هل انتهى بيرام؟

altعندما تكتبُ أيام الحراطين فسيكتبُ أن التاسع والعشرين كان يوماً للحراطين. ولكن على من؟ على البيضان؟ على الحكومة؟ على إيرا؟ على المعارضة التقليدية؟ على الحوارات النخبوية؟ الحقيقة أن كرة الثلج كبرت والتحق بها حتى من هو ضدها.

كان منطقه: “إذا لم تستطع هزيمتهم انضم إليهم.” ويمكن العودة إلى أرشيف المنافقين والمؤلفة قلوبهم. فقط منذ عام كانوا ينكرون وجود قضية حرطانية من أساسها. وكانوا يعتبرون داعي فتنة كل من أثارها. بعض من أصبح يعبئ للقضية كان ينكرها في الفضائيات منذ عامين. في أحسن الأحوال كانوا يرفضون حل قضية الحراطين خارج إطارها الوطني، العمومي، باعتبارها مجرد قضية تنمية ولا علاقة لها بميز الدولة.

الجمهور هلامي، ولكن فقط لمن ينظر إليه من أعلى التلة. فقط للأعداء. أما داخله تكمن تفاصيل. هنالك معارضة تريد توجيه حراك ضد النظام لتوسيع حوار يرفضه النظام. هنالك قوى حزبية تريد دخول الكتل التصويتية التي لم تحظّ بها بعد. هنالك قوى شبابية تحولت إلى مشاريع تسييرية والآن هي تريد التشمس في القضية العامة. هنالك حتى أنصار للحكومة. (مدسوسون؟). كل هذا ليس ضد القضية. هذا دليل على انتصارها. كل أحدٍ يريد التحكم فيها، دون جدوى.

الآن. الآمال كبيرة. القضية انتصرت. تم الاعتراف بها. تمّ إظهارها. الحراطين، كما كانوا دوماً، قضية سلمية. ليسوا وندالاً؛ ليسوا هوناً؛ ليس مغولاً. ولكن انتصار القضية إعلامياً وطنياً يختلف عن حلِّها. هل يمكن لبرجوازية عنصرية مغلولة اليد بالبنك الدولي وضئيلة الموارد أن تقدم تنازلات ريعية أو حتى مشاعية؟

هل انتهى بيرام؟ لا شك أن القوى البيضانية، وحتى الحرطانية الشعبية، تريد تفادي المنعرج الراديكالي البيرامي في القضية الحرطانية. الساموري ولد بي راديكالي وقد سبق أن دعى إلى حل القضية الحرطانية بتدخل أممي. ولكنه يبدو للمراقب العادي أقل تطرفا، وبالتأكيد أقل عنصرية. إنه قادم من الشرعية النقابية ومن المجتمع المدني. إنه قوة منظمة، ديمقراطية، ومؤسسية.يمكنه أن يقود منعرجاً جديداً. ولكن يجب عدم نسيان أن الجهود اليبرامية هي التي خلقت الوعي بالقضية. هل يجب سرقة عرقه واقتطاف ثمرته؟ هل يمكن هذا أصلاً؟

إنه لم ينتهِ. في اليوم الذي تفشل فيه المصالحة سيعود. حتى بألف تعيين ومحاصصة ستبقى القضية الحرطانية مطروحة. إنها ليست مجرد قضية طبقة وسطى. بل هي قضية فلاحين وآدوابة وتائقين للمساواة والاعتبار، ليس فقط في المشاع، في المدارس والسدود والمركوب والمأكول، بل في النظرة، في الللغة، في المخاطبة.

الدولة الريعية لا يمكن أن تقدم إنقاذاً اجتماعياً. لا يمكنها تقديم تمييز إيجابي. لا يمكنها تقديم “عمل تصحيحي”. المال الخصوصي بلا دور. هو مال عائلي وقبائلي ولا علاقة له بالقيم الاجتماعية الكبيرة: المساواة، العدالة، الحوار المحترم والاعتراف المتبادل. بيرام سيعود. عودته ترتبط بفشل وعود الدولة. سيعود.

بقلم: ابو العباس ولد ابراهام

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى