في أجواء المغرب أستحضر..قصة..10 كيلومترات في السماء…

الزمان أنفو -28نفمبر 2025-
أقلعت الطائرة بي من مطار مدينة الداخلة – بعد استراحة ليلة مع الاخ م.عبدالله، الذي قاد بنا سيارة الكورولا الصغيرة من انواذيبو عبر معبر الگرگرات إلى الداخلة أكثر من 8ساعات في الطريق رغم اننا قطعنا مسافة بالكاد تصل 400كلم ، استقبلنا رجل بشوش ومضياف، وفي الصباح الباكر اوصلني رفيقي إلى المطار، وعلى متن الطائرة.. ودفتر رحلاتي بين يدي، وأمام فنجان قهوة ،استحضرت قصة لا تُصدّق… لكنها حدثت.
في شتاء يناير عام 1972، أقلعت طائرة تابعة للخطوط اليوغوسلافية من كوبنهاغن متجهة إلى بلغراد. على متنها كانت فتاة في الثانية والعشرين من عمرها تُدعى فيسنا فولوفيتش — مضيفة جديدة، تحلم بالسفر حول العالم. لم تكن من المفترض أن تكون على هذه الرحلة، لكن خطأ إداري بسيط بدّل قدرها إلى الأبد.
وعلى ارتفاع 10,160 مترًا، دوّى انفجار مزّق السماء. انفصاليون كروات زرعوا قنبلة في الطائرة، فانشطرت إلى أشلاء تتهاوى كالمطر فوق جبال التشيكوسلوفاكيا الثلجية.
ومن بين الركّاب جميعهم، نجت فيسنا وحدها.
نعم، نجت من سقوط حرّ من السماء — بدون مظلة. كانت لا تزال مربوطة بمقعدها، محاصرة داخل جزء من هيكل الطائرة، الذي ارتطم بمنحدر جبلي مكسو بالثلج والغابات، فامتصّ الصدمة كأنه يد القدر تتلقفها.
عندما وصل عمال الإنقاذ، وجدوا العشرات قد فارقوا الحياة… إلا فيسنا. كانت تنزف، مصابة بكسور مروّعة، في غيبوبة دامت 27 يومًا. لكنها عادت للحياة، تحدّت الشلل المؤقت، وعاشت لتصبح أيقونة للنجاة والإصرار.
سجلت موسوعة غينيس اسمها: “النجاة من أعلى سقوط حرّ بدون مظلة: 10,160 مترًا.”
فيسنا لم تعد فقط مضيفة طيران… أصبحت رمزًا إنسانيًا، وصوتًا للسلام، وذكرى تهمس لنا كلما حلقنا في السماء:
أحيانًا، تسقط الحياة بنا… لكننا لا نسقط منها.
رحلت فيسنا عام 2016، لكن قصتها بقيت. وأنا اليوم، أدوّنها من أجواء المغرب..ثمة مساكن الدار البيضاء تلوح من أسفل. مدينة الحكاية، لننهب حكاية بلغراد التي ابتلعت طائرة ثم أعادت إنسانًا.
صوت يعلن وصولنا..اتصلت بالأخ محمد كان يلح علي في المجيء حتى أدرك بقية ايامه بالدار البيضاء، إلا أنه لايرد، ربما سهر الليلة الماضية..اضطرت لركوب القطار ومن محطة الميناء ركبت سيارة تاكسي صغيرة إلى لمعاريف ..وقرب مقهى أحمت شيف كانت لنا أيام..
عبدالله محمدبونا/من يوميات مسافر
#رحلاتي_حول_العالم
#فيسنا_فولوفيتش
#معجزة_النجاة
#قصة_من_السماء