ولد مدو: الحسانية أكثر من لغة.. إنها كينونة وهوية ضاربة في عمق الصحراء

الزمان أنفو _ أشاد وزير الثقافة والفنون والاتصال والعلاقات مع البرلمان، الناطق باسم الحكومة، السيد الحسين ولد مدو، بالثقافة الحسانية، واصفًا إياها بـ”الجوهرة اللغوية النادرة” التي تتجاوز وظيفة التواصل لتشكل منظومة متكاملة من القيم والمفاهيم، تعبّر عن صفاء وصدق الصحراء في الشعر والحكمة والسرد والفقه والتاريخ.
جاء ذلك في خطاب ألقاه الوزير الأحد بالعاصمة الجزائرية، خلال مشاركته في فعالية ثقافية نظمتها وزارة الثقافة الجزائرية بمناسبة اختيار الجزائر عاصمة للثقافة الحسانية.
وأكد ولد مدو أن الحسانية ليست مجرد امتداد لغوي، بل هي انعكاس للكينونة والهوية، وتجسيد حي لمروءة البدو وشموخهم وكبريائهم، فهي لغة تحمل عبق الماضي، وتروي قصص الفتوة والبوح والشجن، وتعبر عن أنماط حياة تسكنها الأريحية والإرادة والانتماء.
وأضاف أن الاحتفاء بالحسانية هو احتفاء بلغة نسجتها ألسنة الرمل، وظلال الخيام، وحنين النوق، وصهيل الخيل، ورائحة الكتب، فهي نشيد البادية حين يُترجم في القلوب شعراً وجمالاً وأصالة.
وأشار الوزير إلى أن هذه التظاهرة تجسد وعياً عميقاً بأهمية صون هذا الموروث الثقافي الفريد، الذي يمثل ركناً أساسياً في الذاتية الحضارية للفضاء الصحراوي الكبير، فضاء يتجاوز الجغرافيا إلى رحاب الذاكرة والهوية.
واعتبر ولد مدو أن موريتانيا تمثل أحد معاقل الحسانية، حيث نشأت وتطورت، وتناقلها الشعراء والفقهاء والرعاة والحكاؤون، مشدداً على أن الأدب الحساني الموريتاني لا يزال يزخر بألفاظها العذبة وتعبيراتها العميقة، حاملاً رسائل الحياة في فرحها وترحها، حبها وكرهها، وحتى لامبالاتها.
وختم بالقول إن اختيار الجزائر، ذات التاريخ الثوري والثقافي العريق، عاصمة للثقافة الحسانية، يحمل دلالة قوية على وحدة هذا الموروث المشترك بين شعوب الفضاء الصحراوي، مذكّراً بأن الروابط بين موريتانيا والجزائر تتجاوز الأطر الرسمية، إلى تاريخ مشترك وثقافة موحدة وآفاق تعاون أرحب، متطلعا إلى أن تشكل هذه التظاهرة منطلقاً لمبادرات ثقافية مشتركة تعزز العلاقات الأخوية بين البلدين.