ضابط يتحدث عن زيارة أول موريتاني لمسجد طليطلة

كتب سيدمحمد ولد حديد:عطفا على زيارتي لطليطلة وقصة أو موريتاني يزور مسجدها

الزمان أنفو –

كنت ضمن مجموعة من أربعة أشخاص هم في الحقيقة زملاء في دورة تكوينية، قررنا زيارة المدينة السياحية في طليطلة، وكانوا على التوالي من البرازيل، جمهورية الدومينيكان والبرتغال.


اقترحت على المجموعة التي لا دوافع لها سوى التمتع بالمناظر السياحية ولا يهمها على الإطلاق استنطاق المعالم التاريخية للمكان، زيارة أقدم مسجد في طليطلة، بعد أن علمت من المرشد السياحي أن هناك العديد من المساجد التي تم تحويلها إلى كنائس… حصلت الموافقة وتحركنا إلى المسجد القديم La Antigua Meszquita، عبر أزقة المدينة القديمة التي تحكي بصمت قصة ملحمة تاريخية، ساهم فيها العرب والمسلمون ولا تزال شواهدها ماثلة…
لفت انتباهي حرص السيدة المكلفة بالاستقبال عند مدخل المسجد على معرفة جنسية كل زائر، وتقدم زملائي وكنت آخرهم في الطابور، وعندما قدمت نفسي وجنسيتي الموريتانية، بادرتني على الفور بالقول “سيدي … أنت أول موريتاني يزور هذا المسجد.”.. انتابتني الدهشة بالفعل، وأردت أن أتأكد من حقيقة ما قالته السيدة، لعلها بالغت أو ربما حصل لبس ما، لكن كان علي أن أترك مكاني في الطابور للسياح القادمين من كل الجنسيات…
بعد انتهاء الزيارة وأثناء الخروج سألت السيدة وكنت حريصا هذه المرة على الحصول على إجابة واضحة ونهائية :” هل أنت متأكدة من أنني أول موريتاني يزور المسجد القديم في طليطلة؟”، صمتت برهة، ويبدو أنها أعادت فتح سجل إلكتروني يحفظ بيانات الزوار، وأجابت بكل وضوح “نعم… أنت أول موريتاني يزور هذا المسجد…”.
لم أكن سعيدا بالمرة بهذه الإجابة، بالإضافة إلى أنها شكلت إحراجا لي أمام زملائي الذين حدثتهم أثناء الطريق من مدريد إلى طليطلة أن موريتانيا هي مهد المرابطين، الذين فتحوا العديد من المناطق في إسبانيا وساهموا في بناء حضارة عظيمة في هذه البلاد استمرت على مدى ثمانية قرون…
لم يفتح المرابطون طليطله، لكنهم هزموا ملكها ألفونسو السادس في معركة الزلاقة الشهيرة… كان ألفونسو السادس يتخذ من هذه المدينة المحصنة عاصمة لمملكته القشتالية التي كانت رأس الحربة في معارك “الاسترداد”…
لم أتمكن للأسف من زيارة المتحف العسكري لطليطلة، والذي لا شك أنه يحتفظ بقصة هذه المعركة الفاصلة وربما بتفاصيل أخرى، ترتبط بتاريخنا العسكري على وجه الخصوص..
تحتاج هذه الكنوز التاريخية المرتبطة بالحقبة المرابطية في الأندلس إلى من يخرجها من عتمة المتاحف وثنايا المخطوطات إلى فضاء التداول والدراسة والتحقيق…

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى