إمرأة تتحدى الرجال

imageفرضت المديرة الجديدة للتلفزة الوطنية خيرة بنت الشيخاني نمطا جديدا من التسيير في مؤسستها يتحدى الأنماط التقليدية للإدارة الموريتانية التي يسيطر عليها الرجال، فقد قامت المديرة فور تعيينها قبل أشهر بإعداد جرد كامل لواقع التلفزة وميزانيتها ومديونيتها متخذة من المفتشية العامة للدولة شاهدا على الوضعية التي وجدت فيها هذه المؤسسة، وهي وضعية تتميز حسب المعلومات المتوفرة باستغلال مفرط للموارد وتضخم كبير في الرواتب مع تسيب شبه مطلق للكادر البشري العامل، ومصاريف كثيرة استفاد منها عدد من الشخصيات الذين لا صلة لهم بالتلفزة الوطنية.

 

وكان أول ما قامت به المديرة الجديدة هو تحريمها على نفسها توقيع أي صفقة تتجاوز 200 ألف أوقية وتشكيل بدلا من ذلك لجنة قطاعية في التلفزة مسؤولة عن دراسة ومنح الصفقات التي تزيد على هذا المبلغ، معتمدة في نفس الوقت على المعايير الفنية والقانونية المتعارفة التي تضمن شفافية أداء اللجنة القطاعية.

وقد أدى هذا الاجراء إلى أن أصبحت العمليات المالية في هذه المؤسسة معروفة للجميع ولم تعد سرا من أسرار المدير العام.

ومن ناحية ثانية استعدت المديرة كافة الكادر البشري للمؤسسة كي تنهي حالة التسيب وتستفيد من الكفاءات المهنية للتلفزة التي كانت توجد في الظل، مع القيام بعملية تقييمية للحاجة الفعلية للتلفزة من الموارد البشرية.

وبادرت التلفزة إلى إجراء مسابقات عمومية لسد النقص الحاصل في بعض الأوجه الوظيفية والعمل على اعتماد مسطرة برمجية جديدة تؤهل المؤسسة لتحسين أدائها وخدماتها.

وبالنسبة لتغطيتها للنشاطات السياسية قررت المديرة الجديدة تمكين كافة الأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني التي تستفيد من تغطيات هذه المؤسسة من ايفاد من يمثلهم لدى تركيب التقرير وإعداد الخبر الذي سيذاع عنهم للتأكد من أن التلفزة لم تعد تقوم بأعمال تفضيلية في مجال تغطياتها الإخبارية بين الأحزاب السياسية سواء في الموالاة أو في المعارضة.

لكن القنبلة الكبيرة التي فجرتها هذه المديرة الشابة التي كانت تعمل أستاذة للاتصال بالجامعة تمثلت في كشفها عن أكبر عملية تلاعب في تاريخ التلفزة الموريتانية تضم مئات الملايين من الأوقية، تم تحويلها عن طريق البنك المركزي الموريتاني خلال العشرة سنوات الماضية لمكتب في المغرب علي انها حقوق مباريات بطولات عالمية كبري، تم شرائها من قناة الجزيرة الرياضية القطرية لبثها ارضيا في التلفزة الموريتانية.

وتعود القصة إلي رفض المديرة الجديدة التعامل مع مكتب إنتاج غامض في المغرب من أجل شراء حقوق نقل بطولة المحليين الحالية التي يشارك فيها المنتخب الموريتاني، علي اعتبار عدم وضوح موقفه القانوني وعلاقته بالحقوق وكانت المفاجأة الكبري بعد أن ربطت مديرة التلفزة الإتصال بالقناة الأم في قطر، والتي كشفت بأنه لاعلاقة لها بالمكتب المذكور في المغرب ولم تبع له في أي وقت حقوق كما لم تصلها أي اموال منه، وقررت الجزيرة الرياضية رفع شكوي ضد المكتب المذكور، لكن المفاجأة الثانية كانت في عدم وجود أثر للمكتب في المغرب، ويبقي الأمل الوحيد هو كشف البنوك المغربية عن الشخصيات التي سحبت مئات الملايين المرسلة من موريتانيا، وعن طريقها يمكن معرفة المتورطين في اكبر عملية فساد في تاريخ التلفزة، وحسب المعلومات المتاحة حول الموضوع فإن أحد المدراء السابقين للتلفزة الموريتانية هو من كان على الأرجح وراء التعامل مع المكتب المشبوه المذكور وحتى شراء مسلسلات اتضح في ما بعد بأنها هدية من دولة عربية، ويبدو بأن جميع المدراء العامين للتلفزة الذين تعاقبوا عليها بعد ذلك ربما تعاملوا مع نفس المكتب عن جهل أو دراية إلى أن استطاعت المديرة الجديدة كشف عملية إحتياله وقررت التعامل مباشرة مع قناة الجزيرة الرياضية وبين اسبور الحالية، للحصول علي حقوق نقل مباريات أمم إفريقيا للمحليين، وربما ستكشف الأيام القادمة أسماء المتورطين في الفضيحة من موريتانيين وأجانب.

المصدر: الأمل الجديد

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى