موريتانيون يتوقعون وقوع إنقلاب عسكري

يتطلع الموريتانيون في صالوناتهم وفي أحاديثهم اليومية للبرامج الإذاعية والتلفزيونية المباشرة وفي تدوينات وتغريدات مبحريهم في شبكات التواصل، لحوار جديد وجاد بين نظام الرئيس محمد ولد عبد العزيز ومعارضته يكون مختلفا في سياقاته ومخرجاته عن الحوارات السابقة التي باءت بالفشل. ويشترط الكثيرون منهم أن يكون هذا الحوار الذي هو موضوع الساعة الآن، «جادا على المستوى الداخلي باستعداد جميع الأطراف لإنجاحه وبتقديم ما يلزم من تنازلات لإخراج البلد من أزمته التي تستفحل يوما بعد يوم».

ويعترف واعون كثيرون في النخبة السياسية «أن مثل هذا الحوار لا بد أن يكون مدفوعا من الخارج وبخاصة من جهتين هما الولايات المتحدة وفرنسا القوتان القادرتان على الضغط على نظام ولد عبد العزيز، واللتان ترتبط مصالحهما ونجاح خططهما الأمنية في الساحل، بمسألة هامة وصعبة هي استقرار موريتانيا. وكانت مصادر صحافية موريتانية مستقلة قد تحدثت مؤخرا عن «عدم رضا الأمريكيين عن ظروف وشكل الإنتخابات الرئاسية الأخيرة في موريتانيا، خصوصا أنها لم تكن، حسب رأيهم، انتخابات تشاركية، كما لوحظت تجاوزات في آليات تنظيمها ومراقبتها». ونقلت صحيفة «تقدمي» الموريتانية المطلعة أخيرا عن مصدر أمريكي رفيع قوله «إن الإدارة الأمريكية عبرت للرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز عن قلقها من كل هذا، أثناء زيارته الأخيرة لواشنطن، في إطار القمة الأمريكية الإفريقية». وكان سيدي محمد ولد محمد الرئيس المنتخب للتو في رئاسة الحزب الحاكم قد أكد في خطاب تنصيبه «استعداد النظام الحاكم للتحاور الجاد والبناء من أجل الوصول إلى كل ما يقوي من وحدة الموريتانيين وتلاحمهم وتعزيز وتطوير منظومتهم السياسية بمشاركتهم جميعا دون إقصاء أو استثناء». وفي السياق نقلت صحيفة «السراج» المستقلة المقربة من إسلاميي موريتانيا والتي لها اطلاعها الواسع على الشأن السياسي المحلي»، في تحليل لها أمس عن مقربين من السلطة قولهم «إن الرئيس محمد ولد عبد العزيز يتجه للإعلان عن حوار سياسي بين الفرقاء يأمل أن يكون فرصة لإعادة المعارضين إلى متن العملية السياسية بعد أن رمت بهم «قراراتهم الخاطئة»– وفق تقدير السلطة- على هامشها». وربطت السراج بين التوجه للحوار وتعيين المحامي ولد محم على رأس الحزب الحاكم فأضافت «..لأن هذا الحوار المفروض – وفق مصادر المعارضة – من جهات خارجية سيكون صعبا، ولأن هامش التنازل الذي يريد الرئيس تقديمه ضيق على الراجح ،فالحاجة هنا تبدو كبيرة للمحامي القادر بمهاراته الخطابية والحجاجية أن يظهر الهامش الضيق تنازلا تاريخيا غير مسبوق يقدمه الرئيس المؤسس تأكيدا على رغبته في استيعاب كل الطيف الوطني». وتناولت «السراج» مسألة الدفاع عن التعديلات الدستورية المرتقبة فأكدت «أنه مقابل التقدير السابق ،المرجح أن تتجه الأمور لحوار سياسي بين الفرقاء يرى بعض المعارضين أن الرئيس المزهو بانتصاراته الخارجية وبنسبة نجاحه الكبيرة سيتجه غالبا إلى تعديلات دستورية ينقلب فيها على المواد المحددة لمدة المأمورية والمشددة على منع أي مبادرة من قريب أو من بعيد من شأنها المساهمة في ذلك، وبحسب هذا التوقع أيضا فالحاجة ماسة للمحامي وعضو الكتيبة البرلمانية ورئيس محكمة العدل السامية ليتصدر مواجهة موجة المعارضة القوية التي يتوقع أن تثيرها هذه الخطوة داخليا وخارجيا». وفي إطار هذا الحراك، أكد حزب اتحاد قوى التقدم وهو أحد أكبر أحزاب المعارضة أمس على لسان أمينه العام محمد المصطفى ولد بدر الدين، على ضرورة التوجه للحوار لأن «موريتانيا، حسب قوله، مقبلة على انفجار كبير إذا لم يتداركها الجميع بوفاق وطني عاجل». ولم يستبعد ولد بدر الدين في برنامج «المشهد» على قناة «المرابطون» المستقلة ، حدوث انقلاب عسكري في موريتانيا التي هي أرض الإنقلابات بامتياز إذا استمرت الأمور على تدهورها هذا»، حسب تعبيره. وكان حزب اتحاد قوى التقدم قد أكد في آخر بيان لمكتبه التنفيذي «أن الأزمة المتعددة الأبعاد التي تتخبط فيها موريتانيا لا تزال قائمة، بل تتعمق في مناح عديدة، بما يحمله ذلك من تهديدات جدية على الأمن والاستقرار، حيث أن هذه الأزمة أزمة سياسية، فئوية، اقتصادية واجتماعية تقع مسؤوليتها على السلطة بفعل تسييرها الاحتكاري والإقصائي، وسياستها القائمة على الإستحواذ على ثروات البلد وتصفية الحسابات مع الخصوم وإذكاء النعرات بين مكونات الشعب». «وأمام التطورات المحتملة لهذه الأزمة المتعددة الأبعاد، يضيف المكتب التنفيذي، فإن هناك عدة سيناريوهات، ويبقى السيناريو الأكثر استجابة لمصالح البلد والذي يحصنه من الانحرافات الكارثية والانفجارات المخلة بالسلم والوحدة الوطنية، هو التوصل لاتفاق عام بين كافة الفرقاء الوطنيين». وتابع البيان «وعليه فسيركز خط اتحاد قوى التقدم خلال فترة ما بعد المهزلة الإنتخابية الأخيرة، على مواصلة وتكثيف النضال السلمي والضغوط في إطار الديمقراطية من أجل التوصل إلى وفاق سياسي بين كافة الفرقاء الوطنيين، يتضمن على الخصوص استئناف الانتخابات سبيلا إلى الخروج من الأزمة» . وكان موضوع الحوار والعلاقة بين النظام والمعارضة، مثار نقاشات وتعليقات بين المبحرين الموريتانيين، على شبكات التواصل الإجتماعي. وفي هذا النطاق تحدث المدون الشهير محمد الأمين ولد الفاظل في تدوينة له أمس عن ما أسماه توازنا في الضعف بين النظام الموريتاني ومعارضته فكتب يقول «هناك توازن في القوة، وهناك توازن في الرعب، وهناك أيضا ما يمكن أن نسميه توازنا في الضعف، وتوازن الضعف هو ما يحكم حاليا العلاقة بين السلطة والمعارضة في موريتانيا». وتابع «فنظام ولد عبد العزيز لا يمتلك من نقاط القوة إلا نقطة قوة وحيدة، وهي أن معارضته ضعيفة، والمعارضة في موريتانيا لا تمتلك من نقاط القوة إلا نقطة قوة وحيدة، وهي أن نظام ولد عبد العزيز نظام ضعيف وكثير الأخطاء».. وأردف ساخرا «..يمكن لولد عبد العزيز أن ينام قرير العين، مطمئن البال، وذلك بعد أن أنعم الله عليه بمعارضة ضعيفة، ويمكن للمعارضة أن تنام قريرة العين، مطمئنة البال، وذلك بعد أن أنعم الله عليها بولدعبد العزيز الذي ليس لديه ما يفعله سوى ارتكاب المزيد من الأخطاء القاتلة أو حفر قبر لنظامه المتهالك».

 

القذس العربي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى