“اتنيبه” في الذاكرة و الوجدان/ سيدي علي بلعمش

بورتريه:

الزمان أنفو ـ

لأبناء تمبدغة عشق لروائح أديمها تقف دونه كل الأساطير ؛ به تمتلئ أفواههم عند ذكر اسمها و عليه تتحطم كل نظريات العشق في محاولة حل شفرة هذه العلاقة الوجدانية المتصاعدة، الموتورة في روائع المرحوم الشيخ محمد الأمين و فانتازيا هودج الأميرة وَهبَة، بتألق روحي يزداد افتتانا مع الزمن و صدق مشاعر يطارح التصوُّفَ أعلى درجات الوفاء.
“أثرُ جَگَنَّاي … (كما قال الشاعر) ؛ نعم ، لعله البرور ؛ فما تعرفه مدن الداخل من هجرة أبنائها ، منذ سنوات الجفاف (السبعينات) ، هو أقبح أنواع العقوق و ما يبررونه به أقبح من كل ذنب..
وحدهم أبناء تمبدغة ظل عشقهم لمدينتهم حالة وجدانية تأبى أي تفسير يَرسمُ حدود تبجحها.
تمبدغة عروس مدائن الحوض الشرقي المدللة ، المولَعة بتاريخ عروة بن الورد ، الرافضة لأنصاف الانتصارات : إذا لم تحتلها فلا تنتظر أن يحتلك ودها..
في هذه البقعة وحدها، لا تفوز بإحدى “الحسنيين” إذا لم تفز بأختها .
و كل تاريخ النفائس مكتوب بالدم و الدموع.
مدينة الإمدادات البعيدة و الوجع التاريخي المفتوح :
– هنا (ولستُ مؤرخًا و لا “سَكَّاتَه”)، هُزمَت مشظوف على يد أولاد يونس بعد خمسين سنة من الهيمنة..
– هنا هزم أولاد يونس على يد أولاد أمبارك بعد خمسين سنة من الهيمنة
– و هنا عادت فرسان مشظوف منتصرة إلى مرابضها بعد مائة و خمسين سنة من هزيمتها ، ليَكسرَ الاحتلال الفرنسي – بعد تحكُّمهم (مشظوف)- موجة خارطة التحولات التاريخية النمطية، المرسومة بالعرق و الدم . (و وحده البقاء لا يحتاج إلى دليل أكبر من البقاء)..
تمبدغة عاصمة الفن الأصيل المُعْرَوْرَف عشقًا و شعرًا ، تُرخِي اليومَ جدائلها المُعطَّرة لجُموح أجيال مأزومة الأمزجة، تحتاج عودة إلى الوراء لتذوُّق نكهة التاريخ و عبق الأصالة ، بعد صراع بقاء مرير حوَّلَ آباؤُهم كل مآسيهِ ملهاةً جميلةً تتنفس شعرا و فنا .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى