من يوميات طالب في الغربة

من يوميات طالب في الغربة(5) : أول يوم بالسفارة الموريتانية في تونس العاصمة محمد ولد محمدالأمين

الزمان أنفو ـ

 


بعد 20 دقيقة من التنره في تلك المدينة المترامية الأطراف الجميلة المباني والشوارع والأرصفة والسيارات،تلك المدينة التي تغلب عليها النظافة والنظام العام والرقي في كل شيء وتكسوها الخضرة اليانعة حتى فوق قمم الجبال (التاريخ : الخميس 11 اكتوبر1996).

توقف السائق بنا على شارع رئيسي في احد أرقي أحياء العاصمة تونس، سألته لماذا توقفت؟ أجاب :”أريد أن اسأل احد المارة عن السافارة إنها تقع في مكان قريب من هذا الشارع المعروف بشارع “إفريقيا”..فجأة إذا بشخص يمر قربه سأله عن ما يريد فقال له ما معناه باللهجة التونسية ” إن السفارة الموريتانية مع نهاية ذلك الطريق القصيرعلى اليمين والمسمى “نهج : فاطمة الناشي”، سر السائق وادر سياراته منطلقا بنا نحو السفارة وما هي إلا دقائق معدودة حتى كنا أمام “فيلا” يرفرف عليها العلم الموريتاني” وقتها أحسست بأننا وصلنا للأمان.دفعت للسائق أجرته ولكن حسب ما علمت من بعض الإخوة العارفين بأسرار الأمور في النقل فإنه تحايل على وطلب مني أضعاف الأجرة عندما علم أنني غريب.

حملنا حقائبنا منهكين ودخلنا إلى مقر السفارة..كانت لدي توصية للمحاسب من صديق له في سبيل الإقامة معه حتى تتضح لي الرؤية.. ولكن بدا فيما بعد أن السفارة مقفرة إلا من حراسها وعمالها غير الرسميين.

وجدت وزميلي زميلين لنا وصلا قبلنا وكان لزاما علينا جميع أن نقضي ذلك اليوم الشتوي الماطر أمام باب السفارة حيث لا قاعة استقبال ولا حتى مقاعد نجلس عليها.. رحب بنا البواب(م.ص. ولدعبد الرحمان)وضيفنا على قدر استطاعته بالشاي والخبز ولكننا تأذينا من شدة البرد والمطر وبعد ساعتين من ذلك اصطحبنا إلى مطعم قريب وتناولنا فيه الإفطار على حسابنا وعاد بنا وقال انتظروا” سأذهب بكم إلى وزارة التعليم العالي لتسلم رسائل توجيهكم إلى مؤسساتكم ثم سنتدبر أمركم في ما بعد.

“انتظرنا لساعتين وكان ذلك الانتظار مثل يوم القيامة حيث أننا لا ندري شيئا ومفعول بنا وفي الوقت ذاته فنحن متلهفون على التوجه للوزارة المؤسسات التي ندرس فيها وعلى الاتصال بزملائنا القدامى والسكن معهم لكشف أسرار هذا العالم الجديد الذي تورطنا في دخوله بسبب المنحة إلى الخارج.

بعد نهاية الدوم الرسمي الشتوي بتونس”4 بالتوقيت المحلي أي 3 مساء” صعدنا مع البواب وذهب بنا إلى وزارة التعليم العالي التي كانت تقع على شارع يسمى “شارع أولاد حفوز”على بعد 10 دقائق بالسيارة من السفارة الموريتانية…كان مظهر المدينة المختلفة من عمران وطرق وناس وقطارات وسيارات ترسم لوحة جديدة علي تؤكد لحظة بعد أخرى أنني مقبل على العيش في عالم جديد علي بكل معنى الكلمة…

وصلنا إلى الوزارة ودخلنا معه إلى حيث الإدارة المعنية بالتوجيه في احد طوابق الوزارة العليا وطلب منا الجلوس بقاعة الانتظار .. كانت فسيحة ونظيفة مجهزة بمقاعد وفيها طاولات صغيرة عليها بعض الجرائد للمطالعة.ز

انتظرنا 10 دقائق وإذا بالبواب عاد ومعه موظف بالوزارة كان شابا وسيما في منصف الثلاثينات من العمر وبيده ظروف بيضاء مغلقة ونظيفة مكتوب عليها اسم كل منا وجامعته.. رحب بنا ذلك الموظف وتمنى لنا إقامة ميمونة في بلدنا الثاني وسلم كلا منا رسالة توجهه وطلب منا الحرص على التسجيل بسرعة لأن العام الجامعي قد مضى منه شهر ولم ينس في ختام كلمته أن يرحب بكل طلباتنا ومشاكلنا المتعلقة بوزارته.

كان شعوري ويدي تلامس ذلك الظرف الذي يحمل اسمي وعليه اسم “معهد الصحافة وعلوم الإخبار ” أن مؤشرات الطريق إلى تحقيق الحلم في أن أصبح صحفيا متخصصا قد بدأت فعلا ولكن المشكلة المتبقية هي الأجوبة على أسئلة كثيرة هي : كيف نحقق هذا الحلم ؟ ما هي الآليات المتاحة؟ ما هي الصعوبات الموجودة؟ ما هي طرق التغلب عليها؟ كانت تلك الأسئلة تتراقص في مخيلتي ونحن تشرف بنا السيارة على العودة إلى السفارة والليل بدأ ينسج خيوطه مؤذنا بسؤال آخر أهم حول كيف سنقضي أول ليلة في الوطن الجديد؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى