ندوة تبحث في واقع الإعلام العربي وقضايا المرأة(!)

  altمنذ انطلاق دعاوى تحرير المرأة العربية في بداية القرن الماضي، بدأت قضايا المرأة تأخذ مكانها في وسائل الإعلام العربية، ومع تطور هذه الوسائل تطورت معالجة قضايا المرأة بأشكال وصور مختلفة، وصولاً إلى عصرنا الحاضر الذي بتنا نشهد فيه العديد من وسائل الإعلام الموجهة للمرأة ومعالجة قضاياها، من مطبوعات صحفية إلى برامج تلفزيونية إلى مواقع على الشبكة العنكبوتية، حتى بتنا نشهد تنافساً في طرح مشاكل المرأة بين هذه الوسائل لكسب أكبر حجم ممكن من الجمهور .

 

ولكن وسط هذا الكم الكبير من وسائل الإعلام التي تبدي اهتمامها بطرح ومعالجة قضايا المرأة العربية، نطرح على أنفسنا سؤال هل تقوم هذه الوسائل بطرح القضايا التي تعانيها المرأة العربية في الواقع؟ أم أن هنالك نوعاً من الانتقائية في المعالجة الإعلامية لمجمل المشاكل والعقبات التي تواجهها المرأة العربية في حياتها؟  يرى كثيرون أن المتابع لهذه الوسائل يلحظ أنها تركز على مجموعات معينة من القضايا التي يصفها البعض بالنخبوية، في الوقت الذي تغيب عن ساحة المعالجة العديد من القضايا التي ما زالت تعانيها المرأة العربية في العديد من أقطار الوطن العربي، فالمرأة العربية مازالت تعاني مشاكل الأمية وتأمين الرعاية الصحية، وتأمين تكافؤ الفرص في التعليم والعمل، وصولاً إلى دمجها في الحياة العامة، وتمكينها اقتصادياً وسياسياً، والكثير من القضايا التي غابت عن المعالجة الجدية والفاعلة، في الوقت الذي تطغى قضايا المرأة الشكلية على وسائل الإعلام، فينصب التركيز على الموضة والأزياء والتجميل، الأمر الذي يدفع المتابعين للشأن الإعلامي إلى اتهام نسبة كبيرة من وسائل الإعلام العربية بأنها تسير في ركب وسائل الإعلام الغربية التي سعت إلى تسليع المرأة، والتكسب مادياً من طرح القضايا الشكلية التي تخصها، في الوقت الذي تحيد عن بساط البحث والمعالجة العديد من القضايا المهمة التي تعتبر أولوية لجمهور النساء العربيات .  وعلى الرغم من هذا النقد إلا أن المدافعين عن المشهد الإعلامي الحالي يقولون إن وسائل الإعلام تسعى لطرح القضايا التي يرون أن المرأة العربية تبدي اهتمامها بها عن غيرها، وإنهم يواكبون اهتمامات المرأة أياً كان شكلها لأن هدفهم كسب أكبر حجم ممكن من الجمهور، لذا فهم يقدمون ما يطلبه الجمهور .  ولتركيز أكبر على معالجة الإعلام العربي لقضايا المرأة فإن هذه الندوة تتناول المحاور الآتية:  إلى أي مدى تفاعلت وسائل الإعلام العربية مع قضايا المرأة؟ وما معايير اختيار القضايا وتحييد غيرها؟  كيف يمكن لوسائل الإعلام العربية أن تصل إلى طرح قضايا المرأة بما يتسق مع واقعها المعاش؟  ما الدور الذي يمكن أن تلعبه وسائل الإعلام العربية في تمكين المرأة في المجتمع؟  * د . عائشة النعيمي:  أشكر لكم تلبية دعوة مركز الدراسات في دار الخليج للمشاركة في ندوة المرأة العربية والإعلام، وفي الحقيقة أن موضوع الندوة قديم يتجدد، وفي كل مرحلة هناك قراءة مختلفة له، وتعقد الندوة في ظل أحداث ومتغيرات كثيرة مرت خلال العام الماضي على كل أنحاء الوطن العربي .  بالنسبة إلى المحور الأول المرأة والإعلام، حدث في الإعلام كثير من المتغيرات تحول فيها الخطاب الإعلامي، سواء إعلام حكومات أو إعلام خاص أو إعلام المواطن العادي، وهذا التحول في الإعلام خلق تنوعاً في الأدوات والمضمون والوظائف .  على صعيد المرأة العربية أعتقد أن هناك أكثر من امرأة، فهناك المرأة التي ترشح نفسها لرئاسة أكبر دولة عربية، والمرأة التي تفوز بجائزة نوبل للسلام، والمرأة التي بحكم دعوات التمكين السياسي استطاعت أن تكون طرفاً في السلطة التنفيذية في كثير من الدول العربية وتحظى بعضوية البرلمان، ولكن على الطرف الآخر هناك المرأة العربية الأمية، والمرأة العربية التي تقتل في جرائم شرف، وهناك المرأة العربية العاملة والتي لديها الكثير من القضايا التي يمكن طرحها إعلامياً .  ما بين الإعلام والمرأة العربية علاقة جدلية طولية، سنبدأ الندوة بالمحور الأول وهو كيف تفاعل الإعلام العربي مع قضايا المرأة العربية؟  * د . إبراهيم راشد الحوسني:  بالنسبة إلى تفاعل وسائل الإعلام مع قضايا المرأة، نجد أن الربيع العربي لم يستثن رجلاً أو امرأة، وجاء بحالة اجتماعية كاملة، والمرأة أخذت حيزها ضمن تصاعد الأحداث كما هو دور الرجل، وهناك مواقع كانت المرأة أكثر فاعلية فيها، كما حدث في اليمن وتصدي توكل كرمان للأحداث حتى حصولها على جائزة نوبل، لذلك كان دور المرأة مؤثراً، والإعلام بطبيعة كونه مرآة للأحداث واكبها سواء بالنسبة إلى المرأة أو الرجل، فالحالة المجتمعية كلها فرضت تغييراً كاملا، ليس فقط لوضع المرأة وإنما وضع الرجل والمرأة، فالحدث أكبر من الاثنين سواء المجتمع أو الكرامة أو الحرية أو سائر القضايا الإنسانية .  الأحداث جاءت لتركز على القضايا الكبيرة وليس فقط القضايا الجانبية كقضية المرأة أو الرجل أو القضايا المعيشية الكبيرة التي ذابت داخل القضايا والهم الأكبر للأمة .  * د . فاطمة الصايغ:  لن نركز على قضايا الإعلام العربي والربيع العربي، ولكن فلننظر إلى قضايا المرأة والقضية الأكبر الأمية، فهناك عدد كبير من الدول العربية تعتبر دولاً متقدمة إلا أن الأمية تمثل فيها نسبة كبيرة مثل المملكة المغربية التي تمثل فيها الأمية بين النساء نسبة 40% .  ومع الربيع العربي اتضح تصاعد الجهل بالحقوق المدنية بالنسبة إلى المرأة، وقد قصرت وسائل الإعلام في هذا الجانب، وأيضا هناك قضية المرأة والوعي البيئي، هناك تقصير شديد من قبل وسائل الإعلام في تثقيف المرأة وزيادة وعيها البيئي .  هذه القضايا الثلاثة الأمية والحقوق والمدنية والوعي البيئي أراها أهم قضايا المرأة إلا أن الأمية هي العامل الأساس فبمجرد أن ثقفت المرأة استطاعت الوعي بكل حقوقها .  * د . عائشة النعيمي:  إضافة إلى الأمية التقليدية هناك الأمية الرقمية، وأتمنى أن نركز على تفاعل الإعلام مع مختلف القضايا، ومناقشة هل تحول الإعلام العربي في خطابه من مرحلة السبعينات والثمانينات حتى الآن، أم ما زال الحوار الإعلامي تقليدياً يركز على ما هو نمطي لدى المرأة؟  * د . علي الشعيبي:  لا أود تسطيح الأمور وكأننا نتحدث عن إعلام ومجتمع يفصل ما بين المرأة والرجل، بدا لي من حديث د . إبراهيم الحوسني وكأنما جميع القضايا قد تمت مناقشتها بشكل واضح وفاعل، إلا أني أعتقد أن الخطاب العربي لم يتغير كثيراً منذ الخمسينات حتى الآن، بل مازال خطاباً تقليدياً يتعامل مع المرأة والرجل وفقاً لقضية منع الحقوق وعدم إعطاء المتلقي حقه حتى في التعبير عن رأيه، وإن كان الربيع العربي خلال عام – ونحن نحتفل بالذكرى الأولى لإطلاق شرارته، ذكرى الحريق الذي التهم لحم بوعزيزي – انتقلت شرارته إلى جميع أنحاء الوطن العربي وخلقت ثورات عارمة بغض النظر عن اتفاقنا أو اختلافنا مع هذه الثورات، هذه الشرارة التي أطلقت الكامن في ذلك الكبت في المفهوم الخاص بالإعلام العربي الذي مارس علينا ومنذ الأربعينات من القرن الماضي نوعاً من تزييف الوعي وقدم صورة فيها الكثير من التدجين إما للرجل العربي أو المرأة العربية لأن هذا الإعلام هو انعكاس لحالة المجتمع على المستوى السياسي والاقتصادي والاجتماعي .  لقد عشنا حقبة عجيبة من تزييف الوعي عندما قُدم الإنسان العربي باعتباره تابعاً غير قادر على العطاء والإبداع وتجاهلنا قدراته، واليوم نرفع قبعاتنا عالياً لتوكل كرمان عندما وقفت في ذلك المشهد الأسطوري وهي تلقي خطبتها وتدافع عن كل امرأة وعن كل أم ثكلى، عن كل أرملة فقدت عزيزاً في المعركة، لم تتحدث كرمان عن اليمن ولكنها تحدثت عن الوطن العربي من الماء إلى الماء، من الخاصرة إلى الخاصرة، هناك كثير من المشكلات، وربما أن د . فاطمة الصايغ تطرقت إلى مشكلة قد تكون أساسية وهي قضية الأمية، ولكن المشكلة الأهم أن الإنسان في الوطن العربي لم يعد قادراً على انتزاع حقوقه بشكل فاعل ومؤثر، ما يحدث الآن هو بداية الزلزال .  * د . خالد الخاجة:  الإعلام في العالم العربي ينقسم إلى إعلاميين: إعلام نابع من الدول المحافظة والذي يستند إعلامها إلى نصوص، وإعلام يستند إلى الحريات ومعظم ما يقدمه تقليد للإعلام الغربي وهناك تحفظ على ذلك النوع من الإعلام .  وأرى أن الإعلاميين يصبون في النهج نفسه حول قضايا المرأة، حيث يتجاهل الإعلام العربي الكثير مما تقوم به المرأة، فهناك ظلم لما يعرض عن المرأة، حيث تقدم المرأة في أغلب الأوقات على أنها مسؤولية عن البيت والأسرة والأمور الاجتماعية، ويتم تجاهل دورها في المجتمع وهو دور بارز، فالمرأة قيادية واقتصادية وسياسية ماهرة، ولكن الإعلام العربي يقلص ذلك الدور .  * د . موزة غباش:  صحيح أن الإعلام وقضايا المرأة قديم متجدد، وتمت مناقشته من خلال الكثير من المؤسسات، وهناك عدد هائل من الأبحاث في ذلك الجانب، ومن الممكن الاستفادة منها خاصة في الإجابة عن سؤال: أين وصلت المرأة على خريطة العمل الثقافي والإعلامي بشكل عام؟  الجزئية التي أود التركيز عليها هي نغمة الحزن واليأس في تعليق د . علي الشعيبي وكأنه يحدثنا بصوت وروح ما قبل الثورات العربية، إلا أنني أعتقد أنه لدينا تحول حضاري، تاريخي، جغرافي، ثقافي وإنساني، لدينا حالة من الجدة والحداثة والنبض الجديد، لقد تم التغيير في أكبر مناطق الوطن العربي ديكتاتورية، لذلك علينا كمثقفين التغيير من لهجة التحليل لما يحدث . صحيح أن بعض بقايا الإعلام العربي لايزال ينظر للمرأة على أنها مجرد جسد وشكل، إلا أن هناك مجموعة من البرامج تناقش وتحلل وضع المرأة الجيد في المنطقة العربية، بالتأكيد بعد خمسين عاما من حالة التردي في المنطقة العربية خصوصاً في الأوضاع الخاصة بالنساء، تحولنا الآن لدخول مرحلة جديدة تتحدث عن امرأة من نوع جديد . وتعتبر دولة الإمارات مقياساً، فيها نوع من المؤشر لوضعية المرأة ومتابعة القوانين المدنية التي ترعى وتحمي المرأة وتضع لها حقوقها ووجباتها، الإمارات أصبحت نموذجاً للتغير رغم بطئه إلا أن هناك تحولاً ووعياً وعقداً جديداً وروحاً شبابية تعمل بجد .  لنطرح من خلال هذه الندوة سؤالاً مهماً، هل نحن راضون عن وضع المرأة في المنطقة العربية، فمجرد وصول توكل كرمان إلى هذه الدرجة السامية من الجغرافية العربية يعني أن المرأة العربية تستطيع أن تصل . . ووصلت، وخلاف توكل كرمان جميع النساء العربيات في حالة جهاد دائما منذ أكثر من أربعين عاماً في مجالات العمل المختلفة حتى وصلنا إلى أن أصبح صوتنا مسموعاً، ولكن هل نحن راضون عن وضع الأغلبية في المنطقة العربية؟  التحدي الذي يواجهنا الآن هو الفهم والعلاقة ما بين الواقع الحقيقي والاجتماعي للمرأة وصورة المرأة في الإعلام، وعلينا المقارنة بين هاتين المنطقتين، إلى جانب الإجابة عن سؤال: هل نحن راضون أم لا؟  * د . عائشة النعيمي:  أعتقد في ما يتعلق بصورة المرأة وواقعها أننا يجب أن ندخل لمتغير آخر وهو اختلاف أدوات الإعلام نفسها، فهل يمكن الحديث عن إعلام خارج النص، حيث يتجه الفرد العادي أو المرأة بذاتها إلى معطيات جديدة؟ وهل هناك دلالة بذلك الموضوع لكون توكل كرمان وهي بالأساس صحافية وكاتبة ورئيسة منظمة صحفيين بلا قيود، وبثينة كامل المرشحة للرئاسة في مصر وهي إعلامية ومقدمة برامج؟  * د . سعاد المرزوقي:  عندما نتحدث عن قضايا المرأة في الإعلام، نلاحظ أن الإعلام يوجه رسالته إلى 70% أو أكثر لفئة من النساء السطحيات، وبالتالي بدلاً من أن يوجه النساء للاهتمام بقضاياهم المدنية، نجده لا يطرح موضوعاته للمرأة كعقلية ولكنه يعزز وجود المرأة السطحية، وأيضاً نجد أن الإعلام دخل في قضايا العنصرية فنجد أن هناك نظرة عنصرية وندية لدى المرأة تجاه الرجل، وأرى تلك الصورة من الناحية النفسية، فمعظم البرامج سواء في الإعلام المرئي أو المقروء، توجه للمرأة السطحية، وصفحات قليلة تخاطب المرأة وتطرح قضايا المرأة المدنية، وحتى في القضايا الاجتماعية أو النفسية نجدها تُطرح من قبل أشخاص ليس لهم صلة بتلك القضايا وليسوا متخصصين، وبالتالي يلجأون إلى التركيز على عقلية المرأة بتركيزها على جسدها ومحافظاتها على زوجها، وأرى أن على المرأة دوراً كبيراً في تغيير تلك الصورة ونلاحظها في بعض الأحيان في البرامج المباشرة حيث نجد الكثير من النساء يناقشن حقوقهن بسطحية .  هناك مشكلة حقيقية أقابلها في تدريسي الجامعي عندما أسأل طالباتي هل قرأتن الجريدة؟ أجد أن أغلبهن أو كلهن لم يقرأن الجريدة وهذه مأساة، هناك تكنولوجيا أخرى دخلت في القضايا منها (التويتر والفيس بوك وغيرها) وبدأوا يروجون فيها موضوعات قد تكون مطروحة بشكل يحتاج إلى أن تتناولها المرأة ولكنها تناقش كإشاعة تعالج بشكل سطحي تحجم عقلية المرأة .  كذلك نجد أن معظم العاملين في الإعلام غير متخصصين ويطرحون القضايا بشكل وجهات نظر شخصة، وبالتالي لابد أن يكون التفاعل من جانبين، أن يكون للمرأة دور وللإعلام دور .  * د . عائشة النعيمي:  هناك سؤال مهم: هل يمكن التعميم في قضايا المرأة العربية؟ هل ما يطرح في مجتمع محافظ أو تقليدي هو ذاته يشكل سؤالاً أو قضية في مجتمع قطع شوطاً في مسألة الحقوق المدنية، وبالتالي إذا افترضنا تعميم ذلك، فهل ممكن التعميم في الخطاب الإعلامي، أم أنه يفترض أن يكون هناك علاقة بين الواقع وهذا الخطاب؟  * صالحة غابش:  أود التأكيد على ما قالته د . سعاد المرزوقي، فيمن يقوم بالإعداد والتقديم لبرامج المرأة في الإعلام سواء المرئي أو المقروء أو المسموع؟ الاختصاص ضروري، هناك طرح سطحي لكثير من قضايا المرأة، وجد إعلامي ليس له أية علاقة بالقضايا الاجتماعية المتعلقة بالحياة الأسرية وحياة المرأة في المجتمع يقدم برنامجاً بشكل فيه كثير من التبسيط والاستسهال للقضية، وأرى أنه يجب مثلما هناك متخصصون في السياسة والاقتصاد، لابد أن يكون هناك متخصصون في قضايا المرأة والطفل، وإن لم يكن لابد لهم من التعاون مع مؤسسات متخصصة لديها مستشارون وأبحاث وقضايا وتجارب واحتكاك مع المجتمع ما يفيد بشكل ممنهج وأكثر علمية فيستقون المادة الإعلامية منهم .  هناك نقطة أخرى، من الملاحظات التي لاحظتها وأنا أتابع الثورة في مصر مثلا وجود قنوات منشغلة تماماً بنقل الواقع الذي يحدث وتفاصيل الثورة، وقناة أخرى تقطع المتابعة ببرنامج (موضة) غاية في السطحية وبشكل مزعج، وكأنه يغرد خارج السرب .  * د . آمنة خليفة:  شكرا لدعوة الخليج الكريمة، عندما نتحدث عن الإعلام العربي وقضايا المرأة يتبادر إلى ذهني سؤال، لماذا نسأل عن مدى تفاعل الإعلام مع قضايا المرأة، هل لذلك علاقة مع مسألة التنمية الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والثقافية؟ التنمية الشاملة والمستدامة، أجد أن دار الخليج يشغلها مدى تفاعل الإعلام العربي مع قضايا المرأة وفي هذا الإطار أطرح أربعة نقاط رئيسة .  لا نستطيع أن ننكر أن هناك تحولاً قد حدث على مستوى العالم العربي، ولكننا يجب أن نكون على وعي تام، بأن هذا التحول الذي حدث هو تحول متفاوت ما بين دولة عربية وأخرى، وهذا التفاوت تدريجي لاعتبارات كثيرة، النقطة الثانية علينا أن ندرك أن هناك خطوات اتخذت على مستوى الدول، وقرار سياسي على مستوى الوطن العربي، فهناك دول أكثر تسارعاً وأخرى تسير ببطء حول القضايا المتعلقة بالمرأة، ومع هذا التحول وهذه الخطوات التي اتخذت نجد أن نوعية القضايا المطروحة على مستوى الوطن العربي وعلى مستوى دول الخليج متفاوتاً تماماً، وقد كنت في ندوة لمؤسسة دبي للمرأة حول حجم مشاركة المرأة في مجالس الإدارات سواء الاتحادية أو المحلية أو على مستوى المؤسسات شبه الحكومية، وهل مشاركتها في عضوية مجالس الإدارات يدفع في الاتجاه العميق للتركيز على بعض القضايا سواء كانت اجتماعية أو سياسية أو اقتصادية؟ وُجِد من خلال دراسة أعدت لذلك، أن مشاركة المرأة في تلك المجالس محدودة جداً لا تتجاوز أكثر من 1% تقريباً، وبالذات أن مجالس الإدارات يصنع فيها القرار، ثم يتخذ .  * عائشة النعيمي:  ما موقع المرأة العربية في ضوء التحولات التي يشهدها الإعلام، والتفاعل الذي ممكن أن نتناوله بشكل أساسي، هل يمكن أن يمثل هذا التحول فضاءً أكثر رحابة بالنسبة إلى الإعلام الموجه للمرأة؟ فالإعلام متهم بأنه سطحي في تناوله لقضايا المرأة وطرحه لها .  * فضيلة المعيني:  كلما نتحدث عن الإعلام نؤكد أنه انعكاس للواقع وللحالة العامة، وما نلاحظه اليوم أن الإعلام هو رد فعل لفعل معين، لم يعد الإعلام صانعاً، بل الإعلام يهتم بمن يبدأ .  عن واقعنا في الإمارات أرى أن الاهتمام بقضايا المرأة بحاجة إلى قرار سيادي اجتماعي يعنى بجوانب عدة بالمرأة أهمها الاهتمام الإعلامي بقضاياها .  الواقع أنه رغم تعدد القنوات الفضائية، نجد أن المرأة موجودة فقط كاسم في الدورة البرامجية، ولكن أي امرأة؟ هم يذهبون لدول عربية معينة ويتناسون المرأة الإماراتية، وفي النهاية يخرج برنامج مفرغ من قضايا المرأة . وهذه معضلة فالإعلام المرئي أكثر تأثيراً .  وبالنسبة إلى الإعلام العربي رغم أن هناك تحولاً واختلافاً عن ما سبق، إلا أننا نجد انه رغم وجود دول تهتم بفكر المرأة إلا أنه في المقابل تخرج فضائيات تهتم بجسد المرأة بشكل لافت ومخجل .  وعن الواقع المحلي، نجد أن المرأة في الإمارات رغم حظوظها سواء في البرلمان أو الحكومة، إلا أنه يتم تناولها بشكل عام، فحال المرأة ليس بتلك الصورة الوردية التي نراها، هناك قضايا في الأحوال الشخصية، لا يوجد اهتمام إعلامي بها، لذا، سيظل دور الإعلام قاصراً، وعلينا أن نبدأ من القاع لنصل إلى القمة، ونبقى بحاجة إلى قرارات لتفعيل هذا الدور .  * شيخة الجابري:  أشكر الخليج لدعوتها في هذه الندوة المهمة، الحديث عن الإعلام والمرأة وقضايا المرأة حديث شاسع، وإذا أجرينا قراءة أو مراجعة لصورة المرأة في الإعلام منذ عشرة سنوات إلى اليوم سنجد أن هناك تحولاً إعلامياً وتكنولوجياً وطفرة شكلية وليست ضمنية في ما يتعلق بموضوع المرأة .  نلاحظ أن المرأة دائماً ما تستخدم كوسيلة ترويجية في الوسائل الإعلامية، وحتى البرامج التي نأمل بأن تكون مخصصة للمرأة نراها تطرح قضايا سطحية وتدخل في أمور تناقض العمق الحقيقي لقضية المرأة والأسرة . هناك شطط في إيصال الصورة الحقيقية للمرأة، ويظهر ذلك جلياً في الفترة الحالية في خضم الثورات العربية نجد فضائيات تظهر المرأة كبطلة، وفضائيات أخرى تظهرها كراقصة، لا توجد مناطق وسط نستطيع من خلالها أن نقرأ المرأة بشكلها الحقيقي وملامحها وقضيتها وعقليتها .  على مستوى إعلامنا المحلي لا نشعر بحضور المرأة إعلامياً إلا في المناسبات الوطنية فقط، تلهث وسائل الإعلام خلف الأسماء النسائية لمجرد إجراء لقاء سريع، ونشعر أحيانا رغم ما أنجزناه للوطن بأننا نستخدم فقط لمجرد سد فراغ في مناسبة بعينها، نطمح إلى أن تكون المرأة حاضرة دائمة، خاصة أن المرأة الإماراتية حققت إنجازات كثيرة يتحدث عنها العالم، ولكن بكل أسف إعلامنا لا يترجم هذا الواقع إلى رسالة إعلامية ناضجة ومحترمة، ولكن فقط يقدم صورة لامرأة تقدم فن الاتيكيت والعلاقات العامة .  لدى المرأة الإماراتية إرث ثقافي وحضاري وإنساني، وفي تراثنا نماذج مشرفة نستطيع تقديمها وتملأ كل الفضائيات العربية .  * د . عائشة النعيمي:  يجب ألا ننسى التحول الحاصل في بنية الإعلام الإماراتي، فالإعلام لدينا بدأ اتحادياً ثم انتقل إلى الإعلام المحلي وحالياً في طور خصخصة الإعلام، أي ستدير المؤسسة الإعلامية شركات خاصة مع احتكار الملكية للحكومة، وهذا يمثل ازدواجية كبيرة .  وبالتالي السؤال الأهم: من نتهم عندما نتحدث عن الإعلام؟ من نوجه إليه خطاب الإعلام، هل نتحدث عمن يملك هذا الإعلام، أم من يدير، أم أطراف يمتلكون رؤوس أموال ثم يضخونها في وسائل الإعلام وينتزعون الربحية باعتبارها مؤشر بالدرجة الأولى؟ هذا ما نود البحث فيه .  ذكرت فضيلة المعيني أن تغيير الخطاب الإعلامي تجاه المرأة بحاجة إلى قرار سيادي وأنا أرى في ذلك تصعيداً كبيراً .  في الإعلام عندما نتحدث عن التحول الحقيقي في ظل وجود وسائط إعلامية متعددة فلابد أن يكون التحول في المضمون، والمنافسة على المضمون الإعلامي وقدرة كل فضائية على الجذب، فهناك من يعتقد أن المرأة مجرد جسد ومن يجدها فكر وإبداع، هذا يحتاج منا إلى تفكيك في علاقة الإعلام بقضايا المرأة وكيفية تفاعلها .  * أمل النعيمي:  أود التعليق على دور المرأة خلال العام 2011 الذي اعتبر قرن المرأة، فكثافة الأحداث المرتبطة بها من شهداء وموتى وجرحى ودماء وثكلى كثيرة .  حازت تونس على تميز الربيع العربي، ولهثت مختلف وسائل الإعلام وراء الأحداث في كل البقاع، ورغم أن المرأة كانت حاضرة وبقوة في ميدان التحرير في مصر، إلا أن الحراك السياسي لم يعط فرصة للشباب للتحرش بالمرأة، وهذا يدل على أن الشعوب عندما تنضج وتقوى تتأكد لديها النظرة المستقبلية وتخرج طاقاتها الإنسانية، وتمارس الحراك الحقيقي الذي تذوب فيه الشخصنة فلا يكون هناك رجل أو امرأة ولكن تكون هناك حالة مجتمع .  * د . موزة غباش:  هناك خلاف بيننا على نوعية القضايا، فكل منا يهتم بنوع ويختلف مع الآخر على النوع، رغم أن الرقص الشرقي هو فن حضاري، سواء قبلنا به أو لم نقبل به فهو فن، إلا أننا إذا تناولنا الموضوع بنظرة دينية فلابد أن يكون طرحنا على سبيل المثال قضية الإعلام العربي وقضايا المرأة بين الموروث والدين، ونكون قد تناولنا المحاور بإطار نظري لا بأس به .  منذ أسبوع كان هناك برنامج إعلامي يطرح قضايا جادة وتغطي المستوى العربي بشكل عام، وكانت الحلقة تتناول موضوع المرأة بين الشرع والموروث الثقافي والتراث، وهذه هي القضية الأساسية التي لم نستطع التخلص منها حتى اليوم، كلما تقدمت المرأة خطوة للأمام يعود بها الموروث ثلاث خطوات للخلف، منذ ازدهار دولة الإمارات عندما خرجنا نحن الجيل الأول لم نكن ننادي إلا بموضوع تعليم المرأة وكان مرفوضاً وقتها، وبعدها بعشر سنوات طالبنا بعمل المرأة، ثم عشر سنوات أخرى طالبنا بوجود المرأة في الإعلام، وعشر سنوات أخرى طالبنا بالمرأة والمشاركة السياسية، واليوم يعود بنا الموروث الشعبي العربي إلى البدايات، وقد أثار انتباهي هذا البرنامج لذلك، وقد كنت قمت ببحث أنا وشيخة الجابري عن دلائل إرجاع الموروث للمرأة إلى الوراء دائماً .  إذاً، عندما نتحدث عن قضايا المرأة، لابد أولاً أن نحدد أية قضايا، المشاركة السياسية وصلت المرأة لها، فما هو الإطار الأصغر الذي نود تناوله، عن نفسي متحيزة للحديث عن قضايا المرأة الإماراتية .  * د . عائشة النعيمي:  في ما يتعلق بالموروث، أعتقد أن الإعلام إذا بحث في جزئية التمكين السياسي للمرأة ما بين التطبيق الشكلي من قبل الحكومات ومسألة قناعة البنى الاجتماعية بهذا التمكين، الدلالة تبرز في النتائج التي حصلت عليها المرأة في الإمارات مثلا على مدى دورتين، وفي البحرين والكويت بالنسبة إلى ترشح المرأة في البرلمان، نجد أن المرأة في المجتمع تفشل في أن تجتاز اختبار البنى التقليدية الاجتماعية، في حين أنه على المستوى الرسمي يتم تمكينها في شكل فيه نوع من الإنجاز وهذه هي المفارقة .  وأرى أن الإعلام نأى بنفسه بعيداً عن البحث في تلك الجزئية وأنه لو تطرق إليها كان من الممكن أن يتناول الكثير من القضايا، إلا أنها بمنزلة تابو من الموروث الاجتماعي والشعبي .  * د . علي الشعيبي:  على مستوى تفكيك العنوان الإعلام العربي حيث نتحدث عن العالم العربي وكل وسائل الإعلام وقضايا المرأة فكأننا نتحدث عن محيط متراكم من القضايا والمشكلات، أتفق مع د . موزة على ضرورة التحديد لأن القضايا كثيرة ومتشعبة .  بالإشارة إلى حديث الأخت فضيلة عن موضوع القرار السيادي، في الإعلام في عملية ترتيب الأولويات نجد أن الإعلام العربي أسهم في ترتيب أولوياتنا في ما نرى ونشاهد ونعقل، لقد وجهنا الإعلام العربي بعموميته نحو أمور معينة لاسيما في كيف نرى المرأة، وكيف تظهر، وكيف يجب أن تظهر بدءاً من المسرح وصولاً للسينما والتلفزيون والإعلان، وفي كل تلك الفضائيات المتعددة .  * د . إبراهيم الحوسني:  قضية التواصل بين الإعلام الموجود التقليدي والإعلام الجديد (مواقع التواصل الاجتماعي) هي قضية بحاجة للمناقشة، وأجد أن هذا الإعلام هو الجانب الجديد في الإعلام والمهم الحديث عنه، هناك كثير من النساء وجدوا أنفسهم داخل هذا الإعلام من خلال خلق مواقع ومدونات خاصة بهم لسعته ورحابته بالنسبة إليهن .  قضية المرأة هي تلك الحدود التي يضعونها لها، حتى عند استضافتها في الندوات يوضع لها إطار إيجابي للحديث عنه، وذلك ينطبق على المرئي والمسموع والمكتوب من وسائل الإعلام التقليدية هناك خط للمرأة لا يجب أن تتخطاه . وهذا ينطبق على الإعلام بشكل عام، هناك أحداث جلل، والإعلام يركز على أحداث ضعيفة .  السؤال، هل هناك تحقيق صحفي حقيقي موجود حالياً يتناول أي قضية حقيقية، ما يحدث في وسائل الإعلام العربية كافة أن الموضوعات تصاغ بوجهة نظر (العلاقات العامة) ولا يتم تناولها تناولاً صحفياً جاداً وموضوعياً .  * د . خالد الخاجة:  بالنسبة إلى الإعلام المحلي وتناوله لقضايا المرأة، أرى أن الإعلام المحلي لا يقوم بدوره الأساسي المفروض له القيام به سواء التعليم والتربية والتوجيه، بل قام الإعلام بالتوجه إلى احتياجات المجتمع فأصبح إعلاماً تجارياً، يبحث عن ماذا يريد القارئ من الإعلام، يبحث عن مغريات المرأة .  * د . آمنة خليفة:  بشكل عام الندوة تتحدث عن الإعلام العربي وقضايا المرأة، لذا كنت آمل وجود ممثلين لمختلف وسائل الإعلام سواء المقروءة أو المرئية، حتى نستطيع تفعيل أي فكرة أو اقتراح نتداوله .  * د . عائشة النعيمي:  في الوقت الحالي، لا يملك الإعلامي أو الكاتب تحديد أجندة ما ينشر في الصحافة، فعندما نتكلم عن الإعلام المحلي وقضايا المرأة، هل هناك استراتيجية إعلامية واضحة في هذه المسائل؟ هل هناك ربط بين المشروع التنموي أو استراتيجيات التنمية وبين وجود المرأة، وما القضايا الأساسية التي يكون فيها تداخل؟ وما هي القضايا التي بحاجة إلى تفعيل؟  القضايا مركبة، وقد ذكرت في البداية أن هناك إعلاماً حكومياً وإعلاماً خاصاً وإعلام مواطن عادي، وأن التحول الحقيقي الذي حدث في الإعلام قد حدث في الأدوات والوظائف والمضمون، لذا يجب أن نضع هذا التحول نصب أعيننا ونرى أين موقع المرأة وسط هذه التحولات . وهذا يحيلنا للمحور الثاني: كيف يمكن لوسائل الإعلام أن تصل إلى طرح نوعي لقضايا المرأة يتسق مع واقعها المعاش؟ ما المعايير، وما معايير تغييب بعض القضايا؟  * د . فاطمة الصايغ:  في معظم الدول العربية نجد أن الإعلام العربي مسيّس، ولم تكن هناك استراتيجية إعلامية واضحة، ولكن المصالح هي من يحرك الإعلام، وفي ما يخص الإعلام الإماراتي، فمنذ بداية الخصخصة أصبح الإعلام وبرامج المرأة بعيدين عن الواقع المحلي، وحتى القضايا التي تطرح ليس لها علاقة بالواقع المحلي، قضايا مثل التجميل والمكياج، وأصبحنا نطلق عليه (لبننة الإعلام) وحتى استراتيجينا الإعلامية أصبحت استراتيجية الإعلام اللبناني، وليس لها علاقة بواقعنا ومجتمعنا .  وبالتالي، لا يمكن لوسائل الإعلام المحلية أن تطرح قضايا المرأة وواقعها، إذا لم يكن هناك نوع من الاهتمام بالقضايا المحلية، وأن تكون هناك رؤية حقيقية لواقعنا بعيداً عن البعد التجاري .  * د . علي الشعيبي:  اتساقاً مع ما طرح، أود أن أطرح حقيقة مهمة جداً، تحدثنا عن الإعلام الحكومي والإعلامي الخاص، المشكلة الحقيقية عندما وقع الإعلام الحكومي ضحية للخصخصة، وتحول إلى شركات، وهيمنت قوة الإعلان على الإعلام، سقط الإعلام وسقطت فكرة المسؤولية المجتمعية، أين المسؤولية الاجتماعية في برنامج يبحث عن نجم للغناء؟ أين المسؤولية الاجتماعية عندما تدرب المرأة في الإمارات من خلال برنامج تلفزيوني على أمور ليست مرتبطة بواقعنا المحلي (الاتيكيت – الراقصات . . . وغيرها) .  أطالب، بإعادة حرمة الإعلام الإماراتي والمسؤولية المجتمعية، ولا يمكن إذا كنا نعتبر الإذاعة صورة للمجتمع الإماراتي، أن نسلم هذه الصورة بكل مقوماتها وفكرها لمذيعة لا تجيد اللهجة الإماراتية، ناهيك عن طريقة أدائها، إضافة إلى ما تطرحه من موضوعات لا ترتبط بواقعنا، إلى جانب الترويج لأشخاص من المجالات كافة لا يرتبطون بالمجتمع أو الوطن بأي حال .  طرحت قضية الكفاءات الإعلامية، من الصعب جداً بعد 40 عاماً من نشأة الدولة، وبعد أن كابدنا وعانينا في جامعة الإمارات لنخرج جيلاً نفتخر به من أبناء الدولة الإعلاميين المواطنين، نجد أن الإعلام مستلب بالكامل، وسقوطه مريع في يد غير المواطنين، وكثيرا ما قلت هذه العبارة أتحدى بطلابي الإماراتيين . . فهم كوادر فاعلة ومؤثرة، لو استعرضنا قوائم العاملين في الإعلام الإماراتي من الأخوة العرب سنجدهم الأقل كفاءة وقدرة على العطاء، وفي الوقت نفسه نستنكف من تعيين المواطن الإماراتي في سدة العمل الإعلامي فهم مجرد واجهة، من المهم أن يلتقط الإعلامي المواطن الميكرفون وأن يكون خلف وأمام الكاميرا وأن يكون أول من يسمع القرار الإعلامي، لا أريد 4 أو 5 مديرين في الصحف أو التلفزيون أو الإذاعة ونقول لدينا مواطنون، الأرقام مثيرة والإحصاءات ربما تثير شهية الباحث للبحث عن أين الإعلامي المواطن، مع هذه الآلاف من الخريجين في كليات الإعلام .  * د . سعاد المرزوقي:  الإعلام أصبح يقتدي بالقدوة، وهي البرامج الأمريكية، عندما نشاهد البرامج الحالية نجدها كلها مترجمة من البرامج الأمريكية إلى اللغة العربية، نطرح في الندوات قضايا مرتبطة بالمرأة مثل العنف ضد المرأة والطفل، الخيانات . . . . وهي قضايا مهم للمرأة، تتبناها وسائل الإعلام لفترة وتكون هناك كثافة إعلامية في تناولها، وبعدها يتم تناسي الموضوع ليدخلوا في قضية أخرى وبرامج جديدة .  أجد أن أكثر البرامج متابعة في التلفزيونات المحلية، برامج تفسير الأحلام، وعن نفسي كمحللة نفسية أجد مثل هذه البرامج خطرة على المجتمع، فأحياناً من يفسر الحلم يؤذي المتصل خاصة إذا كان يعاني اضطراباً نفسياً . ما يحدث هو تسطيح لعقلية المرأة، وكأن المرأة همها الوحيد هو كيفية تفسير الحلم، وغالبا ما يكون الحلم مرتبطاً بالرجل، وبالتالي يخلق ندية وعنصرية بين المرأة والرجل .  * د . عائشة النعيمي:  اتفق مع د . موزة غباش في ضرورة وأهمية التعميم، إلا أن هناك قضايا تمثل قاسماً مشتركاً لدى المرأة العربية مثل التمييز ضد المرأة بشكل متفاوت، والدين والمرأة بشكل متفاوت، والعنف ضد المرأة . . . قائمة القضايا كثيرة، فكيف نقرأ طرح الإعلام العربي لها؟ وهل يمكن أن يغير الإعلام الجديد وشبكات التواصل الاجتماعي قائمة هذه القضايا التقليدية، وأن يؤدي دوراً في كتابة أجندة جديدة لعلاقة الإعلام بالمرأة في العالم العربي؟  * د . موزة غباش:  للرد على المحور الاجتماعي، عندي محاولة بسيطة، وهي وضع مشهد اجتماعي وخريطة للنساء، قراءة للواقع الاجتماعي الموجود والإعلام، هذه المحاولة تقول إن لدينا ثلاث شرائح من النساء في دولة النساء ذ من وجهة نظري ذ الشريحة الأولى، نساء من الطبقة المخملية ذوات الدخل المرتفع ومن العائلات الكبيرة، قضاياهم في الإعلام مادية ومظهرية تتركز في أغلبها في (الحقيبة ذ الشيلة ذ العباءة ذ والسفر . . .) وهن من احتك به غالبا، يظهرون في الأفراح بشكل مغالى فيه وحتى في الأحزان . الشريحة الثانية، النساء ذوي الدخل المحدود، أي نحن الطبقة التي تعمل في الوزارات والجامعات، ومنا المثقفات اللاتي يتبنين قضايا اجتماعية واقعية ومدنية وحقوقية وسياسيات وناشطات وإعلاميات، ولكن تأثيرنا في الإعلام ضعيف، وأغلبيتنا لا يتبوأن مناصب قيادية أو إدارية . لا توجد امرأة إماراتية تتبوأ منصباً في موقع قرار في وسيلة إعلامية وقضايانا كثيرة أهمها القروض البنكية . الشريحة الثالثة، هن النساء الفقيرات، قضيتهم العوز ويتنقلن معظم اليوم بين الجمعيات الخيرية أو من خلال عرض مشكلاتهم عبر البث المباشر أو في الصحف، وفي أغلب الأحيان يظهر من يتبنى حاجاتهم، أي يعيشون على المصادفة في حل قضاياهم .  * صالحة غابش:  الهدف العام الحالي لوسائل الإعلام في أغلبه تجاري، وبما أن الهدف التجاري هو السائد وهو الذي يستقطب شكل البرامج أو ما يقدم من موضوعات، وبما أن هذا الهدف لا يزال قائماً، ومازالت هناك تجارة وراء الإعلام، فمعنى ذلك أننا إذا انتظرنا التغيير، سننتظر مدة طويلة حتى ينظر إلى قضايانا بشكل جاد .  مادامت التجارة موجودة، فسنرى المذيعة ذات الغنج، وسنرى نوعية المسلسلات نفسها سواء العربية أو التركية أو المكسيكية التي يكون فيها التركيز على العلاقة بين المرأة والرجل ونستضيفهم في مجتمع الإمارات كنماذج من الأمثلة التي تقدم للمرأة أو الفتاة، وبهذا نثير الحلم لدى الفتاة الإماراتية في أن تكون ذات يوم مثل بطلة ما في مسلسل تركي أو مكسيكي .  وطالما هذا النمط موجود، ستوجد أيضاً تلك البرامج المبهرة التي تعتمد على النجومية بغض النظر عن توجه هذا النجم، وهل هو يقدم ثقافة وعلماً معيناً، أو أنه يكتفي فقط بالسطح ولا يدخل إلى العمق؟  البرامج الخدمية قليلة جدا، ومعتمدة إما على رؤية سطحية، أو على تنفيذ طلبات مثل قضايا البث المباشر والتي نادراً ما نجد فيها شكوى مجتمعية عامة، وتعتمد فقط على القضايا الشخصية فقط .  سؤالي لنا كمجموعة من الإعلاميين والمثقفين والأكاديميين، ما الدور الذي يمكن أن نقوم به بعد تناولنا لكل هذه القضايا؟ هل يقف دورنا على تناول القضايا، أم يكون لنا دور عملي في التغيير؟  * د . عائشة النعيمي:  تذكرت ونحن نتحدث عن نمطية الإعلام التقليدي في عكس صورة المرأة، حملة على (التويتر) قام بها مجموعة من الشباب الإماراتي بدأوها بفكرة (حتى نكسر التابو) ما هو اسم الوالدة، فيذكرون اسم والدتهم بالكامل ويتبادلون الحوار في هذه المسألة، منهم شباب انسحب ومنهم من تواصل . ما أود قوله أن هناك خطاباً موازياً للخطاب الذي نتداوله، وإن هناك حواراً بين جيلين في منتهي الأهمية والجرأة وعدم التقليدية ومستمراً بشكل كبير، وقد وصلت إحدى المجموعات في (التويتر) إلى 81 ألف من المتابعين، وهذا ما يجب الانتباه له، وإذا تحدثنا عن تغيير الأجندات، سواء في التلفزيون أو الصحافة قد يحدث في مكان آخر، وبشكل كبير .  * شيخة الجابري:  أرى أننا حتى الآن لم نصل إلى عمق القضية المطروحة، حتى أننا لم نحدد ما هي قضية المرأة التي نبحث عن إعلام يترجمها، وهل المرأة على وعي بهذه القضية أم لا؟  في تصوري أنه ليس فقط الإعلام العربي، ولكن الإعلام الإماراتي، لم يصل إلى تحديد ما هي أهم قضايا المرأة، فالمرأة بحد ذاتها قضية سواء أكانت عربية أم إماراتية، ونقل هذه القضية عبر الشاشات وتقديمها بطريقة مقبولة اجتماعياً ويتابعها المشاهد، يمثل إشكالية، واذكر أنني كتبت ذات يوم مقالاً قلت فيه إذا كانت السلطة ستحمي إرثي وقيمي وموروثي الأخلاقي فليعد الإعلام رسمياً، لماذا يوضع الإعلام تحت لواء شركات وترويج وغير ذلك، لأن للشركات الخاصة أجندتها، وبالذات إذا لم تكن معنية، وإن كنا نطالب بعودة الإعلام تحت عباءة السلطة فذلك لحمايتنا، وحماية الجيل والمجتمع وحتى لا يكون مفروضاً إلى هذه الدرجة في الانعزال عن المجتمع .  وعن مواقع التواصل الاجتماعي، فهي وإن كانت تخلق نوعاً من الثقافة فهي ثقافة بين جيل محدد ولا تخاطب كل الأجيال، ولكن ما نراه على الشاشة يخاطب كل الأجيال، ونجاح برنامج يعتمد على الترويج، والإعلام اليوم في رسالته ينتقي من التراث ما يناسبه، ولكن التراث حمى المرأة واحترمها . ما أود قوله إنه توجد أرضية خصبة للإعلام إذا أراد طرح قضية المرأة، فهناك مشكلات أسرية واجتماعية، ولكن من يمكنه أن يتخذ القرار ويخترق المجتمع ويعالج بعمق، ما دمنا في مسألة الترويج والبحث عن المال، وعن نموذج مشوه للمرأة لن نصل إلى شيء .  * د . عائشة النعيمي:  الإعلام يصنع الأشخاص والقضايا، فإلى أي مدى تسهم حرية الإعلام والمساحة المتاحة في صناعة السياسي والمثقف المختلف عن السائد، هل هذه التعددية مسموح بها في نموذج المرأة الذي يطرح، أم أن النموذج السائد والمصدر هو دخول المرأة في سدة الساسية والتمكين الذي يمثل إنجازاً كبيراً، أم نبحث عن نموذج المرأة الذي تناولته دكتورة موزة؟ مسألة الانتقائية في الإعلام وارتباطها بعدم وجود حريات تلعب دوراً في عملية تنميط صورة المرأة .  * د . آمنة خليفة:  أتفق في أن وسائلنا الإعلامية على مستوى دولة الإمارات، أغلبيتها، تدار بالخصخصة ولابد أن تكون الرؤيا واضحة . لدينا خطة استراتيجية وطنية على مستوى دولة الإمارات حتى 2020 وهي خطة شاملة ومتنوعة وفيها جزء خاص بالإعلام، وأتساءل هل هناك ربط ووعي بين ما هو موجود في الخطة الاستراتيجية وبين ما يترجم على أرض الواقع؟  النقطة الثانية، كيف يمكن لوسائل الإعلام الوصول لقضايا المرأة، أقول إذا ما اتيحت للمرأة الفرصة في مختلف وسائل الإعلام لطرح قضاياها الحقيقية والتي تؤدي إلى نقلة نوعية في واقعها، حتى لو كانت امرأة الطبقة المخملية – أتصور أنه لن يصل المرأة إلا ما يطرح، ولكن إذا كانت هناك برامج تقودها المرأة وتعبر بشكل حقيقي عن قضاياها المختلفة، في تصوري، أن الصورة ستكون مختلفة، لأن من يقود البرامج التي ستقدم من خلال وسائل الإعلام سيكون منتمياً للبيئة وعلى دراية بحقيقة الواقع الاجتماعي الاقتصادي والثقافي، ويمتلك رؤية وتطلعات مستقبلية لما يريده لتطوير وتحسين قضايا المرأة .  هناك تجربة رائدة انتهجتها إذاعة وتلفزيون الشارقة (مؤسسة الشارقة للإعلام) حيث أتاحت للمرأة المواطنة فرصة لتقديم برامج متعلقة بقضايا الأسرة والمرأة ويدار هذا البرنامج من خلال المرأة المواطنة، وكان لي شرف المشاركة في هذا البرنامج مع الدكتورة أمينة المرزوقي والأستاذة شيخة الجابري، وأجرينا حصراً لأعداد المتابعين لهذا البرنامج من رجال وسيدات، فوجدنا نسبة عالية من المتابعة، وبدلاً من أن يكون للبرنامج دورة واحدة طلب منا أن يكون لدورتين، ولكني لا أدري لما توقف هذا البرنامج؟  * فضيلة المعيني:  من المهم أن نعرف من يدير المؤسسة الإعلامية، وما هو الفكر الذي يديرها، المؤسسة الإعلامية حالها حال سائر المؤسسات، إذا لم ترغب المؤسسة بالتوطين لن يكون فيها مواطنون . نفس الشيء بالنسبة للإعلام، إذا تابعنا إعلامنا المقروء نجده إعلاماً ناقلاً للخبر والعلاقات العامة، وأما الإعلام المرئي فهو للترفيه وليس التثقيف والتعليم .  إذا تناولنا الحريات، أحيانا نقول لا توجد حرية إعلامية، ولكني أؤكد أن سقف الحرية الإعلامية مرتفع جدا، ولكن إدارات المؤسسات الإعلامية هم من يقلل ويضعف سقف الحرية المتاحة، وأؤكد أنه بالرغم من الخصخصة إلا أننا نجد مساحات كبيرة من صفحات الصحف مازالت واقعة تحت أسر الإعلام الرسمي، ولا أعتقد أن القيادة السياسة ترغب في هذا الوجود الكبير والمستمر، ولكن فكر من يدير المؤسسة هو ما يفعل ذلك، يصور لها فكرها أنها كلما وسعت مساحة الخبر الرسمي ازداد تقرباً من أصحاب القرار واستمرارية في الكرسي، وهذا ليس صحيحاً .

  * د . عائشة النعيمي:  ننتقل إلى المحور الثالث، نتناول ما هو المطلوب لسيناريو المستقبل، كيف يمكننا الحديث عن دور إعلامي جديد تجاه قضايا المرأة في ظل كل هذه التحولات، وهذا الكم من الفهم لقضايا مجتمعاتنا العربية أو حتى مجتمعنا في دولة الإمارات؟ 

المشاركون في الندوة 

 

* د . عائشة النعيمي  – أستاذة الإعلام في كلية الاتصال جامعة الإمارات  * د . موزة غباش  – رئيسة رواق عوشة بنت حسين الثقافي  * د . فاطمة الصايغ  – أستاذة التاريخ ومجتمع الإمارات في جامعة الإمارات  * د . آمنة خليفة  – أستاذة جامعية، عضو مجلس إدارة غرفة تجارة وصناعة عجمان  * د . علي الشعيبي  – أستاذ الإعلام في جامعة عجمان  * د . إبراهيم الحوسني  – مستشار وأستاذ جامعي  * د . خالد الخاجة  – عميد كلية المعلومات والإعلام والعلوم الإنسانية في جامعة عجمان  * د . سعاد المرزوقي  – أستاذة جامعية ذ الإمارات  * صالحة غابش  – مستشار ثقافي بالمجلس الأعلى للأسرة  * شيخة الجابري  – إعلامية  * فضيلة المعيني  – إعلامية ذ جريدة البيان  * أمل النعيمي  – إعلامية مستقلة

 

وكالات

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى