واشنطن بوست: هل انسحب المسلحون من اديابالي إلى موريتانيا؟

altنشرت صحيفة “واشنطن بوست” مقالا لمراسلها سودارسان باغافان بعث به من بلدة نيونو في مالي وقال فيه انه مع حلول الساعات الاولى من صباح السبت، غادر المسلحون الاسلاميون مدينة ديابالي في شاحناتهم الصغيرة التي ركبت عليها مدافع سريعة الطلقات. الا ان القوات الفرنسية والقوات المالية ظلت لساعات بعد ذلك بعيدة عن دخول تلك المدينة. ورغم ان كتيبة عسكرية مالية توجهت بسياراتها الى اطراف ديابالي، الا انها عادت ادراجها، فهناك الكثير من التساؤلات والكثير من المخاطر، كما جاء في هذا المقال وفيما يلي نصه:

قال احد المسؤولين في بلدة نيونو التي تبعد عن مدينة ديابالي 43 ميلا “لم نعد نشهد اسلاميون في ديابالي، ولكن اين هم؟ هل عبروا الحدود الى موريتانيا، ام انهم تحركوا الى داخل مالي؟”

والحرب في هذه الدولة الغرب افريقية حولتها الى تمرد يشبه لعبة القط والفأر، مثلما هي الصراعات في افغانستان واليمن الى حد كبير. فالميلشيات تحتل بلدات ثم تختفي بعد عمليات قصف جوي لمواقعهم، ولكن لتعود الى تجميع صفوفها وتظهر في موقع اخر. وبامكانهم ان يقوموا بوضع كمائن او جمع معلومات لاستخدامها ضد اعدائهم.

وما كشفت عنه الاوضاع في ديابالي الاسبوع الماضي سلط الاضواء على التحديات التي تواجه فرنسا وحلفاءها الذين يحاولون اخراج الميلشيات التي استولت على قطاعات واسعة من اراضي شمال مالي العام الماضي. ويقول شهود عيان ومسؤولون عسكريون ان الميلشيات شوهدت وهي تنسحب من المدينة، غير ان الشكوك لا تزال عالقة من انهم تركوا وراءهم جواسيس او قناصين من بين السكان – او ربما الغاما او فخاخا اخرى.

قال العقيد سيدو سوغوبا، وهو قائد عسكري مالي، انه “من غير الممكن القول ما اذا كانوا قد غادروا ديابالي بنسبة 100 في المائة. اذ يصعب التفريق بين من هو اسلامي ومن هو ليس من بينهم. فلم يكتب على وجوههم انهم اسلاميون”.

وبالافادة من انقلاب عسكري الحق الاذى بالحكومة، استولى خليط من الانفصاليين من الطوارق ومن الاسلاميين الراديكاليين على اراض بحجم ولاية تيكساس الاميركية، في شهر أذار (مارس). ولم يلبث الاسلاميون ان دحروا الانفصاليين وفرضوا احكام الشريعة الاسلامية. واليوم تسيطر على شمال مالي ثلاث مجموعات من المتشددين الاسلاميين.

وفي اعقاب تقدم الميلشيات جنوبا، قام الفرنسيون بهجوم عسكري مفاجئ في 11 كانون الثاني (يناير) ودمرت مواقع الاسلاميين بعمليات قصف جوي. الا ان الميلشيات مع ذلك استولت يوم الاثنين على ديابالي، التي تبعد 250 ميلا عن العاصمة باماكو.

وقال سوغوبا ان قوات الجيش المالي والقوات الفرنسية الخاصة اشتبكت مع الميلشيات، وبعد ان بدأ المهاجمون اطلاق النار من المنازل، انسحبت قوات الجيش الى نيونو لتحاشي وقوع اصابات بين المدنيين.

وفيما قال مسؤولون عسكريون ماليون وفرنسيون ان قواتهم اشتكبت في معارك ارضية في ديابالي وحولها، فان مسؤولين عسكريين في نيونو قالوا انه باستثناء اشتباكات يوم الاثنين، فانه لم يحدث قتال اخر. وبدلا من ذلك فان الطائرات الفرنسية قصفت مواقع المتشددين مرارا، حسب سوغوبا.

وفي الرابعة مساء يوم السبت قامت كتيبة مدرعة فرنسية بالتوجه الى نيونو، وهي جزء من قوة فرنسية يبلغ عدد افرادها 2000 يعملون في مالي. وحمل بعض الاهالي الاعلام الفرنسية يلوحون بها، بنما صفق اخرون وهلللوا. وصاح قلة من الرجال “يعيش الجيش الفرنسي”.

وقال عبد الوهاب كويات، وكان يرتدي الزي المالي التقليدي وقد زين بالوان العلم الفرنسي “انهم ليسوا اسلاميين. وليسو ماليين. لكنهم ارهابيون ليس اكثر”.

وقال رئيس البعثة العسكرية الفرنسية الكولونيل فريدريك (من دون الكشف عن كنيته) ان لدى قواته بعض الافكار بشأن اماكن تواجد الارهابيين. وعندما سئل عن امكان عودتهم الى ديابالي، اجاب بالقول “نعم. طبعا. انه احد الاحتمالات”.

عاد عمدة ديابالي عمر دياكيت الى منزله يوم السبت. وقال في لقاء عبر الهاتف ان الميلشيات دمرت جدران بعض المنازل ونهبت المخازن. لكنهم خلفوا وراءهم الكثير من الذخيرة، وبقايا سيارات محترقة دمرها القصف الجوي. وقد نقلوا جثث زملائهم معهم، الا واحدا عثر عليه في احدى الغابات.

ورغم انسحاب الميلشيات فان مشاعر الخوف بقيت تعشش في النفوس.

وقال دياكيت “بدأ بعض الناس في العودة، لكن هناك اخرون لا يزالون يغادرون المدينة. وليس هناك وجود للجيش هنا. فقد جاء ثم غادر المكان”.

واعرب بعض السكان عن القلق من احتمال ظهور الاسلاميين مرة اخرى، وانتشرت الاشاعات في كل مكان.

وقال كويات “سمعنا ليلة امس انهم في مكان ما بين نارا وبانامبا” مشيرا الى بلدتين لا تبعدان اكثر من ثلاث ساعات بالسيارة.

وتبين من زيارة يوم الجمعة الى بانامبا التي تبعد 90 ميلا عن العاصمة ان التوتر يمسك بألباب الكثير من الماليين. وقال مسؤولون محليون انه القي القبض على رجل الاسبوع الماضي بعد ان اشتبه السكان به وان لم يكن لديهم الا القليل من الادلة. وكان الرجل يحمل كتاب الله ويتكلم العربية وليس لغة البامبارا، التي يتحدث بها سكان الجنوب، حسب قول سومانا كانتاكو، نائب العمدة.

ومع فرار الثوار المقاتلين من بعض الاماكن، فان السكان اعربوا عن المخاوف من احتمال عودتهم.

وقال فانا سو (30)، وهو احد التجار “ما اخشى منه هو امكان عودة الذين فروا من ديبالي”.

القدس

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى