بيان مهرجان الوفاء والصمود”

الرئيس ولد داداه خلال حديثه في المهرجان قال تعالى “الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ولله عاقبة الأمور”؛ وقال “وإذا قلتم فاعدلوا ولو كان ذا قربى وبعهد الله اوفوا” وقال أيضا     “واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة”، صدق الله العظيم؛ وقال صلى الله عليه وسلم “من لم يهتم بأمور المسلمين فليس منهم”.

إن حزب تكتل القوى الديمقراطية إيمانا منه بأهمية إطلاع الرأي العام على مواقفه من مختلف القضايا التي تمس المواطن ويئن تحت وطأتها لما سببته وتسببه السياسات الارتجالية التي ينتهجها حكام بلدنا المنكوب، لا يسعه إلا أن يشجب ويدين ويرفض كلما من شأنه أن يهوي بهذا البلد ومواطنيه في هاوية  سحيقة  ومتاهات مظلمة  ومجهولة بدأت ملامحها تتكشف جلية في كل مناحي الحياة :

فعلى المستوى الأخلاقي، حدث ولا حرج عن ما أصاب قيمنا من تردي وتدنيس في ظل هذا النظام؛ إن بلادنا التي عرف شعبها بتمسكه بالفضائل والقيم والأخلاق والتي كانت منارة ونبراسا للعالم الاسلامي اضحى رأس النظام فيها يوصف بما لا يليق بمن ينتسب للجمهورية الاسلامية الموريتانية.

وفي المجال السياسي، يعيش البلد انسدادا سياسيا منذ انقلاب 06 أغسطس 2008 بسبب تعنت النظام وتكريسه لسلطة الفرد وتزويره إرادة الشعب في انتخابات نبه التكتل علي عدم مصداقيتها وقتها، ومن أبرز الأدلة على ذلك فضيحة الرشوة التي بدأت تتكشف خيوطتها أخيرا لتشمل أهم عناصر الجهات المعنية بإعداد و الإشراف على تلك الانتخابات؛ ولا زال التكتل يطالب بإجراء تحقيق عادل وشفاف تشارك فيه المعارضة في هذه الفضيحة.

وفي وجه حالة كهذه يظل الحوار الجاد والصادق دون مماطلة، والمنطلق من الممهدات التي تقدم بها المنتدى الوطني للديمقراطية والوحدة هو الحل الوحيد في نظر حزب تكتل القوى الديمقراطية، إلا أنه – للأسف – لا يتراءى في الأفق تحقيق ذلك.

وفي المجال الاقتصادي، تعيش البلاد ركودا اقتصاديا لا مثيل له من أبرز تجلياته ما أسلفنا ذكره من أزمات كان بالإمكان تفاديها لو استغلت بنزاهة الطفرة المالية التي شهدت ثرواتنا المعدنية ومداخيل الدولة من ضرائب ورسوم جمركية خلال السنوات الماضية.

إن المتتبع للشأن الاقتصادي الوطني ليدرك بجلاء الإرادة المتعمدة من طرف السلطة لسحق رأس المال الخاص الوطني من خلال استهداف رجال الأعمال بشتى الوسائل من ضرائب وإقصاء متعمد من الصفقات وحرمان من الاستيراد، الأمر الذي أدي إلي هجرة رأس المال والأدمغة إلي الخارج، حيث فتح المجال واسعا أمام دائرة ضيقة من رجال أعمال “جدد” مقربين من النظام يسيطرون على الدورة الاقتصادية الوطنية برمتها.

تعاني القطاعات الرئيسية لاقتصادنا الوطني من تنمية حيوانية وزراعة وصيد بحري من إهمال وفساد ما لا يمكن حصره، جراء التخبط والتسيير العشوائي الذي لا يخدم سوى الزبونية والمصالح الشخصية.

وعلى المستوى المعيشي، لا يخفى ما يكابده المواطن اليوم من متاعب في سبيل الحصول على لقمة العيش بسبب الارتفاع الصاروخي لأسعار حاجاته الغذائية الضرورية، على الرغم من الانخفاض الكبير للمواد الغذائية في الأسواق العالمية وما صاحب ذلك من انخفاض حاد في أسعار المحروقات في كل أنحاء العالم بما في ذلك دول الجوار في حين تصر الحكومة الموريتانية على إبقائه مرتفع الثمن لأجل التربح على حساب المواطن المسكين، ضاربة عرض الحائط بالدعوات الشعبية العادلة لتخفيضه.

أما حوانيت أمل التي يتباهى بها النظام، قليلة العدد والمعروض والتي تكلف المواطن عناء الوقوف في طوابير طويلة كلاجئين وهم في وطنهم، من أجل الحصول على نزرها القليل من مواد غذائية رديئة، سعر بعضها أغلى مما هو عليه في السوق كمادة السكر.

وعلى المستوى الاجتماعي، لا يخفى على أحد تلك الأيادي الممتدة من النظام واعوانه بغية إثارة الفتن والنعرات بين مكونات شعبنا العزيز واستغلال ما حباه الله به من تنوع، نعمة من الله عز وجل علينا، فأرادوه وأداروه عكس ذلك ترسيخا سافرا للشقاق والتنافر والتباغض، فشجعوا الشرائحية وأرادوها جاهلية نتنة رغم وجاهة مطالب شريحة الحراطين في حقهم في العدالة والمساواة والتمييز الإيجابي لصالح الفئات الضعيفة والمهمشة، فحاولوا ذر الرماد في العيون بإنشاء ما أسموه وكالة التضامن التي لا تعدو كونها مظلمة مغلفة ببريق زائف يحسبه الظمآن ماء حتى إذا جاءه لم يجده شيئا.

كما لا يخفى ادعاءات النظام الكاذبة في محاولة طي ملف الإرث الإنساني رغم وجاهة مطالب ضحاياه، ورغم أهمية حل ذلك المشكل في تمتين اللحمة الاجتماعية وإعادة النسيج الوطني إلي سابق عهده.

هذا بالإضافة إلي الانتشار الواسع للبطالة في صفوف المواطنين وخاصة فئة الشباب من دكاترة ومهندسين وجامعيين وفنيين؛ وبسبب سد أبواب فرص التوظيف أمامهم جعلتهم الحكومة أمام خيارين أحلاهما مر: إما الهجرة إلي الخارج بما في ذلك من مخاطر كزوارق الموت، وإما تعريضهم للاستقطاب من طرف الجماعات الإرهابية.

ثم إن التسريح المستمر للعمال ضاعف الأعباء على الأسر كما هو الحال بالنسبة لعمال اسنيم، وتازيازت وأم سي أم (MCM)، والموانئ والمؤسسات العمومية الأخرى… والعجز عن حل مشكل الحمالة وعدم تلبية مطالبهم العادلة كالتأمين الصحي ورفع الأجور، المنصوص عليها في محضر الاتفاق رقم 105 الموقع في شهر يونيو 2013، والفشل في التوزيع العادل للأراضي في الأحياء الشعبية، وعدم التمكن من القضاء على الأحياء العشوائية، والمعاناة الجلية للمرحلين، وإجحاف كاهل المواطن بالضرائب،

وعلى الصعيد الأمني، فقد بلغ الانفلات الأمني أوجه من سلب واغتصاب وسطو وحرق وقتل، فصارت الجريمة عنوان حديث المواطنين يوميا، وأصبح المواطن في قلق دائم وتوجس مستمر لشعوره بعجز الدولة عن تأمينه، مما حدى به إلي التفكير في اقتناء السلاح لحماية نفسه وممتلكاته، وقد ضاعف من شعوره بالخوف الفرار المستمر لعتاة المجرمين من السجون في كل حين.

كما زاد من قلق المواطن مسلسل الفضائح المدوية التى تتوالى حلقاتها يوما بعد يوم، فقد أصبح بلدنا المسلم أحد أهم المعابر الدولية للمخدرات في غرب وشمال إفريقيا؛ لذالك فإننا في التكتل نطالب بكشف اللبس والتحقيق المستقل والشفاف فيما يتعلق بفضائح المخدرات،  وذلك للإجابة على الاستشكالات التالية :

لماذا تمت لملمة القضية – كالعادة- وإحالتها إلي العدالة في غضون 24 ساعة، دون القيام بأي تحقيق جاد في هذا الملف الخطير الذي له أبعاد مرتبطة بشبكات محلية وإقليمية دولية ؟

وماذا عن ملف المخدرات الآخر الذي حصلت فيه مواجهات راح ضحيتها أحد خيرة ضباط جيشنا الوطني ؟

وفي المجال الصحي فحدث ولا حرج عما يعانيه المواطن اليوم من أمراض وانتشار للأوبئة في غياب كامل للرعاية الصحية والتكتم الرسمي على ما يتهدد حياة المواطن جراء تلك الأوبئة والأمراض كالحمى النزيفية وحمى الواد المتصدع، وما بات يعرف شعبيا بحمى تيارت تارة وبحمى عرفات تارة أخرى، مما يسبب هجرة حقيقية لمن له حيلة من مرضانا إلى الدول المجاورة طلبا للعلاج، في غياب تام لمساعدة الدولة.

أما التعليم بشقيه العام والخاص فقد شهد تدهورا لا مثيل له على كافة المستويات وتدنيا غير مسبوق للأداء والمناهج وانعدام البنى التحتية، فاكتتاب المدرسين يتم على أساس من الزبونية وغياب كامل للشفافية فأصبحت المدارس النظامية خاصة بأبناء الفقراء، مما كرس قطيعة تامة بين أبناء البلد الواحد. ويعيش طلابنا في الجامعة أزمة حقيقية في مجالي السكن والنقل، فلا سكن لائق ولا مطعم في تلك المؤسسة التى تبعد عن المدينة، كما تتقطع بطلابنا السبل لندرة وضعف النقل من وإلي المدينة. وقد عالج النظام هذا الواقع المزري بإعلانه سنة 2015 سنة للتعليم من أبرز نتائجها فضائح تسريب الباكالوريا وشهادة ختم الدروس الإعدادية وبيع المدارس…

إن تكتل القوى الديمقراطية، وعيا منه بأن المآسي والأزمات التي يعاني منها الشعب الموريتاني والمخاطر التي تهدد كيان البلد ووحدته يتحمل مسؤوليتها الكاملة رأس النظام وأعوانه، واستشعارا منه لخطورة هذا الظرف الدقيق، الذي هزت عواصفه بلدانا، يدعو جميع الخيرين الغيورين على بلدهم لهبة وطنية من أجل انتشال موريتانيا.

قال تعالى “وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون”، صدق الله العزيم.

نواكشوط، 15 جمادى الأولى 1437 – 24/02/2016

تكتل القوى الديمقراطية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى