ما نريده من موريتانيا الشقيقة

بقلم: سعيد زروال / صحفي صحراويمن الصعب الكتابة عن العلاقات الموريتانية الصحراوية بعد ثلاثة عقود من التوقيع على اتفاقية مدريد، ولن أخوض في الجانب التاريخي للعلاقات الموريتانية الصحراوية لأن أي حديث في هذا الموضوع قد يجر صاحبه إلى تهم أقلها الخيانة من قبل الأوصياء على الوطنية في بلاد شنقيط أو بالدولة الصحراوية، لكن هذا لا يمنع من إسداء النصح للأجيال الجديدة بضرورة الاستفادة من أخطاء الماضي والتطلع إلى المستقبل بالاستفادة من القواسم المشتركة بين الشعبين الموريتاني والصحراوي، وهو ما تحدث عنه الامين العام الاممي السيد بان كيمون في زيارته الأخيرة إلى العاصمة الموريتانية.

 

إن المتابع لطبيعة العلاقات الموريتانية الصحراوية سيقف بسهولة على بعض التناقضات التي تشوب هذه العلاقة، ففي الوقت الذي ينتظر فيه الشعب الصحراوي هذه الأيام إمكانية فتح سفارة صحراوية بالبرازيل التي لا تنتمي إلى قارتنا ولا إلى مجالنا الجغرافي ولغتها البرتغالية بعيدة عن لهجتنا الحسانية المشتركة، لا زالت موريتانية الشقيقة تمنع فتح أي سفارة صحراوية رغم مرور أكثر من 37 سنة على توقيع اتفاقية السلام بين البلدين، وهي الاتفاقية التي اعترفت بموجبها الدولة الموريتانية رسميا بالدولة الصحراوية دون أن تجسد ذلك الاعتراف على أرض الواقع بالسماح بفتح سفارة صحراوية بنواكشوط.

 

إن فتح سفارة صحراوية بالعاصمة الموريتانية لن يزيد العلاقات الصحراوية الموريتانية إلا مزيدا من المتانة ويبعدها عن تجاذبات وتقلبات السياسة، ويضمن لموريتانيا حضورها القوي والوازن في قضية الصحراء الغربية، وسيثبت للعالم أن القرارات السيادية الموريتانية لا تخضع لأي ابتزاز أو تهديد من قبل الجيران، وأن تأثير نواكشوط في قضية الصحراء الغربية، لا يقل عن تأثير الجزائر ومدريد.

 

إن رفع العلم الصحراوي بسماء نواكشوط هو التجسيد الحقيقي لسياسة الحياد الإيجابي التي تنتهجها موريتانيا، فلا يعقل أن تقبل موريتانيا بوجود سفارة مغربية بعاصمتها وتمنع هذا الحق على الصحراويين، ولا ننسى أن بموريتانيا جالية صحراوية كبيرة هي بأمس الحاجة إلى وجود سفارة صحراوية تستطيع من خلالها حل مشاكلها، كما أنه من غير المعقول إبقاء منطقة لكويرة على وضعها الحالي ومنع الصحراويين من الاستفادة من موقعها الجغرافي وشواطئها المهجورة خاصة في فصل الصيف حيث تفوق درجة الحرارة الـ50 درجة بمخيمات اللاجئين الصحراويين، ولا أعتقد أن السماح للمواطنين الصحراويين بزيارة المدينة المهجورة وتنظيم زياراتهم لها سيؤثر على الأمن الموريتاني، مع إمكانية التفكير في إقامة مشاريع اقتصادية مشتركة لصالح اللاجئين الصحراويين ولم لا يتم ذلك بالتنسيق مع المنظمات الدولية المعنية.

 

إن سياسة الحياد الايجابي التي تنتهجها موريتانيا في قضية الصحراء الغربية تقتضي الوقوف مسافة واحدة من الطرفين دون أن تعطي لأحدهما حقا أكثر من الآخر، لذلك حان الوقت للسماح بفتح سفارة صحراوية بالعاصمة الموريتانية إلى جانب السفارة المغربية وعدم الرضوخ لمنطق الطرف المغربي القائم على مبدأ “لكوير” مقابل السفارة، أي التهديد باجتياح منطقة لكويرة في حال السماح بفتح سفارة صحراوية بالعاصمة الموريتانية.

سعيد زروال

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى