أيهما نصدق : طريق “الأمل” أم وزيرة التجهيز والنقل؟

الزمان انفو –

– كتب محمد الأمين ولد الفاضل

تحدثت وزيرة التجهيز والنقل عن حوادث السير في أول لقاء لها مع النواب بعد تعيينها على قطاع التجهيز والنقل، وقدمت خلال حديثها إحصائيات قالت فيها بأن تهالك الطرق لا يتسبب إلا في 9% فقط من حوادث السير، وأن 85 % من الحوادث هي نتيجة لأخطاء بشرية يرتكبها السائقون. هذه النسب  كررها أيضا وزير الاقتصاد والمالية خلال ردوده على النواب في جلسة برلمانية أخرى.

ذلك هو ما تقوله الحكومة، أما يقوله مقطع طوله 50 كلم من طريق “الأمل” فهو معاكس تماما لما قالت الحكومة، فلنستمع إلى ما يقوله هذا المقطع.

قبل تقديم ردود هذا المقطع من طريق “الأمل “على إحصائيات الحكومة، فإني أتوجه  بالشكر إلى الدكتور “أحمدو بلاَّل” رئيس قسم الحالات المستعجلة بمستشفى “حمد” في بوتلميت، والذي ظل خلال سنوات عمله في هذا المستشفى يوثق كل حوادث السير التي تقع على المقطع الممتد على مسافة 100 كلم ( 50 كلم شرق مدينة بوتلميت و50 كلم غربها)، وقد نشر أخيرا الحصيلة السنوية لحوادث السير التي وقعت على هذا المقطع على الصفحة الرسمية لحملة “معا للحد من حوادث السير”.

تقول هذه الإحصائيات التي جمعها الدكتور من خلال عمله الميداني بأنه خلال العام 2018، وعلى المقطع المذكور والممتد على مسافة طولها 100 كلم، تم تسجيل 129 حادث سير كانت حصيلتها الإجمالية 454 إصابة موزعة على النحو التالي: 50 حالة وفاة؛ 46 إصابة خطرة ؛ 91 إصابة بكسور، والبقية إصابات متوسطة و خفيفة.
نسبة الضحايا من الفئة العمرية التي تتراوح بين ( 7 إلي 40 ) سنة  مثلت %70,1 من مجموع الضحايا، والفئة التي تفوق 40 سنة مثلت نسبة %28,4، في حين مثلت نسبة الأطفال دون 7 سنوات  %1,5 من مجموع الضحايا.
تسع حوادث سير من هذه ال 129 حادث سير التي تم تسجيلها على هذا المقطع وقعت على الخمسين كلم الواقعة شرق مدينة بوتلميت، في حين أن 120 حادث سير، أي ما يمثل نسبة 93.1 % من مجموع الحوادث التي تم تسجيلها على المقطع 100 كلم وقعت على الخمسين كلم التي تقع غرب مدينة بوتلميت، أي أنه ـ وبلغة المتوسطات ـ وقع حادث سير خلال العام 2018 على كل 460 م من الخمسين كلم التي تقع غرب بوتلميت. تكرر حوادث السير بهذا الحجم الكبير على هذا المقطع الذي لا يتجاوز 50 كلم كان يستوجب ـ لو كان هناك اهتمام حقيقي بحياة المواطنين ـ إجراء دراسة ميدانية لمعرفة الأسباب وراء تكرر الحوادث بهذه النسبة الكبيرة على هذا المقطع بالذات. ستة حوادث سير من المائة والعشرين حادث سير التي وقعت على هذا المقطع في العام 2018 كانت هي الأثقل حصيلة، ففي هذه الحوادث الست توفي31 شخصا، أي بمعدل 6 قتلى في كل حادث. وتمثل هذه ال31 نسبة 60 % من مجموع الوفيات على هذا المقطع.
60 % من الوفيات في العام 2018 بسبب حوادث سير على هذا المقطع، توفوا في حوادث سير تسببت فيها حفر على الطريق، ونتج عنها تصادم سيارتين، ومع ذلك تكرر الحكومة على مسامعنا بأن رداءة الطريق لا تتسبب إلا في 9% من حوادث السير. 

هذه الحوادث الست وقعت في التواريخ والمواقع التالية التي توجد بها حفر:

ـ في يوم 23 مايو 2018 وقع حادث سير عند المدخل الغربي من بوتلميت، وكان بسبب حفر، وتوفي فيه 5 أشخاص.

ـ  في يوم 26 مايو 2018، أي بعد ثلاثة أيام فقط من الحادث السابق، وعند الكلم (20 ـ 21) غرب مدينة بوتلميت وقع حادث سير بسبب حفر، وكانت حصيلته 5 وفيات و7 إصابات خطرة.

ـ في يوم 4 أغسطس 2018 تسببت الحفر نفسها الموجودة على الكلم (20 ـ 21) غرب مدينة بوتلميت، في  وقوع حادث سير آخر كانت حصيلته هذه المرة وفاة 8 أشخاص وإصابة 14 شخصا.

ـ في يوم 15 أغسطس 2018، أي بعد أقل من أسبوعين من حادث الكلم (20 ـ 21)، وعلى بعد واحد كلم ، أي عند الكلم 19 وقع حادث آخر بسبب الحفر، وتوفي فيه 5 أشخاص وإصابة شخصين بإصابات خطيرة.

ـ في يوم 1 نوفمبر 2018، وقع حادث عند الكلم (49ـ 50) بسبب الحفر، وكانت الحصيلة 3 وفيات.

. ـ في يوم 10 ديسمبر ، وعند الكلم 10 غرب بوتلميت وقع حادث سير آخر بسبب الحفر، وكانت حصيلته 5 وفيات وأربع إصابات.

إن هذه الحوادث الست والتي تسببت في وفاة 31 شخصا على الأقل، وعلى مقطع لا يتجاوز 50 كلم، والتي كانت كلها ناتجة عن رداءة الطريق (الحفر) تجعل من الصعب جدا تصديق النسب التي تتقدم بها الحكومة.

دعونا نفترض جدلا بأن المقطع الممتد 50 كلم غرب مدينة بوتلميت هو مقطع كاذب، وأن الحفر الموجودة عليه لم تتسبب في أي حادث سير. ودعونا نفترض جدلا بأن الحكومة صادقة عندما قالت بأن تهالك الطرق يتسبب فقط في نسبة 9% من حوادث السير، وبأن السائقين يتسببون في نسبة 85% من حوادث السير. دعونا نفترض جدلا كل ذلك، ولكن يبقى السؤال : ماذا فعلت الحكومة من أجل الحد من نسبة 58% من حوادث السير التي يتسبب فيه السائقون؟

للأسف لم تفعل الحكومة شيئا يذكر في هذا المجال، فهي لم تنظم أي حملات تحسيسية وتوعية للسائقين، بل على العكس من ذلك، فإن وزارة التجهيز والنقل قد حاولت في العام 2016 أن توقف الأنشطة التوعية التي كنا نقوم بها في حملة “معا للحد من حوادث السير” لصالح السائقين والركاب عند نقاط التفتيش خارج العاصمة. ثم إن الحكومة لم تُفَعِّل نقاط التفتيش، ولم تظهر أي صرامة في معاقبة السائقين الذين لا يحترمون قواعد السلامة المرورية. بالمختصر الصادم فإن الحكومة لم تقم بأي جهد يذكر في مجال توعية السائقين أو في مجال تشديد العقوبة على المتهورين منهم، وذلك حتى تقلل من الحوادث التي يتسبب فيها السائقون، والتي تقول الحكومة بأن نسبتها تصل إلى 85% من مجموع حوادث السير التي تقع على الأراضي الموريتانية.

أختم هذا المقال بالتذكير بمطالب الجملة الست، والتي كنا قد سلمناها للوزارة في يوم 26 ـ 11 ـ 2018، والتي سنعمل من أجل أن نجعل منها عريضة مطلبية يوقعها عدد كبير من الموريتانيين.   

المطالب الست لحملة “معا للحد من حوادث السير”:

1ـ إصلاح وترميم المقاطع المتهالكة من الطرق الحيوية
2ـ توفير فرق إسعاف وإنقاذ بكامل التجهيزات على كل المقاطع الحيوية من الطرق
3ـ تفعيل نقاط التفتيش والصرامة في تطبيق قواعد السلامة المرورية

4ـ ضبط وتنظيم حركة الشاحنات بما يساهم في الحد من حوادث السير، وخاصة على مقطع (نواكشوط ـ بوتلميت(.

5ـ مراجعة مبلغ الدية، وتفعيل دور شركات التأمين

6ـ التركيز على التوعية والتحسيس، وتخصيص أسبوع وطني للسلامة المرورية

 

حفظ الله موريتانيا..

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى