كلمة انصاف بحق الشريف الطالب بوي بن الشيخ آياه حفظه الله

الزمان انفو ـ في وقت يتكالب فيه المتطرفون في الداخل والمبغضون في الخارج لتشويه صورة الإسلام، وإلحاق وإلصاق أوصاف العنف والتطرف به، تكون العودة إلى المنابع الأولى الصافية، للملة الغراء والمحجة البيضاء، للنهل من فيض نوره الغزير وخيرها الكثير وعذب مائها النمير..

هي أول وأفضل الحلول الشافية الكافية، لتربية النفوس، وتهذيب الأخلاق، وتطييب الأعراق، وبيان محاسن الشريعة المطهرة، والتبصير والتنوير بمكارم السيْر على الصراط المستقيم، والنهج القويم، في بلادنا الشنقيطية على هدْي أئمة الأنام، وبدور الظلام، وبقية السلف الصالح والعترة النبوية المطهّرة، ممن توارثوا الإمامة والزعامة الدينية والدنيوية، كابراً عن كابر، أبناء شيخ مشايخ الإسلام الشريف شيخنا محمد فاضل بن مامين، رحمه الله. فقد كانوا على مر الزمان، وما زالوا بحمد الله حتى الآن، هم الدعاة الهداة في بلادنا الشنقيطية، وفي غيرها من بلاد الإسلام الأخرى الإفريقية والمغاربية، وذلك لما في الطريقة القادرية الفاضلية من مكارم تربية للنفوس وتزكية للسلوك على النهج النبوي الكريم، والصراط المستقيم، ولهذا فقد جعل الله، سبحانه وتعالى، لهم وداً في الأفئدة القلوب وهم الذين قال عنهم العلامة المؤرخ الشيخ المختار بن حامدٌ الديماني:

 

متى ترَ من بني مامين شخصـاً… سمحت له بممحوض الوداد

ترى النور الهدى في الوجه منه… فتنبعث المحبة في الفـــؤاد

ومن فضل الله علينا، وعلى الناس، أن بين ظهرانينا اليوم من بلغت الطريقة الفاضلية القادرية معه سنام مجدها وسنا محتدها، وهو الولي العالم العامل شيخنا الشيخ آياه بن الشيخ الطالب بوي بن الشيخ سعد أبيه بن الشيخ محمد فاضل بن مامين، حفظه الله، فقد اجتمع فيه، أطال الله عمره، ما تفرق في غيره من العلماء الأعيان، والأولياء الأصفياء أقطاب الزمان. وهذا يراه ويسمعه ويتذوقه ويلمسه كل من يتشرف بزيارته في حاضرة العلم والولاية والصلاح العامرة النمجاط، أعزها الله. وقد صدق العلامة الشيخ محمد العاقب بن مايابى الجكني في وصفه لبعض مآثر هذه الأسرة الشريفة بما عرفت به من مكارم وسجايا، مما يحسه ويلمسه كل من يزُور النمجاط:

 

 

بحيث يرى كيف التنافس في العُلى… وحيث يرى كيف اصطناع المكارم

وحيث ترد النفس عن حجماتها… ويمحى عن العاصي خضاب المآثم

وحيث يرى درس العلوم ونشرها… وخوف الإله واجتناب المحارم

وحيث ترى الفتيان ما بين ناسك… وطاوي الحوايا كالهلال وصائم

وقارٍ أفانـيـن العلوم ومقــــرئ… وداع بــدأداء الظـلام وقائم

وآسٍ على آثامه متأســـف… وباكٍ عليها بالدموع السواجم

وفانٍ بذات الله عن حركاته… وباقٍ وولهانِ الفؤاد وهائم

 

ومن فضل الله علينا، وعلى الناس أيضاً، أن سيرة شيخنا آياه القويمة، وطريقته المستقيمة، تجد اليوم من يمثلها ويتمثـّـلها، على أكمل وجه، وأجمل وصف، من أبنائه الغر الميامين، ألا وهو نجله الأغر شريفنا الطالب بوي بن آياه حفظه الله، فهو داعية الدعاة بأفعاله قبل أقواله وبجميل أخلاقه وجزيل إنفاقه، ولا أقول هذا مبالغة ولا توسعاً في البلاغة، وإنما أقوله حديثاً بالنعمة، ودعوة لفتيان وفرسان المروءة والشهامة والكرامة في بلادنا، بل وفي كل مكان، بأن يسيروا على نهجه، وينسجوا على منواله في الأفعال والأقوال. وعندي على هذا شهود كثر من أبناء وطننا، وجالياتنا في الخارج، حيث يكون في مقدمه لأي مكان تفريج لهموم ومشاكل كثير من الناس، وحيث يتزاحم في مجلسه أصحاب الحوائج والغايات والمحتاجون وغير المحتاجين، والضيوف ما بين ناوي رحلة ومقيم، ولكأن المثقّب العبدي قديماً عناه بقوله:

كفى حاجة الأضياف حتى يريحها … على الحي منا كل أروع ماجدِ

تراه لتفريج الأمور ولفها … لمّا نال من معروفها غير زاهدِ

وليس أخونا عند شيء يخافه … ولا عند خيرٍ إن رجاه بواحدِ

إذا قيل من للمعضلات أجابه … عظام اللُّهى منّا طوال السواعدِ

 

والطالب بوي، حفظه الله، في هذا يسير على نهج أبيه الأكرم الأغر وأجداده الغر الميامين، فهم وليس غيرهم من عناه زهير في رائعته الشهيرة:

 

إذا السنة الشهباء بالناس أجْحفت.. ونال كرامَ المال في الحجرة الأكلُ

رأيت ذوي الحاجات حول بيوتهم.. قطيناً بهــــا حتى إذا نبت البــقلُ

وفيهم مقامــات حسـان وجوههم.. وأنديــة ينتــابها القول والفــعل

وإن جئتتهم ألفيت حــول بيوتهم.. مجالس يشفى بأحلامها الجهل

فمـــا يكُ من خـــيرأتـــوه فإنــما.. توارثه آبــاء آبـــائــهم قبـــلُ

 

والطالب بوي، أطال الله عمره، فوق هذا في القول والفعل، والفضل والنبل، وكيف لا هو واسطة عقد أسرة وصف محمد العاقب ولد مايابى قصعها وجفان طعامها التي لم يكن يقوى على حملها أقل من ستة رجال، وكانت تلك سنوات الجهاد والمقاومة والقحط والمحل والمجاعة مطلع القرن الماضي.

 

 

بقلم : نورالدين ولد بوب جدو 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى