بلمختار والقاعدة يتنافسان على الأضواء

أ ف ب/ العناوين الرئيسية عن الهجمات التي يدبرها مختار بلمختار تسحب بساط الاهتمام والموارد من تنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي.بعد التدخل العسكري للقوات الإفريقية التي طردت تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي من شمال مالى، لم يعد أمام المسلحين المتطرفين الطامحين إلى إثارة الفوضى في منطقة الساحل سوى القليل من الموارد.

فقد تعرض المسلحون في مالي إما للقتل أو الإختفاء، وهرب ما تبقى منهم إلى الجزائر وليبيا وتونس. وأصبح تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي اليوم يتنافس مع الجماعات المنشقة عنه مثل ” كتيبة الموقعون بالدم التي يقودها مختار بلمختار”من أجل الحصول على الفديات وتجنيد مسلحين والحصول على الاهتمام الناتج عن العناوين الرئيسية للأخبار”.

ويتفق معظم المراقبين على أن هذا التنظيم الإرهابي الإقليمي الذي تسبب في زعزعة كبيرة للأمن في شمال أفريقيا خلال العقد الأخير لم يعد يحظى باهتمام إعلامي يذكر.

في هذا الصدد، يرى المحلل أبوبكر عثمان أن الهزيمة التي تعرض لها التنظيم في مالي ساهمت إلى حد كبير في إضعاف التنسيق والتواصل بين العناصر المتشددة. والعمليات الأخيرة التي حصلت في الجزائر والنيجر لم تكن تنيجة تنسيق محكم بين العناصر الإرهابية، وإنما جاءت كمحاولة يائسة لإظهار أنها لا تزال موجودة.

وقد أعلنت جماعة بلمختار المنشقة عن التنظيم مسؤوليتها عن هروب مساجين في النيجر في شهر يونيو وعن التفجير المزدوج التي تسبب في مقتل عشرين نيجري في شهر مايو الماضي.

وقبل هجمات النيجر، دبر مختار بلمختار حصار مجمع الغاز الطبيعي الجزائري بالقرب من عين أميناس الذي تسبب في مقتل عشرات المدنيين.

وبالرغم من ذلك فمن غير المحتمل أن تحدث هجمات كبيرة من هذا النوع “لكون الذين قاموا بها قد استنفذوا طاقاتهم في هذه العمليات”.

ويتفق خبراء آخرون على أن قدرة بلمختار (الملقب باسم خالد أبو العباس أو الأعور) على تنفيذ هجمات جديدة قد تضاءلت.

فهذا الإرهابي المخضرم، صاحب تاريخ طويل من الدم ابتداء من أفغانستان وصولا إلى وطنه الجزائر، فقد الكثير من الدعم بعد أن انشق عن تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي منذ عدة أشهر. كما أنه لم يعد قادرا على الحصول على أموال الفديات بعد محاولته الفاشلة للحصول على الأموال مقابل إخلاء عين أميناس.

وكانت هذه ضربة كبرى بالنسبة لرجل تعود الحصول على المال من المهربين ومن بعض الدول مقابل الإفراج عن الراهائن، على حد قول المحلل أمكناس أغ عقل.

وتساءل هذا الأخيرا قائلا “من أين ستحصل هذه الجماعة الآن على المال لشراء الأسلحة وتجنيد مناصرين لها بعد أن تمت مواجهتها بقوة فيما تعود استخدامه للحصول على المال؟”.

بدوره قال الباحث في مجال القانون الحسين ولد جنجين إنه توقع في البداية أن تتوسع أنشطة القاعدة في المنطقة غداة التدخل العسكري في مالي.

“ومع ذلك فقد غيرت الحرب كل الموازين، حيث ضعف نشاط القاعدة. ونجح الماليون في تهدئة الأوضاع واستطاعوا تنظيم الانتخابات بالرغم من التحديات الكبيرة”، يضيف ولدجنجين.

واستطرد قائلا “كما أن مشاركة بعض الأزواديين في الانتخابات هو بمثابة تخل عن دعم القاعدة في الساحل ومن شأنه إضعافها في المنطقة الفرعية. وهذا يطرح أيضا تساؤلات عما إذا كان هناك رصيد متبقي من مصادر دعم القاعدة”.

ويوافق أحمد مولود ولد أيده أستاذ التاريخ بجامعة نواكشوط على أن تنظيم القاعدة قد أنهكته الحرب في مالي.

إلا أنه حذر من أنه لم يتم القضاء على التنظيم نهائيا.

وقال “خلاياها منتشرة وعندما تسمح الظروف فقد تظهر مجددا وتعيد تنظيم صفوفها للمواجهة في جبهة جديدة أو قديمة”.

وأضاف ولد إيدة “أعتقد أن الخطر يكمن في الفكر المتطرف الذي يحصل على مناصرين جدد كل يوم، وهذا هو التهديد الأكبر بالنسبة لنا جميعا”.

ويرى أستاذ التاريخ أنه حتى لو كانت هناك بعض الخلايا النائمة، فإن أمكانية أن تقوم بهجوم أصبحت ضعيفة بسبب انعدام التمويل والتضارب الحاصل بين أجنحتها.

ومضى يقول في هذا السياق “أما أموال الفديات فهي بدون شك وجه من أوجه الصراع الداخلي بين أجنحة التنظيم لأنها كانت مصدرا مهما للدخل. ولا يخفى على أحد أن الحيطة الأمنية التي يمارسها الأوربيون فضلا عن الحرب في مالي جففت هذا المنبع المالي الهام”.

من جهته يقول الدكتور بكاري صمبا مدير مرصد التطرف ونزاعات الاديان بجامعة غاستون برجي السنغالية إنه طالما ظل الفكر المتطرف سيستخدم لا محالة للتأثير في ميزان القوى في المستقبل المنظور.

وقال بكاري صمبا في حديث لمغاربية “لا يمكننى الحديث عن قوة فعلية لتنظيم القاعدة بعد ضربها وحصول انشقاقات داخلها، ولكننى أومن بوجود خلايا نائمة واستمرارا بقاء الايديولوجية. ولهذا يجب الحذر لان القاعدة تراعي دائما ميزان القوى لتحقيق اهدافها”.

واختتم حديثه قائلا “هذه إذن مفارقة كبيرة، ففي الوقت الذي نتحدث فيه عن القضاء على القاعدة نجد تحركا لمجموعات قريبة منها على مستوى الفكر ويتعاطى معها السياسيون. وهذا يجعلنى أستنتج أن القاعدة إذا كانت قد ماتت عسكريا فإنها مازالت حية معنويا. والأمر ينطبق بشكل كبير على الارهابي الاعور”.

وتدل المعطيات الراهنة أن تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الاسلامي ليس استثناءا في شبكة القاعدة العالمية. فالتنظيم الأم في أفغانستان وبقية الفروع تعرضت لهزات قوية مازالت تتوالى وهذا أضعف معنويات كل فروع القاعدة الاخرى.

بعد مقتل أسامة بن لادن في باكستان وأنور العولقي في اليمن وعبدالحميد أبو زيد في مالي، جاء دور السعودي سعيد الشهري الشهر الماضي الذي يعتبر الرجل الثاني في تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية.

وقد أكد تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية يوم 17 يوليو مقتل الشهري في هجوم بالطائرة في اليمن.

يقول الصحفى الموريتاني عبد الله ولد السالك إنه إذا كان الشهري قد قتل بالفعل فإن الدور سيأتى على بقية قيادات تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الاسلامي إذا حصل تنسيق قوي وعلى نطاق واسع بين البلدان التى يتحركون على أراضيها كالنيجر ومالى وليبيا.

مغاربية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى