كاتب يبكي “رائعته”

Mohamed Naji Ahmedouاليوم 365 على رحيل الغالية الطيبة رائعتي رحمها الله رحمة واسعة.. غدا يبدأ العام الثاني من الغياب ـ الحضور..عام مضى.. بدون بسمة من رائعة.. بدون لقاء.. بدون نظرة..

كفى الهجر أنا لم يضح لك أمرنا.. ولم يأتنا مما لديك يقين.. رائعتي الحبيبة: ممتن جدا لزيارتك لي في المنام صبيحة الجمعة الماضية.. وأحمد ربي كثيرا على أنك قلت لي إنك لم تجدي بعدنا إلا الخير.. وأفهمتني أختنا أسماء الرسالة المبطنة التي حملتها الرؤيا في توقيتها المتزامن مع وقت زيارة الأحياء لقبور ذويهم.. لقد كنت تعتبين علي في عدم زيارتك.. لك العتبى؛ أختاه؛ يا لوعة كبدي.. لكن أخاك الأكبر؛ الذي عهدته صلدا جلدا لا تهوله الأهوال.. تحول إلى قشة بعدك.. لا طاقة لي على الوقوف عند قبرك.. لا أحتمل.. سوف أنهار.. لقد بكى أخوك في جمع من النسوة؛ لما شاهد صورتك الحيية الندية في هاتف إحداهن.. لقد أبكته الشفاء الصغيرة مرة؛ لما قالت إنك نهيتها عن “لعبة قيقوق”.. أما إيمان بيت القصيد.. فيرى فيها منك مخايل لا تخطئها العين.. أضمها إلي.. وأبكي بدموع صامته لا تراها العين.. وأنكى البكاء بكاء الرجال.. لقد أصبح البكاء معطى أصيلا من معطيات حياتنا بعدك.. لم تغيبي مرة عن حديثنا.. وكيف مثلك لا يغيب.. مرة كنا؛ أنا وإحدى أخواتك؛ نتحدث سَحرا عن يوم رحيلك؛ وياله من يوم؛ فانسجمت في نوبة بكاء.. لتنقل عدوى البكاء إليها.. بعد أن كانت تذكرني أن البكاء لا يليق بالرجال.. ولسوف يولع بالبكا من يفجع.. ما تركت زيارتك أختاه عن قلى.. لكنني مطالب بحفظ نفسي.. ** ما زلت؛ يا رائعتي؛ تعيشين معنا.. نذكرك بمناسبة ودون مناسبة.. هنا كنت تصلين.. هناك كنت تنامين.. هذه بطانيتك.. هذه إحدى ملاحفك تحتفظ بها إحدى خالاتك للتبرك والذكرى. ** بكينا بعدك كثيرا.. في نوبات جماعية وفردية.. حزننا عليك لم يكن خاصا بنا.. بكاك كل من عرفك.. شكرود بائع اللحم عند مدخل نواكشوط؛ الذي نتعامل معه؛ لما سمع بوفاتك انخرط في وصلة بكاء مطولة.. وماذا يجدي البكاء.. هل ترى سوف يعيدك إلى أحضاننا باسمة خفرة؟ هل ترى سوف يخفف قليلا من وهج الحر الذي يتقد في الأحشاء.. كلا.. وربك.. لكن فقط؛ وكما قال أبو ذؤيب: ولسوف يولع بالبكا من يفجع.. ** رائعة.. أخوك.. الذي لا يمتلك موهبة سوى ترصيع الكلام يقف عاجزا.. عاجزا عن تأبينك التأبين الذي يليق بك.. فما في قوافي الشعر ولا مدبجات النثر ما يمكن أن يزف إليك في عليائك.. ** رائعتي: العين تدمع.. والقلب يخشع.. ولا نقول إلا ما يرضي الرب.. رضينا بقضاء الله.. حمدنا الله ونرجو منه أن يمنحنا ثواب الصابرين.. ويبوئك من الجنة غرفا تجري من تحتها الأنهار.. ** نحمد الله سبحانه على عمرك العريض رغم قصره.. نحمده على سنيك الأربع والعشرين.. نحمده على أن جميع من يعرفك يشهد لك بالخير.. نحمده على أن ترك لنا منك بضعتين؛ هما أغلى كنوزنا.. نحمده على أنه لا يوجد إنسان يتذكر كلمة سيئة أو فعلا سيئا اقترفته في حقه رائعة.. ** لقد كنت خيرنا.. ومثلك لا تستحقه هذه الدنيا الدنية.. أنت ومضة تهدى للناس؛ يقيسون عليها.. وترحل.. يا كوكبا ما كان أقصر عمره.. وكذا تكون كواكب الأسحار.. ** رائعتي: عليك من الله رحماته.. ومن ملائكته صلواتهم.. ومن عباده الصالحين دعواتهم بالمغفرة والجنان الواسعة.. ** ما زال في الحزن دلو ينضح.. ولكن تكفي هذه الزفرات.. حتى لا أثقل أكثر من هذا على محبيك وأهل بيتك الذين سيقرؤون هذا المنشور.. وربك يرحمك ويغفر لك ويربط على قلوبنا.. إنه ولي ذلك والقادر عليه..

Mohamed Naji Ahmedou

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى