“إمارة آل عزيز” ونذر التفكك

altبعد خروج اعل ولد محمد فال قبل عدة سنوات من اللعبة ظاهريا، ربما لأغراض سياسية “أسرية” أكثر مافوية وعمقا ودراسة، تحسبا لتحولات انقلابية أو سياسية،ستتيح لأطراف (قبلية أخرى من مجموعتهم السياسية) لعب أدوار أخرى، ولو أقل من الرئاسة، تمنح فرص تجديد مشروع الإمارة “السباعية” التي فشلت في الظهور في المغرب والسينغال(وإن نجحوا في وقت سابق في السيطرة على ولاية اللوكه نائبا وعمدة وإنشاء مدينة كبمير)، ونجحت في التآمر على الموريتانيين البسطاء السذج!.

وظهر فيما بعد خروج اعل ولد محمد فال، وحش الحالة المدنية المفترس، الذي يوحي منظره بالانقضاض والجشع غير المحدود.

وتعزز دوره بعد تمكن عزيز، ولعب دور الوكيل المأمون، لجمعه المال لسيده، أكثر مما يجمع لنفسه، وظهرت مخالبه على قطاع الداخلية والشرطة، مكللة بالمشروع “الجبائي” الرهيب، أي ما يسمى وكالة سجل السكان والأوراق المؤمنة، ويذكر سائقوه وبعض موظفيه، مكالمات مع سيده، فيأمرعلى إثرها سائقه ـ على عجل ـ بالتوقف فورا، ويخرج من السيارة إلى الشارع، خائفا من التقاط السائق العارف باللعبة القذرة،لتفاصيل بعض سرقاته، قائلا:

حضرة الجنرال، أجل حولت 600 مليون أوقية، وكان ذلك في اول ظهور المشروع التدميري، فمابالك بما بعد تحويل المبالغ الكبرى، وتعزيز قبضته على قطاع الحالة المدنية، وإبعاد جل العمال الرسميين في القطاع، الذي كانوا يعملون في بعض   السكينة ، قبل مجيئه المشؤوم إلى الحالة المدنية.

وللتذكير للعميل رقم واحد،

اسمان: امربيه ولد الولي

ومحمد فاضل ولد الحضرامي،

من مواليد الحوض الشرقي، لأم من “لشياخ” ، ولأب من بني السباع، وقد عمل في مصرف اتحاد بنوك التنمية(UBD) على خلية القروض، ثم مديرا للاستغلال في البنك العام لموريتانيا(GBM) قبل ان يختلف مع بوعماتو، ويحال إلى نشاطات تجارية مع العقيد ـ وقتها ـ محمد ولد عبدالعزيز، تشمل الغاز والنقل، وقد تدخل له عزيزأيام سيد ولد الشيخ عبدالله، عند مفوضية الأمن الغذائي(CSA) للتكفل بحمل أغلب مواد البرامج الاستعجالي سنة 2007، وله في نفس القطاع عدة عقود مع شركة (ATTM) وغيرها من المؤسسات الوطنية الوازنة .

وقد سيطر على كل ما يتعلق بالهوية الوطنية،ضمن البرنامج المريب(سجل السكان والأوراق المؤمنة)، جامعا صلاحيات الشرطة ،والعمد وجهات إدارية إخرى، لسبب وحيد هو أنه ابن عم “الرئيس” ومقربه المالي المافيوي العتيد، الذي ساهم ببراعة في تحطيم الإدارة وهيبة الدولة، وجمع جزء كبير من ثروة عزيز الحرام الواضحة للعيان.

وإن أغفلنا الأمر وقتا يسيرا،عن هذا البلدوزر المخيف على مستقبل البلد المسكين.

لنصل إلى توظيف أموال الرئيس ضمن شركات تجارية، يروج أنها تستثمر في الإستيراد لصالح الحاكم العسكري المتغلب، وسط ما يروج له عن خلاف بين عزيز وأهل قده، الذين يحاولون إنكار جزء من مستحقات عزيز، في عمليات السمسرة والوساطة، التي تنتج عنها مليارات ـ تقول المصادر العليمة ـ أنها تبيض ضمن العمليات التجارية التقليدية، من بيع، واستيراد، من خلال كميات هائلة من المواد الغذائية، خصوصا السكر، يذهب جله  إلى الدول الإفريقية، المجاورة.

ويتحدث مصدرنا (أحد أفراد الأسرة الحاكمة وغيره) عن خمسين مليار أوقية لولد عبد العزيز،داخل مؤسسات أهل قده، يرعاها ابن خالته المأمون .

رغم أن شركة أهل قده، كانت تتمتع بأموال أقل، قبل فرص العهد الحالي، وتتمتع أيضا بمصداقية نسبية، إلا أن شراكتها (محل الإدعاء والشائعات) وإن لم تتأكد بصورة تامة، قد جلبت حولها الكثير من القصص المثيرة، التي قد تقودها لمصير مماثل، لمأزق بوعماتو.

فإخفاء بعض المسروقات،في جو السمسرة واستغلال الحكم، عاقبته وخيمة، وهاهو أحمد ولد الطايع، شقيق معاوية، يدفع نفس الثمن، بغلاء أخلاقي ومادي باهظ، بعد إغلاق البنك العام لموريتانيا، ولو مؤقتا.

إن أهل موريتانيا نائمون، لا يدركون أن دولتهم في حالة احتلال تام، وخطف لمعظم الاعتبارات والصلاحيات المتعلقة، بمشروع دولة، في أقل مستوياته من الهيبة المفترضة و الاحترام المفقود.

إن الاستحواذ على الحكم بعد انقلابيين وانتخابات رئاسية مثيرة ، ومزورة بامتياز واتقان، في مستوى قياسي من الغموض والحبك المافويوي التاريخي، لم ينجم عنه إلا قيام (إمارة آل عزيز) ذات الطابع القبلي والعسكري، في نفس الوقت.

فهو يحرص على مصالح قومه، الذين يذعنون له،  أكثر من حرصه على تأدية أمانة سائرالمواطنين، بسواسية وعدل وانصاف، رغم أنه خطف أمر تسيير شأنهم العام، بغير رضا منهم، أو غالبيتهم على الأقل.

ومن جهة ثانية، يخاف كبار الضباط، وليس الجنود وصغار الضباط.

فأولئك ييسر سرقة رواتبهم ومخصصاتهم، عبر عملائه العائليين المعروفين، من أمثال “الشاطر الصغير المراهق” الدح ولد خوماني!.

وأما كبار الضباط ،لأنهم محل خطر أو انقلاب وشيك معروف الجهة المحتملة الراجحة .

فهؤلاء يخافهم، ولايود تحويل قضاياهم إلى القضاء، وحتى الآن مازال يرجى تحويل تهمة ولد الخوماني إلى مجرد عرية ضائعة، عسى أن يجرم البريء، ويبريء المجرم الواضح  الهتك والتبذير والتلاعب بأموال الجيش، ومنذ مدة، مع ضباط معروفين في المحاسبة، ومواقع النفوذ الكبير، ضمن مؤسستنا العسكرية المهترئة،المستباحة منذ10 يوليو 1978 وإلى اليوم، للأسف البالغ.

“إمارة آل عزيز” أوشكت على الزوال، لأن أهدافها انكشفت في كل اتجاه، ولن يبق إلا رصاصة الرحمة (انقلاب أهل الشرق) الذي سيخلص من الطاغية من جهة، ويورط بانقلاب جديد، وانتقال موهوم، لتستمر الورطة،لا قدر الله .

وربما يرجع العسكري معاوية، على شاكلة رجوع برويز مشرف، وقد يظهر قائد (بازب) من جديد، ولو بعد حلها، وظهورها باسم آخر، وجندي أو ضابط صف آخر، هذه المرة.

لماذا ؟.

لأننا وطن بلا شعب، وشعب بلا ذاكرة أو ضمير حي على الأقل.

لقد أسمعت لو ناديت حيا

ولكن لا حياة لمن تنادي

اللهم سلم..سلم، قبل الغرق، وقبل فشو الفتنة البيرامية، المدعومة من قبل النظام، لأنها تخدمه، بالفرقة وتشتت القرار، وانشغال الناس عن تصرفات أصحاب السمو اعل ولد محمدفال وبوعماتو واولاد قد،وامربيه ولد الولي، والدح ولد خوماني …

على غرار جماعة معاوية، أولاد عمار وولد جيلي، و ولد هيين ، وغيرهم من ضباط ورموز قبيلة تلك “الإمارة الشمسدية” الآفلة،التي كان من أبرز رموزها وطغاتها المدللين حليف أحمد ولد الطايع، السباعي  محمد ولد بوعماتو.

وقد اتسمت هذه الإمارة بإشراك أغلب الموريتانيين دون غبن كبير، بالمقارنة مع أبام عزيز السوداء.

رغم مساويء المرحلة الطائعية، وسلبياتها الجمة المعروفة.

وفي زمن ولد هيداله، حمي ولد الطنجي، وأخو الرئيس أحمد سالم ولد هيداله، وغيرهم، وتلك” إمارة لعروسيين”.

وقبل ذلك إمارة “أهل داداه” مختار الرئيس وأحمد وزير المالية(1يونيو 1978)، ومن قبل ذلك محافظا للبنك المركزي، وأحد إخوته(عبدالله) في وقت سابق وزيرا للتجهيزوالنقل، وسفيرا في أمريكا، ومنزله الكبير حاليا خلف منزل الرئيس الراحل رحمه الله.

وفي سجن عزيز الحالي ،كلهم أمراء تقريبا، وعلى وجه فاحش،ونعني فحسب (مجموعة المافيا دون تعميم).

حكم اتسم صاحبه الأول  بالجمع والحرمان، مع من يتمتع بصفة صاحب السمو أوخانع خاضع مأمور، مثل غزواني وقريبه رئيس الحزب الحاكم، المبرر لسياسات النظام، دون تمييز، بين مايشبه الصواب أو الخطأ الأخرق البين.

إنها “إمارة آل عزيز” التي شهدت الجفاف والعطش والفقر المدقع، وسجن التجار بالتمييز وباستهداف الضرائب، لمن عصى أمر العزيز، ثم يأتي من بعد ذلك عام فيه يغاث الناس وفيه يعصرون، عام 2013.

بعد ضربة 13 اكتوبر 2012، والتي حيرت العاقل وأربكت الحيران، أوزادته حيرة على حيرته.

فإلى أين المفر؟.

 ربما إلى انقلاب وشيك، وأزمة طارئة، تصرف الطاغية، بإذن الله ،الأمير المغرور،دون أن يفتتنا أكثرمما فعل في عهده المرهق البائس المضطرب.

اللهم إننا عبادك، لا نملك إلا الدعاء والإستغاثة بك، يا أرحم الراحمين.

اللهم  خلصنا من “إمارة آل عزيز” بعد ما خلصتنا من إمارة (آل معاوية) وهيداله والمختار رحمه الله، لنصل إلى ربيعنا الخاص، دون عنف أوفتنة برامية أو عزيزية مداهمة قاضية، اللهم ءامين.

عبد الفتاح ولد اعبيدن المدير الناشر ورئيس تحرير جريدة الأقصى

 

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى