حين تطبق أبشع ممارسات التاشرونا في الجيش / سيدي علي بلعمش

حين تطبق أبشع ممارسات التاشرونا في الجيش / سيدي علي بلعمشللعمال حق الشكوى و التظلم..

للعمال حق الاحتجاج و التظاهر ..

للعمال حق الإضراب و التقاضي ..

للعمال نقابات و محامين يدافعون عنهم..

للعمال منابر إعلامية يستخدمونها..

فأي حق للجندي للتعبير عن أبشع ممارسات الظلم و القهر و الاحتقار في حقه؟

إن من أسسوا هكذا نهج عباقرة خالدون يشهد لهم العالم بالتميز العقلي و الوفاء الوطني، لكنهم كونوا عقيدة عسكرية فوقية تحصن الجنود من الشعور بالغبن و الدونية و ضباطا على مستوى المسؤولية ، يحمون كرامة الجندي و يدافعون عن سمعته و مصلحته.

إن ما تعيشه وحدة حفظ السلام الموريتانية في ساحل العاج، مأساة حقيقية قد تتحول في أي لحظة إلى فضيحة دولية، إذا ما  قرر أفراد الوحدة الذين يعيشون ظروفا قهرية ـ أعذر كل من لا يصدقني فيها ـ أن يلجئوا إلى حل من لا حل لهم !!

أما عاد في هذا البلد المغضوب عليه من تترفع نفسه عن أي ضيم ؟

أما عاد في هذا البلد المغضوب عليه من نتوجه إليه لكشف ظلم أو رفع غم؟

أما عادت في هذا البلد المغضوب عليه، قلوب رحمة تستنكر القبح و تستقبح الذم؟

من لهؤلاء الذين تركوا أطفالهم يتضورون جوعا في البلد، سعيا لتحسين ظروفهم من وراء كذبة باتت كل وعودها في قبضة المستحيل؟

129 جندي و ضابط صف من الحرس الوطني يعيشون مأساة حقيقية في مدينة بواكي (370 كلم شمال أبيدجان) منذ 8 أغسطس 2014، (من بينهم 5 عناصر من الجيش و عنصرين (2) من الشرطة و البقية من الحرس) ضمن قوات حفظ السلام للأمم المتحدة (أونسي) في مهمة قتالية صعبة تتمثل في  تأمين مقرات الأمم المتحدة وحفظ النظام في كوت ديفوار  والمشاركة في عمليات نزع أسلحة المتمردين ودمجهم في النسيج الاجتماعي.، تحت إمرة 11 ضابطا موريتانيا يعيشون في ترف و بذخ و يحصدون الرتب و النياشين و العمولات على حساب شقاء أفراد وحدتهم المحرومين من رواتبهم و علاواتهم و الرواتب المصروفة لهم من قبل الأمم المتحدة و تذاكر إجازاتهم و حتى من التغطية الصحية و مصاريف الأكل و الشرب و اقتناء معدات النظافة !!؟

كانت رواتب هؤلاء ما بين 62 ألف أوقية للجندي و 148 إلى 160 ألف أوقية لضابط الصف قبل ذهابهم في مهمة حفظ السلام إلى كوت ديفوار و قيل لهم إن كلا منهم سيحصل شهريا على 1028 دولار أمريكي من قبل الأمم المتحدة زيادة على نسبة 40 في المائة (من المعدات) و 23 ألف فرنك إفريقي (CFA) للنظافة و مستلزامتها و تذاكر طيران ذهابا و إيابا في إجازاتهم مع تغطية صحية شاملة . و تحصل كل الوحدات المشاركة في هذه القوة (من باكستان و بنغلاديش و بعض الدول الإفريقية) على هذه الرواتب و الامتيازات من دون أي تأخير إلا الوحدة الموريتانية من دون أن يعرف جنودها و ضباط صفها أي سبب لذلك..

و لأن هؤلاء الجنود و ضباط الصف تركوا رواتبهم في البلد لأسرهم و لم يجدوا من هذه الوعود غير  مخصصات مستلزمات النظافة (23 ألف فرنك (CFA) التي أمضوا فترة طويلة يحصلون عليها منقوصة بخمسة ألاف من دون أن يفهموا لماذا، أصبح أفراد هذه الوحدة يعيشون ظروفا صعبة للغاية : أكل رديء ، لا دواء ، لا تذاكر و برنامج عمل مشحون لا تكون فيه في الغالب إلا على رأس عملك الشاق أو في حالة طوارئ (استاند باي) في أحسن الأحوال.

و في حين تتكلف الأمم المتحدة بتذاكر طيران للجميع في الإجازات و يحصل عليها كل جنود الدول المشاركين في القوة ، يحرم منها الموريتانيون و يتم إرسالهم في باصات النقل العمومي على حسابهم الخاص من دون أن يفهموا لماذا؟ و في إحدى المرات استوقفت السلطات المالية 6 منهم و حين سألتهم عن هوياتهم و أخبروها بأنهم من قوات حفظ السلام في كوت ديفوار ، احتجزتهم عدة أيام بتهمة أنهم ينتمون إلى تنظيم إرهابي لأن الجنود التابعين للأمم المتحدة تؤمن لهم أسفارهم في الطيران و هو ما جعل السلطات المالية تشك في صدق ادعائهم بأنهم لا يحصلون على تذاكر طيران !!!

هذا الوضع المزري لجنودنا في كوت ديفوار ليس بعيدا مما نعرفه في كل مناحي الحياة في البلد، تحت تسميات مختلفة من أبرزها “التاشرونا” و هم لا شك يتعرضون لعملية السمسرة هذه، باتفاق بين قيادتهم المباشرة هناك  و أصحاب رتب سامية في قيادة الحرس أو الجيش في البلد..

و رغم أن الضباط في مثل هذه المهام يجب أن يتمتعوا بصفات قيادية خاصة ؛ احترامهم في عيون الجنود، توازنهم في التعامل مع الجميع ، القرب من الجنود و الاعتناء بأدق تفاصيل مشاكلهم إلا أن الضباط المسئولين عن الوحدة الموريتانية (11 ضابط من بينهم ثلاث رواد) يفتقرون إلى هذه الصفات بالذات لا سيما نائب قائد الوحدة الذي يتذمر منه الكثيرون بسبب ممارساته المقيتة ذات الطابع القبلي و الجهوي …

نعم ، على سمعة جيشنا أن تكون فوق كل اعتبار، لكن المسئولين الحقيقيين عن المساس بها هم من يرتكبون مثل هذه الجرائم في حق الجيش لا من يثيرونها.

و من هذا المنطلق كان لا بد أن نكتب عن ما يحدث لهؤلاء و اعتذاري هنا للجيش الموريتاني و الشعب الموريتاني ، لا لنظام سماسرة ولد عبد العزيز الذين أفسدوا كل شيء و استباحوا كل شيء و شوهوا سمعة البلد في كل مكان.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى