سنة مليئة بالأحداث الكبرى والتجاذبات السياسية

اضغط لصورة أكبركانت سنة مليئة بالأحداث الكبرى والتجاذبات السياسية ففيها ظهر ما عرف بتسجيلات أكرا التي أثارت كثيرا من اللغط بين السياسيين من معارضين وموالين للنظام فرأت فيها المعارضة حجة على صحة الاتهامات التي كانت توجهها لهرم السلطة بينما شكك الموالون للنظام في صحتها واعتبروها فبركة صوتية معضدين حجتهم بتسجيلات سبق وأن نسبت لرئيس حزب تواصل محمد جميل ولد منصور يهاجم فيها العلامة ولد الددو ليكون ذلك دليلا في نظرهم على تأكيد فبركة التسجيلات المنسوبة لولد عبد العزيز.

 لكن الدفاع المستميت لأنصار الرئيس عنه لم يستطع أن يثني المعارضة عن ركوب موجة أكرا فشكلت لجنة للتحقيق في تلك التسجيلات لكن الواقع لم يعرف عملا للجنة المذكورة بعد، من جهة أخرى كانت سنة 2013 سنة المهرجانات والتظاهرات المطالبة برحيل النظام تارة لاتهامه بالتخلي عن اتفاق دكار وتارة أخرى لاتهامه بالفساد وتبديد أموال الشعب فخرجت زعامات المعارضة في مهرجانات عدة منها ما سمي بالرحيل ومنها التحدي ومنها غير المسمى لكن الهدف دائما ترحيل النظام العاجز عن تسيير البلاد في نظرهم إلا أن دعوات المعارضة هذه لم تلق صدى لدى الشارع الموريتاني ما منعها أن تقطع خطوة نحو الهدف المنشود.

لم تغب الأجواء السياسية عن سماء موريتانيا هذا العام حتى وإن كان المجال تنمويا أو اجتماعيا ففي موسم الأمطار الذي تسبب في غرق أغلب مناطق العاصمة كانت سهام المعارضين موجهة للسلطة حيث اتهموها بالفشل في إنقاذ المواطنين بل أبعد من ذلك اتهموها بالتغاضي عن المعاناة التي يعيشها شعب أصبح دون مأوى بين عشية وضحاها وكان أن أعلنت السلطات عن إنشاء مشروع لشفط المياه عن العاصمة وهو مالم ير المتضررون له نتيجة على أرض الواقع حسب قولهم ليكون التهكم على هذا المشروع من قبل المعارضين للنظام هو حديث الساعة حينها. اقتصاديا شهدت 2013 تدشين الكثير من المشاريع الكبرى من بينها إعلان نواذيبو منطقة حرة وهو ما أثار موجة من الانتقادات للنظام من قبل المعارضين وتشكيكا في نجاح هذا المشروع من قبل المحللين والمتتبعين للشأن العام. في خضم كل هذه التجاذبات السياسية التي عاشت على وقعها موريتانيا ظل رئيس الجمعية الوطنية رئيس حزب التحالف الشعبي التقدمي يحال بمبادرته السياسية إخراج البلاد من الاحتقان السياسي لكن المبادرة تلك لم تستطع أن تحقق الهدف المرجو منها قيل إن المبادرة تحوي نقاطا مهمة من بينها تشكيل حكومة وحدة وطنية وهو ما رفضه الرئيس والتخلي عن مطلب الرحيل وهو ما رفضته المعارضة ليظل الحال على ما هو عليه إلى أن تقرر تنظيم الانتخابات التي كان الكل يطالب بتنظيمها لكن المعارضة رفضت وبشدة المشاركة في تلك الانتخابات إذ اعتبرتها تفتقد إلى شروط الشفافية والحياد متهمة اللجنة المستقلة للانتخابات بالانحياز ليظل الجميع ينتظر بتلهف قرار المعارضة النهائي حول المشاركة فكانت النتيجة أن اجتمع كل حزب من أحزاب المنسقية على انفراد ليقرر حزب التجمع الوطني للإصلاح والتنمية تواصل مشاركته في استحقاقات قال إنه يعلم أنها تفتقد للكثير من الشروط أما حزب اتحاد قوى التقدم فقد حصل في موقفه تذبذب حيث قرر المشاركة في البداية لكنه عدل عن قراره بعد ذلك عدا ذلك من أحزاب المنسقية ظل على موقفه القاضي بمقاطعة الانتخابات وجرت الانتخابات بمشاركة أكثر من ستين حزبا بينها أربعة من أحزاب المعارضة لكن ما شاب الشوط الأول الاستحقاقات من تأخر في إعلان النتائج وتذبذب في تأكيد الفائز من الفاشل من قبل المستقلة للانتخابات كان هو الآخر مثار تهكم لمعارضي النظام بصفة عامة وللمقاطعين بصفة خاصة ليظهر رئيس الجمعية الوطنية وهو يعتذر للشعب الموريتاني عن تزكيته لحكماء المستقلة للانتخابات أما زعيم المعارضة الديمقراطية رئيس حزب تكتل القوى الديمقراطية فخرج وهو يتهكم على الانتخابات وعلى تصويت رئيس الجمهورية قائلا إنه لا يفقه كيفية التصويت وكان تأخر إعلان نتائج الشوط الأول سببا في تأخير تنظيم الشوط الثاني أسبوعين زيادة على المدة المحددة قانونيا وتمضي الأيام ويأتي يوم الإعادة في الاستحقاقات البلدية والنيابية لكن طريقة تنظيم هذا الشوط كانت أحسن من سالفتها حسب المراقبين فقد تم إعلان النتائج في وقتها وكان التصويت منسابا إلى حد كبير وأظهرت النتائج فوز الحزب الحاكم بأغلبية مريحة ليحتل حزب التجمع الوطني للإصلاح والتنمية تواصل ذو المرجعية الإسلامية المرتبة الثانية دون أن ننسى أن عدة دوائر أخرت جولة الإعادة فيها ولم يتم تنظيم الشوط الثاني فيها بعد لكن فشل الحزب الحاكم في بعض مقاطعات الوطن أثار غضب القائمين على الشأن ليعصفوا بكبار موظفي تلك المقاطعات وينتزعوا ثقة كانوا أودعوها بهم وأنهيت مهام السفير الموريتاني بروما ومستشار لرئيس الجمهورية وهما من أسرة واحدة. على الصعيد الاجتماعي كانت سنة 2013 مليئة بالأحداث الاجتماعية ففيها أقيمت عدة مهرجانات قبلية كانت الأولى من نوعها وفيها توفي الشيخ اعل الشيخ ولد اممه ما أثر في تلامذته ومحبيه وفيها فقدت الآلة الموسيقية التي تمتاز بها موريتانيا التيدينيت أحد رموزها وهو الفنان محمد ولد بوب جدو. أما من الناحية الحقوقية ففي السنة المذكورة ظل بعض الحقوقيين يطرح بإلحاح ملف العبودية في موريتانيا، وبلغت إحدى المنظمات الناشطة في هذا المجال وهي المبادرة من أجل الانعتاق بقيادة برام ولد الداه ولد اعبيدي الذي حصل على جائزة أممية قبل أيام()عن حالات استرقاق، وواجهت قوات الأمن في مدينة بتلميت واتهمتها بعدم تطبيق القانون المجرّم للعبودية. وصنف تقرير منظمة ‘ووك فري’ الذي صدر في أكتوبر الماضي موريتانيا في المرتبة الأولى عالميا من حيث نسبة المستعبدين والمهددين بالاستعباد، ليدفع بالملف الحقوقي إلى الواجهة بشدة. ذلك بعض من كل دفع بالحكومة إلى اتخاذ خطوة بإنشاء وكالة لمكافحة آثار الرق ، ووفرت لها تمويلات كبيرة بهدف الرفع من المستوى المعيشي للأرقاء السابقين ودعمهم اقتصاديا عبر تمويل مشاريع استثمارية لتشفع ذلك بإنشاء محكمة خاصة بالرق.   من الملفات الحقوقية كذلك كان ملف السلفيين المعتقلين خارج نواكشوط أحد الملفات التي برزت في العام 2013 ، حيث بدأت أسر 14 معتقلا سلفيا نقلوا إلى جهة غير معروفة حراكا من أجل معرفة أماكنهم والسماح بزيارتهم، معتبرة أن ما تعرضوا له يعتبر إخفاء قسريا معلنة تضرر أبناء المعتقلين من الحرمان من الحصول على الأوراق المدنية بسبب غياب الآباء وعدم معرفة مكانهم لكن الحراك لم يقتصر على أهالي المخفيين بل ظل السلفيون في السجن المدني يصدرون في البيانات ويقومون باتصالات بالاعلام من حين لآخر لإبداء امتعاضهم من بعض الأمور كان آخر تلك الاحتجاجات دخول المعتقلين السلفيين في إضراب مفتوح عن الطعام احتجاجا على الحبس التحكمي الذي يخضع له بعضهم من من أنهوا محكوميتهم وكان السنغالي بشير سيدي بي أول من احتج ما أثر على صحته ليتم نقله للمستشفى بعدها تم الإفراج عنه. رياضيا فاز الفريق الوطني المرابطون بالتأهل للتصفيات النهائية لبطولة كأس إفريقيا للمحليين للمرة الأولى ما دفع بالسلطات لتنظيم يومين للتبرع لصالح الفريق تشجيعا له من أجل كسب البطولة كما غيرت الاتحادية الموريتانية لكرة القدم ملابس الفريق لتتماشى مع الملابس العصرية للفرق الرياضية. ولئن انقضت سنة 2013 وأقبلت 2014 فإن الشارع الموريتاني لا يأبه لأفول سنة وبزوغ أخرى إنما لما ستتوج به السنة من إنجازات يكون هو المستفيد الأول منها. خديجة ذو النورين

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى