لقد أخطأالعلامة الددو فوجب البيان

altوقعت بين العلامة الشيخ سيد المختار الكنتي والعلامة المختار ولد بون الجكني نقائض وسجالات عديدة كان منها قول ولد بون:

فكوني لم أحظ بحظك لم يكن بما نعي التوفيق من مانحي العطا

أتسلبني ديني والله ما شاء مثبت اذن انت في تقدير نفسك مفرطا.

تذكرت هذا عندما أردت الكتابة بيانا وتبيينا لما نري أنه خطأ وقع فيه العلامة محمد الحسن ولد الددو حفظه الله في مداخلته يوم أمس في برنامج الشريعة والحياة حيث كفر بشار وحث على الجهاد.

فإذا كان ما يقع في سوريا من سفك للدماء وهتك للأعراض يمكن تبريره شرعا.

وإذا كان ما قاله العلامة هو نفس الرأي الذي يقول به علماء آخرون- فإن الكرسي الذي يجلس عليه ألا وهو كرسي عالم السنة والجماعة على حد تعبير العلامة حمدا ولد التاه تمنع ضوابطه المنهجية عليه ذلك، هذا إذا لم تكن قد تشابهت الكراسي واشتبهت العمائم

لقد ظلت قضية التكفير إشكالا عقائديا ومعرفيا للأمة ما بين متوسع فيه بحيث يكفر بالذنب ويجعل مرتكب الكبيرة كافرا و هذا مذهب الخوارج ولذلك لم ينج من تكفيرهم كبار الصحابة والتابعين

ألم يستحلوا دم علي كرم الله وجهه؟

وقال قائلهم في مدحه /

يا ضربة من تقي ما أراد بها إلا ليبلغ من ذي العرش رضوانا

اني لأذكره يوما فأحسبه أوفى البرية عند الله ميزانا

أكرم بقوم بطون الطير أقبرهم لم يخلطوا دينهم بغيا وعدوانا

فقال فيه أحد العلماء

بل ضربة من شقي ما أراد بها إلا ليبلغ من ذي العرش خسرانا

إني لأذكره يوما فاحسبه أشقى البرية عند الله ميزانا

أما المذهب الآخر وهو مذهب المرجئة الذين لا يقيمون للعمل الصالح وزنا فهؤلاء كذلك لم يكونوا على صواب في نحلتهم.

أما مذهب أهل السنة والجماعة فإنهم يكفرون القول ولا يكفرون قائله ويبحثون للمبتدع عن كل مندوحة و باب حتى لا يخرجوه من باحة الإسلام خوفا من الوعيد الوارد في ذلك أما فيما يتعلق بقصة السنة والشيعة فقضيتهم أبعد من أن تناقش وعلى الرغم من وجود طوائف منهم يرى البعض بخروج بعض الأقوال المنسوبة إليهم عن الإسلام، إلا أنهم بقوا دائما ضمن دائرة الإسلام ولم يكن من ديدن السلف الصالح الفتوى بشأن جهادهم وإثنائهم عن عقائدهم، فهل جاهدهم صلاح الدين؟ وهل أفتى سلطان العلماء العز بن عبد السلام بذلك ؟

أما قضية ظلم الحاكم فهذه قصة أخرى لا علاقة لها بكفره من عدمه ولقد أحسن شيخنا و خالكم العلامة محمد سالم ولد عدود رحمه الله عندما قال:

إلا إذا قدر أن يزاحا بغير فتنة فلا جناحا

فالتدافع بين الحاكم والمحكومين قضية طرفاها اثنان هما :

 مستوى ظلم الظالم

 والخوف من الفتنة

والترجيح بين الأمرين قد يقع فيه الخلاف في التقدير لكنه في كل الأحوال لا علاقة له بكونه كافرا أم ورعا تقيا، وقد خرج بعض المسلمين على عثمان رضي الله لأنهم لم يرضوا بحكمه فلم يكفر السلف أحدا من الطرفين وأمرنا بالوقوف بالحياد لعدم معرفتنا بحيثيات ومناطات الموقفين.

وقد قال النابغة الغلاوي

قلت ولا يرتد إلا ما انشرح بالكفر صدرا وسوى ذاك انطرح

وقال أيضا

قلت وقال شيخنا وخالي عبد الاله بزمان خالي

لو حضر خليل بدلا مراعيا طوارئا وعللا

وما قرره العلماء من ضرورة عدم التكفير بالذنب بالنسبة لعامة المسلمين ينطبق على خاصتهم، بما في ذلك حكامهم إذ التكفير من أمور الآخرة يستوي فيه الحاكم والمحكوم ولا عبرة فيه بالمقامات الدنيوية الزائلة.

ثم أن الحديث الوارد بشان افتراق الأمة على ثلاث وسبعين فرقة، و على الرغم مما قيل فيه -وأنتم أدرى بذلك بلا شك – يدل على أن كل هذه الفرق هي من فرق الإسلام وليست من فرق الكفر.

أما قضية الفتنة بين الأحزاب السياسية فتلك قضية أخرى فصلها القرآن الكريم تفصيلا بقوله تعالي (وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (9) إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (10) [الحجرات : 9 ، 10

أما قضية الجهاد فلا شك أنكم لا تعنون الجهاد بمفهومه الأصلي الذي هو قتال الكفار لإعلاء كلمة الله، ذلك لأن الجهاد بهذا المعنى له موانع شرعية وموانع موضوعية وأخري دولية.. وإذا كان هو المقصود فإن اسرائيل أحرى بذلك من سوريا ؟

أعرف أنكم تعنون أن قتال الباغية جهاد كما نص عليه خليل في مختصره، غير أن التعريف الذي ذكره ابن عرفة ينطبق بالقصد الأول على الخارجين على السلطان.

وإذا سلمنا بعدم صحة إمامة الأسد وبجواز خروج هؤلاء، فهل تنقلب الإباحة إلى وجوب ؟ وما هو حكم المقاتلين معه ممن يرون أنفسهم مسلمين يقاتلون البغاة ؟

بهذا التوصيف يكون القاتل والمقتول كلاهما في جهاد..

وهذا باطل لقادح فساد الاعتبار وهو مصادمة النص الثابت وهو قوله صلي الله عليه وسلم (اذا التقي المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول كلاهما في النار قالوا هذا القاتل فما بال المقتول قال كان حريصا على قتل صاحبه )

و الشاهد في هذا كله أن فتنة التكفير عندما تفتح لن ينجو منها العالم ولا التقي وسيصل أوارها الجميع، و إن الفتن تفسد الأديان كما تفسد الأوطان.

هذه ملاحظات أولية أردت التذكير بها فلا عبرة في الاسلام بكثرة القائلين ولا بكثرة الأنصار (وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءَهُمْ لَفَسَدَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ بَلْ أَتَيْنَاهُمْ بِذِكْرِهِمْ فَهُمْ عَنْ ذِكْرِهِمْ مُعْرِضُونَ ( [المؤمنون : 71]

صدق الله العظيم

انوكشوط 23 يونيو 213

الدكتور الشيخ ولد الزين ولد الإمام

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى