كل عام و أنتم بخير / سيدي علي بلعمش

احتفالات كلاندوهات نواكشوط السرية بمناسبة العام المسيحي الجديد غير مشجعة على مسايرة المزاج العام النابض بالقرف و السذاجة أكثر من “مهرجان الأدب الموريتاني” المكرس لثقافة الخنوع كي لا تنجب بلاد المليون شاعر (بالخجل)   مطرا و لا نزارا و لا درويشا  يتغنى بالمجد و يتعالى على السقوط…

لكن إحساسي بأن نظام ولد عبد العزيز المنهار لن يصل العاشر من يوليو القادم، يجعلني أقفز على هذه المناسبة المسيحية التي لا تعنيني في شيء، لأتمنى لشعبنا البائس عاما سعيدا و لموريتانيا المنكوبة حظا أفضل … لم أقصد بهذه الأماني وأد حلم الفنانة “المخضرمة” المعلومة بنت الميداح التي نبارك لها الحصول على الرئيس و الحزب الذين كانت تبحث عنهما لنفسها (لأننا نتحفظ جدا على قولها “لوطني”) لأن من يذهب في هذا الاتجاه لا يسأل عن وطن و لن يجد من يسأله عنه؛ لأن الجميع أصبح يفهم أن مثل هذا الكلام  مظهر من مظاهر التنكر للمنطق مثل تبرير زيادة أسعار المحروقات الذي أصبح يرغم الجميع على الترجل أو سلك طريق الفنانة “المخضرمة”.. كل الجرائم اليوم ترتكب باسم الوطن من زيادة أسعار المحروقات إلى فائض الاستخفاف بعقول الناس في تبرير ما لا يحتاج إلى تبرير ؛ ألم يكن أجمل و أصدق و أروع فنيا أن تقول الفنانة “المخضرمة” أنها قررت الانتماء إلى الاتحاد من أجل نهب الجمهورية لأن من لا يفعلها اليوم لن يستطيع أن يعيش بـ”كرامة” حتى لو كانت كرامة حزب ولد حجبو؟

 أعتقد أن المزايدة على ولد محم في هذا المجال ستكون أصعب من العيش بـ”كرامة” . و يكفي المعارضة شرفا أن الخروج من صفوفها أصبح وسيلة عيش “كريم” لمن شق عليه الطريق و طال السفر.!؟   ـ أريد أن أسمع من الفنانة المخضرمة، المصفرمة ، المحمرمة أن الحصار الذي كانت تفرض عليها وسائل الإعلام الرسمية بسبب معارضتها، يؤكد صحة اختيارها اليوم أو يؤكد نزاهة و ديمقراطية و صلاح و إصلاح من اختارتهم.. و ما كنا سنختلف معها لو قالت الرئيس الذي كنت أبحث عنه لنفسي أو الحزب الذي كنت أبحث عنه لنفسي، لكن أن تقول لنا اليوم “الرئيس الذي كنت أبحث عنه لوطني” ، فهذا ما لا يمكننا أن نمرره لأنه يزدري بعقولنا و ليس من الإنصاف أن تحتقر عقولنا و تطلب منا أن نحترم عقلها، حتى لو كان الوطن ـ مثل المعارضة ـ غفورا رحيما.. !؟  “فلماذا أصمد و أقاوم إذا كان الاستسلام أقرب طريق إلى النجدة” ؟؟ كل التلاوين الممكنة جربتها البشرية قبلنا و سجلها التاريخ فكان أسوؤها المبرر بالأقبح من الذنب، تماما كما تفعلين اليوم و هو أمر من حقك الكامل ما لم تفعليه باسم وطن يدوس رئيس أحلامك على كرامة أهله و يتاجر بأقدس مقدساته ، نحتَ الشاعر المفلق ولد امصيدف صورته في جدار التاريخ بعبقرية خالدة :”ماهُ لاهِ إديرْ عَـظ ماهْ افحَدْ افضِيلْ / ألاهُ لاهِ إديرْ فظ ماهُ فيدْ ابْخيلْ / و له أرفع قبعتي عاليا عاليا لأنه كان شاعرا متمردا و استثناء يحيي الأمل ، ستخلده موريتانيا حين لا يكون اتحاد الأدباء الموريتانيين خلية أمنية و رئة اصطناعية لتنفس النظام ، ينفخ فيها كل من ضاقت عيشته و هانت نفسه .. و أغتنم المناسبة لأحيي الشاعر المتحرر ولد يونس المحاصر هو الآخر من كل الأجهزة الأمنية : وزارة الثقافة و اتحاد الأدباء الموريتانيين و القنوات الفضائية و الإذاعية و الجرائد و المواقع .. أنتما شرف هذا الوطن و حصاركما جزء من حصاره و آلامكما جزء من آلامه  و إبداعاتكما المخنوقة جزء من غصة كبريائه المقهورة.. أتمنى من كل قلبي لشعبنا الطيب سنة سعيدة، بلا حالة مدنية لا نكون فيها مواطنين (بلا حقوق) من دون دفع الإتاوات لمربيه ربو .. ـ سنة سعيدة  بلا حزب المعلومة و لا رئيسها و لا مبرراتها و لا فألها لموريتانيا المنهوبة، المحتقرة، المذلة، المستباحة… ـ سنة سعيدة لا نكون فيها “ديال” تكيبر و لا حملة عرش عقدتها الأزلية المتوحمة على “حمام” دم ، ستندم إذا كانت تعتقد أنها ستقبض ثمن دخوله … ـ سنة سعيدة، لا يخجلنا فيها جلوس محسن ولد الحاج على رأس مجلس شيوخنا .. و لا نسمع فيها مداولات برلمان باكوتي .. و لا أحزاب تكيبر بتسمياتها الخزعبلاتية :  حزب الكرامة  ، حزب الركرامة و العمل ، حزب الرفاه ، حزب الفضيلة ، حزب الفكر الجديد … ـ سنة سعيدة ، لا نصححو  فيها كل يوم على فضيحة صناديق كومبا با و تسجيلات آكرا و بيت رملة و تصريحات مامير و صفقة السنوسي و فضيحة “مسار نواكشوط” المعد من أجل مطالبة الناتو باحتلال ليبيا  (أي جريمة لم يرتكبها هذا العلج في حق بلدنا الطيب و أمتنا لمجيدة؟)… ـ سنة سعيدة، يقود بلدنا فيه مواطن موريتاني لا طعن في توجهاته و لا غمز في أصوله و لا يتندر العالم بجهله و غبائه.. ـ سنة سعيد بلا “هابا” و لا روابط صحفية تنصبها المخابرات و لا قنوات فضائية محصنة ضد باكتيريا الفكر .. ـ سنة سعيدة لا نسمع فيها صوت ولد محم و لا نشاهد صور امربيه ربو و لا نسمع عن زيارات وحيد القرن و لا مغامرات وحيدة الخلية.. ـ سنة سعيدة لا تقسم فيها عاصمتنا إلى 3 غيتوهات على أسس عرقية  تحولت فيها أجهزة الأمن إلى قطاع طرق محترفة  تبث الرعب في نفوس المواطنين المحتقرين منذ تحكم هذه العصابة في مصيرهم : لقد كنا نخشى جرائم عصابات الشارع بأسلحتها البيضاء فكيف نواجه عصابات النظام المدججة بالسلاح؟ ألم يكن تحولا خطيرا أن تصبح فرق الأمن المكلفة بحماية نواكشوط من الجرائم الليلية هي من تقوم بسرقة كل ما بحوزة من تقبض عليهم  من مارة الشارع البريئة و إلزامهم بدفع مبالغ مالية (2000 أوقية) لإخراجهم من الحجز الظالم كما حصل في الرياض في الليالي الماضية على أيادي فرق الحرس و الشرطة بصفة خاصة؟ لم يترك نظام ولد عبد العزيز طريقة لابتزاز الناس و إذلالهم و احتقارهم إلا وسلكها .. لم يترك وسيلة لإرهاب الناس و زعزعة الاستقرار إلا وسلكها .. لم يبق قبيح و لا مزري  و لا منكر يمكن أن يتصوره العقل إلا وظهر في زمنه : تمزيق المصحف الشريف (شلت أياديهم) ، حرق أكبر و أعظم مدونة فقهية نهلت كل البشرية من بحر معارفها على يد ثلة من الجهلة، الإساءة إلى سيد الوجود في بلاد شنقيط، الغدر بالمستجير (السنوسي) في صفقة دنيئة تنم عن حقارة مرتكبيها، تأبى حتى “داعش” عن الإتيان بمثلها، انتشار الرذيلة و الاغتصاب و السطو على أيادي أبناء النخبة، ازدراء المواطنين بالأمن و الإدارة ، استبدال وزارة الداخلية بإدارة امربيه، استبدال الأمن بشرطة مسقارو ، استبدال الجيش بكتيبة بازيب .. فأي بلد هذا و أي شعب ؟ و إلى متى يعبث ولد عبد العزيز و محسن و امربيه و ولد بايه بكل شيء في هذا البلد بلا رادع و لا ناصح ؟؟ حين يصبح رئيس الدولة منافس للتاجر و خصم للمثقف و وسيط للمستثمر لا تخلو أي صفقة من من عمولة له و شريك للإرهابي و متآمر مع العدو ، ماذا يمكن أن ننتظر أقل مما نعيشه اليوم؟ على الجيش الموريتاني المغيب، المهان، المذل بتحكم كتيبة “بازيب” و سطوة ولد احريطاني، أن يتحمل مسؤولياته تجاه الوطن من دون التذرع بنزع سلاحه ، فما معنى حملكم لشعار “حماة الوطن” إذان كان يمكن أن تعطله أي معجزة في الكون أحرى ثلة من الجبناء المنغمسين في أكل المال العام، اللاهين ـ بعد مجاعة كبيرة ـ في ملذات الحياة السخيفة؟؟؟ على المعارضة الموريتانية أن تفهم أن القوة الوحيدة لولد عبد العزيز هي ضعف المعارضة و أن السبب الوحيد لضعفها هو عدم استعداد أي من قادتها للنوم ليلة واحدة في السجن ؛ لا شيء في الوجود يمكن أن يحل بكم أسوأ من نظام ولد عبد العزيز ، فقرروا أن تكونوا أو جمدوا أنشطتكم و حرروا طاقات هذا الشباب المستعد لاقتحام القصر على ولد عبد العزيز مهما كلف من ثمن.. على النخب الموريتانية المهمشة و المغيبة بالتجويع و التركيع و الترويع أن لا تتذرع هي الأخرى بفساد كل شيء و عجزها عن تغيير الواقع؛ أنتم بمثل هذه المبررات المتهيبة تسقطون أسباب نبل رسالتكم و تعلنون الحرب على ضرورة وجودكم : أن تصبح مجموعة من السماسرة المتزلفين تتربع على عرش اتحاد الأدباء الموريتانيين و لا تصرخون .. أن تصبح  تراخيص القنوات و المواقع و الجرائد و الروابط الصحفية حصرية للأميين و المخبرين و المتزلفين و لا تنتفضوا .. أن يصبح التهريج مسرحا .. أن يصبح مهرجان المدن الأثرية مناسبة لتجديد البيعة و التغزل بكرامات القائد المفدى و لا تنتحروا ، ففي ماذا تختلفون عن غيركم ؟؟ أنتم الآن جميعا على محك التحدي و نظام ولد عبد العزيز في آخر رمقه ، فمن يهز الجذع؟ و كل عام و موريتانيا بألف خير       

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى