برز الثعلب يوما في شعار الواعظين/ بلعمش

altفي مواعظه مساء 13 من الجاري أمام هوليغانص عصابة الاتحاد من أجل نهب الجمهورية في توجونين، انزلق الثعلب ولد محم في ما كان ينبغي أن يتحاشاه بالضبط : “إن الحوار تعثر بفعل سلوك الأطراف السياسية المعارضة، وعزوف اغلب القوى المشكلة لها عن الحوار خوفا من استحقاقات المرحلة القادمة”

لقد دأب ولد محم على تبرير أكثر الأمور تعقيدا بأتفه الأشياء حين يكون أمام هوليغانص عصابة الاتحاد من أجل نهب الجمهورية لأسباب وجيهة ؛ ـ أولا لأنها مجموعة من الجهلة المنافقين المغيبين عن أي قرار في ما يسمونه “حزب الاتحاد” .. ـ ثانيا، لأن على خطاب ولد محم أن يساير مستوى سذاجة القائد المفدى .. ـ ثالثا، كانت الأهداف من هذا الخطاب تتمثل أساسا في التغطية على طابور النظام الخامس داخل المعارضة و تقزيم الانتصار الرائع الذي حققته “المعارضة” في الأشهر الماضية الذي استطاعت من خلاله إفشال كل مخطط العصابة من تغيير الدستور، إلى الانقلاب عليه ، إلى تجاوزه من خلال إجماع مفبرك عن طريق الرشاوى و الوعود العرقوبية.. وقال ولد محم “إن القوى الرئيسية فى المنتدى عزفت عن المشاركة فى الحوار، وتم إرسال نقابيين ومستقلين و نشطاء مجتمع مدني، رغم أن الأطراف الثلاثة يفترض فيها عدم ممارسة السياسية نظريا، ولكنها كانت المتصدر للمشهد فى الطرف الآخر – مع احترامه لها- غير أن للسياسة أهلها، والحوار السياسي كان يتطلب وجود سياسيين فى الوفد المحاور” ـ إذا كان قادة طرفكم يا ولد محم هم أنت و محسن ولد الحاج و ولد عبد العزيز، ألا تحرض بمثل هذا الكلام على السخرية من فرقتك اللامعة ؟ و قال ولد محم “إن الأغلبية أرسلت أعلى تمثيل ممكن، بينما أرسلت المعارضة أدنى تمثيل ممكن” أما “أعلى تمثيل ممكن” فيعني نفسه و أما “أدنى تمثيل ممكن” فيعني ولد بتاح و ولد بوحبين و ما يعرفه الجميع أنهما محاميان كبيران عكسه تماما أمضى كل منهما أكثر من عشر سنين على نقابة المحامين بجدارة و رفض كل منهما الانصياع لأوامر الأحكام عكسه تماما، لكن إذا لم تخجل فاعل ما تشاء و قل ما تشاء.. “واعتبر ولد محم أن الخطوة كانت مستفزة” لأن “للسياسة أهلها” ؛ في هذه كان ولد محم على حق دون قصد، و هذا بالضبط هو كان مأخذ “المعارضة” على المهرولين ـ منها ـ إلى حوار طرحه ولد عبد العزيز لإنقاذ نفسه بعدما تمت محاصرة أمثاله من الأنظمة في العالم أجمع، بعد سقوط بليز كامباوري.. و حين يكون محسن ولد الحاج و ولد عبد العزيز و ولد محم هم “أهل السياسة” سيكون قطعا ولد بتاح و ولد بو حبين آخر من يتمنون أن يكونوا من أهلها. ـ تذكر يا ولد محم مصير ولد جعفر و احوياتو و الخليل ولد الطيب و ولد ببانه الذي أصبح يقول لكل من يلقاه إنه يتوب إلى الله من ما ارتكبه في حق موريتانيا بسبب دفاعه السابق عن ولد عبد العزيز.. ـ تذكر أنك مجرد ورقة اكلينيكس يمسحون فيها أياديهم الوسخة ليرمونها على قارعة الطريق بعد تلطيخها، مثل جميع من سبقوك. لقد تم طرح أهم سؤال على طاولة المعارضة بعد ظهور مبادرة الحوار “هل تدخل المعارضة هذا الحوار لإنقاذ موريتانيا أو لإنقاذ ولد عبد العزيز؟” و كان اختلاف المعارضة الصامت أو غير المرئي للجميع، على هذين المحورين .. فتم ابتداع الممهدات لكشف اللاعبين تحت الطاولة و تم تحييدهم جميعا من الوفد المفاوض، ليتفاجأ ولد عبد العزيز بذلك بعدما كانوا يقولون له “نحن نتحكم في كل شيء في المعارضة و سنجرها لك عن بكرة أبيها إلى الحوار” و هم من عناهم بالضبط بقوله “عجزة، فاشلون” في بوغي. و يقول ولد محم “وحينما تقدم لهم الوفد المفاوض بنقاط المنتدى الأساسية أو ممهدات الحوار وافقوا عليها بشكل كامل، باستثناء حكومة توافقية على أساس ترحيلها إلى القضايا الجوهرية فى الحوار، بدل طرحها فى الممهدات، وقد استمع وفد الأغلبية لنقاط الوفد المعارض الأربعة ورد عليها بشكل إيجابى، لكنه فوجئ بمواقف غاية فى الغرابة من بعض القوى السياسية” ـ هل تعرفون هذه المواقف التي وصفها ولد محم بـ”غاية في الغرابة” ؟ هل تعرفون لماذا يصفها بهذا التعبير من دون أن يتحدث عنها ؟ هي أن المعارضة قالت بأنها لا تقبل أي رد غير مكتوب !! هل تفهمون لماذا لا يستطيع ولد عبد العزيز ـ و مخطئ من يعتقد أن ولد محم أو غيره يحمل أكثر من صفة ساعي البريد في هذه العملية ـ أن يرد كتابيا على هذه الممهدات ؟ ـ لأنه لا يستطيع أن يكتب بأنه يرفض التحقيق في قضايا الفساد الكبيرة مثل قضية ولد باهيه و لا يستطيع قبولها كتابيا و الاعتراف بها. ـ لأنه لا يستطيع أن يرفض كتابيا التحقيق في قضية المطار و لا يستطيع أن يقبلها ـ لأنه لا يستطيع أن يعترف بأن “بازيب” التي قامت بثلاث انقلابات في أقل من سنتين ، لم يشارك الجيش في أي منها ، عصابة مسلحة خارجة على القانون و مهددة للسلم و للديمقراطية في البلد .. ـ لأنه لا يستطيع أن يعترف كتابيا بأنه يرفض الكشف عن ممتلكاته لأن القانون يلزمه بذلك .. هذه أمثلة بسيطة من طوفان من الأمور طرحتها المعارضة و هي ما يسميها ولد محم بــ”مواقف غاية في الغرابة” معتقدا أنها لن تجد من ينبشها ليحولوا خجلهم إلى بطولات على جميع الأصعدة.. و قال ولد محم : ” أن الأطراف المعارضة قد تكون قلقة من مستقبل العملية السياسية إذا تم التوصل لاتفاق سياسي أو أقرت الأطراف المتحاورة الذهاب إلى صناديق الاقتراع من جديد، بحكم الرفض الشعبي الذي تحس به، والزخم الجماهيري الذي يحظى به المشروع السياسي للرئيس محمد ولد عبد العزيز، والذي أعلنت الجماهير بشكل غير مسبوق تفويضها له وتزكيتها لتوجهه الحالي” و لا أريد التعليق على هذه الفقرة القذرة و إنما أتيت بها ليتذكر القراء أن من ما زال يقول مثل هذا الكلام المقزز في القرن الواحد و العشرين، لا يستحق أن يكون رئيس حزب و لا مسؤول خلية في غير الاتحاد من أجل نهب الجمهورية. و “استهجن ولد محم نزوع البعض إلى الشتائم والانتقاد غير المؤسس، داعيا أنصار حزبه إلى ضبط أعصابهم وعدم الانجارار للحرب الكلامية مع القوي المنقرضة أو تلك السائرة فى طريق الانقراض، بحكم هشاشة الطرح السياسي ونكران المنجز” . بعد ما يشبع الثعلب من نهش أعراض المعارضة و التنقيص من قدرات أصحابها و التشكيك في وطنيتهم و التحرش بنواياهم و التشهير بغبائهم ، يستهجن تبادل الشتائم “مع القوي المنقرضة أو تلك السائرة فى طريق الانقراض”؟؟؟ الحقير ينتقم دائما لحقارته من شرف الشرفاء. و في الأخير “دعا ولد محم الحكومة إلى اتخاذ التدابير اللازمة لإكمال المسار الانتقالي من أجل الوفاء بالتزامات الحوار السابق مع المعاهدة من أجل التغيير، وعدم انتظار المعارضة إذا أحست منها رفضا للحوار أو تشبثا بسياسة المقعد الفارغ” يعتقد الغبي ولد محم أنه بمثل هذا الكلام سيهز المعارضة و يؤكد لأتباعه الأغبياء أن لديهم حلا آخر إذا لم تكن المعارضة قابلة بالحوار المزعوم. لكننا نتحداهم أن يقيموا أي حوار على أي مستوى من دون مشاركة “المعارضة الحقيقية” . و قد كان ولد محم يفكر بصوت عال حين قال “مع المعاهدة من أجل التغيير” لأنه هنا أظهر عن غير قصد ما يحاول أن يخفيه أي من تهجم عليهم بتعمد ليؤكد معارضتهم للنظام ممن تعهدوا لولد عبد العزيز بالذهاب في الحوار و هم الإسلامويون و عادل و قوى التقدم و حاتم .. نحن نخبركم أن جميع هؤلاء مستعدون للذهاب مع ولد عبد العزيز أكثر من “المعاهدة”، في حواره بلا قيد و لا شرط لكننا نتحداه أن يقوم بحوار معهم . و السبب لا يعرفه ولد محم الذي يصف نفسه بــ”أعلى مستوى” لكن ولد عبد العزيز يعرف أنه خط أحمر لا يستطيع أن يقدم عليه. لقد كان ولد بدر الدين يترأس لجنة تحقيق المعارضة في تسجيلات آكرا و اتهامات مامير فلماذا سكت فجأة و لم نعد نسمع له أي كلمة ؟ كيف انطفأ شهاب ولد بدر الدين فجأة من دون مقدمات؟ و منذ متى بالضبط؟ على من يريد أن يعرف بنفسه أن يذهب إلى ميناء نواكشوط و يسأل متى تم تعيين ابنه نائبا لمدير”مايرسك” التي هيمنوا على الشراكة المحلية معها و باعوا لها كل خدمات ميناء نواكشوط و سمحوا لها بحزمة من التجاوزات تجعلها فوق القانون و المحاسبة و أعطوا إدارتها المالية و الإدارية لابن عم عزيز.. و يقارن زمنيا بين هذا التعيين و تاريخ آخر ظهور لبدر الدين ليفهم أسرار اللعبة التي تدار في هذا البلد. ـ لماذا يؤخر ولد عبد العزيز حل مجلس الشيوخ حتى الانتهاء من الحوار و ما علاقة هذا بذاك ؟ لأن مكافأة المشاركين فيه (المتعهدين بجر المعارضة إليه) ستكون بمقاعد في مجلس الشيوخ لكن هذا كله كان بشرط أن يجروا المعارضة إلى حوار غبي مع ولد عبد العزيز و هو ما لم يفلحوا فيه و ولد عبد العزيز لا يريد حوارا معهم لأنه لا يلبي شروط من يفرضونه عليه…. !!! و الآن لا يعرف ولد عبد العزيز ماذا يفعل ليضمن فترة ثالثة، فهم الآن أنها أصبحت من عاشر المستحيلات لكن المؤكد أنه يستطيع أن يفكر في أي شيء إلا في حوار عبثي مع هؤلاء… إن حديث ولد محم اليوم (بعد يوم واحد من دعوة مجموعة من قادة المعارضة (العارضة لخدماتها) لإفطار ـ سري ـ على مائدة “الأغلبية”)، عن الحوار و عن خوف المعارضة من المشاركة في انتخابات محتملة كما لمح إلى ذلك في خطابه، يجعلنا نسأله: لماذا تفكرون اليوم في حوار و انتخابات سابقة لأوانها و قد انتهيتم قبل عام فقط من حوار مع المعاهدة و صفقة قذرة مع الإسلاميين أنجبت طفلا منغوليا تسمونه اليوم انتخابات نيابية و بلدية و رئاسية ، تتباهون بأنها كانت شفافة و نزيهة بشهادة العالم أجمع، و تتمتعون فيها بأغلبية تدعون بأنها مريحة من دون “كرامات تكيبر” و أحزاب البورصة و شبيكو و أحزاب ذباب الموائد كما كان يسميهم مسعود ولد بلخير أيام جبهة أحزاب المعارضة؟ نريد فقط أن يفهمنا ولد محم لماذا يفكرون اليوم في إعادة كل هذا المسلسل، على أن لا يقول لنا بأنهم يفعلون ذلك إرضاء لخاطر المعارضة حتى لا يعرض نفسه للسخرية من الجميع ؟ و سيرى ولد عبد العزيز ـ إذا حاول حل البرلمان ـ أن ما يسميه أغلبية مريحة ، هي من ستحجب الثقة عن حكومته و تدخله ورطة لن تنتهي إلا بسقوطه ؛ على من اختار برلمانا من المرتزقة أن لا ينسى الشروط التي تحكم ولاءهم ! و ليس هذا طبعا ما أراد ولد محم أن يكشف عنه لكنه ما أرغمنا على الكشف عنه بمحاولة إخفائه لإخفاقات فريقه و ترنح رئيسه و محاولاته اليائسة في التقليل من شأن انتصارات المعارضة التي حاصرتهم في كل شيء بذكاء خارق لم يفهموا أي شيء فيه قبل فوات أوانه. أما من هي المعارضة التي أتحدث عنها و أين و كيف تدير أمرها، فهذا ما لا يجب أن يعرفه ولد محم و لا ولد عبد العزيز و لا الإسلاميون … نعم أيها الديك الحكيم : “مخطئ من ظن يوما أن للثعلب دينا” و عيدكم مبارك

 

سيدعلي بلعمش

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى