وثائق بنما.. 11 مليون وثيقة و12 رئيسا و128 مسؤولاً سياسياً

alt  

كشف تحقيق صحفي ضخم شاركت فيه أكثر من مئة صحيفة حول العالم ضمن “الاتحاد الدولي للصحفيين الاستقصائيين” ونشر الأحد أن 140 زعيما سياسيا من حول العالم، بينهم 12 رئيس حكومة حاليا أو سابقا، إضافة إلى أسماء بارزة في عالم الرياضة، هربوا أموالا من بلدانهم إلى ملاذات ضريبية.

 

ومن بين الشخصيات التي ورد ذكرها في التحقيق الدائرة المقربة من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ولاعبا كرة القدم ميشيل بلاتيني وليونيل ميسي، إضافة إلى شركات مرتبطة بأفراد من عائلة الرئيس الصيني شي جينبينغ الذي يرفع لواء مكافحة الفساد في بلاده، والرئيس الأوكراني بترو بوروشنكو.

 

وتم تسريب هذه الوثائق جميعها من مكتب المحاماة البنمي “موساك فونسيكا” الذي يعمل في مجال الخدمات القانونية منذ 40 عاما والذي بحسب هيئة الإذاعة البريطانية لم يواجه طيلة هذه العقود الأربعة أي مشكلة مع القضاء.

 

وأوضح “الاتحاد الدولي للصحفيين الاستقصائيين”، ومقره واشنطن، على أن الوثائق (وعددها نحو 11.5 مليون) تحتوي على بيانات تتعلق بعمليات مالية لأكثر من 214 ألف شركة عابرة للبحار (offshore) في أكثر من 200 دولة ومنطقة حول العالم.

 

وأضاف الاتحاد أن هذه الوثائق حصلت عليها أولا صحيفة “زود دويتشه تسايتونغ” الألمانية قبل أن يتولى هو توزيعها على 370 صحافيا من أكثر من 70 بلدا من أجل التحقيق فيها في عمل مضن استمر حوالى عام كامل.

 

وأطلق على الوثائق المسربة اسم “أوراق بنما” نسبة إلى شركة المحاماة البنمية التي تم تسريبها منها. وأعلنت الحكومة البنمية الأحد أنها “ستتعاون بشكل وثيق” مع القضاء إذا ما تم فتح تحقيق قضائي استنادا إلى الوثائق المسربة.

 

بالمقابل ندد مكتب المحاماة بعملية التسريب التي طالته، معتبرا إياها “جريمة” و”هجوما” يستهدف بنما. وقال رئيس المكتب ومؤسسه رامون فونسيكا مورا: “هذه جريمة، هذه جناية”، مؤكدا أن “الخصوصية هي حق أساسي من حقوق الإنسان تتآكل أكثر فأكثر في عالمنا اليوم. كل شخص لديه الحق في الخصوصية سواء أكان ملكا أم متسولا”.

 

وبحسب التحقيق فإنه في ما يتعلق بالرئيس الروسي فإن الأشخاص المرتبطين به هربوا أموالا تزيد عن ملياري دولار بمساعدة من مصارف وشركات وهمية. وكتب الاتحاد على موقعه الإلكتروني أن “شركاء لبوتين زورا مدفوعات وغيروا تواريخ وثائق وحصلوا على نفوذ لدى وسائل إعلام وشركات صناعة سيارات في روسيا”.

 

وبحسب صحيفة “لا ناسيون” الأرجنتينية، والتي شاركت في التحقيق، فإن الرئيس الأرجنتيني ماوريسيو ماكري كان عضوا في مجلس إدارة شركة مسجلة في جزر الباهاماس، لكن الحكومة الأرجنتينية أكدت الأحد أن الرئيس “لم يساهم أبدا في رأسمال هذه الشركة” بل كان “مديرا عابرا” لهذه الشركة.

 

بدوره قال مدير الاتحاد جيرار ريليه لهيئة الإذاعة البريطانية “بي بي سي” إن “هذه التسريبات ستكون على الأرجح أكبر ضربة سددت على الإطلاق إلى الملاذات الضريبية وذلك بسبب النطاق الواسع للوثائق” التي تم تسريبها.

 

ولا تنحصر الأسماء الواردة في التسريبات بعالم السياسة بل تتخطاه إلى عالم الرياضة وتحديدا الاتحاد الدولي لكرة القدم “فيفا”. فأربعة من الأعضاء الـ 16 في الهيئة التنفيذية للفيفا استخدموا، بحسب الوثائق المسربة، شركات أوفشور اسسها مكتب موساك فونسيكا.

 

ووردت في هذه الوثائق أيضا أسماء حوالى 20 لاعب كرة قدم من الصف الأول بينهم خصوصا لاعبون في فرق برشلونة وريال مدريد ومانشستر يونايتد، وفي مقدم هؤلاء ليونيل ميسي.

 

وبحسب “الاتحاد الدولي للصحفيين الاستقصائيين” فإن ميسي هو شريك مع والده في ملكية شركة مقرها في بنما. وورد اسم النجم ووالده للمرة الأولى في وثائق مكتب المحاماة في 13 حزيران/يونيو 2013 أي غداة توجيه الاتهام إليهما بالتهرب الضريبي في أسبانيا.

 

ومن نجوم عالم الكرة الواردة أسماؤهم في الوثائق برز أيضا اسم ميشيل بلاتيني الذي استعان بخدمات مكتب المحاماة في 2007، العام الذي تولى فيه رئاسة الاتحاد الأوروبي لكرة القدم، لتأسيس شركة في بنما. وتعليقا على هذه المعلومات قال بلاتيني في بيان إن المرجع في هذه القضية هو “إدارة الضرائب في سويسرا، بلد إقامته الضريبية منذ 2007”.

 

وتشمل الوثائق معاملات جرت على مدى أكثر من أربعة عقود (1977-2005) لشركات تولى تسجيلها مكتب المحاماة البنمي، ومن بينها معاملات أجراها يان دونالد كاميرون والد رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون والذي توفي في 2010، وأخرى أجراها موظفون مقربون من الرئيس الفنزويلي الراحل هوغو تشافيز.

 

رد موسكو استنكر المتحدث باسم الكرملين، ديميتري بيسكوف، الاثنين، ما وصفه بـ”استهداف” وثائق بنما، التي تعتمد على أكثر من 11 مليون وثيقة مسربة من مكتب محاماة في بنما “موساك فونسيكا”، للرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، معلقا أن “البوتينوفوبيا” أو الذعر غير العقلاني من بوتين وصل إلى أعلى مستوياته.

 

وقال بيسكوف في تصريحه للصحافة: “من الواضح أن (المعلومات الخادعة) بلغت قمة جديدة من البوتينوفوبيا، التي تجعل من المستحيل عمليا أن يذكر أحد روسيا أو أي من أعمالها أو نجاحها بالخير. تحتاجون إلى الإساءة بالقول بوفرة، وإذا لم يكن هناك ما يُقال، تحتاجون إلى اختلاق شيء ما. إن الأمر واضح بالنسبة لنا،” حسبما نقلت الوكالة الرسمية الروسية “سبوتنيك”.

 

وأضاف بيسكوف: “لقد تم إنشاء هذا المنتج من المعلومات ويُروّج له في وسطنا السياسي المحلي. هذا المنتج يستهدف جمهورنا المحلي. ورغم عدم ظهور بوتين بشكل مباشر فيه، ورغم ذكر دول أخرى، من الواضح، أن الهدف من هذا الهجوم الإعلامي هو رئيسنا، لا سيما في ضوء الانتخابات البرلمانية المقبلة، وعلى المدى الطويل، الانتخابات الرئاسية في عامين.”

 

وتقول تقارير الوثائق المسربة إن هناك “شبكة سرية يديرها شركاء بوتين” أودعت ملياري دولار على الأقل من خلال بنوك وشركات في الخارج. وتتطرق الملفات لحوالي 100 صفقة تشمل شبكة من حلفاء بوتين، بما في ذلك واحدة بيع فيها حقوق للحصول على قرض بـ 200 مليون دولار مقابل دولار واحد، علماً أن بوتين لم يرد ذكره بالاسم في أي من هذه الوثائق.

 

وكان الكرملين قد حذر في وقت سابق أن مجموعة من مؤسسات البحوث الدولية في الغرب وروسيا تخطط لنشر “مواد خادعة” عن عائلة بوتين وأصدقاء طفولته.

 

وكالات

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى