النشيد الوطني الموريتاني بين مُطالب بالتغيير ومحذّر من المساس بالسيادة

تزايد الدعوات لوضع نشيد جديد ‘مرتبط بالحياة الدنيوية’ وسط تحذيرات من التطاول على ثالوث: العَلم والوحدة والنشيد.

 

تشهد موريتانيا جدلا كبيرا هذه الأيام بعد تزايد الأصوات المطالبة بتغيير النشيد الوطني الذي يرى بعض المثقفين أنه بات قديما جدا ولا يناسب الواقع المعاصر لموريتانيا الحديثة.

وأولى الدعوات المطالبة بالتغيير أطلقها السيناتور محمد ولد غدة (رئيس تيار الفكر الجديد في موريتانيا) أواخر العام الماضي، مشيرا إلى أن النشيد الحالي “يخلو من أي إشارة إلى الوطن والأرض والوحدة الترابية واللحمة الاجتماعية”.

لكن خصوم ولد غدة اتهموه بـ”التحامل علي ركن من أركان السيادة الوطنية متمثلا في نشيدها الوطني”، مطالبين بعزله من منصبه.

وكتب النشيد الوطني الموريتاني الشاعر بابا ولد الشيخ سيديا في القرن التاسع عشر الميلادي، واختارته الحكومة بعد الاستقلال عام 1960.

ويتضمن كلمات تدعو للتوجه إلى الله واتباع سبيل النبي محمد من قبيل “كن للاله ناصرا.. وأنكر المناكرا، واسلك سبيل المصطفى.. ومت عليه سائرا”، ويستنكر المعارضون عدم تضمن النشيد لأي إشارة إلى “الوحدة الوطنية واللحمة الاجتماعية في موريتانيا”.

وترى الفنانة المعلومة منت الميداح أن كلمات النشيد الحالي “لا علاقة لها بالحياة الدنيوية، فصاحب تلك الكلمات الولي الصالح بابا ولد الشيخ سيديا لم يقلها من أجل أن تكون صالحة لنشيد قومي، بل إنه قالها في سياق آخر هدفه الفوز بالحياة الآخرة ونقد بعض الجهات الدينية آنذاك”.

وتضيف في حوار صحفي “هذا بطبيعة الحال يتنافى مع النشيد الوطني الذي ينبغي أن يدعو للتشبث بالحياة من أجل الحث على الرفعة والمجد والفخر للوطن، ولذا فإنه لامكان للحديث هنا عن كلمات تتحدث عن الموت إلا من زاوية الموت والتضحية من أجل بناء الوطن والدفاع عنه”.

ويبدو أن الدعوات المطالبة بتغيير النشيد الحالي لم تلق أذنا صاغية لدى الحكومة، ما دفع البعض لاقتراح بدائل جديدة للنشيد الحالي أملا بحشد المزيد من الأصوات لإقناع الحكومة بالخروج عن صمتها واتخاذ خطوات جدية في هذا الأمر.

ونشر الشاعر محمد ماء العينين ولد أحمدو مؤخرا “نموذجا قابلا للتعديل” لنشيد وطني جديد على وزن النشيد السابق، لكنه أكثر حداثة منه وخاصة فيما يتعلق بالإشارة إلى قضية التعلق بالوطن والدفاع عنه.

ويحاول ولد أحمدو في “نشيده الجديد” ارضاء جميع الموريتانيين (المتمسكين بالنشيد الحالي والمطالبين بتغييره)، حيث يبدأ النشيد الجديد بالتقرب من الله (أطيع ربي شاكرا وللمنون ذاكرا) على طريقة النشيد السابق، ويشير لاحقا إلى حب الوطن والسير على درب العظماء (ووطني أحبه أبغى له المفاخرا).

وتلاقي الدعوات المطالبة بتغيير النشيد الوطني الموريتاني هجوما كبيرا من قبل بعض المتمسكين بـ”قدسية” النشيد الحالي باعتباره خطا أحمر لا يجوز المساس به، فضلا عن أنه أمسى جزءا من ذاكرة الشعب الموريتاني، وفق بعض مستخدمي المواقع الاجتماعية.

وكتب السينمائي محمد ولد إدوم في صفحته على فيسبوك “في موريتانيا هناك خطوط حمراء لا يجوز المساس بها وإلا كانت الكارثة: العلم، السيادة الوطنية، النشيد الوطني، وحدة البلد”، فيما تمنت مستخدمة على تويتر تطبيق البيت الأول من النشيد الوطني الحالي.

وكتب بدر داري الشنقيطي (طالب إعلام) في حسابه على تويتر “لم يجدو أمرا أولى للتغيير من موضوع النشيد الوطني!، اوليس في موريتانيا الكثير من الامور الهامة (الأخرى) التي يجب أن نفكر فيها”، وأشارت مستخدمة أخرى إلى وجود عشرات المشاكل في موريتانيا أهم من تغيير النشيد الوطني.

وتعاني موريتانيا من مشاكل كبيرة تبدأ بتردي الاقتصاد وانتشار الفساد ولا تنتهي عند استمرار العبودية والانتهاك المتكرر لحقوق المرأة، ويرى المراقبون أن هذه الأمور وغيرها تساهم في تخفيف حماس الموريتانيين الباحثين عن قوتهم اليومي لدعوات من قبيل “تغيير النشيد الوطني” في بلد ما زال نصف سكانه يعيشون تحت خط الفقر.

ميدل ايست اونلاي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى