الحملة الانتخابية…مواقف وطرائف من حملة سابقة…..

كتبت خديجة الملقبة الدهماء:

الزمان أنفو –
دعاني (…) لجولة ليلية في أجواء الحملة، ابتاع مؤونة النّزهة فنجان قهوة و كأس عصير،… كانت الشوارع الرئيسية “فركَان” من الخيام المتراصَّة، تعلوها متاهات صوتية عابرة للأعصاب، أشكالٌ “سياسية” متعددة الأبعاد النسقية، حزبية، أيدولوجية، دينية، قبلية، ولا شيئية.. يتبادل المتنافسون فيها الصيحات واللَّسعات من خلال مكبّرات الصّوت … تَواشجَ هذا الخليط مع الكثير من الحماس والعصبيَّة فأنتج حملة أصبحت “علامة موريتانية مسجلة”،…

هذا اللون التعبيري الوطني قذف ببعض المستور من الإنعاش الى السَّطح، “الهول”، استعراض الحسان، تهريج المهرجين وجُمهور القاع،..
ومن مفارقات الالتزام الحزبي أن المناضل الفقيه مثلا، مُطالَب بالانفصال عن ذاته في ليالي التنشيط الانتخابي.. فقد يضع ركبتيه الى ركبتي الم.خ.ن.ث تحت الخيمة.. مناضل بمناضل! “راصْ ابراصْ”.. “والنَّوَّاِسيُّ عانقَ الْخَيَّامَ”،.. إنها الديمقراطية!

وتحت خيام “لِفْريكَ” المُقابل، قد تجد الدَّعوة، والأناشيد الدينية، والقرآن، و”التَّيْمِيُّ” يعتمرُ عمامةً بذيْلٍ، تحُفُّه العباءات، والعيون النَجْلاَوَات، يُثلِّثُ منها ويُربِّع على راحته.. إنها الديمقراطية الحَلال!
فريقان متناسخان، فريق يُميِّعُ الوعي ويضيِّعه، وفريق يُسوِّره ويُصَفِّده.

متعة التَّرفيه في “حملاتنا” أنه يُطعَّم بفقراتٍ من “عالم الليل المُنفتح” لمدينتنا الكئيبة لا علاقة لها بالبرامج السِّياسة أو التنموية النكدية،.. إنعاش “مبهج” لتوصيل أي تهريج لا يحمل مضامين من تلك الجادة.

تَقدَّم بنا السَّير نحو قصر المؤتمرات، علِقنا في زحمة خياليَّة.. وفجأة مَرَّ أمامنا سِربٌ نديّ القسماتِ من غانجات الكُحل، يتثنَّى،.. يَضحكن ويُلوِّحْن.. كان “مُنَزِّهِي” يروي قصة في الأثناء، انقطع صوته!،.. رحل من بين يديَّ،.. هَمَدَ وخَمَد، وبدأ رأسه في الدَّوران مُتتبِّعا حركات السِّرب، قيَّمتُ بغريزة الذَّود عن العرين خطورة الوضع، وسارعتُ بنصبِ الدفاعات النَّفسية لاعتراض سهام النَّظرات،… حاولتُ أنْ أُبعِد ذهنه مسافة خُطوات عن تسونامي الأنوثة العابر،.. لكن، كلَّما تقدَّمنا خطوة جادت علينا جادة المرحوم المختار ولد داداه بموجة أخرى من المائِسات، يتخللَّن السَّيارات في دلع،..

وجدتُني أتقمَّصُ دور الواعظ المُروري: ركِّزْ على الطريق، انظرْ أمامك، حاذرْ أن تصدم إحدى الفتيات!… فيكرِّرُ بصوتٍ مَسحوبٍ شاردٍ، حاضرْ، حاضرْ، لستُ أعمى… فأتمتم: ذلك بيِّنٌ! .. أحاولُ في مثل هذه المواقف أن يَرضَى الاتّزان عن انضباطي، بتثبيط حاسة الانفعال العفوي..
قضيتُ بقيَّة ليالي الحملة في تنظيم حملةٍ مضادَّة، أحذِّرُ صديقاتي من “أمهات العيّال”، من تلبية دعوة “أبو العِيَّال” جولة ملغومة، يُنعش فيها خافِقَه المُكَمَّم تحت غطاء الشرعية الملفوفة في “نزهة سرية” أمام قصر المؤتمرات.

تحياتي.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى