ثلاثة عقود.. والخلاف محتدم حول معاوية ولد الطايع

الأربعاء الثاني عشر من ديسمبر عام 1984؛ قطعت إذاعة موريتانيا ساعات بثها القصيرة، لتذيع بيانا أول تضمن تعديلا في قيادة اللجنة العسكرية للخلاص الوطني، كان جديده الأهم تربع العقيد معاوية ولد سيدي أحمد الطايع على رئاسة الدولة خلفا للمقدم محمد خونا ولد هيداله المشارك في قمة إفريقية فرنسية في بوجمبوره.

 الأمر يعنى إذن انقلابا؛ وسرعان ما خرجت المسيرات تؤيد القادة الجدد، عهد المقدم هيداله؛ كان “عهدا من التضييق واستشراء الثقافة الاستخبارية”، يقول معارضون للرجل. اللمسات الفرنسية كانت حاضرة في انقلاب 12 ديسمبر؛ خطى الجنرال لا كاز قائد الجيش الفرنسي كانت واضحة في التحضير للانقلاب؛ كما يتواتر في نواكشوط. ومن الصدف أن وفاة الجنرال لا كاز تزامنت مع انقلاب رفاق السلاح على قائدهم في الثالث من أغسطس 2005. اليوم ثلاثين عاما مرت على “حركة تصحيح 12 من ديسمبر”؛ كما كانت تسمى في أدبيات الإعلام الرسمي أيامها؛ تتباين رؤى الشارع الموريتاني حول تقييم تلك الحقبة.  “الشيخ”؛ الجامعي الشاب المولود عاما واحدا قبل انقلاب ديسمبر؛ يقول: كان ولد الطايع يعني لي خلال أخريات حكمه، المرادف للديكتاتورية وسوء الأوضاع؛ لكن بعد تسع سنوات من الإطاحة بالرجل، اكتشفت أن “هناك سوءا أسوأ”.  غير أن أوساطا أخرى ترى في عهد معاوية الفترة الذهبية في تاريخ موريتانيا؛ نظرا لـ”الرفاهية المالية” التي كانت تعيشها البلاد.  معاوية، العسكري الكتوم الذي بدأ حياته العملية مدرسا تنقل في الرتب العسكرية حتى شغل منصب رئيس الوزراء فقائد الأركان، وهو المنصب الذي قاد منه انقلاب ديسمبر، لم يكن يتوقع له أحد من معارفه أن يلعب الدور الذي لعبه، لكنه رجل كان يعمل بصمت، يقول أحد رفاقه في الجندية .  ويشكل ولد الطايع واحدا من أكثر القادة الموريتانيين الذين حظوا باهتمام كبير -وهو خارج الحكم- من طرف الساسة والمواطنين والإعلام المحلي والأجنبي.   ولد معاوية ولد سيدي أحمد الطايع في مدينة أطار عاصمة ولاية آدرار عام1943، وتلقى تعليمه الابتدائي بها والثانوي في ولاية اترارزه التي عاد إليها لاحقا كمدرس في الابتدائية.  لكن “بريق” الجيش الذي كان طور التأسيس جذبه لتتغير حياته بشكل جذري، بطريقة دراماتيكية، تشبه في بعض تفاصيلها رحلة القائد الأموي الحجاج بن يوسف الثقفي، الذي بدأ حياته معلما للصبيان في الطائف، قبل أن ينخرط في الجيش الأموي.  أُرسِل ولد الطايع في بعثة إلى فرنسا حيث التحق بالكلية الحربية، سلاح المدرعات عام 1958-1961م. ليواصل دراساته بالأكاديمية العسكرية الفرنسية “سان سير” (Saint Cyr) وكان من أوائل ضباط الجيش الموريتاني الوليد.   وعاد بعدها للبلاد ليتقلد عدة مناصب عسكرية، إضافة لعمله لسنوات مرافقا عسكريا للرئيس الأسبق المختار ولد داداه، ونال ثقة الضباط الأوائل في الجيش، فأضيف لقائمة المشاركين في انقلاب العاشر يوليو1978  الذي أطاح بالرئيس ولد داداه. ليعين وزيرا للدفاع.  وفي عهد محمد خونا ولد هيداله شغل منصب رئيس الوزراء و قائد الأركان ، واستطاع انتزاع ثقة الرئيس. لينتهز فرصة غيابه في 12 ديسمبر 1984 ويتزعم انقلابا عسكريا أطاح بالرئيس ولد هيداله متهما نظامه بالتسبب فيتدهور اقتصاد البلاد وملء السجون بالمعتقلين.  بعد سنوات من توليه مقاليد الحكم أعلنت موريتانيا من خلال دستور يوليو1991 عن نظام تعددي أجريت بموجبه أول انتخابات رئاسية في يناير 1992 فاز فيها الرئيس معاوية بنسبة 62.65 في المائة.  وسط اتهام المعارضة له بالتزوير على نطاق واسع، وأعيد انتخابه في ديسمبر 1997 في انتخابات رئاسية قاطعتها المعارضة بنسبة زادت على 90.25 في المائة. ليعود للفوز مجددا بالرئاسة في الانتخابات التي أجريت في 7 نوفمبر 2003 بنسبة 66.69 في المائة من أصوات الناخبين، بعيد المحاولة الانقلابية الفاشلة (يونيو 2003). 

محمد ناجي ولد أحمدو  نواكشوط – صحرا ميديا

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى