمام الرأي العام، وربما للمساهمة في كبح طموحهم في تجديد رخص عملهم في البلاد بعد سنة من الآن، رغم مساهمتهم في إنعاش الاقتصاد والحد من البطالة، مهما كانت المآخذ على عملهم.

لكن آخرين يبررون تلك الحملة بأنها لا تناقض توجهات الرئيس الداعمة لجلب الاستثمار بقدر ما تهدف إلى مضايقة مستثمرين وحملهم على سحب استثماراتهم من البلد لترك المجال لآخرين أكثر استعدادا للدخول في شراكة مع بعض المتنفذين في السلطة، ولذلك قيم بحملة رسمية لتشويه بعض المستثمرين لصالح البعض.

شيك الرئيس.. والرسائل الضمنية (السفير)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى