ولد اخليل ناصري في عرين الكادحين (بورتريه)

محمد ولد اخليليستحث الرجل الخمسيني محمد ولد محمد الحافظ ولد اخليل الخطى لمنع حزب اتحاد قوى التقدم من التورط فيما يعتبره   وعدد من قيادات حزبه البارزين” مهزلة الانتخابات” ويرفع ولد اخليل الصوت عاليا بأن من اتخذوا هذا القرار لم يكن لهم الحق في ذلك من حيث قانون الحزب ونظمه الخاصة، كما أن بوصلتهم السياسية لم تكن موفقة في الاختيار

وفيما يصر الرجل على موقفه ويعلنه بشكل صريح يرفع كهول مسنون في حزب اليسار الموريتاني نظاراتهم ويهمس بعضهم لبعض ” من أين خرج لنا هذا الرجل المزعج، وأنى الفكاك من ورطته”

 

 رجال  النظام القديم

 

 

بدأ  الوالي ووزير الصحة الأسبق محمد ولد اخليل رحلته الوظيفية من وزارة الداخلية حيث كان أحد أطرها الذين يحملون ثقافة عربية  جعلت الرجل يؤمن بأن اللغة العربية هي “اللغة الأساسية للبلد ويجب تطبيق القوانين وتعريب الوثائق المدنية ومراسلات الإدارة”

ولم يكن الأمر إلا جزء من تصور فكري عند الرجل القومي الذي آمن بالرؤى الناصرية وأفكار القومية العربية.

 

تولى ولد اخليل منذ بداية التسعينات منصب حاكم مقاطعة تفرغ زينة ولمدة خمس سنوات، قبل أن ينتقل بعد ذلك واليا لولاية غورغل.

 

يقول الحكام التابعون له حينئذ إن الرجل كان صارما جدا وقوي الشخصية، وأن على الحاكم أن ينظر إلى طلبات الوالي باعتبارها أوامر مضيقة الوقت لا بد من تنفيذها.

 

 قصة الفلوجة

استعاد الرئيس السابق معاوية ولد الطايع الوالي محمد ولد اخليل إلى نواكشوط حيث تولى منصب والي نواكشوط، فرض الرجل حينها تعريب الوثائق بشكل كامل وكانت كل المراسلات التي توقعها الإدارة بالعربية، لكن ذلك لم يكن المثير الأساسي في إدارة الرجل لولاية نواكشوط، فقد كان تقسيم أراضي الفلوجة أحد الوصمات الأساسية التي لاحقت الرجل بالإضافة إلى قريبه حاكم عرفات حينها محمد ولد نافع، ويتهم الرجل على نطاق واسع بمنح الأراضي بشكل عشوائي لعدد كبير من أقاربه أو المقربين منه دون وجه شرعي، إضافة إلى مصادرة أراض واسعة لملاك أرض الفلوجة السابقين.

 

احتج هؤلاء لسنوات عديدة أمام الولاية والتقوا ولد اخليل مرات ومرات قبل أن يخرجه الانقلاب العسكري من ولاية نواكشوط إلى ولاء سياسي آخر

 

يدفع الرجل التهم الموجهة إليه ويقول إن جهات سياسية من خصومه وعلى رأسهم الرئيس محمد ولد عبد العزيز هي من يقف وراء تلك التهمة التي لا أساس لها من الصحة وفق تعبيره وليست إلا جزء من حملات التشويه التي يقوم بها نظام الرئيس محمد ولد عبدالعزيز لخصومه السياسيين وخاصة منهم قدماء الإداريين والوزراء الذين رفضوا انقلابه على الديمقراطية

ويزيد  ولد  اخليل المسألة من الشعر بيتا فيقول : إن الرئيس محمد ولد عبد العزيز اتصل به شخصيا لكي يطلب منه قطعا أرضية ولكنه رفض ولذلك فهو من يتولى تشويه سمعته.

 

وبين التهمتين يمكن لأي زائر للفلوجة أن يرى بشكل واضح كيف منحت تلك الأرض ويمكن أن يفرق بهدوء بين المرحلين من كبات الميناء إلى الفلوجة، والمجذوبين إليها من مناطق نفوذ نظام ولد الطايع الذي كان ولد اخليل كغيره من ولاة المرحلة ينفذون سياساته وتوجهاته ويتقاسمون فيما بينهم وكل في محيطاته المجتمعية المنافع والمغانم والقطع الأرضية أيضا

 

 

 في المنزل الجديد

 

بعد سقوط الرئيس السابق معاوية ولد سيدي أحمد الطايع بدأ قادة الحزب الجمهوري البحث عن موطئ قدم أو مظلة جديد، حيث تفرق دمهم في القبائل السياسية، وكان   لأحزاب المعارضة الموريتانية نصيب مفروض من التركة الطائعية

 

التحق محمد ولد اخليل بحزب اتحاد قوى التقدم رفقة آخرين من بينهم وزير الإعلام السابق حمود ولد عبدي والنائب السابق المرحوم سيدي محمد ولد بادي، لكن الأخيرين سرعان ما غادرا قوى التقدم بعد دعم الحزب لأحمد ولد داداه في الشوط الثاني من الانتخابات.

 

كان الرفاق اليساريون حينها وهم القادمون من رحلة مساومة وحوار طويلة مع الرئيس السابق معاوية ولد الطايع قد رحبوا بتحفظ بالقادمين من الحزب الجمهوري، واعتبروا كالملح للطعام، يمكن أن يستفاد من قدراتهم المالية وعلاقاتهم الاجتماعية الواسعة، لكنهم إذا كثروا كان أزمة للمائدة التي يريد السياسيون أن تكثر الأيدي حولها مادامت حملا وتقل جدا إذا كانت قصعة.

 

شق الرجل طريقه بقوة إلى واجهة الحزب حيث تولى باسمه منصب وزير الصحة في حكومة ما بعد اتفاق دكار كما تولى رئاسة حملة مرشح الجبهة مسعود ولد بلخير في الحوضين، وقبل ذلك أبلى بلاء حسنا في الجبهة الوطنية للدفاع عن الديمقراطية، وشغل لفترة منصب الأمين الدائم للمنسقية كانت بحسب المتفقين معه والمختلفين معه من أكثر فتراتها تنظيما وجدية

 

 

 

  صراع المال والأفكار

بقوة شخصيته وقوة نفوذه وطموحه وطبيعته الإدارية التي تفرض عليه أن يكون آمرا لا مأمورا ومشيرا لا مستشارا، استطاع ولد اخليل أن يكون أحد الأرقام الصعبة في حزب اتحاد قوى التقدم، كما أن حضوره المالي القوي في الحزب باعتباره أحد المانحين أو المتبرعين الأساسيين للحزب، مما مكنه من رئاسة المؤتمر التحضيري للحزب والمنافسة بقوة ضمن تياره المحيط به على مناصب الحزب قبل أن يحصل على منصب نائب رئيس الحزب ويحصل خصمه اللدود محمد المصطفى ولد بدر الدين على منصب الأمين العام.

 

يقول ناشطون في الحزب إن ولد اخليل متنفذ جدا وأنه بات مؤثرا على القرار السياسي للحزب ،ويقول أنصار ولد اخليل إن الرجل يعبر عن مواقفه بصراحة، ويرفض احتكار مجموعة القيادات التاريخية لقرار الحزب.

 

 خلاف حزبي

 

 

 

خرج الخلاف الصامت عن إطاره الحزبي الضيق ومعه خرجت كثير من الأزمات الموأودة التي ظل الرفاق الكادحون يحاولون إخفاءها قدر الإمكان مثل العلاقة بين الحركة والقبيلة وبين الممولين والمفكرين، وإذا كان ولد مولود مثل لسنوات طويلة الحلقة الجامعة لطرفي الحزب آنفي الذكر فإن قرار اللجنة الدائمة للحزب المشاركة في الانتخابات بعد أيام قليلة من إعلان ولد مولود لموقفه السياسي كان صاعقا بالنسبة لأستاذ التاريخ الذي تعود على انتقاء مواقفه وعباراته، وكان وهو يتخد كل خطواته يحس بالفعل أنه يكتب تاريخه، كان الموقف صاعقا أكثر لولد اخليل 

وتفاقمت الأزمة بشكل كبير لتخرج إلى الإعلام وسط حالة جذب قوية بين تيار شيوخ الكادحين من جهة ورئيسهم الأكدح محمد ولد مولود و عدد من المقربين  منه يتصدرهم نائباه أستاذ القانون الدستوري لو غورمو عبدول  والإداري والوزير السابق محمد ولد اخليل .

السراج

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى