في المحمدية ..
الزمان أنفو _ في مذكرتي الصغيرة، هذا الصباح، سطّرت كلمات امتنان وأثر، حملتها لي رواية الكاتبة والصحفية المغربية بديعة الراضي، تلك المرأة التي التقيتها أول مرة في مدينة لعيون،جنوب المغرب، ولم تغادر ذاكرتي منذ ذلك اللقاء.. أديبة تكتب كما لو كانت تمشي في أرض معركة، حافية، تنادي باسم الإنسان في زمن تتساقط فيه القيم كأوراق الخريف.
في مقطع من روايتها الجديدة “صرخة”، الصادر بتاريخ 21 يونيو 2025، تجلّت روح الشرق الجريح بصوت أنثوي صارخ، غاضب، مثقل بالأسئلة، يحمل وجعًا يشبهنا جميعًا:
“لا أعراس بعد اليوم، حتى يتحقق العدل في الشرق الجريح… ينبغي للحناجر أن تبحّ، أن يصير صوتها أجشّ…”
في هذه الرواية، ترسم بديعة الراضي صورة إنسان عربي منهك، تائه بين الخراب ونداء الكرامة، رجل هارب من ذاته، من عذابه، باحث عن راضية —المرأة، والرمز، والمرآة— ليبثها وجعه، وينحني معها على ركام الذاكرة.
ما كتبته الراضي ليس مجرد نص أدبي، بل هو مرافعة إنسانية بلغة شعرية صارخة، تستلهم التراث الفلسفي القديم – “أهريمان” و”أهورامزدا” – وتعيد توظيفه لفهم الشيطان المعاصر الذي ينفث نيرانه في البر والبحر والسماء.
الرواية تدمج ببراعة بين البوح الداخلي والهمّ الجماعي، وتُحوّل الشرق من مكان جغرافي إلى جرح روحي، نحمله جميعًا في قلوبنا.
فألف شكر لبديعة الراضي،
وألف تحية لكاتبات المغرب،
اللواتي يكتبن بمداد الوجدان،
ويعلّمننا أن الكتابة ليست ترفًا، بل وقوفٌ دائمٌ على المرتفعات…
حيث نصغي إلى “الصرخة”،
حتى ولو لم يبق أحد ليسمعها.