ولد بكار يتحدث عن أول لقاء له بالرئيس الراحل اعل

  محمد محمود ولد بكار

نتيجة بحث الصور عن محمد محمود ولد بكار الزمان انفو ـ في  أصيل يوم من أيام سبتمبر بالتحديد ٢٧ سبتمبر ٢٠٠٥ إلتقيت بالرئيس إعل ولد محمد فال في القصر الرئاسي ،و عندما دلفت من باب مكتب الرئيس ،تلقّاني من وراء مكتبه منتصبا ملأ قامته الفارعة رغم انه لا يعرفني ، وأنا أضع يدي بيده، سألني بتأدب دون أن أشعر بأي تذلل (ذَكِّرني بالإسم )، هالني إحترام الرجل الفخم وهو يقف لي ولا يعرفني وشعرت بإرتياح وأنا أردد له إسمي ، جدد ترحيبه بي على نحو يشي بالهيبة وكأنه يعرفني معرفة تطفح بالإحترام، وقد ظفر به التعب . 

يبدوا أن أصدقائي قدموني له كما ينبغي بل وأكثر ، كان أخي وخليلي محمد عبد الله ولد الطالب إعبيدي الملقب ولد آده ،وصديقي المخلص أحمد ولد حمزه، قد أخذ كل منهما دون علم الآخر ،مبادرة لربط صيلتي بالرئيس إعل بعد الإنقلاب، وقد قالا لي ضمن مسوغات أخرى وكأنهما اتفقا على ذلك، وبنفس الأسلوب ،أن هذه المرحلة تحتاج لمساهمتي ، إتصل بي الأول ليقول لي أن الموعد سيحدودنه لي قريبا ،وبعد يومين إتصل بي الآخر وهوخارج لتوه من الرئاسة ،ليخبرني أن موعدي غدا الثانية بعد الزوال ، وجدت شخصية مهمة أمامي تريد الدخول على الرئيس وبعد خروجها دخلت أنا ، كان الوقت قبل نهاية الدوام بعشرين دقيقة ، لم يتطلب حديثنا الذي لم يدم عشر دقائق أي نوع من ابروتوكولات التعارف ،وذلك بتأثير أصدقائي ، لقد فهمنا كلانا أن المواضيع التي بدأنا نثير للحديث تتطلب مزيدا من الوقت، فضرب لي موعدا السابعة ليلا من نفس الْيَوْمَ .وعندما قدمت عليه بادرني بالسلام واقفا ، بدأنا أطراف الحديث الذي بدأجديا، قلت له سيدي الرئيس هذه المرحلة كانت تنتظرها موريتانيا كلها منذ بعض الوقت، وقد حصلت دون أي بلابل وبدعم عارم من كل الطيف السياسي ، فما هو نصيب السلم الإجتماعي فيها ، قال لي بالشفافية ،لابد من وضع قواعد عامة وواضحة يشاهدها كل العالم لكي نغلق الباب أمام التسكع في الخارج بإسم عدم المساواة والظلم . وأضاف مشكلتنا هي إتهام بلدنا ببعض الأمور التي لاتوجد على أرض الواقع بنفس الحجم ،بل تتخللها المغالطات والأغراض والمتاجرة ، وهكذا يوشك بلدنا أن تكون له صورة سيئة في العالم فيما يتعلق بحقوق الإنسان والعبودية وغيرها ، قلت وهل تكفي ٢٤ شهرا لكي نحقق هذا الهدف قال لا ، لكننا نحن سنضع الأساسات والحكومة المدنية الشرعية المقبلة تأخذ القرارات ، لكن الذي أتعهد به هو أن تكون كل الملفات جاهزة وواضحة وسنسلمها مع السلطة للرئيس المقبل . قلت له أي أنك تعني مسألة العبودية وقضية المبعدين قال نعم وليس هذا وحده ، البلد يعاني من مشاكل عديدة وعميقة ونحن لا يمكننا سوى وضعه على الطريق أي تسوية الإختلالات ، وتحرير الأفق لكي يعود الأمل والمستقبل إلى الناس ، كل مانريده هو أن تفهم الناس ذلك ،وأننا لا نريد البقاء في السلطة ولا تبني أيّ طرف من أطراف اللعبة ، لكن لا نريد أيضا عودة الحزب الجمهوري فهذا لا يصح ، ولانريد إنشاء حزب على أعقابه ، مشكلتنا أن الناس لا تريد فهم ذلك ، إذن هذا هو برنامجنا ، قلت له وأي مستقبل للجيش قال الجيش دخل العملية السياسية بسبب فشل المدنيين وإنعدام القواعد ونحن نريد أن نعيد الأمور إلى المدنيين ولن نترك للجيش اَي فرصة ، لكي يخوض السياسة وسنعلنها ،كما سندخل إصلاحات عامة من خلال تعديل الدستور وسندرس ونتشاور في كل ذلك مع الناس حول القضايا الجوهرية مثل التعليم والتناوب وغيرها . إستمر حديثنا ساعة ونيف ، وخرجت وكأن الأرض لم تعد تسعني وكأني ولدت من جديد ، وكأن آمالي في بناء بلدي أخذت تتحقق والأهم من ذلك أني حصلت على فرصة المشاركة، فيها بعيدا عن الأضواء وبالعلاقة بالرئيس شخصيا . وقد فتح لي قلبه ومنزله حيث لم أتصل -في الغالب الأعم – لأطلب لقاءه في أي وقت ،إلا وقال لي تعال بعد ثلاثين دقيقة ، لقد كان حصيفا ومثقفا وقد شاركت في التفكير ودعم تلك المرحلة بكل فاعلية وإخلاص بدعم منه ،وقد ساعد على ذلك أن أخي وصديقي سيدي محمد ولد بوبكر كان هو وزيره الأول الذي ظل يجمع ليله بنهاره يفكر ويخطط بتفانٍ وإخلاص ودون أي مآرب شخصية لنجاح تلك المرحلة . لقد كان إعل أحد أرجح الشخصيات التي تعرفت عليها عقلا ، وأكثرها تؤددة ، وكان يتقبل الرأي ويتكلم بتأدب ويحترم مخاطبه ، ويستقبله واقفا ويشيعه إلى الباب كما كان يملك شخصية ورؤية حضرية وكاريزما . لقد عرفته عن قرب على مدي خمس سنين ، فلم ألاحظ يوما أني قد خطأت في تقييمه أو أنه لا يستحق مكانته ، فقد كانت وفاته خسارة كبيرة خاصة في هذا الظرف الذي كان كثيرا من الناس يرونه أمامهم ،فنرجوا من الله العلي القدير أن يتغمده برحمته ويسكنه فسيح جناته ويلهم ألهه الصبر والسلوان . لقد كانت هذه لمحة صغيرة من مواقف كثيرة عشتها معه تتعلق كلها بالبد ونجاح المرحلة الإنتقالية ، لكن المقام يسمح بهذا القدر . محمد محمود بكار

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى