قمة واشنطن المصغرة: موريتانيا في قلب التحول الأميركي نحو إفريقي
محمدبون محمدعبدالله _ نواكشوط

الزمان أنفو _ تنطلق اليوم الأربعاء 9 يوليو 2025 في العاصمة الأميركية واشنطن، قمة أفريقية مصغرة دعا إليها الرئيس الأميركي دونالد ترامب، بمشاركة قادة خمس دول من غرب إفريقيا، من بينها موريتانيا، التي يحضرها الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني، وسط تطلعات كبرى وأسئلة حرجة تتعلق بالمهاجرين والاقتصاد والسيادة.
وتمتد القمة حتى 11 يوليو، وتركز على فرص الولايات المتحدة الاقتصادية في قطاع المعادن الحيوية في غرب إفريقيا، إلى جانب ملفات الأمن الإقليمي، في سياق متسارع يشهد عودة ملحوظة للاهتمام الأميركي بالقارة.
ويأتي هذا اللقاء بعد أيام قليلة من توقيع اتفاق سلام رعته واشنطن بين الكونغو الديمقراطية ورواندا، أعلنت فيه الولايات المتحدة حصولها على “حقوق تعدين كبيرة”، كما يُعقد بعد ختام قمة الأعمال الأميركية الإفريقية التي احتضنتها لواندا، عاصمة أنغولا، مما يعكس دينامية دبلوماسية أميركية لافتة في القارة.
ولعل القمة المصغرة التي تشارك فيها موريتانيا تشكل أبرز محطات هذا التحول الجديد، إذ تأتي تمهيدًا لقمة موسعة مرتقبة في سبتمبر المقبل بنيويورك، تسعى إدارة ترامب من خلالها لإظهار اهتمام متجدد بإفريقيا، يختلف عن فتور الولاية الرئاسية الأولى.
موريتانيا.. شريك استراتيجي في مرحلة إعادة التموضع الأميركي
بالنسبة لموريتانيا، فإن حضور الرئيس الغزواني يحمل أبعادًا تتجاوز البروتوكول، فإدارة ترامب الجديدة تتبنى مقاربة تفضّل دعم الدول “القادرة والراغبة في الاعتماد على نفسها”، حسب تعبير وزير الخارجية ماركو روبيو، وهو ما يجعل موريتانيا – وفق مراقبين – واحدة من الدول القليلة المؤهلة لولوج هذا النموذج الجديد.
وقد ساهمت الإصلاحات الاقتصادية والمالية التي قادها الغزواني، إضافة إلى المناخ الأمني المستقر والانفتاح السياسي، في تعزيز صورة نواكشوط كفاعل موثوق في غرب إفريقيا. ووفقًا لمصادر أميركية، فإن موريتانيا تُعرض اليوم كنموذج لدولة إفريقية “قادرة على تحمل مسؤولية تنميتها”، ما يرفع من مكانتها في الأجندة الأميركية الجديدة.
الهجرة.. الامتحان الأصعب في بيت ترامب
لكن التحدي الأكبر الذي يحمله الغزواني إلى واشنطن، هو ملف المهاجرين الموريتانيين، خاصة أولئك الذين عبروا من أمريكا اللاتينية واستقروا في الولايات المتحدة، ويواجهون اليوم خطر الترحيل القسري ضمن سياسة “العودة الإجبارية” التي بدأت إدارة ترامب تنفيذها.
وما يزيد من حساسية الموقف، هو تداول واشنطن نية فرض قيود تأشيرات على بعض الدول، من بينها موريتانيا، بدعوى “عدم التعاون الكامل” في إعادة مواطنيها المخالفين، مما يضع الدبلوماسية الموريتانية أمام تحدٍّ مزدوج: الدفاع عن كرامة المهاجرين، والحفاظ على شراكة اقتصادية وأمنية واعدة.
من الإغاثة إلى التجارة: أمريكا تعيد رسم شراكتها مع إفريقيا
تُعد هذه القمة نموذجًا لتحول جوهري في المقاربة الأميركية تجاه القارة، حيث بات يُنظر إلى إفريقيا كفرصة استثمارية أكثر من كونها منطقة للمساعدات الإنسانية. فوفق تصريحات من البيت الأبيض، تسعى واشنطن لبناء “شراكات تجارية متوازنة تعود بالنفع المشترك”، فيما أصبح يُقاس أداء الدبلوماسيين الأميركيين في إفريقيا بمدى قدرتهم على عقد صفقات مجدية، لا بتوزيع المساعدات.
وفي هذا السياق، تبدو موريتانيا مرشحة للعب دور محوري، نظرًا لموقعها الجغرافي الاستراتيجي، وثرواتها الغازية والمعدنية، ودورها المتوازن في قضايا معقدة مثل أزمة الساحل وقضية الصحراء، وهو ما يجعلها – بحسب مراقبين – حجر زاوية في خارطة التحالفات الأميركية الجديدة في المنطقة.
قمة مفصلية.. والنتائج قيد الاختبار
رغم أن نتائج القمة قد لا تُعلن فورًا، إلا أن مخرجاتها ستنعكس بشكل حتمي على مستقبل العلاقات الأميركية الإفريقية، وعلى موقع موريتانيا داخل هذا الإطار. فبين ملفات الهجرة والتعدين والاستثمار، يبدو أن نواكشوط مدعوة للعب دور أكبر، لكن بشروط تفاوض تتطلب حزمًا ورؤية واضحة.
في النهاية، تظل قمة واشنطن اختبارًا للدبلوماسية الموريتانية كما هي اختبار للتحول الأميركي تجاه القارة. وبين الواقع والطموح، سيكون مستقبل الشراكة مرهونًا بما ستسفر عنه كواليس هذه القمة المصغرة.
#قمة_واشنطن
#موريتانيا_2025
# الزمان