اسبانيا: إلغاء مساعدة مالية قدرها 2،4 مليون يورو كانت موجهة للتعليم البحري في موريتانيا

اضغط لصورة أكبر(ونا) – صادق مجلس الوزراء الأسباني في اجتماعه الأسبوعي العادي يوم الجمعة الماضي على إلغاء مساعدة إسبانية مالية قدرها 2،4 مليون يورو (نحو مليار و300 مليون أوقية) كان قد تقررفي وقت سابق منحها لموريتانيا.

واعتبِر ذلك مؤشراً على استياء مدريد من إصرار الحكومة الموريتانية على التمسك بالشروط التي وضعتها في اتفاقية الصيد الجديدة مع الاتحاد الأوروبي والتي تقصي عمليا جزء كبيرا من السفن الإسبانية العاملة في المياه الموريتانية ضمن الأسطول البحري الأوروبي.

وكانت هذه المساعدة المالية الأسبانية موجهة تحديدا إلى وزارة الصيد والاقتصاد البحري الموريتانية بهدف دعم تكوين وتأهيل عمال البحر الموريتانيين على وسائل الصيد الحديثة بالمدرسة الوطنية للتعليم البحري في العاصمة الاقتصادية نواذيبو، وقد تقرر إلغاؤها بشكل نهائي بحجة أن “الظروف التي استدعت تقديمها في الأصل قد تغيرت الآن”، وفق ما قالته الحكومة الأسبانية في تبرير قرارها.

ويأتي الإجراء الأسباني بحجب هذه المساعدة المالية على خلفية الشروط التي وضعتها الحكومة الموريتانية على اتفاقية الصيد الثنائية الجديدة العالقة مع الاتحاد الأوروبي والتي تستثني من الأسطول الأوروبي تلك السفن التي تصطاد رأسيات الأرجل والمحار، علما أن السفن الأسبانية تمثل غالبية سفن الأسطول البحري الأوروبي العامل في موريتانيا.

وفي سياق متصل، أكدت وكالة الأنباء الأسبانية شبه الرسمية “إفي” أن الحكومة الإسبانية كانت قد أبلغت نظيرتها الموريتانية في شهر مارس الماضي بأن وكالة التعاون الدولي من أجل التنمية االتابعة لوزارة الخارجية الأسبانية قد تشرع في إجراءات العودة في قرار تقديم هذه المنحة المالية المخصصة لتأهيل عمال البحر الموريتانيين بحجة أن النشاطات البحرية في المياه الموريتانية تقلصت بشكل كبير في الأشهر الأخيرة ولم تعد هناك بالتالي دواعي لهذا التكوين.

وليس من المألوف في الأعراف الدولية وأقل من ذلك لدى حكومات الدول الديموقراطية أن تتراجع إحدى الحكومات في مساعدة قررت منحها لدولة أجنبية وبعد أن أبلغتها بذلك وتم تحديد تاريخ التسليم. ولعل هذا ما جعل بعض وسائل الإعلام الأسبانية تصف قرار مجلس الوزراء الأسباني المتعلق بحجب هذه المساعدة بأنه بمثابة “تهديد” و”تحذير” من مغبة ما قد تتخذه مدريد ضد نواكشوط مستقبلا، في إشارة على الأرجح إلى احتمال قطع كافة أنواع الدعم الأسباني للتنمية عن موريتانيا.

وتواجه الحكومة الإسبانية ضغوطات قوية من طرف جمعيات أرباب السفن الإسبانية التي أغلقت شروط اتفاق الصيد الأخير بين موريتانيا والاتحاد الأوروبي الباب أمام استمرارها في مزاولة نشاطتها بالمياه الموريتانية.

ويلاحظ المراقبون للعلاقات الثنائية الموريتانية الإسبانية تراجعا حادا في مستوى العلاقات السياسية بين البلدين منذ وصول الحزب الشعبي إلى سدة الحكم في إسبانيا في نهاية عام 2011. وقد انعكس هذا التراجع في إدراج الخارجية الإسبانية لموريتانيا ضمن دول إفريقيا جنوب الصحراء وسحبها من مجموعة بلدان شمال إفريقيا التي تحظى بالأولوية وفق تصنيف السياسة الخارجية الإسباية.

وخلال السنة الأولى من حكم الحزب الشعبي استقبلت جميع عواصم دول المغرب العربي مسؤولين إسبان على مستوى رفيع – إما رئيس الوزراء ماريانو راخوي نفسه أو أحد كبار وزرائه- على عكس موريتانيا التي لم يزرها سوى وزير الصيد الأسباني بعد ظهورعراقيل أمام تجديد اتفاقية الصيد مع الاتحاد الأوروبي أو وزيرالخارجية الذي أجرى فيها توقفا قصيرا في طريق عودته من زيارة إلى مالي بعد الحرب الفرنسية على الجماعات الإسلامية في هذا البلد الإفريقي.

ويعزو المحللون هذا التراجع إلى عدة عوامل من أبرزها ضعف أداء السفارة الموريتانية لدى مدريد وخمول القائمين عليها مقارنة بطواقم سفارات دول المغرب العربي الأخرى، وتركيز الحكومة الإسبانية الحالية على ما تطلق عليه “دبلوماسية الاقتصاد” في ظل الأزمة الاقتصادية الخانقة الراهنة التي تشهدها البلاد.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى