بيان افتراضي

قبل البيان الافتراضي إليكم هذه الفقرة من مقال سابق كنتُ قد نشرته منذ عامين تقريبا، وكان تحت عنوان ” الجمهورية القبلية الفئوية العرقية الموريتانية”. الفقرة أعيد نشرها الآن مع إضافات مختصرة تفرضها بعض المستجدات.

 

ـــــــــــــــ

كثيرة هي التحديات التي تهدد حاضر ومستقبل هذا الوطن الافتراضي الذي ننتمي إليه افتراضيا، والذي نطلق عليه افتراضا الجمهورية الإسلامية الموريتانية. ولعل من بين تلك التحديات، إن لم يكن أخطرها على الإطلاق، هو أننا لم نستطع حتى الآن، وبعد ما يزيد على نصف قرن من إعلان ميلاد الدولة الموريتانية أن نتحرر من عقلية القبيلة والجهة، والعرق، تلك العقلية التي تحكم تفكيرنا وتوجه سلوكنا خلال كل مراحل تعاملنا مع الشأن العام. المصيبة الكبرى أن الانتماء للقبيلة أو للجهة أو للعرق يزداد وضوحا وبروزا لدى النخب أكثر منه لدى العوام، والمصيبة الأكبر أن ذلك الانتماء يزداد تحكما في سلوكنا وفي تصرفاتنا عاما بعد عام، ونظاما بعد نظام.

حقيقة إن ما يجري في هذا البلد لهو شيء مخجل جدا، ومقلق جدا. إنه يجعلك تشعر بالعار من انتمائك لجمهورية القبائل والأعراق والشرائح، ويجعلك تفكر في أن تقدم استقالتك كمواطن، وأن ترمي بجنسيتك الموريتانية في أول حاوية قمامة تصادفك، ثم تهاجر بعد ذلك بعيدا علك تحصل على جنسية أخرى، تمنحك حق الانتماء  لبلد آخر، حتى ولو كان ذلك البلد هو الدويلة الواقعة بين صربيا وكرواتيا، والتي أعلن عنها مؤخرا “فيت جيديكا” وسماها  “ليبرﻻند”، والتي قال بأنها بحاجة ماسة إلى مواطنين يلتحقون بها وينتسبون إليها. فكم هو صادم أن تشاهد في هذه الأيام  قناة “شنقيط”، وأن تشاهد ما تبث هذه القناة من مبادرات قبلية بلا أول وبلا آخر. وكم هو صادم أن تشاهد بعض البرامج في قناة “الوطنية” التي تروج لخطابات عنصرية بغيضة، والتي كان آخرها حلقة البارحة من برنامج “جلسة وطنية”، وهي الحلقة التي استضافت رئيس مشروع حزب “نو”. من يشاهد تلك البرامج ؟ لابد وأنه سيسأل أين هي السلطة الحاكمة؟ إن السلطة الحاكمة ـ يا سادة يا كرام ـ هي الراعي الرسمي للخطابات العنصرية وللمبادرات القبلية في هذه البلاد، ولذلك فعليكم أن لا تعولوا عليها لمواجهة الخطاب العنصري المتنامي في بلادنا، ولا أن تعولوا عليها للوقوف ضد عودة القبيلة وسيطرتها على تفاصيل المشهد الوطني، وبكل أبعاده : السياسية، الثقافية، الاجتماعية..إلخ. لا تعولوا على السلطة في مواجهة هذه المخاطر التي تهدد بلدكم، بل إنه عليكم أنتم أن تفعلوا شيئا ما لمواجهة هذه المخاطر. عليكم ـ وهذا هو أقل ما يجب أن تقوموا به ـ أن تقاطعوا قناة “الوطنية” والتي أصبحت هي المنبر الرسمي لكل أصحاب الخطابات العنصرية، وعليكم أن تقاطعوا قناة “شنقيط” والتي أصبحت هي المنبر الرئيسي للمبادرات القبلية، وعليكم أن تقاطعوا أي قناة أخرى، أو أي موقع، أو أي جريدة تساهم في بث الكراهية بين شرائح ومكونات هذا البلد. عليكم أن تحتجوا ضد القناتين، وأن تنددوا بما تقدمانه من برامج ومبادرات تهدد حاضر ومستقبل البلاد، وأن تواصلوا ذلك الاحتجاج إلى أن يتم التوقف عن تلك البرامج والمبادرات. عليكم أن تحتجوا ..أن تنددوا …أن ترفعوا شعارات قوية ضد الخطابات القبلية والعنصرية. لا لعودة القبيلة.. لا لخطاب “نو” العنصري.. لا لخطاب “إيرا” العنصري.. لا لخطاب “أفلام” العنصري.. ـــــــــــــ بيان افتراضي من أطر مدينة موريتانية،  بتاريخ 02 ـ02 ـ 2020 وبعد أن علم أطر المدينة بأن الرئيس قد قرر أن يزور مدينتهم، فما كان منهم إلا أن دعوا إلى اجتماع عاجل لدراسة أفضل الأساليب لإنجاح الزيارة، وبعد الكثير من النقاش قرر أطر المدينة ما يلي: 1 ـ زيارة جميع المرافق العامة في المدينة والتقاط صور منها، ومنع أي ترميم أو أي صباغة أو أي إصلاح من أي نوع قد تقوم به الإدارة المحلية في الفترة الزمنية الفاصلة ما بين الإعلان عن الزيارة وقدوم الرئيس إلى المدينة. 2 ـ الاتصال بكل أصحاب الشكاوي والمظالم في المدينة والاستماع إليهم مع فرز أصحاب الشكاوى والمظالم الحقيقية وإعداد لائحة بأسماء هؤلاء ليكونوا هم أول من يصافح الرئيس ويستقبله عند المطار، وكذلك في كل محطات الزيارة لكي تتاح لهم الفرصة لأن يوصلوا شكاويهم ومظالمهم إلى الرئيس. 3 ـ إحصاء كل الموظفين في الولاية الذين يشهد لهم الأهالي بأنهم جادون في عملهم، وإعداد لائحة بأسمائهم لتكون هي من يتشكل منها وفد الأطر الذي سيجتمع بالرئيس في اجتماع الأطر مع منع غيرهم من الأطر من حضور ذلك الاجتماع. 4 ـ إعداد لائحة من أصحاب المظالم، ومن أبناء المدينة الأكثر فقرا، ومن العاطلين عن العمل، وتقديم هذه اللائحة لمراسلي التلفزيون الرسمي وكذلك للقنوات المحلية وكل المحطات الإذاعية والمواقع والجرائد مع توصية المراسلين بالاتصال بالمسجلين بهذه اللائحة عند أخذ أي تصريح من الأهالي خلال أيام الزيارة. 5 ـ تشجيع كل أصحاب المظالم من سكان المدينة للقيام بمسيرات ووقفات احتجاجية سلمية خلال أيام الزيارة مع توفير اللافتات لهم، ومساعدتهم في الحصول على تغطية إعلامية جيدة لمسيراتهم واحتجاجاتهم واعتصاماتهم التي سينظمونها خلال أيام الزيارة. 6 ـ كتابة ونشر المقالات التي تتحدث عن مظاهر البؤس في المدينة والعمل على نشرها في المواقع والجرائد الأكثر قراءة. 7 ـ إطلاق حملات تدوينية في مواقع التواصل الاجتماعي خلال أيام الزيارة لمناصرة أصحاب المظالم في المدينة، وكذلك للتعريف باحتياجات المدينة وبمطالب ساكنتها. 8 ـ القيام بحملات مكثفة لمنع ظهور أي بذخ أو أي ترف من أي نوع قد يقوم به البعض خلال أيام الزيارة مع تشجيع سكان المدينة على إظهار مناظر ومشاهد البؤس في مدينتهم، وتشجيعهم على التنافس في إظهار ذلك البؤس خلال أيام الزيارة. 9 ـ تشكيل لجنة من أطر المدينة لمتابعة كل الالتزامات التي سيتعهد بها الرئيس والوزراء خلال الزيارة، وذلك بالإضافة إلى متابعة كل المظالم التي سيطرحها الأهالي، والعمل على إيجاد حلول لهذه المظالم وذلك بالتعاون مع الجهات الإدارية المختصة. 10 ـ فتح سجل أسود توضع فيه أسماء كل من يتجرأ من أبناء المدينة على أن يصفق، أو يطبل، أو يشارك في اجتماع قبلي خلال أيام الزيارة، والتشهير مستقبلا بكل من سيتم تسجيله اسمه في هذه اللائحة. حفظ الله موريتانيا..

 محمد الأمين ولد الفاضل

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى