“واستوت على الجودي” / عبد الفتاح ولد اعبيدن

altإنها خطة اضطرارية لن يستسيغها ربما من تعود على المنافع المشروعة وغير المشروعة والمقاعد البرلمانية والبلدية، فرصة للتعبير الحر -ولو نسبيا-  عن الرأي.أجل، الخطة اقتضت ربانيا، أن يشارك فريق –ذي خلفية إسلامية في الأغلب ونعني هنا من المنسقية- في جانب المشاركة الاضطرارية، وآخرين من مشارب وطنية شتى في فريق الإنقاذ المقاطع.

إنها سفينة الوطن في تموج واضطراب تاريخي، لا يراه إلا أصحاب الدراية والاهتمام الخالص الإيجابي بالشأن العام (من أصبح ولم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم).

فبعد أن هدد ولد مولود أصحابه بالاستقالة، وهذا أسلوب حزبي وسياسي مشروع في حساب البعض حسب ما يبدو، لكنه مهين وغير ديمقراطي، وبعد أن مالت أغلبية حزبنا “تقدم” للمشاركة، اضطر الإخوة  والرفاق إلى المقاطعة، حفاظا على الحزب نفسه، قبل أن يشارك أو يقاطع. إنه حزب وطني ثمين، يسع الجميع، كادحين وعروبيين وإسلاميين، وغير المنتمين ايدولوجيا، البيظان “العرب السمر” والزنوج بمختلف شرائحهم، فليس من المصلحة تعريضه للمزيد من الانهيار، بعدما حصل من ترشحات هناك وهناك، وبعد الانسحابات المحدودة لله الحمد. آن للوطنيين من خارجه ومن داخله، أن يعوا أهمية بقاء هذه التجربة النوعية للنخبة السياسية الموريتانية، وسائر الموريتانيين، حاضرا ومستقبلا، للاستفادة من تراثه السياسي  ونضاله المستمر، للتخلص السلمي الحضاري، من براثن الاستبداد والاستعباد، حتى باسم الدين أحيانا، عن قصد أو غير قصد، وديننا الإسلامي الحنيف الشامل الجامع براء.

إن سفينة المنسقية رست على الأرجح على رصيف الجودي (الجودي جبل في كردستان: تركيا حاليا) تفاؤلا على غرار سفينة نوح عليه السلام، بعد الطوفان المشهور. لقد كانت الأيام الماضية صعبة علينا، معشر “التقدميين” أي المنتمين لحزب اتحاد قوى التقدم، حاضرا أو سابقا، بالنسبة لمن ترشحوا باسم أحزاب أخرى، قناعة أو اضطراريا أو انسحبوا تكتيكيا أو مغاضبة نهائية أو مؤقتة، إلى حين نهاية المعركة الانتخابية الصعبة، الواعدة في بعض جوانبها، والمعتمة رغم الأمل.. ولا داعي للمزيد من محاولة تأجيل الاقتراع الهش المهين. فالصبر لمن قاطع على ثغور المقاطعة الأحزم، والنصر لمن شارك رغم المغامرة، على الأقل لغياب جميع أو أغلب ضمانات المنازلة الشفافة المستقيمة، بغض النظر في النهاية عن من فاز أو خسر انتخابيا.

سنستقبل النجاح بحذر، والفشل بقبول رياضي، انتظارا للمزيد من التطورات في جو مشحون، لا نريد له الانفجار، ونفضل السلم الأهلي، الأكثر أمانا للسفينة الوطنية، المهددة بالرجوع إلى القاع، -لا قدر الله- أو مسرح الطوفان، إن لم تقبل السلطة والأطراف المعنية خوض لعبة رياضية منطقية النتائج، وبنسب لا تثير زوبعة جديدة محتملة، تضر البلد كثيرا، وقد تخلص من الاستبداد، بأثمان أكبر من الهدف التحرري المنشود. اللهم سلم….سلم، اللهم آمين.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى