منسقية المعارضة(بيـان)

 

 

يعيش المواطن الموريتاني اليوم أوضاعا بالغة الصعوبة في شتى ميادين الحياة:

–       بطالة متفشية

–       أجور متدنية

–       أسعار لا تطاق

–       تعليم منهار

–       نظام صحي متهاوي

–       مساكن بدائية

–       خدمات مياه وكهرباء ناقصة

–       ظواهر إجرامية غير مسبوقة

ففيمجال التشغيل، تشير الإحصائيات الرسمية إلى أن نسبة البطالة تصل إلي 31.5%وترتفع إلي 62% في شريحتي الشباب والنساء؛ والأخطر من كل هذا أن ظاهرة البطالة تتفاقم مع مرور الزمن لأن 55000 طالب شغل تدخل سوق العمل كل سنة في ظروف انعدام أي عرض حقيقي؛ وبالتالي ينضمون إلي جيوش العاطلين.

وفيمجال الأجور ولأسعار، فمن المعلوم أن الحد الأدنى للأجور(SMIC) لا يتجاوز 30000 أوقية في الوقت الذي ترتفع فيه أسعار المواد الأساسية بشكل جنوني، ليس فقط بسبب الأزمة الاقتصادية العالمية كما يروج النظام لذلك وإنما بسبب جشع ثلة من الموردين الاحتكاريين المحميين بالسلطة.

وهكذا فإن عدد الموردين تقلص من أكثر من 10 موردين في السنوات الأخيرة إلي ما يتراوح الآن بين واحد إلي ثلاثة أشخاص حسب المواد الأساسية (السكر، الأرز ، القمح، الزيت، الألبان).

ومنذ مجيء محمد ولد عبد العزيز للسلطة ارتفعت أسعار هذه المواد وفقا للجدول التالي:

 

المواد

2008

2012

نسبة الزيادة

كلغ السكر

200

280

40%

كلغ الأرز

200

270

35%

القمح

3500

6400

83%

ليتر دلوير

400

600

50%

كلغ سيليا

800

1400

75%

 

 

 

و من حق أي شخص أن يتساءل عن ماذا يغني (SMIC) 30000 أوقية من هذا الارتفاع الجنوني للأسعار؟

وفي هذا السياق، لا يسعنا إلا أن نشير إلى أن الهواية المفضلة التي أصبح يمارسها ولد عبد العزيز بصفة فجة و متكررة، هي الزيادة المستمرة في أسعار المحروقات التي لا يمكن تبريرها بأسباب خارجية أو داخلية وإنما تجد تفسيرها في إمعان الرجل في محاربة المواطن في رزقه دون أن تأخذه في ذلك رأفة، حتى خلال فترة الجفاف الماحق الذي قضى على أكثر من 50% من الثروة الحيوانية، و الذي حاول بشتى الوسائل نكرانه.

أما حوانيت التضامنالتي تطبل لها الحكومة و تقدمها كفارة عن تواطئها مع بعض التجار في ارتفاع الأسعار، فهي لا تغطي إلا نسبة 20% من الأسر، لتبقي 80%  فريسة لجحيم الارتفاع الجنوني لأسعار المواد الاستهلاكية.

فأين نحن من التجربة السنغالية، البلد المجاور وذي الموارد المحدودة الذي خفض أسعار المواد الأساسية والغاز ودعمها لجميع السكان البالغ عددهم حوالي 13 مليون ودون أي دعاية أو مباهاة من الحكومة؟. فأين فائضنا المالي القياسي الذي يتكلم عنه ولد عبد العزيز وما الفائدة منه إن لم يستعمل في الحالات الحرجة كهذه؟

 

وفي مجال التعليم،فقد تم تسجيل تدني غير مسبوق في المستويات المختلفة، جراء التخبط الإداري و التربوي الذي أصبح سمة من سمات هذا القطاع، ومن المفارقات المضحكة حقا (ومن شر البلية ما يضحك) أنه في الوقت الذي يوجد فيه فائض من المعلمين لو كان توزيعهم عقلانيا، تتعمد الوزارة تفريغ الكثير منهم لأسباب زبونية لتسجل نقصا تتم تغطيته بالاكتتاب المباشر من الشارع! زد علي ذلك أن المعلم الذي هو حجر الزاوية في العملية التربوية يعيش في ظروف مادية ومعنوية بالغة القسوة من حيث الراتب وظروف العمل المزرية، إضافة إلي ضعف التأطير و الإشراف والتقييم من أدنى حلقة في المنظومة التربوية إلى أعلاها.

والحصيلة أن المدرسة العمومية تحولت اليوم إلي أماكن حشر لأبناء الفقراء يقضون فيها فترة الطفولة والمراهقة، لينضموا بعد ذلك إلي طوابير العاطلين عن العمل.

 

وفي مجال الصحة، يكفي طرح بعض الأسئلة البسيطة لكشف الحقيقة المرة لهذا القطاع:

–   هل تناقص عدد المواطنين الموريتانيين المصطفين أمام مصحات السنغال وتونس والمغرب لطلب العلاج أم لا؟

–       هل تراجع عدد الأدوية المزورة في صيدلياتنا أم لا؟

–       هل انخفضت أسعار الأدوية وتكاليف العلاج أم لا؟

إن ما يتبجح به محمد ولد عبد العزيز في مجال الصحة لا يتجاوز تحويل بعض مباني الدولة المشيدة قبل وصوله إلى السلطة إلى منشآت صحية، وشراء أجهزة ـ بعضها متعطل عن العمل منذ تدشينه ـ في إطار صفقات تراض مشبوهة تم إبرامها مع بعض المقربين.

 وفي مجال السكن،تقوم السلطات بالتطبيل للإنجازات الكبيرة في هذا القطاع. إلا أن الأمر لا يعدو في حقيقته سوى إبعاد مجموعات كبيرة من المواطنين الفقراء من أماكن عيشهم داخل المدن أو في أطرافها القريبة إلي أماكن نائية، في رمال لا يوجد فيها ماء ولا كهرباء ولا تتوفر فيها مراكز صحية ولا مدارس ولا أسواق؛ فضلا عن بعد هذه الأماكن من مواطن الشغل إن وجدت أصلا. وهكذا أصبح هؤلاء المواطنون مرغمين على دفع مبالغ يوميا لا قبل لهم بها (تزيد على (SMIC) للتنقل والتواصل مع المدينة بغية تأمين حاجاتهم وطلبا لقوتهم اليومي.

وقد انكشف الأمر بأن الهدف الحقيقي من ترحيل عشرات الآلاف من السكان، هو الاستيلاء على القطع الأرضية التي كانوا يقطنون فيها، و بيعها لتجار متنفذين و زبناء سياسيين ومقربين من ولد عبد العزيز.

أما برامج الإسكان التي يفترض أن تنفذها الدولة عن طريق شركة “إسكان” من خلال بناء الوحدات السكنية للمواطنين ذوي الدخل المحدود، فلم تتجاوز الوعود الكاذبة، رغم وجود أكثر من مليون مواطن يعيشون في الخيام أو داخل بيوت الصفيح.

وهنا لا يسعنا إلا أن نذكر بمعاناة سكان مدينة الطينطان، الذين ما زالوا ينتظرون تنفيذ الوعود الفارغة رغم أن الجنرال محمد ولد عبد العزيز برر انقلابه سنة 2008 – من بين أمور أخرى – بمعاناتهم وضرورة الإسراع بإعادة إعمار المدينة، وهو ما لم يحصل حتى الآن رغم مرور أكثر من خمس سنوات.

و تكتمل هذه الصورة المشينة لحالة السكن في بلدنا إذا استحضرنا أن نسبة 40% من السكان لا يتوفرون على المياه الصالحة للشرب، و50% ليس لديهم أي نفاذ للكهرباء.

وفي مجال الأمن، أصبح المجتمع الموريتاني المسالم يعيش في حالة من القلق وعدم الطمأنينة، بسبب تفشي ظواهر إجرامية لم يألفها من قبل، مثل الاغتيالات في البيوت والشوارع والانتحار والعنف المدرسي والسطو المسلح والاغتصاب وانحراف الشباب تحت مفعول المخدرات والكحول.

 إن هذه اللوحة المخيفة التي يحاول النظام أن يغطيها بالكذب والدعاية والتجاهل، أصبح المواطن يدركها تمام الإدراك، ويعي خطورتها على حياته اليومية، وهذا ما تجسد في الاحتجاجات المتواصلة منذ سنة ونصف والتي يخوضها معظم القطاعات المهنية والشعبية المختلفة في عاصمتنا ومدننا الداخلية. في شكل مظاهرات ومهرجانات واعتصامات ووقفات احتجاجية في الساحات العمومية وأمام الرئاسة والوزارات وإدارات الدولة.

وفي هذا المقام، لا يسعنا إلا أن نشيد بكل النضالات الشجاعة التي خاضتها وما زالت تخوضها معظم قطاعات شعبنا وقواه الحية معبرين في ذات الوقت عن تضامننا القوي و مؤازرتنا لجميع أصحاب المظالم، ونذكر على سبيل الخصوص:

–       طلاب الجامعة والمعاهد

–       شباب 25 فبراير

–       شبابMJM

–       نساء نضال

–       شباب مشعل

–       الأساتذة والمعلمون

–       الأطباء والصيادلة والممرضون

–       عمال الدولة غير الدائمين

–       أصحاب المظالم في الكزرة

–       العائدون من ليبيا

–       العائدون من ساحل العاج

–       عمال البحارة في نواذيبو

–       عمال اسنيم في نواذيبو وازويرات

–       عمال شركة MCM

–       عمال شركة TASIAST    

–       عمال الجرنالية

–       عمال البلديات

–       كواس حامل شهادة

–       عمال الصيد في نواذيبو

–       نضال إيرا ضد العبودية

–       نضالات لا تلمس جنسيتي

المدن:

–       سكان مكطع لحجار

–       سكان كرو

–       سكان كيفه

–       سكان لعيون

–       سكان النعمة

–       سكان جكني

–       سكان فصاله

–       سكان عدل بكرو

–       سكان ادويراره

–       سكان كيهيدي

–       سكان مقامه

–       سكان تجكجة

–       سكان تكند

–       سكان المذرذره

–       سكان اركيز

–       سكان نواذيبو

–       سكان ازويرات

إن منسقية المعارضة الديمقراطية إذ تستحضر كل هذا الحراك الشعبي،  لتوجه تحية تقدير و إعجاب للمجموعات الأربعة التالية على ما تحلت به من صمود وشجاعة خلال ملاحمها النضالية:

–   طلاب المعهد العاليللدراسات الإسلامية الذين ضربوا مثالا رائعا في المواجهة والصمود وتعرضوا لقمع وحشي مدة أشهر متتالية حتى حصلوا على مطالبهم المشروعة.

–   الأساتذةالصابرين الذين ما زالوا يواصلون اعتصامهم منذ أربعة أشهر أمام رئاسة الوزراء و وزارة التعليم، حيث  يقدمون  مثلا يحتذي به في طول النفس النضالي وفي قوة العزيمة والإصرار على نيل حقوقهم المشروعة رغم الظروف القاسية التي يعانون منها هم وأسرهم.

–   عمال جرناليةنواذيبو و ازويرات على تضحياتهم المتميزة منذ أشهر والذين يوجد بعضهم الآن في مسيرة راجلة من ازويرات إلي نواكشوط.

–   بحارة نواذيبوالبالغ عددهم 4000 عامل تم فصلهم من أساطيل الاتحاد الأوروبي و دول أوروبا الشرقية.

 

و في مواجهة كل هذه المشاكل و المظالم، لم يجد ولد عبد العزيز من وسيلة سوى الكذب الفاحش و التضليل الإعلامي للحديث عن إنجازات مزعومة، و يجند لذلك وسائل الإعلام العمومية ويجيش من أجله أشخاصا ارتضوا لأنفسهم أن يمتهنوا التزلف للتقرب من جميع الأحكام، كما يواجه هذا الوضع بمواصلة الإمعان في النهب الممنهج لثروات البلد المعدنية والسمكية والعقارية والمالية.

ناهيك عن ما يخطط له من تنظيم لانتخابات تستخدم فيها وسائل الدولة والجيش والأمن والإدارة و المال العام و الخاص لتحريف إرادة الناخب، و بالتالي تزوير الانتخابات سبيلا إلى ديمومة نظامه الفاسد.

و بناء على كل ما تقدم، و نظرا لما أصاب تجربة التحول الديمقراطي في البلاد من انتكاسة على يد محمد ولد عبد العزيز منذ استيلائه على مفاصل الدولة بواسطة انقلاب عسكري سنة 2008؛

ونظرا لحالة الانسداد السياسي الناتج عن التأجيل المفتوح لانتخابات النواب و الشيوخ و ما ترتب على ذلك من وضع غير دستوري للبرلمان؛

و نظرا لاستخفاف محمد ولد عبد العزيز بملفات أساسية ذات علاقة بوحدتنا الوطنية كاستئصال الرق و معالجة الإرث الإنساني؛

و نظرا إلى عدم احترام ولد عبد العزيز للقانون الذي يلزمه بنشر تصريح بممتلكاته التي تحوم الشبهات حول حجمها و مصدرها؛

 و نظرا لمغالطة محمد ولد عبد العزيز للرأي العام في حادثة 13 أكتوبر و ملابساتها المختلفة، فإنبقاءه على رأس الدولة يشكل خطرا يتأكد يوما بعد يوم.  فلا مناص إذا من التعجيل برحيله قبل فوات الأوان.

 

إن منسقية المعارضة الديمقراطية توجه نداء ملحا إلي كافة الموريتانيين وخاصة أصحاب المظالم والشباب والطلاب والعمال وإلى جميع الأحزاب السياسية والشخصيات الوطنية للالتحام في جبهة واسعة لخوض نضالات مكثفة وديمقراطية لرحيل محمد ولد عبد العزيز عن السلطة، وفتح مرحلة انتقالية تفضي إلي نظام ديمقراطي يشكل قطيعة مع الأنظمة العسكرية في بلادنا.      

وفي هذا الوقت الدقيق الذي ينعقد فيه هذا المهرجان، تجري على حدودنا الشرقية حرب يصعب التكهن بتداعياتها على بلادنا وعلى المنطقة عموما، كنا دائما نحذر من اندلاعها ونلفت النظر إلي الدور السلبي الذي لعباه ساركوزي وولد عبد العزيز في إضعاف الدولة المالية وتشجيع صهر المجموعات الإرهابية بصفة غير مباشرة.

 ولا يسع المنسقية إلا أن تذكر بموقفها الثابت اتجاه هذه الحرب. ويتمثل ذلك الموقف في النقاط الثلاثة التالية:

–       تضامننا مع مالي دولة وشعبا ودعمنا لوحدتها واستقرارها.

–   دعوتنا لحل الأزمة سلميا والعودة لطاولة المفاوضات بين أهل مالي لتجاوز خلافاتهم على نحو يضمن وحدتهم وتوفير حقوق جميع مكوناتهم.  

–   رفضنا لأي مشاركة لموريتانيا في الحرب الجارية لما لذلك من آثار خطيرة، وأن تتولى حماية حدودها بقوة وصرامة.

 

         منسقية المعارضة الديمقراطية

نواكشوط

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى