“فتح إفريقيا” .. بين الغزل المحتشم والـ”إيروتيكا”/الشيخ بكاي

فتشت عن موضوع أكتب فيه هذا الأسبوع وفشلت في العثورعليه.

ولذا سأكتب “بلا موضوع”.. (1) فكرت أولا في الكتابة عن مجلس النواب الجديد، الذي لا أجد فرقا بينه وسلفه باستثناء أن البعض قد يغمز في نسبه لغياب فصائل مهمة من المعارضة عن قبته، غير أنه – في الواقع- ابن شرعي للمؤسسة السياسية القائمة، ويمثل موريتانيا بمتعلميها وأمييها، ومن يستطيعون بالكاد كتابة أسمائهم….

وقد يكون من الفروق أيضا ما أفترض أنه سيكون شعورا بالثقة أكثر لدى الشعر المنسدل على خدود بعض رجاله. بفضل دخول “جرعة” قوية من المدافعين عن حقوق “الشعر”…

لا أتوقع أن ينشغل النواب الجدد بدفاع أصحاب الشوارب عن “إعفائها” بدل “إنهاكها”، ولا أن يحاول آخرون “جزها” أو حياكة “براقع” من لحاهم لنساء الحزب الحاكم.. هن مسلمات “سنيات” مثل غيرهم في البرلمان، وقد يكن أقرب إلى “المحافظة” لأنهن وزملاءهن في “الفريق” حبات في مسبحة “أمير المؤمنين”؛ وغيرهم يعصي أوامر “ولي الأمر”جهارا. واحتراما للضفائر واللحى والشوارب و الوجوه “العارية” عدلت عن الكتابة عن المجلس متمنيا على نوابنا الجدد نضجا، واهتماما أكبر بشؤون من يدفعون رواتبهم الكبيرة.

(2) ولأن أخبار الوعود بالاستثمارات ما تزال بارزة على صفحات “الويب”، وكذلك أخبار تسلم الرئيس عزيز رئاسة الاتحاد الإفريقي، فكرت في كتابة نوع من الغزل في السلطة، رغم موانع كثيرة منها أن “المخزن” لا يحب الغزل المحتشم بل يعتبره ذما، ولا يرضيه إلا الشعر الـ “إيروتيكي” الخادش للذوق…وفي بعض “الحالات” لا يعجبه إلا فن “البورنوغرافيا”.. كنت مثلا سأعرب عن ارتياحي لوقوف الرئيس عزيز أمام الأفارقة يلقي كلمته بالعربية الفصحى، وكان في مقدوره الحديث بالفرنسية وتجنيب نفسه إحراج لغة لا يتقن نحوها وصرفها.. كنت سأقول إنه أفضل في اللغة العربية من معظم نظرائه العرب من ملوك ورؤساء ولنا أن نعتز بحرصه على الحديث بلغته.

كنت سأعتبر قيادته الاتحاد الإفريقي متنفسا لرئة الدبلوماسية الموريتانية، رغم قصر فترة انتدابه لهذه المهمة، ورغم أن السنة المخصصة لذلك سنة انتخابات في بلاده عليه تخصيص الوقت لها.. فقد تساعد قيادته المنظمة- في حال الاستخدام الجيد- في الحد من “لعنة الهامشية” التي تتخبط فيها البلاد؛ وهي تفتح آمالا لدى الطامحين إلى أن يكون لموريتانيا شأن في القارة السمراء كما كانت حالها في سبعينيات القرن الماضي.. بل إنني كنت سأبالغ في الغزل فأثمن حديث الرئيس عن الشباب وموضوعات أخرى تناولها خطابه “الطويل”.

وفوق هذا كنت سأحيي لقاءه المرتقب مع 200 شاب موريتاني، ولا يهمني أن يقول الآخرون إن ذالك يدخل في إطار الحملة الانتخابية،..فأنا أفترض أن الرئيس سيتعامل مع الشباب الموريتاني لا مع مؤيديه فقط.. ومهما كان الحال سيكون للأمر من دون شك تأثير إيجابي على حياة البعض من الشبان؛ وقد تفتح اللقاءات عين الرئيس على أمور كانت غائبة عنه… أو…علي الأقل نسجلها له مبادرة ذكية من سياسي عرف كيف يجذب الناخب مثلما انتزع من خصومه شعاراتهم “الشعبوية” في انتخابات العام 2009.

وكان في نيتي أيضا أن أمر على عدد من الأمور الجيدة التي تحققت في الريف الموريتاني وأنا العائد من رحلة داخل البلاد. غير أنني خرست أمام “القصيدة الإباحية” الموغلة في “الزندقة” و”الفجور” التي كتبها الشاعر الفذ “الاتحاد من أجل الجمهورية” في شكل بيان “فاحش” تناول “محاسن” ” الفتح” الموريتاني للقارة الإفريقية..

يبدأ مطلع القصيدة بعبارات مثل: “مرة أخرى تتحدث الوقائع والأحداث عن نفسها ويقف التاريخ شاهدا…”.. وأخرى مثل: “… تسطير أعلى معاني الوجود الفاعل والسيادة والاعتزاز بالنفس في سفر الأمجاد الخالدة”. ويمكن لمحبي الـ “إيروتيكا” التمتع بقراءة القصيدة كاملة فهي منشورة في “مورينيوز” حرفيا.

تزامن نشر هذه القصيدة مع “هجائية” كتبها “الشاعر” نفسه في الوزير السابق الشيخ ولد حرمه، كانت على قدر كبير من “الاحتشام”..

وقد أحببتها لأسلوبها الراقي، وعدم المباشرة فيها بقدر ما كرهت القصيدة الـ” إيروتيكية”.. قد لا ألوم شاعرنا “الاتحاد”، فللمحبين أطوار.. لكن أتمنى عليه أن يدرك أن تضخيم العادي من الأمور يجعل حديثه عن المهم منها تافها… وجرعات الكذب الزائدة – وهي مباحة في الشعر- لا تخدم الصدقية في وصف الجمال الحقيقي…

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى