طفح كيلك يا ولد عبد العزيز

alt  

تعيش الساحة السياسية هذه الأيام حالة ابتذال يندى لها الجبين .. حالة غثيان تدعو إلى الشفقة على بلد عبثت به أيما عبث أيادي الجهلاء و أطماع الانتهازيين.. تعيش حالة بؤس مزرية تعكسها صور المترشحين من كل جوانبها: بعضهم مثل صور المطلوبين للعدالة .. بعضهم مثل صور الراقصين..

بعضهم مثل صور المنكوبين .. بعضهم مثل صور النازحين .. بعضهن مثل صور طالبات الزواج .. بعضهن مثل صور عارضات الأزياء.. لا وجه سياسي و لا ثقافي و لا أطر و لا شخصيات دينية و لا اجتماعية؛ كأن أصحاب البورصات و صاحبات الصالونات و أصحاب “شبيكو” اكتسحوا الساحة السياسية ليلا لنصبح بلا مقدمات أمام عالم سياسي جديد لا جنس فيه مثل مزارع تفريخ الدجاج..

بعضهم معارضون و يحملون صور ولد عبد العزيز .. بعضهم يطالبون برحيل ولد عبد العزيز ويزاحمونه في ديمقراطيته الفريدة.. بعضهم يشرعن له انتخابات باسم “معاهدة” ليست مع الله و لا مع الشعب و باسم معارضة لا في العير و لا في النفير و يتظاهر بانتقاد نواقص انتخابات مفصلة على مزاج محسن وثقافة عزيز وتخطيط امربيه..!

يمكن أن ترى كل شيء في هذه الحملة إلا وجها تحترمه.. إلا شخصا لا تحتقره.. إلا مشهدا لا تؤلمك فظاعة دلالته.. إلا منظرا لا يؤكد لك بأن الآتي أفظع و أتفه و أحقر..

كأن عفريتا نزل عقب ليل من السماء و قبض على ما في أرضنا من سياسيين و مثقفين وكوادر و أتانا بخلق جديد و “فكر جديد”…!

هذه ليست انتخابات تشريعية بأي معنى و إنما هي نسخة فاشلة من “النغمة الذهبية”.. كم نحن محتقرون في هذه الأرض حين تقودنا هذه الحثالة الهجينة.. حين تخدعنا هذه السفالة السخيفة.. حين يحتقرنا سيدي محمد ولد محم وولد ببانه وولد جعفر وولد الطيب، بتباريهم في الدفاع عن من يحتقرونه أكثر منا و يزدرونه أكثر منا و يعرفون مثالبه أكثر منا جميعا..

ـ يقولون لولد عبد العزيز إنني مجنون و حاقد وأنتظر من يسكتني ببعض الفتات، لكنني أقول له إنهم (أصحابه الأوفياء، الناصحون، المقربون الذين ألتقيهم في كل مكان) يقولون أن لا أحد يعرفه مثلي ولا شيء يستحقه أكثر مما أقوله فيه..

لقد قلت دائما إن أسوأ ما في الانقلابات العسكرية هو أنها تأتي بأنظمة مهزوزة ومرفوضة، تكون وسيلتها الوحيدة للبقاء هي البحث عن صيادي الفرص مثل هؤلاء ممن لا يفكرون في غير جيوبهم و بأقل شروط، فيصنعون منهم أبواق دعاية رخيصة يسلطونها على الناس ويملئون بصراخها كل فراغ ..

و يعرف هؤلاء أنهم لا يمكن أن يقنعوننا بصدق ولد عبد العزيز و لا ببرنامجه السياسي. إن خطابهم موجه إلى ولد عبد العزيز نفسه ليقنعوه بأنهم يؤمنون به و يدافعون عن برنامجه وهذا هو مكان غبائه وسخافته، فكيف يتلاعب هؤلاء الأغبياء بك إلى حد الدفاع عن برنامجك الذي لا تعرفه أنت نفسك؟

وليعذرنا أو لا يعذرنا، كل من يغضب لورود اسمه أمام أفعاله غير المسؤولة لأن تلك مسؤوليتنا التي نتحمل كامل مسؤوليتها أمام الله و أمام شعبنا .. لقد قررت أن أدفع ضريبة الدفاع عن أرضي بدمي و مالي و وقتي و عرضي و كل مصالحي. سأنبري لكل من يعاديها أو يستخف بها أو يستغفل شعبها بكل ما أملك من أسلحة الدمار الشامل المباحة والممنوعة. و لا أبالي أبدا .. إطلاقا .. بتاتا .. بالقانون الموريتاني الذي أجدد له ما قلته في ملف الخطوط الجوية الموريتانية: “على القانون و المتكلمين باسمه في موريتانيا أن يخجلوا حين تمر بهم كل هذه الجرائم من دون عقوبة .. أن يخرسوا لأنهم أكبر متواطئ مع الجريمة بوجود هؤلاء اليوم خارج القضبان .. أن يفهموا أنهم لو كانوا موجودين لما وصلنا إلى هذا الحد .. أنه لو كان هناك من يخافهم أو يحترمهم في هذا البلد لما حصلت فيه كل هذه المعجزات الحقيقية .. أن يفهموا أنه أصبح من حقنا ـ بعد استقالتهم الكاملة أمام مسؤولياتهم ـ أن ندافع عن أنفسنا و عن أرضنا و شعبنا غير مبالين بما يرضيهم أو ما يغضبهم.

و على القانون و المتكلمين باسمه في موريتانيا أن يعتذروا اليوم لهذا الشعب عن ما حدث فيه من جرائم أمام أعين قانون منزوع السلاح تحول في زمن الفساد من حارس لحقوق الناس إلى شاهد زور على عدالة اغتصابها”.

لقد ضاعت موريتانيا حقا مع الأسف .. ضاع شعبها الطيب الذي أنهكوه بالدعاية الكاذبة والأباطيل الملونة و الوعود “العزقوبية” المزركشة، الأكذب و أسخف من رتبة و نياشين جنرال على كتف حمار.

هناك أمران يؤكد كل منهما الآخر ، يوما بعد يوم : لا شيء يخجل ولد عبد العزيز و لا شيء يستحيل في موريتانيا..

لقد أصبح مشروع ولد عبد العزيز واضح الملامح اليوم ؛ و هو أن يصنع موريتانيا هو حامل أكبر رتبة عسكرية فيها و هو صاحب أكبر خبرة مدنية فيها و هو أعقل ناصح فيها و أكبر متخصص في القانون فيها ..

يريد ولد عبد العزيز وزراء و عمدا و مجلسا دستوريا و مجلسا إسلاميا يعملون بالتوجيهات النيرة لفخامة الرئيس .. يريد برلمانا و”هابا” و لجنة وطنية للانتخابات و مرصدا وطنيا للشفافية يأتمرون بالتوجيهات النيرة لفخامة الرئيس .. يريد قضاء مستقلا و إعلاما حرا و مجتمعا مدنيا يفتتحون كل أعمالهم المباركة باللازمة الوطنية المقدسة “طبقا للتوجيهات النيرة لفخامة الرئيس” ..

لقد هانت حقا حتى سامها كل مفلس..!؟

كيف ستكون موريتانيا إذا أصبح زبد موجة هذا “الحراك الشبابي” و “الفكر الجديد” و الاتحاد من أجل الجمهورية و بقية أحزاب عزيز بشعارات تخلفها البارزة، هي من توافق على ميزانيتها و تسن قوانينها؟

كيف ستكون موريتانيا يا ناس، إذا أصبحت هذه الوجوه المعروفة جميعا في كل ميادين التزلف و السمسرة و النفاق و المحاباة و النصب و الدجل هي من تمثل برلمانها و المؤتمنة على الدفاع عن مصالح شعبها؟

يخطئ ولد عبد العزيز إذا كان يعتقد أنه بمثل هذا البرلمان المعتوه مثله، سيستطيع تغيير المادة الدستورية التي تمنعه من الترشح لمرحلة ثالثة ..

يخطئ ولد عبد العزيز ، إذا كان يعتقد أننا لا نملك إلا أن نحبه أو نطيعه ..

و يخطئ ولد عبد العزيز إذا كان يعتقد أننا يمكن أن نحبه لأي سبب و يخطئ أكثر إذا كان يعتقد أننا يمكن أن نطيعه لأي آخر..

لن نحب ولد عبد العزيز و لن نطيعه و سنواجهه بالعصيان المدني و التمر و إذا تمادى في قمعه الوحشي للمظاهرات السلمية سيكون هو من اختار طريقة نهاية حتفه الموعود حتما .. المورودة حتما بعنادنا و صمودنا و دمائنا..

ـ يخطئ ولد عبد العزيز إذا كان يعتقد أنه سيحول موريتانيا العلماء و الفقهاء و الشعراء إلى أرض يسود فيها رأي ولد عبد العزيز و يطاع فيها امربيه ربو و يجل فيها محسن ولد الحاج..

يأبى الله عن ذلك يا ولد عبد العزيز؛ هي وعكة “مرضية” ستنهض منها موريتانيا أقوى وأكثر تماسكا وأكثر تطلعا إلى المستقبل بأدوات نهوض الأمم : المعارف و التخطيط و ازدحام العقول و تنافس الشرفاء..

ربما كنا بحاجة ماسة إلى مأساة وصول ولد عبد العزيز و محسن و امربيه إلى السلطة، لنفهم أننا فرطنا بما فيه الكفاية و تسامحنا بما فيه الكفاية و تقاعسنا عن واجبنا الوطني بما فيه الكفاية..

ربما كنا بحاجة ماسة إلى وصول هذه العصابة الحقيرة إلى السلطة لنعود (من قريب) إلى مراحل يحتاجها تماسك لحمتنا، كنا نحاول إحراقها في غفلة من الزمن :

ـ كيف يصبح أجانب مثل عزيز و فيليكس نغري و غيرهم ضباطا في جيشنا؟

ـ كيف يسمح لأمي لم يكمل تعليمه الابتدائي مثل ولد عبد العزيز أن يصبح ضابطا في جيشنا؟

ـ كيف نرضى أن يتحول نادل اشتهر بالطيش و الاستهتار إلى رئيس لمجلس دستورنا ؟

هذه هي الأسئلة التي كنا نحاول العبور عليها و التي تعيدها اليوم رئاسة محسن ولد الحاج و امربيه و ولد عبد العزيز إلى الواجهة بقوة ، لنفهم أننا تسامحنا كثيرا في ما كان يجب أن نكون فيه أكثر صرامة:

ـ ولد عبد العزيز لم يصل إلى السلطة بانقلاب و لا بذكاء و لا بشجاعة و إنما وجدها “بفيفاء” بسبب أخطائنا و تسامحنا و تقاعسنا عن واجبنا الوطني..

و كان ولد عبد العزيز يفهم أنه ليس ابن سيدي ولد مولاي الزين و لا بيادة و لا بكار ولد اسويد أحمد و لا سيد أحمد ولد أحمد ولد عيده، و لا سيدي عبد الله ولد الحاج ابراهيم و لا محمد محمود ولد اتلاميد و لا لمجيدري ولد حبيب الله و لا محمد ولد الطلبة، فكان عليه ـ حين دخل قمرة القيادة ـ أن يحاصر المناعة الوطنية و يغذي الطفيليات الفطرية (سيدي محمد ولد محم و ولد جعفر و ولد ببانه و احوياتو و سيدي ولد اتاه و ولد الطيب ….) وينفخ الغدد الصماء (ولد الغزواني ولد الهادي و لاله بنت اشريف …) ليفتك بجسم الضحية.

ها نحن نعيش اليوم لحظة لم نتوقع قط أن نصل إلى مستوى انحطاط أصحابها و ابتذال خطابها ووقاحة منطقها:

كان معاوية (لا رد الله بزمنه الذي أتى بزمن ولد عبد العزيز) يحافظ على الشكل و يعبث بالمضمون، فمن أين لولد عبد العزيز أن يفرق بين الشكل و المضمون و هو لم يجلس قط على كرسي؟

لقد تم انتهاك السيادة الموريتانية حتى لم يبق من مظاهر الدولة إلا مساوئها.. تم تدنيس سمعة الشعب الموريتاني حتى أصبح رئيسه راعيا للمخدرات .. و مهربا للعملات .. و صديقا حميما يتبادل الاتصالات مع مهربي إفريقيا و لصوص العالم .. تم تدنيس صورة الدولة الموريتانية لتمطرنا التقارير الدولية كل يوم: بلد العبودية .. بلد التعذيب .. بلد الفساد و الرشوة (…)، و محال أن ترى يوما أحد مسئوليها يكذب أحد هذه التقارير أو يرد عليها أو يبدي أسفه على صدورها ..!؟

تم احتقار رموز السيادة الوطنية و إذلال كوادر الدولة و إهانة جيشها و إهدار ثرواتها واستباحة شعبها وهذه الببغاوات الحقيرة تمطرنا بوابل من مدائح ولد عبد العزيز ليغدق عليهم بالعطاءات على حساب شعب يحتضر .. شعب تندس فيه أياديهم الوسخة لتؤجج نعراته و تذكي خلافاته لتمزقه شيعا وطوائفا لتورطه في صراعات داخلية تلهيه عن نهبهم وطيشهم وظلمهم وحقارتهم.

على هذه الفيالق المنافقة الوضيعة أن تعبد ولد عبد العزيز أو تعشقه، لكن عليها أن تفعلها باسمها لا باسم موريتانيا المذلة على يده و لا باسم شعبها البريء منه و من أمثالكم من المرتزقة الانتهازية المهرولة خلف كل من يحكم ..

نحن لسنا الآن في صراع مع نظام سياسي نخالفه الرأي.

لسنا الآن في خلاف مع توجه مغاير، نحترم رأيه و نختلف معه

لسنا الآن في منافسة مع خصم سياسي، نتعاطى معه في حدود اللباقة

نحن في حالة حرب معلنة مع عصابة محتلة لبلدنا، استطاعت أن تخلق لها أتباعا من بين ضعفاء النفوس و ضعفاء الولاء و ضعفاء الانتماء و ضعفاء العقول..

علينا اليوم أن نواجه هذه العصابة الحقيرة، مواجهة حقيقية ، تعكسها كل تصرفاتنا و كل كتاباتنا و كل تقاسيم وجوهنا..

ـ هل يعقل أن يظل ولد الطيب يهاجم شرفاء بلدنا و يكيل المدائح لمحتليه و يقبض ثمن خيانته لشعبه وأرضه ونسكت نحن ليقال هذه هي الديمقراطية؟

ـ يستلم ولد محم راتب رئيس محكمة خاصة لا وجود لها و يرشحه ولد عبد العزيز نائبا في المدينة التي لو سئل أهلها لطالبوا أن يجعلوا نصبه وسطها رمزا للخيانة .. و من حقه أن يطري ولد عبد العزيز و يلحس حذاءه و يصف برنامجه غير الموجود بالعبقرية الخالدة لكن حديثه باسم الشعب الموريتاني المعسكر في الشمس في انتظار رحيل ولد عبد العزيز لا يمكن أن يظل من دون ردود..

لن نقبل أن يظل ولد عبد العزيز و ولد الغزواني وولد كلاي و (,,) بازيب ، يختطفون بلدنا و يتلاعبون بعقول الناس بهذه الوقاحة التي استطاعوا أن يجندوا لها أبواقا رخيصة لتسويق مشروع هيمنتهم : فليخسأ سيدي محمد ولد محم و ولد جعفر و ولد الطيب و ولد ببانا و سيدي ولد التاه و احوياتو ولد حرمه.. ليفهم هؤلاء أنهم تجاوزوا كل حدود اللباقة وكل حدود العمالة و كل حدود التفاهة و الوقاحة..

على هؤلاء أن يفهموا أن موريتانيا ستحاسبهم حتما واحدا واحدا .. أن يفهموا أن زمن الإساءة إلى موريتانيا و التمنع وراء ظهور العصابات الحاكمة ، سينتهي على رؤوسهم .. سيتحطم على رؤوسهم..

لم يعد باستطاعتنا أن نسمح أكثر أو نقبل حتى بأقل من هذا بكثير..

هناك اليوم فريقان في موريتانيا لا ثالث لهما :

ـ فريق تقوده “منسقية المعارضة” بوعي جديد و تشخيص دقيق و تفكير ثوري و إرادة تكبر و تتبلور كل يوم، يدافع عن ما تبقى من موريتانيا بإصرار . و قد بدأ يتجاوز أخطاء الماضي و صراعات الماضي و حسابات الماضي .. بدأ قادته يتقدمون المسيرات ويستمعون إلى نبض الشارع.. بدؤوا يفهمون أن المرحلة لا تطرح غير خيار واحد لا يمكن أن ينتهي إلا برحيل ولد عبد العزيز.. رحيله إلى السجن و تجريده من رتبة هو أقل من يستحقها على وجه الأرض و تجريم كل المدافعين عنه من مدنيين و عسكريين ومصادرة ممتلكات كل الضالعين في جريمة استنزافه لخيرات بلدنا.

و قد كنت و سأظل من أكثر الناس انتقادا للمعارضة الموريتانية لأنها بالنسبة لي هي المسئولة عن كل ما يعانيه البلد ، بصراعاتها العبثية و خلافاتها الساذجة و قابليتها للاختراق من قبل أنظمة غبية يقودها معتوهون بلا ثقافة و لا تكوين و لا خبرات ..

لقد كان التواصليون صوتا ناشزا في صف المعارضة، بخطابهم و ارتهان قرارهم لأوامر التنظيم العالمي ، فكان من حسن حظ المعارضة (و لا أقول المنسقية لأن المعارضة تاريخ و مواقف و رؤية و ليست ثوبا بلا أصحاب يلبسه من يشاء و يخلعه متى شاء)، أنها قررت العودة إلى مرابضها في وقت تحتاج فيه المعارضة إلى أعلى درجات الثقة والتماسك والتفاهم والانسجام، لتكون جبهة رفض على الأرض لا تتوسل لخصمها..

ـ و فريق من المرتزقة المعروفة من الجميع في حزب الشعب و الهياكل و الحزب الجمهوري؛ وطنها ولد عبد العزيز و ملهمها ولد عبد العزيز و دفاعها عنه قضية مصيرية لأن أخشى ما يخشونه هو أن يأتي زمن ديمقراطي لا يحتاج النظام فيه إلى أمثالهم و لا يملك حق توزيع ثروة البلد ووظائفها عليهم من دون حسيب و لا رقيب كما يحدث اليوم ..

و على الموريتانيين اليوم أن يختاروا بين أن يذهبوا مع موريتانيا أو يذهبوا مع ولد عبد العزيز .

و نعرف أن الخيار الأول هو الأصعب اليوم، لكننا لا نملك خيارا في الرهان على شعبنا و جيشنا الذي ندعوه اليوم إلى التدخل لفك أسر موريتانيا من قبضة هذه العصابة الخارجة على القانون و التي قلبت هرم الرتب و الأوامر في الجيش و عبثت بالعقيدة العسكرية و حولت الضبط و الربط إلى مفاهيم مدنية..

لقد تم إذلال ضباطنا الأكفاء المتخرجين من أفضل الكليات في العالم على أيادي ميكانيكي وضابط إشارة وبيادق “بازيب”.. على جيشنا اليوم ـ إذا لم يكن قادرا على القيام بانقلاب عسكري، سنكون جميعا مؤيدين له و مدافعين عن أسبابه ـ أن يكون سندا للمعارضة لإخراج موريتانيا من هذا المأزق :

ـ الوحدة الموريتانية مهددة اليوم أكثر من أي وقت مضى

ـ اللحمة الوطنية ممزقة اليوم أكثر من أي وقت مضى

ـ الرموز الوطنية اليوم محتقرة أكثر من أي وقت مضى

فمتى يكون من حق جيشنا أن يتدخل؟ و متى يكون من حق شعبنا أن يفكر في حمل السلاح؟

ما يحدث اليوم أصبح تحديا صارخا و تهديدا صريحا لوجودنا .. لبقائنا .. لكياننا .. على منسقية المعارضة أن ترسل رسالة واضحة إلى سفارات الاتحاد الأوروبي و أمريكا و روسيا و الصين : نحن لا نحتاجهم في شيء لإسقاط ولد عبد العزيز لكن عليهم أن يتذكر أنهم سيحتاجوننا بعد سقوطه في أشياء كثيرة و عليهم أن يختاروا ما يرونه مناسبا.. أن يفهموا أننا لم نعد نعطي أنفسنا حق الخطأ .. لم نعد رهائن و لن نكون رهائن بعد اليوم لغير تعهداتنا مع من يحترم وجودنا و سيادتنا وكامل حقنا في تقرير مصيرنا..

منذ وصول ولد عبد العزيز المؤسف و المخجل للبلد كله بمثقفيه و سياسييه و حتى موالييه ، إلى القصر الرئاسي بسبب أخطاء معاوية السخيفة الجبن و الأنانية و انحطاط الطبقة السياسية التي صنعتها أزمنة الارتزاق و الرشوة و عودة القبلية في أقبح تجلياتها، تغيرت تقاليد الحكم و تحول التعاطي السياسي إلى سوقية مقززة.

لم يعد للاعتبارات لأخلاقية و الاجتماعية و الثقافية أي مكان : أصبح ولد عبد العزيز و محسن و الحاج و أمربيه ربو يعكسون ثقافتهم الاجتماعية على كل شيء : الوشاية، الكذب، الألفاظ الساقطة ، التعامل السوقي، التآمر، الخداع ، المكر، السمسرة، الزبونية ، .. سقطت هيبة الدولة .. سقطت أبهة الإدارة .. تساوى الخير و الشر .. انتشر الكذب و الخداع حتى ضاعت كل الحقائق ..

أظهر ولد عبد العزيز طبيعة طينته من أول وهلة و طغت صفاته المزاجية على ممارسة الحكم و طفحت ثقافته و تربيته بما فيها من عيوب على كل شيء: العنف اللفظي، الإرهاب الفكري، ازدراء خصومه السياسيين، احتقار مؤيديه، تجاوز القوانين، إذلال الوزراء و كبار موظفي الدولة.. الاستخفاف بعقول المواطنين ..

و منذ وصوله الحكم أصبحنا نستيقظ كل يوم على فضيحة من العيار الثقيل في أعلى هرم للسلطة: رئيس الدولة يرعى المخدرات.. رئيس الدولة مصاب بـنيران “صديقة”.. ابن رئيس الدولة يطلق النار على فتاة “صديقة”.. صوت رئيس الدولة في تسجيلات مخجلة مع عصابات الجريمة المنظمة …

لا شيء من هذا كله يخجل ولد عبد العزيز.. لا شيء من هذا كله يحرج حزبه أو وزراءه أو مستشاريه، كأننا أصبحنا نعيش في حوزة عصابة بلا أخلاق و لا ذمم و لا قوانين و لا عهود..

لا أحد في البلد يأمن طيش ولد عبد العزيز أو مكر محسن ولد الحاج أو سطوة امربيه ربو.. لا رجل أعمال في البلد يفكر (مجرد التفكير) في الحصول على صفقة من الدولة غير ولد غدة أو أفيل أو الشيباني أو ولد المامي أو أحد وكلاء و سماسرة تكيبر الذين أصبحوا يجوبون العالم بجوازات سفر دبلوماسية …

لا إطار في البلد يفكر في الحصول على وظيفة في الإدارة الإقليمية إذا لم يكن من قبيلة الوزير الأول و من خريجي المغرب (و ما زالت العلاقة غامضة و مثيرة للريبة و الشك بين أطر هذه القبيلة و مدرسة الإدارة في المغرب ) . و الحقيقة أننا أصبحنا نعيش في مؤامرة كبيرة واضحة الملامح و مكشوفة الخيوط لاحتواء قبائل ذات ولاء معلن للمغرب على بلدنا. و هو أمر يجب أن تفهم “النخب” المتواطئة مع مشروع ولد عبد العزيز و ولد محمد لغظف مدى خطورته .. يجب أن تدرك “النخب” مدى جديته.. يجب أن تتدارك “النخب” أخطاءها و تتحمل مسؤوليتها تجاه موريتانيا .. يجب أن تفهم هذه “النخب” المستهترة بكل شيء أن موريتانيا لن تتسامح معهم هذه المرة لأن الأمر أخطر من كل ما عرفته البلاد من مؤامرات..

أريد من ينفي أو يشكك في هذا الكلام أن يفسر لي ظاهرة قبيلة الإدارة الإقليمية و خلفية تكوينها في المغرب و مهرجانها السنوي في المغرب و سر اعتمادها حصريا من قبل ولد عبد العزيز و ولد محمد لغظف ؟

هذه الدرجة من الوقاحة .. هذا المستوى من الازدراء بعقولنا .. هذا القدر من التحدي السافر لمشاعر شعبنا هو ما تدافع عن منفذي جريمته نخبة من أبناء بلدنا أعمتها الأطماع عن مصير بلدها و شقاء شعبها..

على معارضتنا اليوم أن تفهم أن حديثها عن دكتاتورية ولد عبد العزيز و اختلال الموازين الديمقراطية في البلد هو نوع من التواطؤ مع هذه المؤامرة الخطيرة التي كان يجب أن تكون خطا أحمرا فاصلا بينهم و بين هذه العصابة الحقيرة التي تعيث فسادا في البلد من أجل إسقاط أي شرعية فيه كمقدمة لأجندة احتواء لا تخبئ أطماعها و لا تبتلع كلامها .. هذه ليست صورة كاريكاتيرية مضخمة و لا قراءة استباقية لهواجس نفسية مهزوزة بل هي جريمة مكتملة العناصر (سوء النية و الترصد و سبق الإسرار و التخطيط و التنظيم و كل وسائل تنفيذ الجريمة)، يتم تجنيد ثلاث قبائل حصريا لتنفيذها و يتم اختلاق صراع أسري ذكي لا مبرر له على وجه الأرض و افتعال مشاكل لا مسوغ لها مع المغرب من حين لآخر، للتمويه عليها ..

و علينا اليوم أن نتوجه بوضوح و بصوت عال، إلى مؤسستنا العسكرية التي يتم إذلال ضباطها الجيدين المتخرجين من المدارس العسكرية المحترمة بطابور كامل من جنرالات الباكوتي (بين الوافدين والمرتزقة) لكي تتحمل مسؤوليتها .. لا بانقلاب عسكري بل بانقضاض محكم على هذه العصابة المتخندقة وراء بازيب لأن الانقلابات العسكرية تحدث على الأنظمة الوطنية .. هذه عصابة أجنبية منظمة تتشكل من ثلاث قبائل اثنتان منها تعلن ولاءها الصريح للمغرب و الثالثة تم جرها بالإغراءات و بصلات قرابة سخيفة مع ولد عبد العزيز و بالرشوة بالوظائف و الامتيازات و بإعلان العداء لمنافسيها التقليديين .. عصابة خطيرة و موجهة بالرموت كونترول، تعتمد في بقائها على اكتتاب المرتزقة المحلية مثل بازيب و ولد محم و ولد جعفر و أصحاب السوابق الخطيرة المطلوبين للعدالة الدولية و الذين تمت ترقيتهم جميعا بعد وصول ولد عبد العزيز إلى الحكم بما يكفي لكشف علاقتهم القديمة…

لقد رفض ولد عبد العزيز أن تكون موريتانيا بلدا محترما يحتكم فيه الجميع إلى الحق و القانون و سيعرف حين حولها إلى غابة أننا قادرون على الدفاع عن أنفسنا ؛ فليفعل ما يشاء..

سيدي علي بلعمش

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى