مراسلة الجزيرة غادة تخرج عن صمتها وترد على أخبار “اغتصابها”

نفت الإعلامية اللبنانية بقناة الجزيرة القطرية، غادة عويس، كل الأخبار التي تناقلتها مؤخرا عدد من المواقع الإخبارية العربية، تقول إنها تعرضت للاغتصاب في حلب على أيدي معارضي النظام السوري، متهمة نظام الأسد وشبيحته بالوقوف وراء ترويج هذه “الإشاعات”.

وكان قد صرح متحدث من جبهة النصرة الإسلامية لوسائل إعلامية منها جريدة “الوطن اون لاين” الفلسطينية المعروفه بدعهما للمعارضة في سوريا، أن عويس لم تغتصب بل قدمت نفسها لأمير الجماعة ومارست جهاد النكاح، مضيفا انها قامت بذلك طواعية ولم يُطلب منها ذلك بل هي تطوعت أن تجاهد جهاد المناكحة مع أمير الجماعة.

إلا أن اعويس تقول  في حوار مع بـوابة “الــشرق” القطرية،  أن تـلفيـق شـائعة الاغتصاب أصابتها “بالاشمئزاز من مستوى الانحطاط الأخلاقي والتخلف وحجم الكذب”، مبدية شفقتها “على من فقد إنسانيته وكرامته وتحول إلى إناء قبيح ينضح بما فيه ويعكس تربيته البذيئة”.

 

كما تطرقت عويس، في ذات لعدد من القضايا والمآسي التي عاينتها أثناء تغطيتها للأحداث التي تعيشها سوريا وأبناؤها من جراء بطش النظام الأسدي وعصاباته، وفيما يلي نص الحوار:

 

– الإعلامية غادة عويس في البداية هل ممكن أن تحدثينا عن سر الهجمات الالكترونية وحرب الشائعات التي تعرضت لها مؤخراً  وأسبابها وما هو الهدف ؟

 

السر اختصره لك بقول السيد المسيح “سيضطهدونكم لأجل اسمي”، ما يجري عبر الانترنت هو اضطهاد لي لأني اخترت ألا أخاف وأن أشهد للحقيقة وأبحث عن المظلوم والمقهور وأنقل قصته ومعاناته بغض النظر عن هويته أو لونه أو دينه أو عرقه وعن خدمة المشاهد وخصوصا المواطن العربي، اخترت أن أطرح الأسئلة التي تدور في ذهن المشاهد مهما كانت  محرجة أو جريئة والحقيقة تجرح الكاذب والكاذب لا يستطيع أن يدافع عن نفسه إلا بمزيد من الكذب والافتراء.

 

أما هدف الشائعات فيمكنك أن تسأل مروج الشائعات نفسه فأنا لا أعرفه لكني أعرف أنه جهة مثيرة للاشمئزاز أقرب إلى مخلوق مريض مشوه منه إلى إنسان طبيعي. ومن ثم يمكن أن تسأل أصحاب المواقع التي وقعت في فخ ترويج الشائعة من دون أي معايير أخلاقية ومهنية فقط لكسب عدد من القراء المساكين وتضليلهم وإضاعة وقتهم. لا أدري هل يعتقدون فعلا أنه بهذه الطريقة يمكن أن يكسبوا شيئا؟ باعتقادي أنها الطريقة المثلى لتدمير الذات، فعندما تصل إلى هذا المستوى من التدني الأخلاقي فأنت تدمر نفسك بالمرتبة الأولى، وأصحاب الشائعات والتعليقات البذيئة المنحطة يدمرون ذاتهم ويسحقون إنسانيتهم.

 

-هل يمكن اعتبار نهجك الإعلامي وشجاعتك .. ومعاداة أنصار النظام السوري لك أحد أسباب الشائعات الالكترونية ضدك وانتحال شخصيتك في مواقع التواصل؟

 

السبب الأول هو عدم قدرة أنصار النظام السوري على سماع الرأي الآخر وعلى رفعهم شعار من ليس معي فهو ضدي! كل من يجرؤ على نقل رواية الطرف المعارض للنظام حتى بدون أن يتبناها بل ينقلها بأمانة نزولا عند حق المشاهد علينا، يكون خائنا وكذا وكذا من التعابير البذيئة التي غالبا ما يستخدمونها.

 

تذكر كيف منع النظام منذ اليوم الاول لانطلاق الثورة الصحافيين من دخول سوريا لتغطية الأحداث. أنا لا أدعي الشجاعة فلست ناشطة ولا بطلة أنا أقوم بواجبي الصحافي لا أكثر والصحافة كما أراها رسالة سامية لا تخضع للمساومة وإلا اصبحت بروباغاندا أو سياسة أو دبلوماسية.

 

ربما نهجي الوحيد هو عدم مسايرة أحد من الضيوف لا موالاة ولا معارضة وأسلوبي هو نفسه مع الجميع فإن كنت أحرج النظام فأنا أيضا أحرج المعارضة ولا أتحدث فقط عن سوريا بل عن كل الدول والحكومات، لكن الفرق أن المعارضة عادة ما تجيب عن السؤال بكل صدر رحب ولا ترد بحرب شائعات في مواقع تافهة، ربما ما يجعل الأنظمة أكثر حساسية هو ضعف حجتها وأيضا أنا مؤمنة أنه في أي بلد كان، المسؤول الأول عن أي مشكلة عامة تقع هو من يحكم ومن يقبض على السلطة فإن كان لا يستطيع درء المشاكل و”المؤامرات” وتأمين عيش كريم للمواطن فلم هو في السلطة إذا ولم ائتمنه الناس على الحكم؟

 

هذا واجب الصحافة في أي مجتمع، وهذا ما قاد الدول المتقدمة إلى حماية حرية الصحافة والتعبير.

أما انتحال شخصيتي على الانترنت فاعتبره عملا صبيانيا لا فائدة منه، بل غطى على معاناة اللاجئين والنازحين، كنت أتمنى لو أنهم فتحوا صفحة تطالب بمساعدة السيدة الجريحة في مخيم الزعتري أو صفحة تنبذ العنف والطائفية والحقد والانتقام.

 

–   كيف استقبلت هذه الشائعات.. وكيف كانت ردة فعلك ؟

مع أني كنت أتوقعها لأن الشجرة المثمرة ترمى بالحجارة إلا أنه تنازعني شعوران الأول الاشمئزاز من مستوى الانحطاط الأخلاقي والتخلف وحجم الكذب والثاني الشفقة على من فقد إنسانيته وكرامته وتحول إلى إناء قبيح ينضح بما فيه ويعكس تربيته البذيئة ويعبر عن ثقافة يسودها الهوس والخلاعة الفكرية، شعرت بالشفقة على من سلب إنسانيته وحريته وحقه بالتفكير والمنطق السليم, فكائن من كان من ينشر هكذا افتراء أو يهدد هو بالنهاية مسكين مسلوب الإرادة مشوه ومغسول الدماغ، هو ضحية في النهاية ضحية الاستبداد والقمع وعبد للشمولية. تذكرت الشهيد الصحافي اللبناني سليم اللوزي رحمه الله وصليت عن روح الشهيدة المراسلة ماري كولفين. وصليت من أجل كل صحافي وكل إنسان يعاني من الاضطهاد المعنوي أو الجسدي.

 

–   قبل ظهور الشائعات.. هل وصلتك تهديدات أو ما شابه ذلك ؟

قبل الشائعات أبدعوا في التهديد والوعيد وأرسلوا رسائل الكترونية تحوي كل أنواع الشتائم والتهديد والوعيد والصور المفبركة وكان ذلك في الأسابيع الأولى من اندلاع الثورة في عام 2011. كما اخترق الجيش الالكتروني، الذي شكره الرئيس السوري علنا، نظام الجزيرة الالكتروني وسرب أرقام هواتفنا وحرض على قتلنا.

 

– لو تطرقنا لموضوع الثورة السورية.. صفي لنا تجربتك الإعلامية كمراسلة من الداخل السوري للجزيرة ؟

أحزنني وضع حلب فالدمار الذي سببته صواريخ السكود ذكرني بمنظر الضاحية في لبنان بعد العدوان الإسرائيلي عام 2006 وحالة الناس وصلت إلى مرحلة لا يتقبلها إنسان لكنهم صامدون فلا خيار أمامهم. كإنسانة كانت تجربة صعبة إذ لا يمكنك إلا أن تتألم مع الناس وكصحافية كانت تجربة غنية تتحدى فيها نفسك لتفصل مشاعرك وتبقى محايدا. ما أردته هو التركيز على الجانب الإنساني هناك وما رأيته أقلقني على مستقبل سوريا.

 

أما الطريف في كل هذه التجربة فهو انتقال مواقع أنصار النظام من تقديم جائزة لمن يقتلني في حلب إلى اتهامي بخطف رجل مسن أثناء تواجدي في حلب، إلى اتهامي باني لم ادخل حلب أصلا بل فبركت أستوديو شبيها بها في قطر ثم عادوا وروجوا أني لا زلت في حلب الآن مع “الإرهابيين” علما أني الآن في الدوحة وخرجت من حلب منذ شهر ونصف! تخبط مثير للسخرية وشائعات تناقض بعضها.

 

–  بعد تجربتك في دخول حلب.. هل ستدخلين مناطق أخرى ؟ وتعاودين للتغطية الميدانية ؟

طبعا سأدخل مناطق أخرى فأنا مراسلة ميدانية قبل أن أكون مذيعة وحالما تتاح لي الفرصة سأدخل وأغطي ولو سمح النظام بدخولنا مناطقه لما اكتفينا بتغطية الجانب الذي تسيطر عليه المعارضة فقط لكن النظام هو من اختار أن يعزل نفسه.

 

–   كيف استطعت الوصول إلى الخطوط الأمامية للقتال بين الثوار وجيش الأسد ؟

كانت مخاطرة لكني توكلت على الله.

 

–  ما هي أبرز المشاهد التي علقت بذاكرتك من سوريا وحلب؟

أكثر ما أثر بي تلك العائلة التي تعيش مع عشر عائلات أخرى في قبو تحت الأرض في أسفل بناية بمساحة لا تتعدى مساحة غرفتي نوم من دون ماء ولا طعام ولا أثاث ولا كهرباء ولا تهوية ولا صرف صحي، هربوا مع أطفالهم من منطقة قاضي عسكر بعدما دمر قصف النظام منازلهم. أحزنني منظر البلدة القديمة حيث اعتدوا على التاريخ وفسخوه بين جانب يسيطر عليه النظام وشبيحته وجانب يسيطر عليه المعارضون المسلحون فحل السلاح والعنف مكان الآثار والعراقة.

 

–  كانت لك تجربة مختلفة باستضافة محللين سياسيين يميلون فكريا إلى جانب نظام الأسد.. أمثال شريف شحاتة وغيره.. واتهامك بأنك منحازة للثورة.. كيف تردين عليهم ؟

لست أنا المنحازة للثورة بل هم منحازون للنظام  ولا بأس بذلك هذا حقهم ونحن نستضيفهم ليعبروا عن وجهة نظر النظام أصلا وعن رأيهم لكن ضعف حججهم ردا على أسئلة الناس التي انقلها إليهم تجعلهم عرضة للإحراج. قل لي كيف تتعامل مع سياسي يقول إن النظام لم يستخدم سكود وأنا مثلا رأيت السكود بعيني في حلب؟؟ أنا أستضيفك لتجيب عن أسئلتي وليس لاستخدام شاشتي لترويج البروباغندا وتضليل المشاهد. فليقل لي أحد كيف أصدق رواية طرف قام بترويج كل أنواع الشائعات عني شخصيا. من يكذب هنا يكذب هناك. على أي حال أتحدى أيا كان أن يعثر لي على سؤال غير مهني طرحته على هؤلاء. كلها أسئلة منطقية مهنية عادلة من حقي لا بل واجبي أن أسألها ولا علاقة لموقفي الشخصي بها. اطرح نفس الأسئلة على المسؤول اليمني وقبله المصري وقبله اللبناني وقبله الفلسطيني الخ الخ لكن أحدا منهم لم يتهمني بالانحياز، لم عندما أتى الأمر عند السوري توقعوا أن نلتزم صمت القبور وإلا التهديد والوعيد؟ فإما أن تمجدهم أو أنت خائن ومنحاز للثوار؟ هل هذا مقبول؟

 

– لماذا لمع نجم غادة عويس في النشرات الإخبارية لمتابعة الشأن السوري أكثر من غيرها من مذيعي الجزيرة.. وخصوصا متابعة الانشقاقات ؟

أنت تقول لامعة فيما أرى نفسي عادية أقوم بعملي وواجبي بضمير ومهنية في كل الملفات وليس الملف السوري فقط. ربما كلبنانية مسيحية أدرك أكثر من غيري كيف يفكر ويعمل النظام السوري فقد عاشوا بيننا إبان الوصاية على لبنان وهم غير معتادين على حرية الإعلام.على أي حال أنا لم أدل يوما بآرائي السياسية وأحتفظ بها لنفسي ولا أنحاز لأحد وفقط أطرح أسئلة مشروعة.

 

–  هل ممكن أن نتطرق إلى جوانب أخرى في حياتك المهنية.. ما الذي استفادته غادة عويس كإعلامية بعد انضمامها للجزيرة ؟

انضمامي للجزيرة جعلني أكثر احترافا وأكثر شهرة لكني كنت دائما ولا زلت جريئة وحيادية في نفس الوقت.

 

–  لو عاد الزمن بك إلى الوراء.. هل ستكونين إعلامية ومذيعة أم ستختارين وظيفة أخرى ؟

ما كنت لأختار مهنة أخرى.

 

–   ماذا تفضلين العمل كمذيعة ومقدمة برامج أم مراسلة ميدانية ؟

مراسلة ميدانية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى