قبعتي لولد غدَه

 

كان السيناتور ولد غده رائعاً في مقابلته الليلة مع قناة“المرابطون“، فقد حكّتني صراحته و شجاعته على جرَب، حيثأحسن الإصدار و الإيراد، و صاح بها جهورية “عليّ و علىأعدائي“..

 

كنت دائماً أكنُّ احتراما كبيراً لولد غده، الذي كان لقائي الأول به،حين زارني في سجني في دار النعيم، و أمطرني بوابل من الأسئلةعن أسباب سجني و ظروفه و وضعية السجناء.. لمست فيه حينئذٍصدقاً و وطنية و ذكاء لا تخفيه نظراته المتوقدة..

لا يمكنني الحكم على الرجل، الذي لم أعرفه عن قرب، إلا منخلال مواقفه السياسية و مداخلاته في مجلس الشيوخ، التي كانعنوانها في الغالب “الانحياز للمواطن و الدفاع عن مصالحه“.لكنني لا أخفي أنني أكبرته بعد مشاهدتي لمقابلته المثيرة. فبمقدارما كان النظام وقحاً، خِلواً من زواجر الأخلاق و جوابره، كانالسيناتور ولد غده، جريئاً في ضربته الاستباقية، التي قطعتالطّوَل المُرخَى في يديه.

لا حدود لوقاحة ولد عبد العزيز و نظامه الذي استولى علىهواتف سيناتور، في وضع إنساني بالغ القساوة، ليتجسس علىمكالماته و خصوصياته و صوره مسترخياً في غرفة نومه..حسب ما ذكر السيناتور في حواره التلفزيوني.

في الحقيقة، ليس في تسجيلات ولد غده ما ينقم عليه، فلا ضررفي أن يسرّ لاعل ولد محمد فال بنتائج تصويت الشيوخ علىالتعديلات الدستورية، و لا أن يقدم لمتبرعين جرداً بمصارفتبرعاتهم، و لا أن يتحدث مع رجل أعمال دبر النظام انقلاباً عليهفي اتحاد أرباب العمال الموريتانيين، فيحثّه على عدم الاستكانة، ولا أن ينسق مع حلفاء سياسيين طرائق العمل و التعبئة السياسية،و في ذلك الإطار يكون طبيعياً حين يتجاذب الخلصاء أطرافالحديث أن تاتي الانطباعات و الآراء، حتى تلك التي يتم فيها تقييمالآخرين، عفوَ الخاطر، مجردة من الاعتبارات التي تحكم التداولالعلني.

الذي يصيخ السمع لتسجيلات ولد غده بروية و إمعان، لا مندوحةله دون إكبار هذه المعارضة التي تبيت على الطوى، و تعجز عنتوفير مليون أو مليونين لنشاطاتها، و هي التي لو شاءت لوجدتفي خزائن ولد عبد العزيز ما يسدّ خلتها، مما لا يتورع عن نهبهو إغداقه على غير مستحقيه.. و لأكبر المعلومة بنت الميداح التيعاشت سنوات من الحيف و الحرمان، ثم اتخذت من التعديلاتالدستورية موقفاً مبدئياً، رغم ما يثيره عليها من حَنَق النظام وغضبه، و قد ظن أن قطعه الأرضية ضامنة شراء ذمتها، و كفيلةبمنعها من هز رأسها عرضاً أبدَ الآبدين.

إن من يعتقد أن المعلومة التي شدت على بطنها حجراً طيلة نظامولد الطائع، الكريم بأموال الشعب على متملقيه، و المعارضةلتعديلات يقرها نظام لن يبخل عليها بما يضمن دعمها له، و هوالذي منحها قطعا أرضية ثمن الواحدة منها ٢٥ مليون أوقية،تمكن رشوتها بمليون و خمسمائة أوقية، فقد طعن في غيرمطعَن، و ضرب في حديد بارد.

..  فضحت تسجيلات ولد غدة أخلاق نظام ولد عبد العزيز و خليةاحميده ولد اباه الرديئة.. و فضحت مقابلته على قناة المرابطونما لمّح له ولد عبد العزيز في خطابه بألاگ من تلقي الشيوخرشاوى من ولد بوعماتو، و هو من رشاهم و أجزل لهم العطايافـ“أكلوا تمرَه و عصوا أمرَه“.

أفهم كثيراً، توتر ولد غده حين يتحدث عن تناوله في التسجيلاتلبعض زملاءه، فالأمر محرجٌ فعلاً، غير أنه لا نجوَة للمرء فيمكاشفاته من أن يخدش في أصدقاءه و يخِز بإبَر..

فلست بمستبقٍ أخاً لا تلمّه على شعَث…إي الرجال المهذب؟!

و لكن ما لم يوفق فيه ولد غده في حواره، هو تصريحه بحيازتهمعلومات موثقة عن فساد ولد عبد العزيز و جردا بممتلكاته لميقدم على نشرها، و ما كان لينضح منها برَشح لو لم يستهدف فيخصوصياته، و يتهم زملاءه الشيوخ بالارتشاء.. و كذلك قوله إنهلم يود التعرّض لفساذ أبناء اللهاه و أسرة ولد عبد العزيز غير أنهمكره على ذلك لا بطل..

الحقيقة أنني لا أعتقد أن التأخر عن فضح فساد ناهبي الدولةيمكن تبريره.!!

و مهما يكن، فهي كبوة جواد و نبوة صارم ذكر لا تمنعني من أنأرفع قبعتي لولد غده..!

 

حنفي ولد دهاه

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى