مجنـون كـاثي .. مرتفعات ويذرنغ !

 

alt

تبــدأ حكايتي هذه المرة في التعرف على هذه الرواية مع الكاتبة ’’ ستيفاني ماير ’’ مؤلفة سلسلة الشفق وبالتحديد في جزءها الثالث الذي كان بعنوان ’’ Eclipse ’’ والذي طرحته في عده مشاهد ، جذبتني إليها وولدت في روحي الفضول لــ إقتناءها وفي رأسي العديد من المحاور التي لا أحب أن أفـوتها وبين يدي كتاب أو أي شيء ألقى نفسي من بينها .. وهذا ما حصل عندما بدأت بالبحث عنها مباشرة بعدما إنتهيت وخلال فترة وجيزة إكتشفتها عند أختي أفـلاطونية والذي يعود لها الفضل في التعرف على آل برونتي ورواياتهم والكثـير ..

والآن أذكركم على أن الكاتبة ’’ إميلي جين برونتي ’’ صرخت صرختها الأولى الشاعرية الروائية في ثورنتون قرب برادفورد في يوركشاير .. وعندما عرضت روايتها لأول مرة نشرته بإسمها الذكوري ’’ Ellis Bell ’’ وذلكـ لعده أسباب كثيرة منها كان أن والدها من أتباع مذهب ’’ كالفـن ’’ المتشدد ، وبدأ مشوار عملها في سنه 1838 كــ مربية وفي وقت لاحق حضرت مدرسة خاصة في بروكسل تحت إشراف أستاذها ’’ Constantin Heger ’’ وزوجته ’’ Claire Zoe Parent Heger ’’ اللذان كانا يديرانهما وقد حاولا تحسين قدراتها في اللغات والجغرافيا والتاريخ والموسيقى .. وظاهرة موهبتها إكتشفت من قبل أختها الأكبر ’’ شارلوت ’’ التي دفعتها إلى الشهرة لــ تكون رائعه من روائع الأدب الإنكليزي إلى أن حفر قبرها وهي بعمر الــ 30 عاماً وهي في حاله ضعف في صحتها في آونتها الآخيـرة بتأثر مناخها القاسي في المنزل والمدرسة بمرض السـل !

.

alt

ولدت إميلي جين برونتي في سنة 1818 في شهر يوليو في اليوم 30 وتوفيت في سنة 1848 في شهر ديسمبر في اليوم 19 عن شعر عاطفي متوسط الجودة في جملته وعن رواية واحدة كفلت لها الخلود الأدبي وهي رواية ’’ مرتفعات ويذرنغ ’’ والمقصود من معناها ليس الإرتفاع الجغرافي بل السمو المعنوي !

والمتصدي للكتابة عن إميلي برونتي لا يجد محيصاً من الكتابة عن شقيقتيها اللامعتين ’’ شارلوت برونتي ’’ و ’’ آن برونتي ’’ وعن أبيهن ذي الأطوار الغريبة ، فإنه لا يصدق على أديب أثر البيئة والنشأة صدقه على صاحبه الأعالي .. كان الأب ’’ باتريكـ ’’ قسيساً في مكان منعزل بين الأحراج في ريف إنجلترا ، وهو إبن فلاح إيرلندي شبه معدم لا يعرف كيف يتهجى إسمه فيكتبه في كل مرة بصورة جديدة ..

و ’’ باتريكـ ’’ والد إميلي وأختيها هو بكـر ذلكـ الفلاح وقد تلاه في المولد تسعه أبناء أثقلوا كاهل أبيه ولذا شرع ’’ باتريكـ ’’ منذ الخامسة من عمره يؤدي الخدمات الصغيرة للجيران نظير ما تيّـسر من الطعام والمال ، ولما كبر قليلاً إلتحق بمصنع نسيج يدوي وصار يختلس في المساء سويعات يتلقى فيها دروساً مجانية على يد القسيس الذي آثار إهتمامه ذكاء ذلكـ الفلاح الصغير .. و ثابر ’’ باتريكـ ’’ على الدرس بذكاء نهم للقراءة والعرفان ودفعه ذلكـ إلى طموح شديد

فما إن بلغ السادسه عشرة حتى وصل في العلم مرتبة أهلّـته لأن يكون معلماً في مدرسة الكنيسة عن قرب من مسقط رأسه ، وبعد عامين أختير للتدريس في مدرسة كنيسة أكبر في بلد أكبر وظل هناكـ ثماني سنوات يتقرّب بجميع الوسائل إلى أعيان البلدة والقساوسة وأعضاء مجلس إدارة الكنيسة إلى أن آمنوا بنبوغه وتقواه وأكتتبوا فيما بينهم بنفقات بعثه دراسية له في جامعه كامبردج العريقه التي يلتحق بها أبناء أعرق الأسر وأشرفها .. فكان من القلائل الذين وصلوا إلى ذلكـ المستوى فدخلها وهو في سن الخامسة والعشرين فكان أكبر الطلاب سناً ويصفه عارفوه في تلكـ السن بطول القامة والوسامة وقوة البنية !

ويبدو أن وسامته المفرطة أورثته غروراً شديداً فوقر في ذهنه أن جماله هو الميراث الوحيد الذي حصل عليه من أبويه وأنه رأس المـال الأكبر الذي يعوّل عليه في تسنّم أعلى المراتب في المجتمع ، فعزم على إستغلال ذلكـ الإرث غير عابئ بمبادئ مهنة القس التي إحترفها بعد تخرجه في كامبردج وهو في التاسعة والعشرين من العمر .. وكان أول منصب له في كنيسة قرية بمقاطعه ’’ إسيكس ’’ وهناكـ أغرى بحـبه فتاة حسناء في الثامنة عشرة ، خطبها لنفسه ، ثم أكتشف أنها ليست من الثراء بحيث يتمنى أن يربط مصيره بمصيرها فتركها طمعاً في صيد أسمن وعوّل على ألا يتزوج إلا من فتاة واسعه الثراء تفتح له أبواب المجد والجاه والرفاه .. ولا عليه بعد ذلكـ إن كانت فقيرة إلى الجمال أو الثقافه ، عسى أن يدخل بذلكـ في عداد طبقه السادة الذين كان آباؤه في خدمتهم ..

alt

بعد أن تركـ خطيبته السابقه مرضت حزناً وغماً ، فثارت عليه حفيظة الناس في الإقليم ، فرحل إلى إقليم آخر هو ’’ يوركشاير ’’ ونصب شراكه في قرية بها حيث شغل منصب القسيس ولكنه أوفى هناكـ على الخامسة والثلاثين من دون أن يحقق حلمه .. فراض نفسه على القناعه قليلاً وأكتفى بخير صفقه أتيحت له ، وهكذا تزوج من ’’ ماريا برانويل ’’ وهي يومئذ في الثلاثين من عمرها ، ضئيلة الجسم ضعيفه البنية عاطلة من الجمال .. إيرادها الخاص خمسون جنيهاً في السنة وهو مبلغ تزيد قيمته أضعافاً مضاعفه على ما نعهده اليوم من قيمة للجنيهات الخمسين ، ولعل هذه القيمة تصل بقوتها الشرائية اليوم أكثر من خمسمائه جنيه .. ولئن لم تكن من بنات الأشراف ذوي الأرومات العريقه والألقاب المرموقه فهي سليلة أسرة لها مكانتها بين أسر الطبقة الوسطى

تم الزواج في سنة 1812 وانتقل الزوجان بعد فتره وجيزة إلى بقعه محفوفه بالاحراج عُـهد إلى ’’ باتريكـ برونتي ’’ برئاسة كنيستها ، وهذه البقعه هي قرية ’’ هاورث ’’ بمرتب قدره مائتي جنيه سنوياً .. وفي هذا البيت المنعزل عن القرية فوق ربوة تطل على الأحراج أنجب الزوجان خمس بنات وغلام تعاقبت ولادتهم على مدى سته أعوام .. بــدءً من ’’ ماريا ’’ ثم ’’ إيزابيث ’’ ثم ’’ شارلوت ’’ ثم ’’ برانويل ’’ الفتى ثم ’’ إميلي ’’ ثم ’’ آن ’’

وفي سنة 1821 بعد تسع سنوات من الزواج ، ماتت الزوجة ’’ ماريا ’’ بالسرطان فأقدم ’’ باتريكـ ’’ شقيقتها ’’ إليزابيث ’’ لترعى الأيتام السته وكانت كبراهن ’’ ماريا ’’ في السابعه من عمرها وصغراهن ’’ آن ’’ لم تكن أتمت عامها الأول .. وراودته نفسه أن يتزوج من إمرأة ثرية تكبره في السن تركـ لها زوجها الأول ضياعاً وأموالاً ، فامتنعت عليه ، فأقدم على خطبة عانس موسرة ولم يجد عندها قبولاً فطوى صفحه الزواج وأعتزل الناس مع أطفاله وأخت زوجته في بيت لم يزل قائماً إلى اليوم فوق ربوة تستقر تحت أقدامها أبنية القرية وأمام الدار ومن خلفها حديقة الكنيسة وعلى جانبيها مقابر الموتى .. ولا شكـ أن ذلكـ المكان القابض للنفس له أثره في الناشئين الصغار ، بيـد أن تأثرهم بغرابة أطوار أبيهم كان أشد عليهم من وحشه المقابر والأحراج فقد كان رجلاً شحيحاً في الإنفاق ، يخاف الحريق خوفاً شديداً .. لو أن عالماً نفسياً حلل شخصيته لوجد فيه أغلب الظن – دليلاً على عقـدة إثم مكبوته منذ الصبا ! – وقد دفعه ذلكـ إلى تحريم إستخدام الأبسطة في البيت ، والجـو في تلكـ المنطقة بارد رطب .. فكان الصغار يرتجفون من البرد في معظم أيام السنة !

كما أنه خشيه الحريق حـرّم عليهم إستخدام الستائر فكانت مناظر الأحراج المتجـّهمه والمقابر لا تغيب عن عيونهم وهم داخل البيت الذي كانت أرض غرفه من الحجارة ودرج سلالمه من الحجارة .. فكل شيء يوحي في الداخل والخارج يوحي بأمل في اللين أو الدعة ، وما ظنكـ بأب يقضي معظم وقته في حجرة مكتئبة عازفاً عن الحديث إلى صغاره فإذا حان وقت تناول الطعام تناوله بمفرده ، فأجتمعت الوحشة المعنوية إلى الوحشة المادية على  تلكـ الدار وساكنيها الصغار اليتامى  .. وكـأنما كان ’’ باتريكـ برونتي ’’ حاقداً على تلكـ الآيام لأنها وقفت بمطامعه عند هذا الحد المتواضع في درجات المجتمع ، فكان يتجـّنب الإختلاط برعيته من الفلاحين إلا لضرورة تلزمه بها وظيفته الدينية

alt

من اليمين إلى اليسار : آن – إميلي – شارلوت !

أما بناته فلا يسمح لهن بمخالطة أسر أهل القرية الفقراء بحال من الأحوال .. فضربت على الصغيرات العزلة مع خالتهن وخادمين مسنـّين ، وسامهنّ أبوهن التقشـّف الشديد حتى إن خالتهن حين أشترت لهن من دخلها الخاص أحذية جديدة ملونة ، ثـار سخطه فألقى بتلكـ الأحذية إلى نيران المدفأة ، ولما اشترت تلكـ الخالة بساطاً صغيراً لحجرة الجلوس دسّـه أيضاً على نار المدفأة ووقف يرقبه إلى أن صار رماداً .. وعندما كبرت الفتيات قليلاً أتى الأب بمنشار استأصل بعض ظهور الكراسي في حجرة الجلوس حتى لا يجلسن مسترخيات فهو لا يحب لبناته أن يستمتعن بما أبته الأيام عليه في طفولته العجفاء وزاد قسوة وشذوذاً عندما طبع على نفقته ديوان شعر وقصه طويلة  .. فلم يظفر بشيء من الذيوع أو التقدير ونقض يديه من جاه الأدب كما نفض يديه من قبل من جاه المال من طريق الـزواج ..

ماتت إثنتان من الفتيات الخمس وهن في نعومة طفولتهن وكتب للثلاث الأخريات أن يكن أشهر ثلاث شقيقات عرفهن التاريخ وأن تموت ثلاثتهن بالسل بعد أن نقشن أسماءهن في صفحه الأدب العالمي الخالد .. كانت ’’ شارلوت أسبق الثلاث إلى الشهرة بروايتها المعروفه ’’ جين إير ’’ فلما نشرت ’’ إميلي ’’ روايتها العظيمة ’’ مرتفعات ويذرنغ ’’ ارتكب النقـّاد خطأ جسيماً في تقديرها إذ أعتبروها عملاً قصصياً هابطاً ورجحوا أنها من تأليف ’’ شارلوت ’’ وأنها عمل سابق على كتابة ’’ جين إير ’’ ينقصه النضوج في الفهم والأسلوب .. ثم أثبت التـاريخ غفله النقاد بعد وفاتها وأدركـ الناس أن ’’ مرتفعات ويذرنغ ’’ التي أبدعتها ’’ إميلي ’’ أرقى في المرتبة الفنية من قصه أختها ’’ شارلوت ’’ التي رفعها النقـّاد جميعاً إلى القمة في عصرها

والواقع أن الكتابة كانت المتنفس الوحيد لما في صدور الفتيات الثلاث من عواطف جياشة وحساسية مرهفه في تلكـ العزلة المضنية المملة ، وكانت ’’ إميلي ’’ أكثرهن شموخاً بانفها وإعتداداً بشخصيتها حتى إنها كانت أشبه بالرجال من شقيقها الأوحد فهي تتهمل ثيابها ومظهرها وتكثر من التجوال وحدها بين الأحراج  بخطى واسعه وهي تصفر لكلبها الضخم كمـا يفعل الغلمان .. ولهجتها في الكلام حاسمة ولا ترجع عن أمر اعتزمته ولا تعرف التسامح مع نفسها ولا مع الناس ، تقيـّة مصلـّية ، يمضي اليوم واليومان لا تكلم أحداً في الدار ولا تطيق أحاديث المجاملات السطحية في المناسبات الإجتماعية ، وتجمع على العموم في سجاياها وسيماها بين التـرّفع والخجل ، وكان ترّفـعها يبدو في تصديها لأشق الأعمال فالكبرياء في نظرها فرع من المسؤولية .. والتـشدد في أداء الواجب وتأبى أن تستسلم للمرض أو أن يفحصها طبيب ولذا ظـلّت تكتب وتعمل في البيت وتحوكـ الثياب إلى أن صرعها المرض الصرعه الأخـيرة !

لـم تحب ’’ إميلي ’’ حياة التدريس ولا تربية الأطفال وكان الأخوات قد إضطررن إلى إتخاذ هاتين المهنتين بسبب شحّ والدهن .. ولكنها كانت أحب أخواتها إلى أبيها في حدود ما يظهره ذلكـ الأب من الحب ولعله كان يشعر في أعماقه بأنها الرجـل الحقيقي في البيت من بعده ، ونحن نلمس رجولة الطبع والتكوين في طريقه تصويرها لشخصية البطل في رائعتها ’’ مرتفعات ويذرينغ ’’ فالبطل فيها خشن الطباع ، جهم الخلق ، محتدم العواطف ، يأخذ حقه في الحـب عنوه ، ويخاطب محبوبته بسلطان ، مع أنه ربيب نعمه أبيها ، فكـأن هذا البطل بخشونته غير المألوفه هو الصورة الداخلية لــ ’’ إميلي برونتي ’’ المؤلفه كما كانت تتمنى لنفسها أن تخلق .. ولأنها صدرت في تصوير بطلها عن ينبوع حقيقتها الخاصة جاءت شخصيه هذا البطل حيـة جياشة بكل ما في المخلوقات الطبيعية ذات الأصالة من إنفعالات جامحه وتناقض ظاهري يقابله توافق باطني ، ولأنها أيضاً كانت تعبـّر بجو الرواية الموحش المضطرم بالعواطف عن عالمها النفسي المكبوح ، جاءت الرواية فذة في بنائها ، لا تشبه القوالب القصصية المعهودة ولا عجب في ذلكـ .. ولأنها لم تكتبها إحتذاءً بقواعد أو نماذج أدبية ، بل تعبـيراً عن وجودها الخاص الذي عجزت عن تحقيق كوامنه في عالم الواقع ..

إن الحـري أن نقول إن ’’ إميلي برونتي ’’ أنجبت تلكـ الرواية وإن ’’ مرتفعات ويذرينغ ’’ ليست عملاً أدبياً في المقام الأول بل هي قبل كل شيء مولود حملت به ’’ إميلي ’’ نتيجة لقاح فـذّ بين واقع تكوينها النفسي وواقع الظروف التي حالت بينها وبين أن تعيش حياتها التي تميلها عليها حقيقتها الباطنية ، فجـوّ ’’ مرتفعات ويذرينغ ’’ وحوادثها هو العالم التعويضي الذي عاشت فيه ’’ إميلي ’’ متقمـّصه شخصية البطل .. وهو ما لم تستطع أن تحققه في بيت أبيها وهي في ثبات بنات جنسها والحدود الضيّـقه المفروضه عليهن

alt

تقول ’’ شارلوت برونتي ’’ موجزة سيرة حياة شقيقتها ’’ إميلي ’’ :

ولـدت ’’ إميلي ’’ في سنة 1818 ونشأت في بيت متدين فقد كان والدنا قسيساً لمنطقه ’’ هاورث ’’ في أحراج مقاطعه ’’ يوركشاير ’’ وكان لبـعد منزلنا عن العمران وعدم تمتعنا بأي صحبه خارج حدود الأسرة .. أثره في إعتمادنا على أنفسنا كل الإعتماد ، بمعنى أن كل واحدة منا نحن الثلاث كانت تعتمد على نفسها وعلى شقيقتيها ثم على الكتب المدرسية في الحصول على اقصى ما يمكن من المتعه ومن تزجية الوقت ، ولعل أفضل نشاط مارسناه وأحبه إلى نفوسنا سعياً وراء المتعه القصوى وإذكاء لهـمّتنا هو محاولة الـتأليف الأدبي !

وفي سنة 1845 تمـكنّا نحن الثلاث ، بعد مشقعه كبيرة من إصدار ديوان يتضمن أشعارنا ونشرناه بأسماء مستعارة وبعد إصدار ذلكـ الديوان عكفت كل واحدة منا على كتابة رواية مطـوّله .. فكتبت أنا رواية ’’ الأستاذ ’’ ثم ’’ جين إير ’’ وكتبت شقيقتي ’’ آن ’’ رواية ’’ أغنس غراي ’’ أما ’’ إميلي ’’ فكتبت ’’ مرتفعات ويذرينغ ’’

وكانت روايتي ’’ جين إير ’’ أول رواية من هذه الروايات أخرجتها وتلتـها الروايات الثلاث الأخريات وظلت سنوات طويلة طاغية في مجال الشهرة والتقدير على سائر إنتاجنا القصصي إلى أن أتيح لــ ’’ مرتفعات ويذرينغ ’’ أن تخرج على الناس في سنة 1847 وظنها النقـّاد في أول الأمر محاولة سابقة لي قبل كتابة ’’ جين إير ’’ لأنها في نظرهم كانت أقل منها نضوجاً وأنهالت لذلكـ حملاتهم الجارحه عليها ولكنها بمرور الزمن إستطاعت أن تثبت قيمتها الحقيقية وأن تعتبر مساوية لروايتي ’’ جين إير ’’ في المكـانه .. بل تفوقها في نظر الكثيرين

وأذكر لهذه المناسة أننا ضحكنا كثيراً لغفله النقـّاد وإجماعهم على ذلكـ الخطأ ، ما عدا ناقد صحيفة ’’ البـلاد اليوم ’’ الذي لم يتردد في إعتبار ’’ مرتفعات ويذرينغ ’’ إنتاجاً فذاً وثمرة قريحه أصيلة ممتازة وإن كان هذا الكاتب قد تـردّى في خطأ زملائه من حيث نسبتها إلـيّ دون شقيقتي .. وأشهد أمام الله أن شقيقتي ’’ إميلي ’’ لم تدع هجمات النقـّاد وسوء تقديرهم ينالان من عزيمتها ، لأنها كانت أبعدنا همة وأكثرنا حيوية وأقوانا أملاً وطموحاً ، وكانت ’’ إميلي ’’ حريه أن تضيف إلى باكورتها القصصية ثماراً أخرى لولا الداء المضني الذي سكن جسدها ، ولا ريب أن تفاصيل هذا المرض محفورة في ذاكرتي غير أن ترديدها باللسان أو تسجيلها بالقلم شيء يفـوق طاقتي وإحتمالي  ..

وكما كانت ’’ إميلي ’’ في حياتها وعافيتها تمضي في كل مهمه تقبل عليها بمجموع همـّتها في غير إهمال ، كذلكـ مضت في أشواط مرضها لا تلوي على شيء وتعجـلّت فراقنا ، بيـد أن إضمحلال جسدها اقترن بعنفوان ذهني لم نعهده فيها من قبل فكنت كلما رأيت شجاعتها في إحتمال الألم والعذاب تزداد يوماً بعد يوم كلما نظرت إليها بمزيد من الإعجاب والإكبار والحب !

ولكن ’’ إميلي ’’ كانت على الدوام متفـوّقه على نفسها في كل مضمار فهي أقوى إرادة من الرجال وأبسط طوية من الأطفال وهي فـذّة بطبيعتها وأعجب ما فيها أنها على ما يفيض في قلبها من رقه للبشر جميعاً لا تعرف الهوادة والرحمة مع نفسها فهي تأخذ حواسها بسلطان روحها أخذاً عنيفاً ، ولعمري أن رؤيتها وهي واهنه تزداد كل يوم ضعفاً ويدها ترتجف وساقها تخونها وقد أقبلت على واجباتها التي كانت تقوم بها في حال صحتها بكل دقه ونظام .. أقول إن رؤيتها وهي تفعل ذلكـ لخليقة أن تستنزف الدموع والحسرات حتى من الصخور

وأنقـضى شهران من الآمال والمخاوف ، وآخيراً جاء اليوم الذي سطا فيه عادي الموت الذي لا يرحم على هذا الكنز الثمين الذي إزداد نفاسه وقرباً إلى قلوبنا بما تهـدّده من المخاطر والعطب ، وفي مغيب الشمس من يوم 19 كانون الأول / ديسمبر سنة 1848 استـرّد الخالق وديعته الغالية ولم يتركـ لنا من شقيقتنا ’’ إميلي ’’ إلا بقية هينة هي كل ما عفت عنه يد الداء ..

وقد حسبنا أن وفاتها ختام المـأساة ، فإذا بنا نعود من مواراتها في التراب لنرى شقيقتي ’’ آن ’’ وقد أنشب فيها الداء الوبيل مخالبه وظل ينوشها إلى أن ماتت في 28 آيار / مايو 1849 .. ولئـن كتبت هذه الأسطر الوجيزة لمناسبة إعادة طبع ’’ مرتفعات ويذرينغ ’’ فمـا ذلكـ إلا قياماً بواجب مقدس ، وإنصافاً لشقيقتي التي نسب الأغبياء عملها إلى يراعتي !

.

.

alt

عنوان الرواية الأصلي : Wuthering Heights عنوان الرواية المترجمة : أعالي ويذرنغ المؤلفه : Emily Bronte عام : 1847 دار الترجمة : دار الحرف العربي الطبعة الأولى : 2006 عدد الصفحات : 239

حقاً إننا كريشة في مهب الريح !

كنت حين تخيّـرت هذا المكان المنعزل عن الناس قد عقدت العزم على أن أتجنّـب كل صلة إجتماعية ولكن إرادتي لم تستطع الصمود يوماً واحداً أمام السأم والضيق .. فما إن غابت شمس ذلكـ اليوم ، حتى حملت إليّ السيدة دين – مدبرة البيت – طعام العشاء ، فرغبت إليها في مجالستي وأنا أتناوله عسى أن يثير حديثها الحركة في نفسي أو يسلمني إلى نعاس أتخلص به من الملالة !

وبدأتها الكلام ، قلت :

– لقد عشت ردحاً طويلاً من الزمن أظن أنه سته عشر عاماً ؟

– بل ثمانية عشر عاماً يا سيدي .. فقد ألتحقت بالخدمة حين تزوجت سيدتي كي أكون وصيفه لها ، فلما قضت نحبها أمسكني السيد كي أكون مدبرة للدار !

– وأحسبكـ شهدت تغيراً كثيراً في ظروف المكان والسكان ؟

– وشهدت كثيراً من المتاعب والمصاعب أيضاً !

فقلت لنفسي : لأديرن دفّـه الحديث حول أسرة المالكـ ، وحول تلكـ الفتاة الأرملة الحسناء التي أشتهي أن أعرف قصتها وهل هي من بنات الإقليم أم هي نازحة إليه غريبة وفدت عليه ؟ وعلى هذا سألت السيدة دين :

– إنكـ تحسنين إليّ أعظم الإحسان إذا أخبرتني بطرف من نبأ جيراني ، وأحسب أني لن أكون مستريحاً إن آويت إلى فراشي فوراً ، فهل لكـِ أن تتكرمي بالجلوس معي ساعه فتحدثيني في هذا الموضوع ؟

– بكل سرور يا سيدي ، أمهلني فقط ريثما آتي ببعض الصوف أحوكه وأنا أتحدث إليكـ ، وستجدني مستعده للجلوس إليكـ ما شئت من الوقت ، واسمح لي بأن آتيكـ بشراب ساخن لأني أرى عليكـ بوادر الإصابة بالبرد !

القـصـه : تبـدأ القصة مع المستأجر الجديد في الغرانج وهو البيت الريفي الملحقه به أبنيه ثانوية ويعني أيضاً المزرعة ، للسيد ’’ لوكوود ’’ الذي وجد نفسه في ضيافه جاره الوحيد السيد ’’ هيثكليف ’’ في منطقه مرتفعات ويذرنغ ، وأكتشف في غرفه ليلته صف من الكتب التي أثارت على إهتمامه عن مذكرات سرية تصفحها وألقى عليها في نظرة في ليلة لن ولم ينساها في حياته .. تتبلور قصصها عن حياة أسرة آل إيرنشو التي تعيش في مرتفعات ويذرنغ وأسرة آل لينتون التي تعيش في الغرانج وغجري لقيط آثار في حياتهم إنقلاباً ، عندها داعب النعاس عيناه وأصبح كل ما حوله غريباً حتى أطلق صرخه مدوية ولا يدري ما مصدر سببها ، وفي الصباح التالي لبث في فراشه وفي خلده الكثير من الأسئله مما صادفه الأمس والتي وجد أجوبتها عند مدبره الدار ’’ نيللي دين ’’ لتروي له .. فيــا ترى ما الحكاية وما شخصياتها وما أحداثها ؟

.

إيرنشو : والـد هندلي وكاثرين مزارع ثري ومالكـ منطقه مرتفعات ويذرنغ ، رجل ذا قلب عطوف وإن كان صارماً في بعض الأوقات سافر إلى ليفربول بعد أن ودّع عائلته ثم رجع بعد غياب طال مدة ثلاثة أيام جالباً معه لقيطاً غجرياً يوحي شكله بأنه ’’ هدية من الشيطان ’’ أسماه بــ ’’ هيثكليف ’’ وهو اسم الابن البكر للسيد إيرنشو الذي كان قد مات صغيراً ، ومنذ ولوج هذا الطفل في دائرة تلكـ الأسرة والذي أحبه ايرنشو معتبراً ان مكانته مثل كاثرين وهندلي وأكثر حتى ماتت السيدة إيرنشو زوجة السيد إيرنشو بعد عامين سادت عليهم أجواء كثيرة بالمشاكل ومع فترة من الوقت تتداعت صحه ايرنشو وسرعان ما أصبح شخصاً آخر فــ ملئ عطفه وحنانه لــ ’’ هيثكليف ’’ متأففاً من ’’ هندلي ’’ والذي يظنه أنه فتى لا يرجى منه خير في أي مكان وشاقاً نفسه مع ’’ كاثرين ’’ بخفتها شقاءً شديداً حتى يؤنبها .. فيــا ترى ما مصير عائلة آل إيرنشو بعد هذا ؟

كاثرين إيرنشو : كاثـي إبنه إيرنشو وشقيقة هندلي الصغرى وزوجة إدغار لينتون ، فتاة حسناء عاطفية محبة جداً للطبيعة ومندفعه لحبها وكراهيتها .. عندما كان عمرها يناهز السته أعوام كانت عندها المهارة في ركوب أعتى جواد في الإسطبل ووقتها طلبت من والدها ’’ إيرنشو ’’ سوطاً قبل سفره إلى ليفربول وبعد وصوله من السفر ضحكت حين عرفت أن هديتها سقطت في مشوار الطريق وحيث بصقت على ذلكـ اللقيط الغجري ’’ هيثكليف ’’ في أول لقاء يجمعهما .. ويوماً بعد يوم أصبحت شديدة الإلتصاق به في طفولتها الغريبة الأطوار لا تكف عن اللعب والصراخ ، وبـعد وفاة والدها في مساء أحد الآيام عوقبت هي و ’’ هيثكليف ’’ تحت أمر من سلطة أخيها ’’ هندلي ’’ حتى أختفيا معاً في ليله مـاطرة غزيرة وأفترقا حيث وجدت كاثي نفسها في الغرانج وفي أول لقاء يجمعها مع ’’ إدغار لينتون ’’ في بيت أسرة آل لينتون .. فيــا ترى كيف ستتكون صورتها نحو السيدة الرفيعه القدر ؟

هندلي إيرنشو : إبـن إيرنشو ووريثه الشرعي وشقيق كاثرين الأكبر وأب هاريتون ، فتى سكير ومقامر ومتحجر القلب .. حينما كان صغيراً بعمر الرابعه عشر عاماً كان يجري تعباً منتظراً والده ’’ إيرنشو ’’ من رحلته إلى ليفربول وقبل موعد سفره طلب منه مزماراً كهدية حتى توسل لوالدته أن تسمح له الإنتظار مدة أطول حتى حضوره قبل أن يخلد لفراشه ، ولحظة عودة والده من سفره غضب وبكى بكاء الأطفال عندما كشف عن حطام مزماره الموعود ووقتها كان ذاكـ أول لقاء يجمعه مع ذلكـ اللقيط الغجري ’’ هيثكليف ’’ ورفض رفضاً تاماً مقاسمته الغرفه والفراش .. ويوماً بعد يوم إزدادت عدوانيته إتجاهه وكرهه وإلحاق الآذى به في أيه فرصه آخذاً نصيبه من عقاب والده بسبب هذا حتى جاء اليوم الذي دخل فيه الكلـية ، وبـعد وفاة والده حضر ليشهد الجنازة ومعه زوجته ’’ إيزابيلا ’’ لم يقل عنها من تكون أو أين ولدت مستلماً حقه وورثه الشرعي .. فيــا ترى كيف سيكون ملكاً لثروة عائلته ؟

هاريتون إيرنشو : إبـن هندلي إيرنشو نشأ جاهلاً فظاً تحت رعاية هيثكليف ، وُلـد في صباح يوم من أيام شهر يوليو الصافيه وكان هو الناجي الوحيد من تلكـ الولادة لأن أمـه لم تستطع النجاة لإصابتها بمرض السل الذي نخر صدرها في شهورها الأخيرة حتى تـوّلت الخادمة ’’ نيللي ’’ الإعتناء به وكان دائماً منذ صغره يتابعها جيئه وذهاباً حتى أفترقا عندما كان في الخامس من عمره ولم يفرغ من تلقين حروف الهجاء ، وبقي تحت سقف واحد مع والده ’’ هندلي ’’ والغجري ’’ هيثكليف ’’ .. وبمـرور السنوات بدت عليه ملامح التوجس والشر فلم يعد يذكر ذلكـ الفتى الذي نما وترعرع في حضن أمومة ’’ نيللي ’’ قاذفاً على رأسها حجراً صغيراً وكل أفانين السباب والتحرش بالناس فبيد ذاكـ المسكين لا يفقه أي شيء وهو يعبث بشعره ويربت على خده إلى أن رحلت إلى الأبد روح والده وأصبح هو وريثه فيما تبقى من ممتلكات لآل إيرنشو .. فيــا ترى هل سيتحرر من ذاكـ الأسر ؟

إدغار لينتون : شقيـق إيزابيلا الأكبر وزوج كاثرين إيرنشو ووريث منطقه الغرانج البيت الريفي المجاور للمرتفعات ، رجل فاضل كبير أعيان المنطقه ورقيق القلب وضعيف البنية يكبر عده سنوات من ’’ كاثرين إيرنشو ’’ .. بعد أن تعرف على ’’ كاثي ’’ أول مرة في وقت مكوثها في الغرانج عند آل لينتون لمدة خمسة أسابيع ، كان قد قدم بين الحين والحين من أجل زيارة ’’ كاثي ’’  في منزلها حيث كان يستقبله ’’ هندلي ’’ أحسن إستقبال تاركاً الأجواء لهما دون مصادفه ’’ هيثكليف ’’ بسبب بغض آل لينتون لهذا الغريب .. عندها كانت عيونه غارقه في بهاء وحسن ’’ كاثي ’’ الخادعه وكأنها أميـرة راسماً لها طريق حياته ، سرعان ما كشف قناعها في موقف من المواقف أمامه ورأى ذلكـ الشيطان الذي كان يتلبس بها والتي لطالما كانت تحاول إخفاؤه .. فيــا ترى كيف سيكون موقفه وقراره المصيري الذي سيأخذه يوماً ما الوريث الشرعي لآل لينتون ؟

إيزابيلا لينتون : شقيـقه إدغار الصغرى وزوجه هيثكليف وأم لينتون هيثكليف ، فتاة جميلة وطيبة القلب وساذجه وهي تصغر ’’ كاثرين إيرنشو ’’ بعام واحد ، عندما كانت في صغرها إتهمت أخيها الأكبر ’’ إدغار ’’ الذي لم يتنازل عن كلب صغير كانا يتجاذبانه فيما بينهما حتى انتزعت شعره منه فثار فيهما الغضب حتى بكيا وهي تصرخ بقوة .. وبعدما كبرت إلتقت من جديد بــ ’’ هيثكليف ’’ في زيارة من زيارته وبدأت تشعر بغريزتها بميل قاهر نحوه حيث كانت فاتنة بسن الثامنة عشر ولكن حينما تغضب فغضبها يكون عنيفاً جداً ، مما أشعل هذا الشرر بينها وبين أخيها ’’ إدغار ’’ وزوجته ’’ كاثي ’’ التي عضت يدها يوماً ما أمام ’’ هيثكليف ’’ بعدما إنكشف ستار حبها وهي تنسحب .. وبعد مرور ثلاثة  أيام ألتقيا في الفناء وقال لها كلاماً أخجلها حد الإحمرار محاولة الإبتعاد .. فيــا ترى هل ستتمسكـ بذلكـ الحلم الواقعي كما يتسمكـ بها كلبها ’’ فاني ’’ ولا يفارقها أبداً ؟

كاثرين لينتون : إبنـه كاثرين إيرنشو وإدغار لينتون وزوجة هاريتون ، فتاة جذابة تشبه والدتها وقد ولـدت ولادة مبكرة في قبيل إحدى منتصف الليالي في الشهر السابع من أشهر الحمل وقبل أن يكتمل عامها الأول إستطاعت أن تمشي وتتعثر وأن تتكلم بطفوليتها وقد حبتها الطبيعة بجمال المحيا فجمعت بين عيون آل إيرنشو السوداء الساحرة وبين بشرة آل لينتون الناصعه وملامحهم الدقيقة وشعرهم الأصفر المجعد ، كانت تميل إلى العلم وبسرعه وكان والدها هو معلمها الخاص ولم تكد أن تتجاوز حدود حديقه المنزل في سنها الثالث عشر وحدها .. وفي يوم من الأيام ركبت جوادها وأرتقت فوق السور المنخفض ثم إختفت عن الأنظار حيث كانت في مرتفعات ويذرنغ وألتقت ’’ هاريتون ’’ متجاذبه معه الأحاديث بلهجه آمره وكأنه خادم غير مصدقه أنه إبن خالها ، وبعدها في ليلة من الليالي إلتقت بإبن عمتها ’’ لينتون ’’ الذي لطالما كانت تتنظره وتلعب معه وفي صباح اليوم التالي إختفى .. فيــا ترى هل ستتكر قصة وسيره والدتها معها هي أيضاً ؟

هيثكليف : غـجري لقيط عاش طفولته بين أسرة آل إيرنشو وهو زوج إيزابيلا لينتون وأب لينتون هيثكليف ، بدأ بداية طفولة مشرّدة في شوارع ليفربول جائعاً مرتعداً من شده البرد حتى لمحه السيد ’’ إيرنشو ’’ وقت سفره وسأل عن ذوي عائلة هذا الطفل فلم يلقى جواباً ثم أخذه معه على عجل للعودة مستشعراً أنها إرادة الله .. وحينما كشف عن وجهه في بيت آل إيرنشو كــ طفل قذر السحنة مهلهل الثياب أسود الشعر كان أكبر سناً من ’’ كاثرين إيرنشو ’’ حتى وقف على قدميه وراح يحملق ما حوله بألفاظ مبهمه وغريبه ونام تلكـ الليلة على عتبه غرفه نوم السيد ’’ إيرنشو ’’ .. وبـعد فترة من الزمن توضحت ملامحه الطبعيه فأصبح متجهماً صبورأ بقدره كبيرة من الإحتمال مما يواجهه إلى أن شاء الحظ مهتدياً للسيد ’’ إيرنشو ’’ الذي تقرّب إليه أكثر ودلـلّه حتى حانت نهايته مسلّـماً تقاليد وورث وأملاكـ عرشه إلى إبنه ’’ هندلي ’’ الذي كان أول عدو لدود له منذ أن عرفه كــ غيره من الذين يطوفون من حوله .. فيــا ترى كيف سيواجههم وإلى أين سيلقى بنفسه ؟

لينتون هيثكليف : إبـن هيثكليف وإيزابيلا لينتون ، فتى مريض ومدلل وقاسي وأناني ، وُلــد في الجنوب بالقرب من لندن وهو يصغر من ’’ كاثرين لينتون ’’ بسته أشهر حيث مرت السنين ووصل إلى منزل والدها معه سفراً بالعربه وهو بعمر الثانيه عشر حيث كان نائماً ملفوفاً في معطف مبطن بالفراء رقيق البنية أنثوي المظهر حتى أفاق مستشعراً برغبه النوم فرفعه خاله وأجلسه على الأريكة حيث قدمت له فنجاناً من الشاي الساخن ، فــ بدا كــ دمية في عيون ’’ كاثرين لينتون ’’ تداعب شعره وتقبـّل خده وتقدم له الشاي في طبق فنجانها كأنه طفل وقد ألـذّ بهذا لأنه في الواقع لم يكن سوى طفل إلى أن صعد الطابق العلوي في غرفته ونام .. وفي صباح اليوم التالي الساعه الخامسه صباحاً كانت أجراس الساعه ترن له معلـنه عن مصيره يتيم الأم وعطفها منتقلاً من الغرانج إلى المرتفعات لــ يلتقي بوالده ’’ هيثكليف ’’ الذي لم يعلم بوجوده قط .. فيــا ترى ما سر نظرة الفزع التي كانت مرسومه على وجهه ؟

نيللي دين : مدبـرة الدار في منطقه المرتفعات ثم إنتقلت إلى منطقه الغرانج ومربية كاثرين الأم والابنة وهي الراوية لقصة هيثكليف وآل إيرنشو وآل لينتون .. عاشت في زمن الخدمة ثمانية عشر عاماً وأكثر فــ كانت تقيم بصفه دائمة في المرتفعات حيث كانت أمها مربية لأسرة آل إيرنشو وقد ألفت وقتها باللعب مع الأطفال وقضاء الحاجات والمساعده في أعمال الزراعه وتقديم الطعام للماشية ، وبمرور الأيام إهتمت ’’ بهاريتون إيرنشو ’’ كالأم حتى بلغ عامه الخامس ثم ودعته بسبب إنتقالها مع ’’ كاثرين إيرنشو ’’ وبتمسكـ ’’ إدغار لينتون ’’ بها إلى الغرانج ، وكان ذلكـ حسبها بأعوام بعد أن خرجت تعدو هاربة من تلكـ الدار التي سيطر عليها الشيطان .. إلى هذه اللحظة وهي تقص فصول الحكاية حتى تركت رسالة إلى المرتفعات عن طريق ’’ لوكوود ’’ في نهاية سردها وبعدها بثلاثة أشهر عادت من جديد إلى المرتفعات لتلتقي أبناءها التي لم تلدهم ’’ كاثرين لينتون ’’ و ’’ هاريتون إيرنشو ’’ .. فيـا ترى ما قصة نغمة النجوى الرقيقة التي لا يصلح بغيرها شباب الحياة ؟

لوكوود : المسـتأجر الجديد للبيت الريفي في منطقه الغرانج المجاور للمرتفعات ، إستأنف مشواره بعد رجوعه للتو من زيارة مالكـ الدار في تلكـ المرتفعات وهو يكاد أن يكون الجار الوحيد في هذه المنطقه حيث أعجب بها إعجاباً شديداً وبميوله في حبه للعزلة والإبتعاد عن الناس ثم تشرف بلقاءه متصفحاً إياه لعدم حسن ضيافته حتى إنتهى ذلكـ الموعد بسرور مفكراً بتكرارها لولا شعوره بأن مضيفه لا يرحب بذلكـ ، وفي عصر اليوم التالي وصل إلى بوابة حديقة السيد ’’ هيثكليف ’’ ثم دخل وألتقى بوجهين جديدين لم يرهما كانا ’’ هاريتون إيرينشو ’’ و ’’ كاثرين لينتون ’’ وبسبب حادث لم يسمح له برفض الضيافه تلكـ الليلة .. فوجد نفسه في غرفه غريبة جذبت إنتباهه صفاً من الكتب وكان طلاء النافذة قد تغير في كل موضع بكتابات حفرت فيه ولم تكن إلا إسماً واحداً وهذا الإسم هو ’’ كاثرين إيرنشو ’’ في بعض مواضع و ’’ كاثرين هيثكليف ’’ أو ’’ كاثرين لينتون ’’ في مواضع أخرى .. فيــا ترى ما حقيقة تلكـ الأشباح التي تقترب من النافذة وهي تئن وتتلوى لتدخل ؟

.

نبــذة الناشر : في الدار التي استأجرها لوكوود في ضيعة الغرانج لزم الفراش محموماً على أثر صدمة عنيفة ، وسهرت على راحته السيدة نيللي دين – مدبرة الدار – وفي تلك الساعات الطوال راح يلاحقها بالأسئلة عمّا تخفيه ’’ أعالي ويذرنغ ’’ من عجائب وأسرار .. وأسعده أن يعلم منها أنها عاشت في جو الأعالي ما يزيد على ثمانية عشر عاماً وأنها أوثق مصدر لرواية القصة من جميع أطرافها .. بدأت السيدة دين تقص عليه تاريخ حياة هيثكليف ، وارث تلك الثروة التي تضمّ الأعالي والمزرعة ، وعرف منها أنه طفل غجري لقيط أحضره السيد النبيل إيرنشو في يوم مطير !

.

.alt

Wuthering Heights 1920 Wuthering Heights 1939 ’’ Studio One ’’ 1948 TV-Series ( novel ) episode ’’ Wuthering Heights ’’ ’’ Broadway Television Theatre ’’ 1952 TV-Series ( novel ) episode 2.30 Wuthering Heights 1953 Abismos de pasion 1954  novel Wuthering Heights ’’ Matince Theatre ’’ 1955 TV-Series ( novel )  episode ’’ Wuthering Heights ’’ ’’ The DuPont Show of the month ’’ 1957 TV-Series ( novel ) episode Wuthering Heights Wuthering Heights 1962 ’’ Cumbres borrascosas ’’ 1964 Olmeyen ask 1966 novel Wuthering Heights ’’ Morro dos ventos uivantes, O ’’ 1967 TV-Series  novel ’’ Wuthering Heights ’’ Hauts de hurlevent, Les 1967 Wuthering Heights 1970 ’’ Vendaval ’’ 1973 TV-Series  novel ’’ Wuthering Heights ’’ ’’ Cumbres borrascosas ’’ 1976 Wuthering Heights 1978 ’’ Cumbres borrascosas ’’ 1979 TV-Series  novel ’’ Wuthering Heights ’’ Hurievent 1985 based on chapter 1 of novel ’’ Wuthering Heights ’’ Arashi ga oka 1988 novel ’’ Wuthering Heights ’’ Hihintayin kita sa langit 1991  novel ’’ Wuthering Heights ’’ Wuthering Heights 1992 Heathcliff 1997 TV  novel ’’ Wuthering Heights ’’ Mastura 1998 Wuthering Heights 1998 Wuthering Heights 2003 Wuthering Heights 2009

وغيـرها العديد والعديد من الأعمال السينمائية أو التلفزيونية والتي كانت لها رحلتها في ’’ مرتفعات ويذرنغ ’’ حـول العالم وحالياً يتم تصوير فيلم جديد من إخراج آندريا أرنولد وسيناريو أوليفيا هتريد وسيتم عرضه خلال عام 2011 .. كما أن السينما المصرية إقتبست من رواية ’’ مرتفعات ويذرينغ ’’ فأخرجت فيلمين ، كان الأول منهما بعنـوان ’’ قصة غرام ’’ سنة 1945 للمخرج كمال سليم ومحمد عبدالجواد وتمثيل إبراهيم حموده وتوفيق صادق وصالحه قاصين وزكي إبراهيم وثريا فخري وغيرهم ، أمـا الثاني كان بعنـوان ’’ الغريب ’’ سنة 1956 للمخرج كمال الشيخ وفطين عبدالوهاب وتمثيل كمال الشناوي ومحسن سرحان وماجـدة ويحيى شاهين وحسين رياض وغيرهم !

.

.

alt

The night is darkening round me The wild winds coldly blow But a tyrant spell has bound me And I cannot, cannot go

The giant trees are bending Their bare boughs weighed with snow And the storm is fast descending And yet I cannot go

Clouds beyond clouds above me Wastes beyond wastes below But nothing drear can move me I will not, cannot go

.

ومـع هذه الآبيات الشعرية التي كتبتها إميلي أكتب آرائي .. روايـة إستثنائية بحد ذاتها فــ عندما تصفحت بعض ما يتعلق بها خصوصاً في الجزء الواقعي في حياة أسرة آل برونتي شعرت بالكثير من الأشياء التي تخـالطني وما إن فتحت أول صفحه من تاريخها حتى أصابني بعض الذهول في تأمل حياتهم وسيرتهم اليومية مع والدهم الدراماتيكي الذي أخرج مسلسل حياته في سيناريو كانت شخصياتها عائلته ومشاهدها مواقفه ، وبينما كنت أقلـب بعض الصفحات وجدت آخيراً ’’ إميلي جين برونتي ’’ الشاعرة والراوية التي تركت جزء منها وما بقي من عيشها بين ريشه قلمها وورق صفحاتها .. وكما أحس ’’ لوكـوود ’’ بتلكـ الأشباح على نافذه مرتفعات ويذرنغ فــ إني أشعر بها تماماً وكــ أنها هنا في دنيا الآدب الإنكليزي الكلاسيكي !!

هيثكـليف شخصية ساحرة فعلاً تسحر كل من يقرب منها وكــ أنها تطلق عليها التعاويذ .. كما سحرتني أنا منذ إفتتاحية المشاهد وأنا أنظر لكل ما هو حولي ودوني في مرتفعات ويذرنغ أمام خادم إسمه ’’ جوزيف ’’ بوجه قاس فأدخل وأرى من الجانب الآخر داخل فتحه صغيرة من إحدى الغرف ’’ كاثرين لينتون ’’ و ’’هاريتون إيرنشو ’’ فــ أجلس فوق أريكه لها ذراعان وأمامي قهوة ساخنه أحضرتها الخادمة ’’ نيللي ’’ بوجه يشع سروراً .. وبعـدها أحببت إستكشاف المكان حتى دخلت تلكـ الغرفه المسكونة ووجدتها خالية وعلى إحدى زواياها تلكـ الكتب التي سرعان ما فتحتها وراودتني لحظتها أسرة آل برونتي معي في نفس الغرفه و ’’ إميلي ’’ تترقبني حتى فتحت لي خزانة التي تضم الفراش العتيق الذي كانت تنام فيه ’’ كاثرين إيرنشو ’’ من قبل .. فــ تقدمت للأمام من هول الصدمة حيث وجدت وجهاً نائماً مستلق على ظهره مفتوح العينين بنظره ثاقبه بإبتسامه مشرقه ومطر يبلل كل قطره من ثيابه .. فــ أي أسطورة كلاسيكية هذه من الآدب الإنكليزي .. فــ هل ترون ما أرى ؟ أم ماذا ترون ؟

كلاسيكــو ،،

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى